«أعرف شيئا واحدا: حالما يقول لك أحد إنك لست بحاجة إلى مسدس، فمن
الأفضل أن تأخذ واحدا يعمل».
«الشوارع كانت مظلمة بما هو أكثر من سواد الليل».
«على بعد 30 قدما بدت ذات شأن أرستقراطي. على بعد عشرة أقدام بدأت
ذات شأن من أراد أن يبدو من على بعد 30 قدما».
صاحب هذه العبارات الحاملة طرافة وعمقا في الوصف معا، هو الكاتب
البوليسي رايموند تشاندلر الذي وُلد سنة 1888، وامتهن كتابة
الروايات البوليسية سنة 1932، وتوفي سنة 1959 عندما وجد نفسه عاطلا
عن العمل نسبة لتفشّي البطالة خلال سنوات اليأس الاقتصادي. كان
وُلد أميركيا (في ولاية نبراسكا)، لكنه عاد مع والدته ذات الأصول
الإنجليزية إلى بريطانيا حيث درس ونشأ. عندما أصبح شابّا، عاد
مجددا إلى أميركا ولحقت به والدته وعمل محاسبا حتى تفشّت البطالة،
وكانت الكتابة سبيله الوحيدة للعيش.
مثل سام سبايد وآرثر كونان دويل قبلهما، أسس تشاندلر لتحريه الخاص
فيليب مارلو سنة 1938، وما لبثت هذه الشخصية أن أصبح لها دم ولحم
وشهرة في أوساط الأدب البوليسي، ولاحقا جرى نقلها إلى كثير من
الأفلام، وهو ما يحيلنا إلى حدثين مهمّين في هذا المجال؛ الأول
صدور رواية جديدة من بطولة ذلك التحري الخاص، تحت عنوان «الشقراء
ذات العين السوداء»، انتهى من كتابتها مؤلف اسمه بنجامين بلاك، وهو
الاسم المستعار للكاتب الآيرلندي جون بانفيل. بما أن الكاتب
الحقيقي لشخصية التحري مارلو مات قبل 55 سنة، فإن الغاية هي أبعد
من العودة إلى شخصية بوليسية ساخرة وخلابة، فهي منوط بها من ناحية
بإحياء تراث كلاسيكي من الكتابة من ناحية وتعزيز أسم جون بانفيل
(الحائز على جائزة بوكر عن رواية «بحر» سنة 2005) من ناحية أخرى
ولو أن وقّع الرواية باسمه المستعار ذاك.
الحدث الثاني، أن هوليوود بدأت تحاول استكشاف احتمال شراء حقوق
الرواية الجديدة مستغلة الرواج الأدبي الذي تشهده. خلال حفلة
أقامتها جمعية «رايترز بلوك» كان من بين الحاضرين ممثل عن شركة
«وورنر» الذي شوهد يتحدث مع بانفيل على انفراد. «يونيفرسال» من
ناحيتها تقرأ الرواية بعدما عبّر الممثل والمخرج جيمس فرانكو عن في
رغبته تولي البطولة إذا ما قررت الشركة المضي في شراء الحقوق. إلى
ذلك، كان كفن كوستنر عبّر في مقابلة خاصة قبل بضع سنوات عن أنه
سيسارع لقبول لعب دور التحري مارلو إذا ما عُرض عليه.
هذا إلى جانب أن ثلاثة منتجين هم مارك أبرام، فيل سلايمر وإريك
نيومان يقفون وراء تحويل إحدى رواياته، وعنوانها «المتاعب هي
مهنتي» إلى فيلم جديد ينضم إلى نحو 20 عملا
* شاندلر في هوليوود إذا ما جرى ذلك، سنشهد عودة هوليوودية إلى حين
كانت كتابات تشاندلر رائجة في استوديوهاتها، علما بأن آخر ظهور
جيّد لأي من رواياته كانت في إطار فيلم «وداعا يا حبي» (نسخة دك
رتشاردس سنة 1975) التي لعب بطولتها روبرت ميتشوم مجسّدا تلك
الشخصية حتى الذروة. فقد كان التحق بهوليوود في مطلع الأربعينات
حين قامت شركة «RKO»
(مالكها المليونير هوارد هيوز) سنة 1942 بإسناد مهمة تحويل شخصية
بطله مارلو إلى سيناريو منفصل عن أي من أعماله في فيلم حمل عنوان
«الصقر يسيطر» (The
Falcon Takes Over).
جورج ساندرز قام بدور البطولة تحت إدارة متعثرة لإرفنغ رايس، ومرّ
الفيلم عابرا على الشاشات من دون كثير نجاح.
في العام نفسه طلبت شركة «فوكس» من تشاندلر بيعها واحد من رواياته
المبكرة عنوانها «النافذة العالية» التي أسندت إلى سينمائي آخر غير
معروف (هو هربرت ليدس) وقامت بإسناد البطولة إلى ممثل لم يبرح
مكانه صوب الشهرة، اسمه لويد نولان.
المثير في هذا الشأن أنها استعارت من تشاندلر روايته تلك، لكنها
غيّرت بطلها إلى شخصية بوليسية أخرى كان ابتدعها مؤلف آخر هو برت
هاليداي، وهي شخصية تحري اسمه مايكل شاين.
صرف تشاندلر في العام التالي، 1943، يكتب رواياته ويعاين وضعه في
هوليوود الذي لم يبدأ كما أراد له أن يبدأ، لكن موعده مع الشهرة
والمكانة معا لم يكن بعيدا. في مطلع عام 1944 بدأ العمل على واحد
من أفضل أفلام الفترة البوليسية، وهو «تأمين مزدوج». تشاندلر كتب
السيناريو عن رواية عملاق كتابة آخر في النوع نفسه اسمه جيمس م.
كاين، ومع مخرج الفيلم بيلي وايلدر، وصاغ عباراته الأدبية التي
نسمعها كتعليق أو كحوار. حكاية موظّف شركة تأمين اسمه وولتر (فرد
ماكموري) تغويه زوجة رجل ثري، فيبيع الزوج بوليصة مزدوجة القيمة
ويخطط مع الزوجة (باربرا ستانويك) لقتله. حين ينجزا الجريمة تخونه
وتتركه جريحا يجر نفسه إلى مكتبه ليسجل اعترافه.
في العام نفسه، وقّع تشاندلر باسمه على فيلمين؛ الأول اكتفى بكتابة
السيناريو له، هو «والآن غدا» عن رواية لراتشل فيلد ومن بطولة ألان
لاد ولوريتا يونغ، والثاني باع فيه حقوق روايته «وداعا يا حبي»
Farewell, My Lovely
إلى هوليوود، حيث قام السيناريست جون باكستون بكتابة النص
السينمائي للمخرج إدوارد ديمتريك. دك باول لعب شخصية التحري الخاص
فيليب مارلو، ومنحها وجهين محببين لها؛ السخرية التي اشتهرت به
الشخصية، والوجوم الذي أضافه الممثل عليها.
بعد كتابته لسيناريو لفيلم بعنوان «غير المرئي» (إخراج لويس ألن
سنة 1945) كتب سيناريو فيلم آخر قام ألان لاد ببطولته عنوانه
«داليا زرقاء» عن مجموعة رجال عادوا من الحرب ليكتشف أحدهم (لاد)
بأن زوجته (فيرونيكا لايك) لم تعد ترغب به. تموت مقتولة وتدور
الشبهة حوله، لكنها تستقر على أحد رفاقه (ويليام بندكس) في
النهاية.
هذا كله قبل أن يطل فيليب مارلو من جديد في فيلم من إخراج هوارد
هوكس وبطولة همفري بوغارت في دور التحري الشهير عنوانه «النوم
الكبير» («وورنر» - 1946). تشاندلر لم يكتب سيناريو هذا الفيلم عن
روايته بل كتبه الروائي ويليام فوكنر.
فيلم رائع على الرغم من أن بعض مراحله تبقى غامضة، وفي بعض
المذكرات أن المخرج وبطله تحيرا بشأن مشهد مكتوب فاتصلا بمارلو
وسألاه عن هذا المشهد، فكان رد مارلو: «خذوه كما هو أو احذفوه..
أنا أيضا لم أفهمه».
بعد ذلك، قام الممثل روبرت مونتغمري بإخراج نفسه في «سيدة في
البحيرة» عن رواية من أعمال شاندلر سنة 1947 ثم انقطعت هوليوود عن
ترجمة أعماله إلى أفلام، وانقطع هو الكتابة لها حتى سنة 1951، حين
تواصل مع المخرج الرائع ألفرد هيتشكوك لكتابة «غريبان في قطار» عن
رواية باتريشا هايسميث البوليسية.
كان هذا الفيلم آخر فعل قام به تشاندلر سينمائيا. لكن هوليوود، بعد
وفاة الكاتب معدما ومريضا سنة 1959، عادت إلى أعماله تلفزيونيا
وسينمائيا أكثر من مرة. وفي كل مرة، هناك احتفاء بالنص الخاص
وبالشخصية الباحثة عن مجرم هارب لم يستطع القانون إثبات التهمة
عليه. وها هو بطله الساخر والصادق مع نفسه فيليب مارلو يلاحقه.
تشاندلر نفسه هو الذي قال ذات مرة: «القانون ليس العدالة. إنه آلية
غير محكمة، والآلية هي كل شيء أراده القانون لنفسه».
* مارلو على كبر
* بعد أن قام إليوت غولد بتمثيل شخصية التحري المذكور في فيلم
روبرت ألتمن «الوداع الطويل»، تصدّى روبرت ميتشوم، وكان بلغ سن
التقاعد فعليا، لبطولة فيلمين من أعمال تشاندلر، هما «وداعا يا
حبي» و«النوم الكبير». أولهما أفضلهما وأخرجه دك رتشاردس. في مطلعه
العبارة التالية منقولة عن الكتاب: «أنا متعب، لا أعلم لماذا. ربما
من القضايا الخاسرة التي ألاحقها، ربما بسبب هذا المطر وربما لأنني
- ببساطة - أصبحت كبيرا في العمر ومتعبا».
شاشة الناقد
على شفير الموت.. ربما
الفيلم: 3Days
to Kill
إخراج: ماكجي تقييم الناقد:(*3)(من خمسة)
المنتج الفرنسي لوك بيسون، الذي بدأ مخرجا ثم تحوّل، يقدم عملا آخر
من تلك التي ينجزها على النسق الهوليوودي الكامل. الفيلم هو «ثلاثة
أيام للقتل»، المعروض حاليا تحت قيادة المخرج
McQ،
كما يكتب اسمه، ومن بطولة كفن كوستنر.
هذا هو الفيلم الأول الذي يقود كوستنر بطولته منذ حين بعيد. وهو
ممثل جيّد على الدوام، لا أعتقد أنه نال الحظ الكافي من التقدير
حتى حين كان نجما. في هذا الفيلم يؤدي شخصية رجل اسمه إيثان. عميل
للمخابرات الأميركية، ومجال اختصاصه القتل. لكنه يكتشف في زيارة
للطبيب أنه مصاب بالسرطان: «ستعيش ثلاثة أشهر.. ستة بالكثير».
حسنا، بما أن هذا الاكتشاف ورد في بداية الفيلم فإن ذلك يعني أنه
سيعيش على الشاشة لساعة وربع أخرى يقوم خلالها بما كان يقوم به قبل
أن يكتشف المرض، خصوصا أن عميلة المخابرات فيفي (آمبر هيد) لديها
مهمة خاصة له ينهي بها نشاطاته. مهمته الآن قتل «الذئب» (رتشارد
سامل) الذي يبيع السلاح للإرهابيين في كل مكان. لكن إيثان (كوستنر)
كانت له أجندة مختلفة، كان يرغب فيما تبقى له من عمر أن يتواصل
وزوجته كريستين (كوني نيلسن) وابنته زووي (هايلي ستاينفلد) بعدما
أهملهما بسبب عمله. الآن هو مضطر للعمل مع فيفي، لأنها تملك مصلا
شافيا من السرطان.
هل قلت إن بيسون كاتب جيد؟ لا، قلت إنه أفضل كتابة مما ماكجيو
إخراجا، بمعنى أن يعرف كيف يضع الأفكار، وإن كانت غير طازجة، في
مواضع صحيحة قد تثير الاهتمام. إلى ذلك، يضيف بعدا جديدا: على
إيثان أن يبني الثقة المفقودة بينه وبين ابنته المتمنّعة في ثلاثة
أيام (هي أيضا المدة الممنوحة لإتمام العملية الخطرة). الجانب
الإنساني لهذه الشخصية معبر عنه جيدا من قِبل كوستنر الذي (مثل
ليام نيسون) كبر سنّا (هو 59، ونيسون 61) لكنه لا يزال قابلا
للتصديق في مشاهد الأكشن.
فيفي ماهرة بدورها. مدربة جيدا وتمارس فنون القتال الشرقية، وتعرف
كيف تقتل وكيف تقود السيارة من دون الالتزام بقوانين القيادة ولا
حتى بالنظر أمامها، إذا ما كانت تتحدّث إلى من بجانبها. ماهرة
وقوية بحيث لا تدري لماذا عليها أن تطلب مساعدة رجل يموت. لكن لا
بأس، والكثير مما يمر في هذا الفيلم هزلي بقدر ما هو إثاري، وهو
ينجح في الهزل والإثارة بحدود.
يستعير الفيلم بعض قديم كوستنر. في فيلم «غير المساوين»
The Untouchables،
هناك ذلك الفاصل من المطاردة التي يقوم بها كوستنر، والتي يعيدها،
بركاكة طبعا، هذا الفيلم. ويتحول كوستنر في مشهد إلى منقذ لابنته
من براثن مجموعة من الشبان على النحو ذاته الذي أنقذ فيه وتني
هيوستون في «الحارس».
باقي المشاهد ليست بذات القيمة، خصوصا أن الفيلم يعيد بعض
المفارقات مثل واحد منّا يعيد بعض الكلمات، ومنها انهيار إيثان على
الأرض بفعل مرضه كلما جابه مجرما. غريب أنه استطاع الإكمال إلى
النهاية.
10-TOP
بومباي يتدحرج
* إذ رمى «300: صعود إمبراطورية» بشباكه على 3470 شاشة أميركية
وكندية، حصد ما هدف إليه وسجل أكثر من 45 مليون دولار في أيام
افتتاحه الثلاثة الأولى. مع نهاية الأسبوع كان تجاوز الـ50 مليونا
من دون أن يصل فعليا إلى مستوى ما أنجزه الجزء الأول قبل سبع سنوات
في الفترة ذاتها، إذ حقق 79 مليونا في افتتاحه واخترق سقف المائة
مليون في اليوم السابع.
* عالميا، وعلى أفق نحو ثلاثين دولة، أنجز الفيلم 88 مليون دولار
إضافية في حين لا يزال «ذا هوبيت 2» يقود مقتربا (وليس محققا)
مليار دولار من جملة عروضه.
* هل الأوسكار مرتبط بالسوق التجارية، فيجري منحه للفيلم الناجح؟
لا، وإلا لذهبت الجائزة إلى «جاذبية»، لكن هذا لا يمنع أنه يصب بعض
الماء على وجه الفيلم الفائز به، وهذا ما حدث هذا العام. «12 سنة
عبدا» يعاود دخول اللائحتين الأميركية والعالمية ليسجل في الأولى
نحو تسعة ملايين دولار، وفي الثانية مليوني دولار. الحصيلة الكاملة
159 مليونا حتى الآن.
* الأفلام 1 (*3)(-) 300:
Rise of an Empire: $45,038,460 2 (*2)(-) Mr. Peadbody
&
Sherman:$32,207,057 3 (*3)(1) Non - Stop: $15,829,604 4 (*4)(3)
The Lego Movie: $10,911,385 5 (*2)(2) Son of God: $10,379,333 6
(*2)(5) The Monument Men: $3,074,547 7 (*2)(4) 3 Days to Kill:
$3,009,810 8 (*3)(8) Frozen: $2,954,554 9 (*4)(18) 12 Years a
Slave: $2,110,812 10 (*2)(10) Ride Along: $2,018,697
سنوات السينما: 1941
بوغارت في فيلمين
حين سنحت الفرصة أمام جون هيوستون للانتقال من كاتب إلى مخرج اختار
رواية داشل هاميت «الصقر المالطي». التحري سام سبيد (همفري بوغارت)
يسعى لمعرفة من قتل شريكه ليكتشف أن الجريمة تخفي وراءها قضيّة
تمثال لصقر يلهث وراءه أكثر من فريق. معه في البطولة ماري أستور،
واحدة من نجمات تلك الفترة.
في العام نفسه، ظهر الممثل همفري بوغارت في فيلم ثانٍ هذه المرّة،
من إخراج المخضرم راوول وولش بعنوان «هاي سييرا»، لكن عوض أن يؤدي
دور التحري الخاص، هو المجرم الهارب من العدالة الذي يخطط لسرقة
تخرج عن طور النجاح. جون هيوستون هو الذي كتب سيناريو هذا الفيلم.
أما وولش فحقق في العام ذاته فيلمين آخرين، هما الكوميدي «شقراء
الفريز»، والحربي «ماتوا مرتدين أحذيتهم».
وبينما كل هذا، وسواه يحدث في هوليوود، كانت اليابان تطلق فيلما
كلاسيكيا مهمّا..
المشهد
أجندة خاصة
في عالم مليء بالتيارات والغايات والأجندات الخاصّة؛ أين يمكن للفن
أن يتوجه إذا ما أراد أن يحافظ على نقاوته؟ حسب قطاع كبير من
الأميركيين.. ليس إلى استوديوهات «ديزني». المواقع والصحف
الأميركية، بدءا من «ذا لوس أنجليس تايمز» وصولا إلى إذاعة
«جانيراشن راديو» وما بينهما هناك حديث اليوم عن كيف توجّه «ديزني»
جمهور الصغار الوافدين لمشاهدة فيلمها الأخير «مجمّد»
Frozen
لقبول المثلية (الشذوذ الجنسي).
في الحقيقة ربما بدأ هذا الحديث في تلك المحطة الإذاعية وفي برنامج
يشرف على كَفن سوانسون الذي استقبل معلّقا باسم ستيف فون، وكلاهما
هاجم الفيلم منتقدا ترويجه للمثلية. وهو أمر ممكن، كون الفيلم يصور
لنا أن الاختلاف جيّد في هذه الناحية من السلوك. ليس أن هناك شخصية
لواطية واضحة، لكن هناك تحية يرميها رجل في الفيلم الكرتوني على
آخر قائلا له «مرحبا يا أهلي»
Welcome, family
ما يشي بنية ترويج الزواج المثلي الذي وافقت عليه حتى الآن بضع
ولايات أميركية.
كذلك، فإن شخصية إلسا، إحدى بطلتي الفيلم، وهي التي تتولى الحكم،
وُلدت مختلفة عن شقيقتها، ولا توحي بأن لديها أي اهتمام فعلي
بالرجال. بالنسبة لهذا الناقد بدت شخصيتها متوترة وحائرة؛ فهي
بالتأكيد تغضب حين تخبرها شقيقتها بأمر ذلك الشاب الذي يطلب يدها.
لكن المعلقين ذكرا جانبا آخر، أو فسّرا غضبها على نحو مختلف.
قد يكون ذلك صحيحا وقد لا يكون، لكن الاحتفاء بالمختلف بيننا أمر
تمارسه «ديزني» منذ سنوات. هل تذكرون الخطاب الذي ألقته السمكة في
فيلم «البحث عن نيمو» حول حقّها في أن تكون مختلفة وواجب الآخرين
في قبولها؟
صحيح أن المعلّقين ينتميان إلى محطة يمينية متطرّفة، لكنهما لا
يبتعدان مطلقا عن وضع ممارس بالفعل تُستخدم فيه السينما لتمرير
رسائل ملغومة. صحيح أيضا أن هوليوود كانت دائما أشبه بموقع بث. في
الثلاثينات جرى إطلاق أفلام عُدّت مؤيدة للنازية، وخلال مطلع الحرب
العالمية الثانية أنتجت أفلاما صوّرت الاتحاد السوفياتي على نحو
إيجابي. حين دخلت أميركا الحرب أنتجت هوليوود أفلاما ضد النازية،
وعندما انتهت، أنتجت أفلاما ضد الاتحاد السوفياتي واستمرت بإنتاج
أفلام مع الصين ضد اليابان. ولك أن تكمل المواقف السياسية بعد ذلك.
لكن استخدام السينما على هذا النحو كان مجديا وعلى مستوى سياسي،
أما ما يدور اليوم فهو غزوة اجتماعية موجّهة صوب الأولاد لتعويدهم
قبول «عالم جديد».
ماذا بعد أن يجري توسيع الرقعة وتأسيس جيل صاعد لا يمانع المثلية
كسلوك يمارس في الأماكن العامّة، وهو الذي بدأ متابعته عبر أغاني
بعض نجوم الـ«بوب ميوزك»؟ هل سيجري في عشرينات هذا القرن التأسيس
لترويج الجنس داخل أفراد العائلة الواحدة؟ أشاهد أفلام اليوم
لأمارس عملي، لكن في أي وقت من السنة فإن تفضيلي لأيام كانت
السينما متعة وترفيها وفنا، حتى وإن داخلته رسالة سياسية ضد رسالة
سياسية أخرى عوض ما نشاهده اليوم من ابتذالٍ كثيرون منا لا يدركون
خطره، وآخرون يجدون أنه من الأفضل عدم معارضته، وعدم معارضته هو
قبول به قطعا. |