«الملحد»
يواجه يوم القيامة
كتبت: سمر فتحي
تشهد دور العرض السينمائى الأربعاء المقبل، أول فيلم من نوعه فى
تاريخ السينما المصرية، وهو فيلم «الملحد» الذى أثار جدلا واسعا
منذ بداية الشروع فى إنتاجه منذ 4 سنوات وحتى الآن.
الفيلم الصادم والجرىء بعد أن تجاوز المطبات الرقابية وحصوله على
موافقة من الأزهر الشريف باعتباره يسجل رحلة شاب من الإلحاد إلى
الإيمان.. واجه أزمة عنيفة ربما تحدث لأول مرة فى تاريخ السينما،
برفض دور العرض استقباله بحجة وجود تهديدات لأصحاب دور العرض بعد
أن تمكن أصحابه من المرور من أزمة قيادات جماعة الإخوان الذين
أوصوا بمنعه من العرض قبل ثورة 30 يونيو.
أهمية فيلم «الملحد» حسب آراء صناعه أنه ينبه إلى خطورة صفحات
التواصل الاجتماعى، التى تتزايد من مجرد صفحات شخصية ضالة إلى
صفحات لروابط الملحدين حول العالم العربى.
إنه يواجه الإحصاءات المرعبة للملحدين فى مصر والعالم العربى، ويدق
جرس إنذار لكل من يهمه الأمر لوقف هذه الخرافات والأكاذيب التى
تستغل أزمات الشباب والعبث في عقولهم.
«الملحد» حسب روايات أبطاله يلخص معاناة جيل من الشباب وقع فى فخ
الدعاة المتطرفين الذين أفسدوا عقول الشباب لفترة طويلة، ويفضح
الجماعات المتطرفة التى أقحمت نفسها فى السياسة بدعاوى دينية
مزيفة، وكادت أن تخرب وطنا بأكمله ويدعو إلى ضرورة وجوب خطاب دينى
معتدل للأجيال الجديدة.
روزاليوسف ترصد الأزمة الأخيرة لفيلم «الملحد» بعد الإفراج عنه
وخروجه إلى نور الإيمان.
«الملحد» بدأ التفكير فى إنتاجه عام 2009 وهو أول تجارب المنتج
أدهم عفيفى، الذى حصل على موافقة من الرقابة دون إبداء أى ملاحظات،
بعد أن تحصن بموافقة الأزهر الشريف، وهذا يعنى أن أحداثه وتفاصيله
تخلو من الإساءة للإسلام والاعتراف بأن الفيلم يناقش قضية موجودة
بالفعل فى المجتمع لا يمكن التنكر منها، خصوصا أن المؤلف وهو نفسه
المخرج استعان بموضوعه من واقعة حقيقية عرف تفاصيلها عن قرب.
أسرة الفيلم «الوجه الجديد» محمد عبدالعزيز ويجسد دور «الملحد»
و«محمد هاشم» الذى يجسد شقيقه و«ياسمين جمال» التى تجسد دور فتاة
محجبة تعشق البطل و«صبرى عبدالمنعم» الذى يجسد دور الأب ويظهر فى
الفيلم داعية إسلامى مشهور، أما شخصية الأم فتجسدها «ليلى عز
العرب»، وقد حاولوا بكل الطرق تجاوز الأزمات التى تحول منع عرض
الفيلم، والتى وصلت إلى حد التهديدات بإهدار دمهم من الجماعات
الدينية المتشددة التى ترى أن الفيلم يروج لفكرة الإلحاد والكفر،
وأنه يشوه صورة الدعاة والدين الإسلامى لتكون هذه الأزمة هى تمسك
دور العرض فى الوقت الحالى بمنع عرض الفيلم خوفا من الهجمات الشرسة
لهذه الجماعات المتطرفة.
جهاز الرقابة على المصنفات الفنية وتحت رئاسة د. سيد خطاب أجاز
الفيلم وأبدى إعجابه بالفكرة وأكد أن هناك موضوعات بدأت تفصح عن
قضايا شائكة، وهذا أيضا ما أكده أيضا لنا رئيس الرقابة الحالى أحمد
عواض بقوله: إن الفيلم تم إيجازه فى فترة سابقة قبل أن أتولى
مسئولية الرقابة واقتصر دورى على اعتماد نسخة المطابقة، وأن الفيلم
يخلو من أى إساءة ويتسم بالطابع الذى يسجل رحلة شاب من الإلحاد إلى
الإيمان.
المفاجأة هى ما تردد من رفض دور العرض له، بحجة التخوف من الجماعات
الدينية المتشددة، ورغم أن الرفض مازال قائما بعد أن فشلت جميع
المحاولات مع دور العرض، فإنه حسب صناع الفيلم سيعرض فى 12 فبراير
المقبل، وبسؤالنا «منيب شافعى» رئيس غرفة الصناعة هل من حق دور
العرض الرفض أو المنع لعرض فيلم رغم حصوله على موافقة من الرقابة؟
أجاب: إذا رأت دور العرض أن الفيلم سيحدث مشاكل لها من حقها أن
تمنع عرضه.
«ياسمين جمال» بطلة الفيلم وتقوم بدور فتاة محجبة يتوفى والداها
فيأخذها صبرى عبدالمنعم لكى تتربى مع ابنيه «زيزو ومصطفى» كأخت
ثالثة لهم ولكنها تعشق زيزو وتنشأ علاقة حب بينهما إلي أن يبدأ
زيزو فى الصدام مع والده الداعية الإسلامى الذى يظهر على القنوات
الفضائية لينصح الناس ويجيز بعض الفتاوى، إلا أنه فى بيته غير ذلك
فيصطدم زيزو بهذه المفارقة والازدواجية ليرى والده شخصا يخطئ ويقول
ما لا يفعله..
ياسمين أضافت: إن هذا التحول يجعل زيزو يبحث عن طريق صفحات التواصل
الاجتماعى «فيس بوك» عن شخصيات تشكك فى وجود الخالق، وأن تواجد
البشر من أصل الطبيعة دون تدخل الذات الإلهية، ويبدأ بحضور جلسات
واجتماعات لجماعات ملحدة للتعرف على أفكارهم وإقناعه بأن كل ما
يحدث فى الحياة أفعال تنسب للشخص نفسه دون الاعتراف بوجود الخالق.
وقالت ياسمين: إن شخصيتها فى الفيلم دفعتها لكشف الستار عن
الملحدين بوجه عام، والذين لم تكن تعرف عنهم شيئا، وأضافت بقولها:
عندما عرضوا السيناريو لي تعجبت من كلمة «ملحد» وسارعت بالاتصال
بمخرج ومؤلف الفيلم «نادر سيف الدين» لتفهم منه ما هو الملحد وبدأت
التساؤلات التى أصابتها فى بداية الأمر بالحيرة ما هو الملحد؟ وهل
هذه الشخصيات موجودة بالفعل أم لا؟
وبعد الانتهاء من تصوير الفيلم - والكلام لياسمين - واجهت
بعض العقبات فى منع عرضه، بسبب الهجمات التى وصلت إلى حد التهديد
بالقتل من جماعات مجهولة الهوية، هذا بالإضافة إلى موقف دور العرض
الذى أراه غريبا ومحيرا فى الحكم على فيلم لم يتم مشاهدته بعد.
الفيلم - حسب كلام ياسمين - يطرح قضية ويناقشها ويبدأ فى العلاج
فهو ليس ترويجا للإلحاد ولكن الفن من وجهة نظرها هو مرآة للمجتمع
الذى نعيش فيه والذى نجد فيه «الحرامى» و«المدمن» و«البلطجى» وأيضا
«الملحد» فلا مانع من تجسيد هذه الشخصيات..
أما عن «أحمد رمزى» مؤدي الأغنية الدعائية للفيلم وهى من الممكن أن
تلخص وضع علاقة الإنسان بالدين ويقول مطلعها «بكلمة الناس اهتدوا
ومن جديد ابتدوا وبكلمة ناس ألحدوا وفى منهم اتخدروا الكلمة ديما
ثمن فى السر أو فى العلن بشر بالخير أولا بعديها قوموا حذروا».
من الواضح أن الأغنية تنتقد أداء الدعاة وبالأخص الذين يظهرون على
شاشات الفضائيات حول الكلمة التى يروجون بها رسائل لملايين من
الجمهور وأنه مهما كانت الإملاءات التى توجه لهم من تلك القنوات
فهو فى نهاية الأمر رجل دين يوجه خطابه الدينى على أحكام السنة
والقرآن دون النظر إلى الفترة السياسية التى نعيش فيها وهذا ما
ترصده حالة الفيلم.
وبسؤاله عن الفيلم الذى يظهر من خلاله فى 4 مشاهد تكون نقطة تحول
للبطل للعودة للإيمان بوجود الخالق، وأن كل شىء مقدر ويسير على
أوامره، فأجاب أن الفيلم يركز على جانبين لابد أن يأخذ به الأول
الدعاة الذين يظهرون على شاشات الفضائيات وعلى منابر المساجد
يرشدون ويقدمون النصيحة وبينما يهملون أبناءهم فى زحمة العمل
والبحث عن الأموال والشهرة، الأمر الثانى هو الاعتراف بوجود
الملحدين والعمل على علاجهم من جانب هيئات الدولة وتنبيه لمن يهمه
الأمر لخطورة هذا المد الملحد.
السؤال المطروح هنا الآن.. هل سيتم الإفراج عن الملحد ويشاهده
الجمهور فى دور العرض قريبا أم سيشهد موجات من النيران التى تعوق
عرضه
مجلة
روز اليوسف في
|