قـــراءة في مهــرجان مـونز السينمائي
الدولـــــــــــــــــي لأفــــلام الحـب الـ 30
«واچـمـــــا»
فيـلــــم أفغــــانــي يحصــل علــــــــــــي الجــائزة الأولــي
رســـــــــــــالــة مــــــــــونـــز : نعمــــة
اللـه حســـــــين
في يوم عيد الحب.. ومع افتتاح الدورة الـ 30 لمهرجان أفلام الحب
السينمائي الدولي بمدينة مونز البلجيكية.. اعتصم مئات من اللاجئين
الأفغان يطالبون بحق اللجوء السياسي لبلجيكا.. وتحسين مستوي
أوضاعهم المعيشية.. وذلك أمام دار البلدية.. وقاعة الاحتفالات
الكبري بالمدينة المجاورة لها.. التي تقام بها مراسم الافتتاح،
لأجل لقاء رئيس وزراء بلجيكا «إيليو دي ريبو» وهو في نفس الوقت..
رئيس البلدية ورئيس المهرجان ومؤسسه.؛
وقد استجاب رئيس الوزراء لهم وتم تحديد موعد للقاء ووعد ببحث
مشاكلهم بنفسه والإشراف علي الملفات قبل ترحيل أي شخص.. حيث إن في
ترحيلهم خطرا علي حياتهم عند العودة لأفغانستان.. حيث تم قتل معظم
من تم ترحيلهم من قبل سواء في بلجيكا أو دول أوروبية أخري.؛
وقد ظلت هذه المشكلة الأفغانية مسيطرة علي أجواء المهرجان خاصة
عندما تم عرض الفيلم الأفغاني «واچما.. قصة حب أفغانية».. حيث
انتهز الناشطون الفرصة لجمع التوقيعات والمناشدة بنصرة قضيتهم. وكم
كانت المفاجأة رائعة بفوز الفيلم الأفغاني «واچما» بجائزة أفضل
فيلم وفوز بطلته «واچما باهار» بجائزة أحسن ممثلة.. وكأن هذا الفوز
هو فوز لقضية اللاجئين.؛
وفي الكلمة التي ألقاها مخرج الفيلم عند استلامه للجائزة قال إنه
سعيد جدا بالفوز.. وسعيد بالجائزة.. وأن علي العالم أن يعرف إننا
لسنا إرهابيين.. وإننا محبون للحياة.. وعاشقون للسينما.؛
الفيلم الذي حصل علي جائزتين من وجهة نظري متوسط القيمة الفنية..
لكن يجب الاعتراف بأن شجاعة مخرجه وأبطاله أنه تم التصوير في ظروف
شديدة التعقيد وغاية الصعوبة وبإمكانيات قليلة جدا للغاية.. منتج
الفيلم «بارماك أكرم» هو مخرج الفيلم وكاتب السيناريو.. وقد ولد
في كابول عام 1966.. ويعيش في باريس.. حيث درس الفنون الجميلة..
وكان أول أفلامه الروائية الطويلة «طفل من كابول» الذي عرض في
مهرجان «فينيسيا».. كما قام بتقديم عدد من الأفلام التسجيلية
والتجريبية.. وبارماك أكرم يعد أيضا موسيقيا بارعا وقد ساهم بشكل
كبير في نشر الموسيقي الأفغانية القديمة.. والأشعار الفارسية..
وفيلمه «واچما.. قصة حب أفغانية» هو فيلمه الروائي الثاني.؛
البنات والحب
«شرف
البنت زي عود الكبريت» جملة شهيرة في أفلامنا المصرية قالها العظيم
الراحل «يوسف وهبي».. وترجمتها الصبوحة الشحرورة في أغنيتها قائلة:؛
«الله
يقصف عمر الحب.. وعمر اللي تصدق رجال».. لكن الحقيقة أن عمر الحب
ما «اتقصف».. لكن آلافا من البنات انقصفت رقابهن ومتن أو قتلن
لأنهن صدقن الرجال.. وانخدعن باسم الحب.؛
في المجتمعات الغربية باتوا يتحدثون عن «العذرية» وغشاء البكارة
وكأنهما من الفلكلور القديم.. وذلك لحرية ممارسة الجنس ولذلك فهم
ينظرون لهذه القضايا وكأنها طلاسم.. وبتعبير مهذب «فلكلور» بدلا من
أن يقولوا «تخلف» غير مهتمين أن لنا ديننا.. وعاداتنا وتقاليدنا.؛
شتاء كابول العاصمة الأفغانية شديد القسوة.. قسوة قد تنعكس علي
البعض فتزيدهم قسوة.. أو تأتي بنتائج عكسية تدفعهم إلي البحث عن
الدفء في قلوبهم.؛
ووسط هذه الحياة القاسية التي تمثل فيها المرأة أيضا المرتبة
الثانية.. وللرجل السيادة.. «واچما» فتاة جميلة أراد والدها أن
يمنحها فرصة الحياة الكريمة.. فسمح لها باستكمال دراستها والالتحاق
بالجامعة بكلية الحقوق.. وهذا يعني باختصار مزيدا من الحريات.. لكن
سوء حظها أوقعها في الحب.. مع «مصطفي» الشاب الوسيم الذي صدقته
بأنه سيتزوج بها.. وكان أن غرر بها وعندما اكتشفت إنها حامل تهرب
منها.. وعندما اعترفت لأسرتها كاد والدها أن يقتلها حتي يتخلص من
الفضيحة.. وحيث لاقانون يجبر الفتي علي الزواج منها.. لكن حب الأب
لابنته جعله يلجأ إلي حل آخر وهو إرسالها إلي «الهند» حيث المراقبة
أقل.. لتقوم بعملية «إجهاض» رغم ما كلفه ذلك من ماديات تفوق
طاقته.. وآلام نفسية شديدة.. لإحساسه بالقهر ممن سلب ابنته شرفها
وخدعها.. ومن ابنته نفسها التي انجرفت للخطيئة باسم الحب وانخدعت..
وما سوف تتركه هذه التجربة من آثار نفسية سيئة عليها.؛
وينتهي الفيلم بسفرها وإقلاع الطائرة وسط صرخة مدوية لها في مواجهة
مستقبل لاتعرف عنه شيئا.. نتيجة لخطأ تشاركت في ارتكابه مع رجل..
لكن عليها كفتاة أن تتحمل «الوزر» كله.؛
وفعلا الله يقصف عمر الحب.. واللي بتصدق رجال»..؛
بطلة الفيلم «واچما» هذه هي تجربتها الأولي في التمثيل.. ولذلك
كانت فرحتها شديدة بالفوز بجائزة أحسن ممثلة.. حيث تقول كنت أبكي
بشدة من التأثر في مواقف عديدة وأتخيل أن ما أمر به حقيقة.؛
كما تضيف قائلة إنها تأثرت بشدة من موقف الوالد.. الذي انتصر لحبه
لابنته في الإبقاء علي حياتها وإعطائها فرصة ثانية لاستكمال
حياتها.. لأن التقاليد الصارمة هناك تقضي بقتل الفتاة.؛
إرادة الحياة
في بيتنا طفل معوق.. فقد شاءت الأقدار أن تبتلي الأسرة بابن أصيب
بشلل الأطفال.. سنوات طويلة عاشتها الأسرة في صعوبة بالغة خاصة
الأم التي كان يقع علي عاتقها تقريبا كل المسئولية.. ولعل في
الحديث عن الإعاقة فروقا كثيرة مابين المجتمعات النامية المتخلفة
والمجتمعات الحديثة الراقية المتحضرة وذلك في طرق كيفية التعامل مع
الإعاقة والمعاقين.. والإمكانيات المهولة المقدمة إليهم لتسهل
الحياة عليهم.. أتحدث في ذلك عن الإعاقة بمختلف أنواعها سواء
الذهنية أو البدنية.؛
فالإعاقة الذهنية لها مدارسها الخاصة التي تهتم بصحة وعقل المعاق
وطرق تأهيله للاندماج في المجتمع.. ونفس الشيء للمعاق جسديا.. فليس
هناك بشر علي هامش الحياة.؛
الفيلم مأخوذ عن قصة حقيقية للفتي «جوليان» المصاب بشلل أطفال منذ
مايزيد علي سبعة عشر عاما.. كبر وأصبح مراهقا له أحلامه وطموحاته..
ورغبته في أن تكون له مغامرة يعيشها ويتحدث عنها الجميع.. لذا كان
حلمه في الاشتراك في مسابقة العدو التي تقام في مدينة نيس «لمتحدي
الإعاقة».. ويطلب ذلك من والده الذي يعمل بالإطفاء في حرائق
الغابات.
ولما كانت المدة المتبقية قليلة فقد قبل الوالد التحدي أمام إصرار
ابنه ولكن العقبة أن إدارة المسابقة رفضت اشتراكه.. فما كان من
الابن المعاق وزميل له إلا أن ذهبا إلي «نيس» لمقابلة أعضاء اللجنة
ونجحا بالتهديد والإقناع أن يسمحا لهما بالاشتراك في المسابقة
الخاصة بالأصحاء الأسوياء.؛
«أيرون
مان» أو الرجل الحديدي هو الذي سيفوز بهذه المسابقة بعد اختبارات
سباحة.. وجري.. وعجل؛.؛
وبالفعل تشحذ الأسرة كلها جهودها هي والأصدقاء للمساهمة بشكل أو
بآخر في إعداد التجهيزات.. وينجح الأب في عمل مقعد يتم تركيبه في
دراجة الأب.. ليقود الأب الدراجة وابنه عالق بها.؛
وبالفعل بفضل إرادة جوليان الذي يتحمل عبء التدريبات العنيفة
ووالده الذي يكتشف إنه كان بعيدا عنه وانشغل بعمله وبتوفير سبل
الحياة الكريمة لأسرته.. لكن كل هذا كان لايكفي.. لأن يقترب من
ابنه وأن يشعره بمحبته.. وبالفعل يشترك الاثنان في السباق مع
الأصحاء والأسوياء.. ويجتازان كل المسابقات حتي يصلا إلي النهاية..
ويتوجا بالنجاح.. إلا أن النجاح الحقيقي كان يتمثل في علاقة الأب
بالابن وإيمان الأسرة كلها ومجموعة الأصدقاء المقربين في حق الابن
أن تكون له مغامرة حقيقية في الحياة.؛
وقد حصل بطل الفيلم «جوليان» علي جائزة أحسن ممثل وهو في الحقيقة
شاب معاق.. وقد فضل المخرج الاستعانة به حتي يكون أقرب إلي الصدق..
أما دور الأب فقد قام به الفنان القدير «جاك جامبلان» الذي يعد
واحدا من أفضل ممثلي فرنسا وأوروبا.؛
مخرج الفيلم «نيلز تافرنييه» وهو ابن المخرج القدير «برتراند
تافرنييه» وهو متخصص في الأفلام التسجيلية.. كما يعمل بالتليفزيون
وقدم فيلما روائيا طويلا من قبل عام 2006 باسم «أورور».؛
لا شيء اسمه مستحيل
لا شيء يعني المستحيل.. طالما أن هناك إرادة وعزما وتصميما علي
بلوغ ما نسعي إليه.. وهذا هو ما حاول إثنان من المخرجين الشبان لم
تتجاوز عمرهما العشرين تقديمه في فيلم شديد الصدق «هاستامانانا» أو
« إلي الغد».. كشفا فيه عن عالم يعيش فيه الأطفال حتي سن الثامنة
عشرة في دور الرعاية والأحداث.. البعض منهم كل جريمته في الحياة أن
الأهل هجروه.. أو الأسرة كانت مفككة ولم يكن في إمكانها رعاية
الأبناء.؛
الـ
(Dass)
أو مؤسسات رعاية الأحداث تضم أطفالا من كل المستويات.. البعض منهم
يعاني مشاكل نفسية جسيمة.. وآخرون يعانون مشاكل صحية.. هذه الدور
تحاول أن توفر لهؤلاء الأطفال الرعاية الصحية والنفسية اللازمة
لهم.؛
وفي الفيلم الذي أخرجه كلا من «سيباستيان ماجياني» و«أوليفييه
فيدال» وهما أيضا كاتبا السيناريو.. وبطولة كل من الطفل البلجيكي
«أمير بن عبد المؤمن» وانطوان جونتران.. ودلفين ديباردييه».. وظهور
شرفي للمخرج «كلود لولوش».؛
الجدير بالذكر أن كلا من المخرجين كانت لهما بعض من الإقامة
الوقتية في هذه الدور.؛
والفيلم يروي قصة «تينو» و«ليو» مراهقين تربيا منذ الصغر في الـ
«داس» أحدهما كان شديد الصلابة رغم صغر سنه والثاني «هشاً»
للغاية.. يميل إلي العزلة والوحدة وهوايته الأولي كانت الكتابة..
وعندما انتهي من كتابة سيناريو رغم صغر سنه فإن حلم عمره كان أن
يقرأ المخرج الكبير «كلود لولوش» هذا السيناريو.. ويقرر «تينو» أن
يحقق حلم صديقه وأن يذهب بالسيناريو إلي لولوش سيرا علي الأقدام
حتي «باريس».. ويكاد «ليو» يفقد الأمل في صديقه خاصة عندما يعلم أن
والدة «تينو» في طريقها لاسترداده.؛
لكن «تينو» بالإصرار وخوض الكثير من المخاطر.. والمغامرات ينجح
فعلا للوصول إلي شركة إنتاج «لولوش» الذي يرحب بقدومه ويقرأ بالفعل
السيناريو تقديرا منه لوفاء صديق لصديقه وهما في هذه السن
الصغيرة.. دون أن يخفي إعجابه بالسيناريو طبعا.
إن الصداقة قيمة حقيقية وغالية في الحياة.. لاتضاهيها كنوز
الدنيا.. فهي بحد ذاتها ثروة محظوظ هو من يعثر علي «الخل الوفي».؛
صباح الثورة
الربيع العربي.. والثورات التي غمرت المنطقة العربية وانطلقت من
تونس.. حول الثورة ومتغيراتها قدم المخرج التونسي القدير «نوري
بوزيد» «قطعة الجاتوه» فيلم عن صديقتين إحداهما محجبة والأخري غير
محجبة لكنهما تمثلان الجيل الجديد وتعتبران من رموز الثورة..
كلتاهما تكافحان من أجل حريتهما واستقلالهما من خلال مجتمع مغلق
علي نفسه يحاول أن يعود بالمرأة عشرات السنين ويحرمها من كل ماوصلت
إليه.. محاولا فرض تقاليد بالية بعيدة تماما عن الدين ولا تأخذ منه
سوي المظهر فقط.. إن المجتمع مضطرب وأشخاصه يجمعون بين التضاد..
بينما الفتاتان «زينب» و«عائشة» تدرك كلتاهما أن المستقبل لهما
وإنه لن يستطيع أحد أن يفرض عليهما شيئا خاصة أن الأخ والحبيب
كليهما متورطان في الجماعات الإسلامية.. أو يحاولان الاستفادة منها
بكل الطرق.؛
إن المستقبل لابد أن يكون لأبنائنا.. وعجلة التاريخ لن تعود أبدا
للوراء.. وأن المرأة التي شاركت بالثورة.. لن ترضخ أبدا ولن تكون
ضحيته.؛
إن نوري بوزيد هذا الفنان القدير الواعي الذي قدم العديد من
الأفلام التي تعتبر علامة في السينما التونسية يستحق كل التقدير
علي هذا الفيلم التحليلي الذي لاتعيشه تونس اليوم بل تعيشه مصر
ومجتمعات أخري في دول عربية مختلفة.؛
السياسة والحب في افتتاح المهرجان
وقد ظلت هذه المشكلة الأفغانية مسيطرة علي أجواء المهرجان خاصة
عندما تم عرض الفيلم الأفغاني «واچما.. قصة حب أفغانية».. حيث
انتهز الناشطون الفرصة لجمع التوقيعات والمناشدة بنصرة قضيتهم. وكم
كانت المفاجأة رائعة بفوز الفيلم الأفغاني «واچما» بجائزة أفضل
فيلم وفوز بطلته «واچما باهار» بجائزة أحسن ممثلة.. وكأن هذا الفوز
هو فوز لقضية اللاجئين.؛
وفي الكلمة التي ألقاها مخرج الفيلم عند استلامه للجائزة قال إنه
سعيد جدا بالفوز.. وسعيد بالجائزة.. وأن علي العالم أن يعرف إننا
لسنا إرهابيين.. وإننا محبون للحياة.. وعاشقون للسينما.؛
الفيلم الذي حصل علي جائزتين من وجهة نظري متوسط القيمة الفنية..
لكن يجب الاعتراف بأن شجاعة مخرجه وأبطاله أنه تم التصوير في ظروف
شديدة التعقيد وغاية الصعوبة وبإمكانيات قليلة جدا للغاية.. منتج
الفيلم «بارماك أكرم» هو مخرج الفيلم وكاتب السيناريو.. وقد ولد
في كابول عام 1966.. ويعيش في باريس.. حيث درس الفنون الجميلة..
وكان أول أفلامه الروائية الطويلة «طفل من كابول» الذي عرض في
مهرجان «فينيسيا».. كما قام بتقديم عدد من الأفلام التسجيلية
والتجريبية.. وبارماك أكرم يعد أيضا موسيقيا بارعا وقد ساهم بشكل
كبير في نشر الموسيقي الأفغانية القديمة.. والأشعار الفارسية..
وفيلمه «واچما.. قصة حب أفغانية» هو فيلمه الروائي الثاني.؛
البنات والحب
؛« شرف
البنت زي عود الكبريت »
جملة شهيرة في أفلامنا المصرية قالها العظيم الراحل «يوسف وهبي»..؛
وترجمتها الصبوحة الشحرورة في أغنيتها قائلة:؛
«الله
يقصف عمر الحب.. وعمر اللي تصدق رجال».. لكن الحقيقة أن عمر الحب
ما «اتقصف».. لكن آلافا من البنات انقصفت رقابهن ومتن أو قتلن
لأنهن صدقن الرجال.. وانخدعن باسم الحب.؛
في المجتمعات الغربية باتوا يتحدثون عن «العذرية» وغشاء البكارة
وكأنهما من الفلكلور القديم.. وذلك لحرية ممارسة الجنس ولذلك فهم
ينظرون لهذه القضايا وكأنها طلاسم.. وبتعبير مهذب «فلكلور» بدلا من
أن يقولوا «تخلف» غير مهتمين أن لنا ديننا.. وعاداتنا وتقاليدنا.
شتاء كابول العاصمة الأفغانية شديد القسوة.. قسوة قد تنعكس علي
البعض فتزيدهم قسوة.. أو تأتي بنتائج عكسية تدفعهم إلي البحث عن
الدفء في قلوبهم.؛
ووسط هذه الحياة القاسية التي تمثل فيها المرأة أيضا المرتبة
الثانية.. وللرجل السيادة.. «واچما» فتاة جميلة أراد والدها أن
يمنحها فرصة الحياة الكريمة.. فسمح لها باستكمال دراستها والالتحاق
بالجامعة بكلية الحقوق.. وهذا يعني باختصار مزيدا من الحريات.. لكن
سوء حظها أوقعها في الحب.. مع «مصطفي» الشاب الوسيم الذي صدقته
بأنه سيتزوج بها.. وكان أن غرر بها وعندما اكتشفت إنها حامل تهرب
منها.. وعندما اعترفت لأسرتها كاد والدها أن يقتلها حتي يتخلص من
الفضيحة.. وحيث لاقانون يجبر الفتي علي الزواج منها.. لكن حب الأب
لابنته جعله يلجأ إلي حل آخر وهو إرسالها إلي «الهند» حيث المراقبة
أقل.. لتقوم بعملية «إجهاض» رغم ما كلفه ذلك من ماديات تفوق
طاقته.. وآلام نفسية شديدة.. لإحساسه بالقهر ممن سلب ابنته شرفها
وخدعها.. ومن ابنته نفسها التي انجرفت للخطيئة باسم الحب وانخدعت..
وما سوف تتركه هذه التجربة من آثار نفسية سيئة عليها.؛
وينتهي الفيلم بسفرها وإقلاع الطائرة وسط صرخة مدوية لها في مواجهة
مستقبل لاتعرف عنه شيئا.. نتيجة لخطأ تشاركت في ارتكابه مع رجل..
لكن عليها كفتاة أن تتحمل «الوزر» كله.؛
وفعلا الله يقصف عمر الحب .. واللي بتصدق رجال»..؛
بطلة الفيلم «واچما» هذه هي تجربتها الأولي في التمثيل.. ولذلك
كانت فرحتها شديدة بالفوز بجائزة أحسن ممثلة.. حيث تقول كنت أبكي
بشدة من التأثر في مواقف عديدة وأتخيل أن ما أمر به حقيقة.؛
كما تضيف قائلة إنها تأثرت بشدة من موقف الوالد.. الذي انتصر لحبه
لابنته في الإبقاء علي حياتها وإعطائها فرصة ثانية لاستكمال
حياتها.. لأن التقاليد الصارمة هناك تقضي بقتل الفتاة.؛
إرادة الحياة
في بيتنا طفل معوق.. فقد شاءت الأقدار أن تبتلي الأسرة بابن أصيب
بشلل الأطفال.. سنوات طويلة عاشتها الأسرة في صعوبة بالغة خاصة
الأم التي كان يقع علي عاتقها تقريبا كل المسئولية.. ولعل في
الحديث عن الإعاقة فروقا كثيرة مابين المجتمعات النامية المتخلفة
والمجتمعات الحديثة الراقية المتحضرة وذلك في طرق كيفية التعامل مع
الإعاقة والمعاقين.. والإمكانيات المهولة المقدمة إليهم لتسهل
الحياة عليهم.. أتحدث في ذلك عن الإعاقة بمختلف أنواعها سواء
الذهنية أو البدنية.؛
فالإعاقة الذهنية لها مدارسها الخاصة التي تهتم بصحة وعقل المعاق
وطرق تأهيله للاندماج في المجتمع.. ونفس الشيء للمعاق جسديا.. فليس
هناك بشر علي هامش الحياة.؛
الفيلم مأخوذ عن قصة حقيقية للفتي «جوليان» المصاب بشلل أطفال منذ
مايزيد علي سبعة عشر عاما.. كبر وأصبح مراهقا له أحلامه وطموحاته..
ورغبته في أن تكون له مغامرة يعيشها ويتحدث عنها الجميع.. لذا كان
حلمه في الاشتراك في مسابقة العدو التي تقام في مدينة نيس «لمتحدي
الإعاقة».. ويطلب ذلك من والده الذي يعمل بالإطفاء في حرائق
الغابات.؛
ولما كانت المدة المتبقية قليلة فقد قبل الوالد التحدي أمام إصرار
ابنه ولكن العقبة أن إدارة المسابقة رفضت اشتراكه.. فما كان من
الابن المعاق وزميل له إلا أن ذهبا إلي «نيس» لمقابلة أعضاء اللجنة
ونجحا بالتهديد والإقناع أن يسمحا لهما بالاشتراك في المسابقة
الخاصة بالأصحاء الأسوياء.؛
؛«أيرون
مان» أو الرجل الحديدي هو الذي سيفوز بهذه المسابقة بعد اختبارات
سباحة..؛
وجري.. وعجل.؛
وبالفعل تشحذ الأسرة كلها جهودها هي والأصدقاء للمساهمة بشكل أو
بآخر في إعداد التجهيزات.. وينجح الأب في عمل مقعد يتم تركيبه في
دراجة الأب.. ليقود الأب الدراجة وابنه عالق بها.؛
وبالفعل بفضل إرادة جوليان الذي يتحمل عبء التدريبات العنيفة
ووالده الذي يكتشف إنه كان بعيدا عنه وانشغل بعمله وبتوفير سبل
الحياة الكريمة لأسرته.. لكن كل هذا كان لايكفي.. لأن يقترب من
ابنه وأن يشعره بمحبته.. وبالفعل يشترك الاثنان في السباق مع
الأصحاء والأسوياء.. ويجتازان كل المسابقات حتي يصلا إلي النهاية..
ويتوجا بالنجاح.. إلا أن النجاح الحقيقي كان يتمثل في علاقة الأب
بالابن وإيمان الأسرة كلها ومجموعة الأصدقاء المقربين في حق الابن
أن تكون له مغامرة حقيقية في الحياة.؛
وقد حصل بطل الفيلم «جوليان» علي جائزة أحسن ممثل وهو في الحقيقة
شاب معاق.. وقد فضل المخرج الاستعانة به حتي يكون أقرب إلي الصدق..
أما دور الأب فقد قام به الفنان القدير «جاك جامبلان» الذي يعد
واحدا من أفضل ممثلي فرنسا وأوروبا.
مخرج الفيلم «نيلز تافرنييه» وهو ابن المخرج القدير «برتراند
تافرنييه» وهو متخصص في الأفلام التسجيلية.. كما يعمل بالتليفزيون
وقدم فيلما روائيا طويلا من قبل عام 2006 باسم «أورور».؛
لا شيء اسمه مستحيل
لا شيء يعني المستحيل.. طالما أن هناك إرادة وعزما وتصميما علي
بلوغ ما نسعي إليه.. وهذا هو ما حاول إثنان من المخرجين الشبان لم
تتجاوز عمرهما العشرين تقديمه في فيلم شديد الصدق «هاستامانانا» أو
« إلي الغد».. كشفا فيه عن عالم يعيش فيه الأطفال حتي سن الثامنة
عشرة في دور الرعاية والأحداث.. البعض منهم كل جريمته في الحياة أن
الأهل هجروه.. أو الأسرة كانت مفككة ولم يكن في إمكانها رعاية
الأبناء.؛
الـ
(Dass)
أو مؤسسات رعاية الأحداث تضم أطفالا من كل المستويات.. البعض منهم
يعاني مشاكل نفسية جسيمة.. وآخرون يعانون مشاكل صحية.. هذه الدور
تحاول أن توفر لهؤلاء الأطفال الرعاية الصحية والنفسية اللازمة
لهم.؛
وفي الفيلم الذي أخرجه كلا من «سيباستيان ماجياني» و«أوليفييه
فيدال» وهما أيضا كاتبا السيناريو.. وبطولة كل من الطفل البلجيكي
«أمير بن عبد المؤمن» وانطوان جونتران.. ودلفين ديباردييه».. وظهور
شرفي للمخرج «كلود لولوش».؛
الجدير بالذكر أن كلا من المخرجين كانت لهما بعض من الإقامة
الوقتية في هذه الدور.؛
والفيلم يروي قصة «تينو» و«ليو» مراهقين تربيا منذ الصغر في الـ
«داس» أحدهما كان شديد الصلابة رغم صغر سنه والثاني «هشاً»
للغاية.. يميل إلي العزلة والوحدة وهوايته الأولي كانت الكتابة..
وعندما انتهي من كتابة سيناريو رغم صغر سنه فإن حلم عمره كان أن
يقرأ المخرج الكبير «كلود لولوش» هذا السيناريو.. ويقرر «تينو» أن
يحقق حلم صديقه وأن يذهب بالسيناريو إلي لولوش سيرا علي الأقدام
حتي «باريس».. ويكاد «ليو» يفقد الأمل في صديقه خاصة عندما يعلم أن
والدة «تينو» في طريقها لاسترداده.؛
لكن «تينو» بالإصرار وخوض الكثير من المخاطر.. والمغامرات ينجح
فعلا للوصول إلي شركة إنتاج «لولوش» الذي يرحب بقدومه ويقرأ بالفعل
السيناريو تقديرا منه لوفاء صديق لصديقه وهما في هذه السن
الصغيرة.. دون أن يخفي إعجابه بالسيناريو طبعا.؛
إن الصداقة قيمة حقيقية وغالية في الحياة.. لاتضاهيها كنوز الدنيا..؛
فهي بحد ذاتها ثروة محظوظ هو من يعثر علي «الخل الوفي».؛
صباح الثورة
الربيع العربي.. والثورات التي غمرت المنطقة العربية وانطلقت من
تونس.. حول الثورة ومتغيراتها قدم المخرج التونسي القدير «نوري
بوزيد» «قطعة الجاتوه» فيلم عن صديقتين إحداهما محجبة والأخري غير
محجبة لكنهما تمثلان الجيل الجديد وتعتبران من رموز الثورة..
كلتاهما تكافحان من أجل حريتهما واستقلالهما من خلال مجتمع مغلق
علي نفسه يحاول أن يعود بالمرأة عشرات السنين ويحرمها من كل ماوصلت
إليه.. محاولا فرض تقاليد بالية بعيدة تماما عن الدين ولا تأخذ منه
سوي المظهر فقط.. إن المجتمع مضطرب وأشخاصه يجمعون بين التضاد..
بينما الفتاتان «زينب» و«عائشة» تدرك كلتاهما أن المستقبل لهما
وإنه لن يستطيع أحد أن يفرض عليهما شيئا خاصة أن الأخ والحبيب
كليهما متورطان في الجماعات الإسلامية.. أو يحاولان الاستفادة منها
بكل الطرق.؛
إن المستقبل لابد أن يكون لأبنائنا.. وعجلة التاريخ لن تعود أبدا
للوراء.. وأن المرأة التي شاركت بالثورة.. لن ترضخ أبدا ولن تكون
ضحيته.؛
إن نوري بوزيد هذا الفنان القدير الواعي الذي قدم العديد من
الأفلام التي تعتبر علامة في السينما التونسية يستحق كل التقدير
علي هذا الفيلم التحليلي الذي لاتعيشه تونس اليوم بل تعيشه مصر
ومجتمعات أخري في دول عربية مختلفة.؛ |