بثت وكالة الأنباء الفرنسية يوم الجمعة الماضى تقريراً عن مدينة
ورزازات المغربية، حيث أطلقت عليها «هوليوود العرب» بعد أن شهدت
تصوير العشرات من الأفلام العالمية الكبرى خلال السنوات الماضية،
ووصلت إيرادات ستديوهات المدينة إلى ٤٠٠ مليون دولار أمريكى وأكثر
فى السنة الواحدة.
لا تندهش من عنوان هذا المقال، ولا من الصورة المنشورة فى وسطه،
نعم، إنه ديكور معبد مصرى قديم (فرعونى) ولكن فى المغرب، بدلاً من
التصوير فى معبد مصرى حقيقى، أو بناء الديكور فى البلد الذى شهد
إنشاء هذه المعابد، أحداث الفيلم ولا شك تدور فى مصر أو عن مصر
ولكن تصوير فيلم أجنبى فى مصر أصبح يحتاج إلى صبر أيوب، ولايوجد
منتج سينمائى مثل النبى أيوب عليه السلام، ولذلك يتم التصوير فى
المغرب ويوحى أنه فى مصر!
وبقدر فرحتى للمغرب بقدر حزنى لمصر التى كانت تسمى فى كل العالم
«هوليوود الشرق» حتى خمسينيات القرن الميلادى الماضى، بل إن الرئيس
جمال عبدالناصر - رحمه الله - استقبل بنفسه سيسيل دى ميل عندما كان
يصور «الوصايا العشر» فى مصر، وكانت ستديوهات مصر مثل ستديوهات
هوليوود، وبها كل الفنانين والفنيين الذين يمكن أن يحتاج الفيلم
لمواهبهم وخبراتهم للتصوير على أرض مصر.
الآن الاستديوهات خرابات بفضل موظفى القطاع العام ثم باشوات قطاع
الأعمال الذين تفوقوا على الاحتلال البريطانى فى نهب مصر، وما
تتميز به صناعة السينما فى مصر الآن أنها الوحيدة فى كل الدنيا،
وأكرر فى كل الدنيا، التى تضعها الدولة فى شركة واحدة مع الإسكان
والفنادق.
وقد غمرت الفرحة جماعة غرفة صناعة السينما عندما شكلت حكومة
الببلاوى لجنة وزارية لحل مشاكل الصناعة لمجرد أنها وزارية، ولكن
هذه اللجنة انتهت إلى قبول عودة السينما إلى وزارة الثقافة شرط أن
تحدد الوزارة ماذا ستفعل بها، بينما الإجابة بديهية، وهى أن تفعل
ما كانت تفعله قبل أن تنتقل إلى رحمة الإسكان والفنادق!
وانتهت هذه اللجنة أيضاً إلى تشجيع تصوير الأفلام الأجنبية فى مصر
بإنشاء «شباك واحد» ينهى كل الإجراءات، بينما المشكلة هى فى هذه
الإجراءات، وليس فى أن تظل كما هى، ولكن تتجمع فى «شباك واحد» قام
الشعب بثورتين فى ثلاثة أعوام، فماذا يفعل أكثر من ذلك لتغيير
الدولة المصرية.
نموذج لمهرجانات الفنون بعد الثورة
بقلم سمير
فريد
٣٠/
٣/
٢٠١٤
كانت ثورة يناير قفزة إلى ما بعد الحداثة، وعندما حاول الإخوان
العودة إلى العصور الوسطى كانت ثورة يونيو. سقط جدار برلين من دون
تخطيط حزبى ولا قيادة أيديولوجية، وإنما تحت ضغط مظاهرات هائلة
تطالب بالحرية ولا تسعى إلى السلطة، وبسقوط الجدار، ومن بعده كل
النظم الشيوعية فى أوروبا، بدأ عصر ثورات ما بعد الحداثة، ووصل إلى
مصر والعالم العربى بعد عشرين سنة.
ولذلك ليس من الغريب أن يبدأ بعد سنة واحدة من الثورة مهرجان وسط
البلد للفنون المعاصرة، الذى يعقد الآن فى القاهرة دورته الثالثة
من ٢٠ مارس إلى ١١ إبريل، فهو نموذج لمهرجانات ما بعد الحداثة بما
يعرضه والمفهوم الذى يعبر عنه لمهرجانات الفنون منفردة أو مجتمعة.
هناك أولاً التفاعل بين فنون المسرح والموسيقى والسينما والفنون
التشكيلية، والتجريب من غير حدود فى الأشكال والأفكار والرؤى وفى
العلاقة مع الجمهور ما بين الذهاب إليه فى الشارع أو دعوته للحضور،
وكما كانت الدعوة إلى مظاهرات الثورة عبر الإنترنت، والسير فى
الشوارع ودعوة الناس للنزول من بيوتهم، كذلك تتم الدعوة لحضور
مهرجان وسط البلد للفنون عبر الإنترنت، ودعوة الناس للذهاب إلى
مسرح الفلكى وساحة روابط وساحة فيينواز فى وسط القاهرة.
وليس من الغريب أيضاً أن تكون وراء هذا المهرجان مؤسسة «ستوديو
عماد الدين» المستقلة، وأن يكون مدير المهرجان ومدير المؤسسة فنان
المسرح المصرى الكبير أحمد العطار، الذى أتابع أعماله بكثير من
التقدير منذ مسرحياته الأولى فى الجامعة الأمريكية قبل ما يقرب من
عشرين سنة: المسرح عند العطار ليس مهنة، وإنما حياة.
وبينما يشرف الفنان الطليعى على عروض المسرح فى المهرجان، منها عرض
«حدث ذلك غداً» لفرقة مختبر دمشق المسرحى، وعرض الراقص المبدع محمد
شفيق «منزل خالى من الضيافة»، يشرف على عروض الموسيقى فنان طليعى
آخر هو محمود رفعت، ويشرف على عروض السينما، وكلها من أفلام
الموبايل، محمد عبدالفتاح الشهير بـ«كالابالا»، والذى كان الأب
الروحى لأفلام الديجيتال القصيرة عند اختراعها، ويواصل دوره المهم
مع أفلام الموبايل، ويتعامل معه هواة وعشاق السينما من الشباب
وكأنه بابا نويل الذى ينتظرون منه الهدايا والرعاية والنصح
والتوجيه.
وفى مجال ما أصبح يعرف بالفن البصرى، الذى يمزج بين المسرح
والسينما والرسم والنحت والموسيقى والعمارة، هناك معرض شامل للفنان
المصرى العالمى حسن خان الذى سبق أن رأس لجنة تحكيم بينالى فينسيا،
أعرق بينالى للفنون فى العالم. وبتكريم حسن خان الذى لم يزل فى
ذروة شبابه، يؤكد المهرجان الذى يُعرف اختصاراً بـ«دى ــ كاف»
تعبيره عن مفهوم جديد لمهرجانات الفنون، يتناسب مع نوعية عروضه،
فلم لا يكون التكريم للشباب أيضاً، ولم لا يكون المهرجان للاستمتاع
بالفنون، ومن دون صخب فارغ ولا حفلات تجارية زاعقة؟!
رسالة من مثقف مصرى
بقلم سمير
فريد
٢٧/
٣/
٢٠١٤
يتصور أغلب الناس بسبب شيوع المفاهيم الملتبسة أن المثقف هو الكاتب
أو الفنان، وأن النخبة فى أى بلد هم النجوم فى هذا المجال أو ذاك
من مجالات الآداب والفنون، ولكن الصحيح أن المثقف هو المهنى الذى
يتجاوز مهنته ويهتم بالعمل العام.
وقد وصلتنى الرسالة التالية من استشارى الجراحة لواء طبيب متقاعد
عمرو أبوثريا، والتى تعبر عن نموذج للمثقف المصرى والمتذوق للفنون
والحريص على ذائقة الأجيال الجديدة من الشباب، ما يؤكد اهتمامه
بالحاضر والمستقبل مثل أى مثقف حقيقى، وفى رسالته حنين عظيم إلى
أيام نادى سينما القاهرة فى عصره الذهبى، والذى يرجع الفضل فيه إلى
شيخ النقاد أحمد الحضرى، ومن قبله مؤسس النادى مصطفى درويش.
وفيما يلى نص الرسالة:
«تحدثت سيادتكم فى عمودك اليومى بـ(المصرى اليوم) (٢٥ مارس ٢٠١٤)،
عن المخرجة كيتيلوفا، وعن أن السينما فى الستينيات غير ما قبلها
وما بعدها، وتحدثت عن نادى السينما بالقاهرة وتأثيره وعدد أعضائه،
وكثير من جيل حضرتك، والكثير من الكتّاب والفنانين والنقاد حدثونا،
وكتبوا عن (ندوة الفيلم المختار)، و(جمعية الفيلم)، ثم نادى
السينما، وقد حضرت فى أواخر الستينيات بعضاً من عروض سينمائية
بقاعة النيل لأفلام قيمة مازالت فى ذاكرتى، غير أن ظروف دراستى ثم
عملى وعدم استقرارى بالقاهرة لفترات طويلة فى مقتبل حياتى - حرمتنى
من تلك المتعة التى كنت أنشدها دائماً، وهى عضوية نادى السينما،
ولكنى عوضت ذلك بمتابعة برنامج نادى السينما بالتليفزيون المصرى
والذى كان يتيح لأمثالى من المشاهدين ثقافة سينمائية ومتعة عظيمة،
حيث كانت تحرص مقدمة البرنامج (وزيرة الإعلام الحالية) على استضافة
أحد النقاد أو المخرجين أو كتاب السيناريو للتعريف بمواطن الجمال
وتوضيح أبعاد قد لا يدركها المشاهد العادى مما يثرى ثقافته عامة
والسينمائية خاصة.
سيدى الكريم، لقد طالت المقدمة، وكان لابد منها لكى أصل إلى ما
أريد توصيله لحضرتك، لاشك فى أن للفن دوره فى تهذيب النفوس
وترقيتها إضافة إلى تشكيل الوجدان للبشر، تضاف إلى ذلك المتعة التى
يحسها وينشدها كل من يتذوق الفن بأشكاله المختلفة، وحيث إن الواقع
الذى نحياه جميعاً يجعلنا نشكو من تصرفات البعض من شبابنا الذين
أحس أحياناً أنهم مجنى عليهم، فلا تربية فى المنزل لواقع وظروف
نعلمها جميعاً، ولا تعليم فى مدرسة أو معهد أو جامعة، ولا فن يسمو
بأرواحهم، سواء من خلال وسائل الإعلام (الراديو والتليفزيون)، أو
السينما والمسرح وسيادتك تعلم أكثر منى عن واقعهم. الخلاصة سيدى
الكريم: لماذا لا يساهم التليفزيون بعودة برنامج نادى السينما، ولو
فى صورة جديدة، يقدم لنا سينما العالم وليس فقط الفيلم الأمريكى
والحلم الأمريكى؟ ولماذا لا يعاد نادى السينما أو ندوة الفيلم
المختار أو أى شكل من أشكال فتح آفاق جديدة للتمتع بالفنون عامة
وفن السينما خاصة؟
دمتم لنا ولقرائك الكثيرين، مع وافر التحية».
ولكن التليفزيون يحاصر الخيال
بقلم سمير
فريد
٢٦/
٣/
٢٠١٤
لدى ضعف خاص، وأعتقد أنه لابد أن يكون لدى كل ناقد، تجاه كل مخرج
جديد يعرض أول أفلامه القصيرة أو الطويلة، فناقد السينما وهو يتابع
الأفلام الجديدة يبحث عن التحف والأعمال الكبيرة للأساتذة
والراسخين، ولكن عليه أيضا أن يبحث عنها فى الأفلام الأولى
لمخرجيها، فقد يكون المخرج من أول فيلم من صناع التحف.
وقد شاهدت فى مهرجان دبى الفيلم المصرى «المعدية» أول فيلم من
إخراج عطية أمين، فى عرضه العالمى الأول والذى يعرض الآن على جمهور
السينما فى مصر، ويأتى المخرج الشاب الذى ولد عام ١٩٧١ إلى عالم
الأفلام الروائية من عالم أفلام التحريك والتى أفضل تسميتها
بالأفلام التشكيلية، حيث درس هذا الجنس من أجناس السينما الثلاثة
(روائى - تسجيلى - تشكيلى) فى المعهد العالى للسينما.
والفيلم نتاج مجموعة من شباب السينما المصرية الواعد من كاتب
السيناريو محمد رفعت إلى مدير التصوير رؤوف عبدالعزيز والمونتيرة
داليا الناصر، والممثلين النجم الطالع هانى عادل الذى ألف الموسيقى
أيضا، ودره رزق ومحمد على وأحمد صفوت ومى سليم، والمنتج أحمد عفت،
الذى كون هذا الفريق، وينتج بدوره لأول مرة.
هناك طموح واضح فى «المعدية» للتعبير عن عالم الشباب الفقراء من
خلال ثلاثة أصدقاء أحدهم يأتى من الهجرة من دون تحقيق أحلامه،
والثانى يريد الهجرة، والثالث يهاجر فعلاً فى نهاية الفيلم. وليس
هناك جديد فى المعالجة الدرامية، ولكن الجديد فى الموقع الذى تدور
فيه الأحداث، وهو جزيرة صغيرة من جزر نيل القاهرة، وفى درجة من
الواقعية الخشنة التى تلامس العنف بصدق فنى لافت.
بدا المخرج مقيد الخيال فى الموقع الذى يتيح الكثير من الخيال،
وبدت المشكلة فى اقتراب أسلوبه من أسلوب المسلسلات التليفزيونية
التقليدية بقدر ابتعاده عن أسلوب الأفلام السينمائية، وجاء تمثيل
الرجال أكثر إقناعاً من تمثيل النساء، وخاصة مى سليم التى لم يستطع
المخرج السيطرة عليها بحيث لا تضع هذه الكمية الكبيرة من الماكياج
الصارخ الذى يتعارض مع الشخصية والبيئة التى تعيش فيها. وأمام
الفنان الشاب الفرصة لصنع فيلم أفضل، والتخلص من الأسلوب
التليفزيونى الذى يحاصر الخيال.
عاشت تبحث عن السعادة وآخر أفلامها فى مهرجان القاهرة
بقلم سمير
فريد
٢٥/
٣/
٢٠١٤
نشر الزميل الناقد محمد رضا فى صفحته الأسبوعية المتميزة فى «الشرق
الأوسط» العربية التى تصدر فى لندن أن المخرجة التشيكية فيرا
كيتيلوف توفيت فى ١٢ مارس الحالى، وهى من أعلام السينما الأوروبية
المعاصرة، وكانت من بين نحو ٢٠٠ مخرج، قمت باختيارهم فى كتابى عن
أهم مخرجى دول الاتحاد الأوروبى فى تاريخ السينما، والذى صدر عام
٢٠٠٥.
فى تقديرى أن أهم عقد فى تاريخ السينما منذ اختراع السينما الناطقة
كان عقد ستينيات القرن العشرين الميلادى الماضى، فالسينما بعده لم
تعد كما كانت قبله، وكان ذلك بسبب موجات التجديد التى اجتاحت
أوروبا شرقاً وغرباً ووصلت إلى أمريكا والبرازيل واليابان وإيران،
وكان من الممكن أن تصل إلى مصر التى ظلت سينماها متكافئة مع
السينما العالمية حتى نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات لولا ظروف
لا مجال للتفصيل فيها فى هذا المقام.
ومن أهم موجات التجديد فى العقد المذكور، السينما التشيكوسلوفاكية
الجديدة عندما كانت الجمهورية التشيكية دولة واحدة مع دولة
سلوفاكيا، وهى الحركة التى أصدر عنها محمد خان كتاباً بالإنجليزية
فى لندن، وقد شاهدنا فى القاهرة أهم أفلام هذه الحركة لسبب سياسى
بحت، إذ علت أصوات بعد هزيمة ١٩٦٧ تطالب بمنع الأفلام الأمريكية
وعرض أفلام روسيا والدول الشيوعية الأخرى فى شرق أوروبا، وأرسلت
إلى القاهرة عشرات الأفلام فور خروجها من المعامل، ومنها أفلام
منعت من العرض فى بلادها عندما عرضت على أجهزة الرقابة فيها! وكانت
الأفلام الروسية تعرض فى السوق، ولكن لم يتم عرض أى فيلم من شرق
أوروبا إلا فى نوادى السينما وعلى رأسها نادى سينما القاهرة الذى
كان أكبر ناد للسينما فى العالم، وأكرر فى العالم بأعضاء وصل عددهم
إلى خمسة آلاف عضو وأكثر.
وكان من حظى أن قدمت فيلم «زهرات اللؤلؤ» الذى أخرجته كيتيلوف عام
١٩٦٦ فى نادى سينما القاهرة، وكان عملاً مدهشاً وفريداً ولايزال،
وقد أخرجت الفنانة الكبيرة التى ولدت عام ١٩٢٩ وتخرجت فى معهد «فامو»
الشهير فى براج عام ١٩٦٢ - الأفلام الروائية والتسجيلية القصيرة
والطويلة منذ عام ١٩٥٩ وهى طالبة، وأخرجت أول أفلامها الروائية
الطويلة «عن شىء مختلف» عام ١٩٦٣، وعرض فيلمها الأخير «لحظات البحث
عن السعادة» فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى عام ٢٠٠٦ بحضورها،
ولا غرابة فى ذلك والمدير الفنى للمهرجان آنذاك كان الزميل والصديق
العزيز يوسف شريف رزق الله من جيل نقاد الستينيات الذين يعرفون
قيمة كيتيلوف جيداً.
«فتاة
المصنع» وفتى السينما
بقلم سمير
فريد
٢٤/
٣/
٢٠١٤
رغم الظروف الصعبة التى تعيشها مصر، والتى لم يسبق لها مثيل فى
تاريخها المعاصر، أثبت الرئيس عدلى منصور كما يثبت كل يوم أنه هدية
من السماء ليعبر بالبلاد هذه المرحلة، وأن مصر «محروسة» حقاً،
عندما لم تمنعه المسؤوليات الجسام التى يتحملها عن الاستجابة لرغبة
المجتمع السينمائى فى منح الجنسية المصرية للمخرج فنان السينما
الكبير محمد خان يوم الأربعاء الماضى.
كانت «قضية» حصول الفنان على الجنسية من القضايا التى كتبت عنها
مرات عديدة فى «الجمهورية» فى الثمانينيات، بل طلبت فيها وساطة
الزميل الكبير والصديق العزيز مكرم محمد أحمد مع الرئيس حسنى
مبارك، وتدخل بالفعل، ووعده الرئيس، ولكن شيئاً لم يحدث، وعندما
أخرج محمد خان فيلم «أيام السادات» واستقبله الرئيس مبارك مع طاقم
الفيلم عادت القضية من جديد، وكتب عنها العديد من نقاد السينما،
ولكن شيئاً لم يحدث أيضاً، وبدت أقرب إلى اللغز المحير. فقد ولد
محمد حامد حسن خان فى القاهرة فى ٢٦ أكتوبر عام ١٩٤٢ لأسرة
باكستانية، وعاش طفولته وصباه فيها، وقضى مطلع شبابه فى لندن حيث
درس السينما، وحصل على الجنسية البريطانية، ثم بدأ إخراج الأفلام
فى مصر منذ عام ١٩٨٠.
أقول دائماً إن لكل فيلم هوية قانونية، أى بلد منشأ الإنتاج، وهوية
ثقافية، أى الثقافة التى يعبر عنها أياً كانت هوية المخرج، أو جواز
السفر الذى يحمله. ومن أول فيلم كانت هوية محمد خان مصرية، وظلت
كذلك حتى أحدث أفلامه «فتاة المصنع» وهناك من المصريين من يحلمون
بالحصول على جواز سفر أوروبى، بل يدفعون الأموال الطائلة لتحقيق
ذلك، ولكن محمد خان لم يحلم سوى بالحصول على جواز سفر مصرى، لقد
منحته أفلامه الهوية المصرية الثقافية، والآن منحه الرئيس عدلى
منصور جواز السفر.
ومن المصادفات اللافتة أن يصدر القرار الجمهورى فى نفس يوم بدء عرض
فيلم «فتاة المصنع»، وقد قلت لبرامج السينما التليفزيونية يوم
العرض الخاص أن يوم عرض هذا الفيلم يتضمن ثلاثة أحداث: عودة مخرج
كبير وبداية منتج جديد هو محمد سمير ومولد نجمة شابة هى ياسمين
رئيس، ولكن الرئيس منصور أضاف حدثاً رابعاً للفنان الذى تجاوز
السبعين، ولكنه ظل على الشاشة بحيوية فتى السينما الذى عرفناه فى
الثمانينيات.. مبروك له ولمجتمع السينما ولمصر الحضارة التى تجمع
كل الأصول والأعراق والأديان والعقائد.
هؤلاء الفنانون العظام ومواقفهم من حصار مخيم اليرموك فى دمشق
بقلم سمير
فريد
٢٠/
٣/
٢٠١٤
من تعاليم بريخت «لا تقولوا هذا أمر طبيعى حتى لا يستعصى على
التغيير»، ومن أخطر الأمور التى تتحول الآن فى مصر والعالم العربى
إلى أمور طبيعية العمليات الإرهابية التى تستهدف قوات الجيش
والشرطة فى القاهرة ومختلف محافظات مصر، ومشاهد الجنازات الرسمية
والشعبية، والأمهات والأرامل والأطفال الذين يتشحون بالسواد،
ويبكون على ذويهم بدموع تكوى قلب الوطن.
وتبدو المجازر التى تقع فى سوريا، وبعد مرور ثلاث سنوات على ثورة
الشعب السورى ضد نظام البعث الديكتاتورى الدموى، يوم السبت الماضى،
وكأنها بدورها من الأمور التى أصبحت طبيعية. وقد وصل الأمر بذلك
النظام، الذى يدمر سوريا كما دمر العراق، ويدمر اليمن، والمدعوم من
المافيا الروسية والدولية والنظام الإيرانى وحزبه الذى يعتدى على
اسم الجلالة، إلى حد استخدام التجويع كسلاح فى الحرب، والمثل
الصارخ حصار مخيم اليرموك فى دمشق، وهو من مخيمات اللاجئين
الفلسطينيين فى سوريا ولبنان والأردن منذ ١٩٤٨، وهكذا لم يعد
الفلسطينى يموت فى المعارك من أجل تحرير أرضه، أو من البرد فى
الشتاء أو الحر فى الصيف، وإنما من الجوع فى سوريا أيضاً.
هناك من يمارسون الفنون كمهنة، فهذا يرسم وذاك يمثل، وهكذا. ولكن
الفنان الحقيقى هو الذى يعيش عصره ويعبر عنه فى أعماله وفى حياته
معاً. ومن نماذج الفنانين الحقيقيين فى عصرنا الممثلة الأمريكية
العالمية أنجلينا جولى التى تترك أضواء هوليوود الساطعة وتجدها مع
ضحايا الطائفية فى البوسنة، وفى مخيمات اللاجئين فى كل مكان،
وأحدثها مخيمات اللاجئين السوريين، كم أنت عظيمة يا أنجلينا
وامتداد أصيل لوالدك الفنان جون فويت، الذى كان يقود المظاهرات ضد
الحرب الأمريكية فى فيتنام!
ويوم السبت الماضى صدر فى لندن بيان وقع عليه ثلاثون سينمائياً
وموسيقياً يطالب الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى
اللذين يمثلان فى شعوب العالم بالتدخل لإنقاذ المدنيين المحاصرين
فى مخيم اليرموك، وفى كل سوريا.
ومن بين الموقعين النجمة العالمية إيما طومسون والمخرجون
السينمائيون كين لوش وستيفين فريرز وألفونسو كورون، ويا لهم من
فنانين عظام حقاً!
إنه احتفال رائع بنجوم السينما
بقلم سمير
فريد
١٩/
٣/
٢٠١٤
الحفل الذى أقيم يوم الخميس الماضى كان احتفالاً رائعاً بنجوم
السينما فى مصر، ولا أدرى لماذا أطلق عليه عيد الفن، ولماذا أقيم
فى ذكرى ميلاد عبدالوهاب؟
كان الممثل على المسرح قبل السينما لا يبقى من عمله غير صور
فوتوغرافية، وقبل الفوتوغرافيا لا يبقى منه غير كلمات انتقاد. ولكن
مع السينما أصبح فن التمثيل باقياً مثل الفنون الأخرى، وكانت بعض
الأفلام الأولى الصامتة تصويراً لمشاهد مسرحية لبعض نجوم التمثيل
مثل سارة برنار.
وأن يصل الممثل إلى مرتبة النجم مثل الكشف عن الذهب وسط الصخور
والتراب، فهناك آلاف من الممثلين الممتازين، ولكن النجوم بالعشرات.
وهناك ممثل من غير النجوم قد يفوق فى أدائه هذا النجم أو ذاك،
والحديث عن النساء والرجال معاً، لكن النجومية ليست فقط جودة
الأداء. ومن الأخطاء الشائعة القول بإمكانية «صناعة» نجم، أى وضع
«خطة» تستهدف تحويل ممثل إلى نجم، ولكن النجم لا يصنع، وإنما
«يوجد» بتضافر عوامل متعددة، وعندما يوجد فهو كنز حقيقى فى أى بلد،
وانظر إلى نجوم هوليوود ومدى تأثيرهم فى أمريكا والعالم، وانظر إلى
نجوم القاهرة ومدى تأثيرهم فى مصر والعالم العربى.
ولكن اعتبار نجوم السينما وحدهم هم الذين يعبرون عن الفن يروج
لمفاهيم غير صحيحة. فهناك أيضاً فنون أخرى غير التمثيل، هى فنون
الموسيقى والمسرح والسينما والتشكيل وفنون الأدب كالشعر والقصة
والرواية، ومن المستحيل عملياً توسيم أو تكريم كل الفنانين فى يوم
واحد نطلق عليه عيد الفن، بل يؤدى ذلك إلى غضب البعض بالضرورة
عندما لا يكرمون أو لا يحصلون على الأوسمة.. والصحيح أن يكون هناك
يوم للموسيقى مثل يوم افتتاح الأوبرا عام ١٨٦٩، ويوم للسينما مثل
يوم عرض أول فيلم مصرى عام ١٩٠٧، ويوم للفنون التشكيلية مثل يوم
افتتاح كلية الفنون فى القاهرة عام ١٩٠٨، ويوم للمسرح مثل يوم
افتتاح فرقة رمسيس عام ١٩٢٣، ويوم للأدب مثل يوم فوز محفوظ بجائزة
نوبل عام ١٩٨٨.
ولا لوم على رئاسة الجمهورية بالطبع، وإنما كل الشكر والامتنان
لرئيس الجمهورية القاضى المثقف النبيل عدلى منصور. لقد أراد الرئيس
السادات أن يكرم نجوم السينما فى حفل أقيم مرة أو مرتين أطلق عليه
مستشاره رشاد رشدى عيد الفن، ثم اغتيل السادات. وبعد ٣٣ سنة جاء من
يقول، وبحسن نية بالطبع، هيا نعيد عيد الفن بعد توقف ٣٣ سنة، وكأن
الدولة فى مصر لم تكرم نجوم السينما وغيرهم من نجوم الفنون قبل هذا
العيد وبعده وطوال ٣٣ سنة، وهو أمر غير صحيح. مبروك الوسام لفاتن
حمامة وماجدة وشادية وسميحة أيوب، وتحية حارة إلى مديحة يسرى ومريم
فخر الدين وكل كنوز مصر من النجوم.
رسالة عن يوم عيد الفن ولكن ما هو هذا العيد بالضبط؟
بقلم سمير
فريد
١٨/
٣/
٢٠١٤
أرسل الدكتور يحيى نور الدين طراف الرسالة التالية إلى «صوت
وصورة»:
لا شك أن عودة الاحتفال بعيد الفن بعد انقطاع دام ثلاثاً وثلاثين
سنة هى اعتراف وتقدير من الدولة لدور الفن المصرى على مر السنين فى
بعث واستنهاض همم الشعب المصرى، وهو تكريم لفنانى مصر الذين ما
انفكوا يشكلون قوة مصر الناعمة، ومفتاح شخصيتها فى العالم العربى
حولها.
لكن جانب الصواب - فى رأيى - اختيار يوم مولد الموسيقار محمد
عبدالوهاب (١٣ مارس) يوماً للاحتفال بعيد الفن. لا شك أن عبدالوهاب
هو موسيقار الجيل وكل الأجيال، وهو القمة الشمّاء للفن المصرى فى
الغناء والتلحين، لذا كان حرياً الاحتفال يوم مولده به هو
وبإنجازاته وعطائه المتفرد، وهو ما درجت عليه الأمة وسائر الأمم فى
تكريم أعلامها فى مختلف المجالات، سواء فى ذكرى ميلادهم أو رحيلهم،
لكن اعتبار يوم مولد شخصية ما، مهما علت وتركت دوياً فى الدنيا،
عيداً سنوياً لفئة هذه الشخصية المبدعة لهو خلط بين الشخص والقيمة
التى يمثلها، أو قل «شخصنة» للقيم المطلقة فى المجتمع.
فمثلاً تحتفل كل دولة بعيدها القومى من كل عام، وغالباً ما تختار
الدولة يوماً تراه فارقاً فى تاريخها وعلامة فى نضالها الوطنى،
وذلك ليكون عيداً لها، وليس عيد ميلاد الملك أو الرئيس، الذى يمكن
أن تحتفل به أيضاً، لكن بهذا الاعتبار، وليس باعتباره العيد القومى
للوطن، فمن غير المقبول اختزال الوطن فى شخص ملك أو رئيس أو زعيم،
مهما عظم، ونفس الأمر ينطبق على سائر الأعياد، مثل عيد العلم وعيد
الفلاح وعيد النصر وعيد الشرطة وغيرها، كلها أعياد اختيرت أيامها
من وحى كفاح فئاتها، وليس أعياد ميلاد رجالاتها والذين يكرمون
ويذكرون خلال يوم الاحتفال.
كان حرياً بالدولة فصل عيد الفن المصرى عن عيد ميلاد الموسيقار
محمد عبدالوهاب، ولو كان عبدالوهاب حياً بيننا اليوم وسُئل فى ذلك،
لرفض هذا الخلط، وهذا يجرنا لتساؤلات أخرى: لماذا عبدالوهاب بالذات
مع كل التقدير والاحترام له، وليس أم كلثوم مثلاً أو سيد درويش، أو
المثَّال محمود مختار؟! كان الأفضل اختيار يوم من أيام الفن المصرى
ليكون عيداً للاحتفال به من كل عام، ونحتفل يوم ميلاد عبدالوهاب
بفن عبدالوهاب.
* نؤيد رأى الدكتور طراف، ونضيف أن القول بعودة عيد الفن بعد توقف
دام ٣٣ عاماً تعبير جديد عن السيولة الفكرية التى نعانى منها فى
مرحلة الانتقال بعد الثورتين، فلا يوجد فى العالم عيد يسمى «الفن»،
وإنما عيد للموسيقى وآخر للأدب وثالث للسينما.. وهكذا. ومن ناحية
أخرى يبدو الأمر وكأن الدولة فى مصر توقفت عن تكريم الفنانين طوال
٣٣ عاماً، وهذا غير صحيح على الإطلاق.
٦
مسابقات فى الأقصر الأفريقى والسنغال ضيف شرف الدورة
بقلم سمير
فريد
١٧/
٣/
٢٠١٤
بدأت أمس ورشة عمل مهرجان الأقصر الثالث للسينما الأفريقية «دورة
نيلسون مانديلا»، وتبدأ عروض المهرجان غداً مع عرض فيلم الافتتاح
الغينى «جمهورية الأطفال» إخراج فلورا جوميز، وهو من كبار مخرجى
السينما الأفريقية، بحضوره، وحضور ممثل الدور الأول الممثل
الأمريكى العالمى دانى جلوفر. ضيف الشرف فى هذه الدورة السنغال،
وبينما يكرم المهرجان الممثل المصرى الكبير محمود عبدالعزيز، يخصص
برنامجى تحية إلى اسم السنغالى عثمان سمبين، رائد السينما
الأفريقية، واسم فنان السينما المصرى الكبير شادى عبدالسلام.
فى الدورة الثالثة، المسابقات الخمس للأفلام الروائية الطويلة
والقصيرة، والأفلام التسجيلية الطويلة والقصيرة، ومسابقة أفلام
الحريات التى تمنح جائزة واحدة باسم الصحفى الشهيد الحسينى أبوضيف،
وهناك أربع لجان تحكيم: الأفلام الروائية الطويلة، ويرأسها المخرج
المالى العالمى سليمان سيسيه، وعضوية الممثلة إلهام شاهين، ومدير
التصوير والمخرج طارق التلمسانى من مصر، والناقد التونسى خميس
الخياطى والممثلة ناكى سى سافانيه من ساحل العاج، وكلهم من
الأساتذة الكبار، ويشترك فى هذه المسابقة من مصر فيلم «أوضة
النيران» فى عرضه المصرى الأول، والذى اشترك فى إخراجه ستة من شباب
السينما فى الإسكندرية، وهم نرمين سالم ومحمد زيدان ومحمد الحديدى
ومى زايد وهند بكر وأحمد مجدى مرسى.
أما لجنة تحكيم الأفلام التسجيلية الطويلة، فترأسها الناقدة ماهن
بونيتى من سيراليون، وعضوية المنتج بيدور بيمنت من موزامبيق،
والمخرج داوود أولاد سيد من المغرب، والناقد بيتر ماشن من جنوب
أفريقيا، ومدير التصوير المصرى سامح سليم. ويرأس لجنة تحكيم
الأفلام القصيرة الروائية والتسجيلية الناقد بالوفو باكوبا كانييدا
من الكونجو، وعضوية الناقدة كيث شيرى من نيجيريا، والمخرجين محرز
القروى من تونس، وعطية الدرديرى وأمير رمسيس، مصر. ويرأس الأديب
المصرى الكبير يوسف القعيد لجنة تحكيم مسابقة أفلام الحريات،
وعضوية الناقد أحمد فايق والممثلة سلوى محمد على من مصر، والخبيرين
الكبيرين مصطفى المسناوى من المغرب وفتحى الخراط من تونس.
وهناك مسابقة سادسة تقام هذا العام فقط للأفلام المصرية المستقلة،
وتمنح جائزة واحدة تحية إلى اسم المخرج محمد رمضان الذى توفى فى
حادث سانت كاترين مهداة من نقابة المهن السينمائية، ومن أهم أحداث
المهرجان الورشة السنوية لفنان السينما الإثيوبى العالمى الكبير
هايلى جريما، حيث يتعلم على يديه عشرات الشباب من مختلف الدول
الأفريقية.
ويعبر مهرجان الأقصر الأفريقى بهذه الورشة إلى جانب الإصدارات
والندوات والمعارض- عن المفهوم الصحيح لمهرجانات السينما، وهو أنها
مؤتمر علمى موضوعه السينما، وما يميزه عن أى مؤتمر فى أى من العلوم
كالطب والزراعة والهندسة أن موضوعه فن من الفنون التى تستهدف
الإحساس بالجمال وإشاعة البهجة بين الناس. فى الأقصر حدث كبير على
مختلف الأصعدة الثقافية والسياسية.
اليوم كل أفريقيا فى مصر فى مهرجان السينما الثالث بالأقصر
بقلم سمير
فريد
١٦/
٣/
٢٠١٤
يفتتح اليوم فى الأقصر مهرجان السينما الأفريقية الثالث الذى تنظمه
مؤسسة الفنانين المستقلين برئاسة سيد فؤاد وإدارة عزة الحسينى بدعم
من وزارات الثقافة والسياحة والخارجية وعدة جهات مصرية ودولية
وبالتعاون مع محافظة الأقصر. وهو مهرجان يلبى حاجة حقيقية، وهى دعم
العلاقات الثقافية مع دول حوض النيل ودول أفريقيا السوداء،
بالإضافة إلى الدول العربية الأفريقية، والتأكيد على أن مصر
أفريقية أيضاً، وليست عربية أو إسلامية أو بحر متوسطية فقط، ولا
يخفى أن من الغرائب التى تصل إلى درجة الحماقة أن يكون هناك بلد
متعدد الأبعاد مثل مصر، ويكتفى ببعد واحد!
أفريقيا هى أقل قارات العالم إنتاجاً للأفلام، وأقلها من حيث أعداد
دور العرض السينمائى واستديوهات السينما. وأغلب جهات إنتاج ودعم
الأفلام الأفريقية أوروبية، خاصة من الدول التى كانت تحتل أفريقيا
السوداء وأفريقيا العربية، والتى لاتزال تحاول احتلالها ثقافياً
بعد أن تحررت سياسياً، وبينما تعنى السياسات السينمائية فى دول
شمال أفريقيا العربية، خاصة المغرب بدعم إنتاج وتوزيع الأفلام
الأفريقية، لا تعنى هذه السياسات فى مصر، والتى تملك أعرق وأكبر
صناعات السينما فى القارة بأن يكون لها أى دور، ويكفى أن شاشات مصر
لم تشهد عرض أى فيلم أفريقى على الإطلاق منذ أن بدأ الإنتاج
السينمائى الأفريقى فى ستينيات القرن الماضى!
مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية يجب أن يكون الخطوة الأولى نحو
تغيير السياسات السينمائية فى مصر عموماً وتجاه أفريقيا خصوصاً.
وقد بدأ المهرجان بعد الثورة، وكان من ثمارها، وبقى أن تصل الثورة
إلى السياسات السينمائية، فالمسألة ليست عروضاً للأفلام ومناقشات
واحتفالات وحفلات فقط، إنما أفعال تؤدى إلى تغيير الواقع بدعم
إنتاج وتوزيع وعرض الأفلام الأفريقية فى مصر، ودعم توزيع وعرض
الأفلام المصرية فى أفريقيا.
ولا يحتاج الأمر إلى أموال طائلة، وإنما إلى صندوق لا تتجاوز
ميزانيته عشرة ملايين دولار أمريكى سنوياً يتبع قواعد الصناديق
الأوروبية. وعائدات هذا الصندوق غير المباشرة ربما تتجاوز المائة
مليون دولار على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية على المدى
المتوسط والمدى البعيد. كل الدول الأفريقية المنتجة للسينما تشترك
فى مهرجان الأقصر الثالث، وأكثر من مائة سينمائى أفريقى يحلون
اليوم ضيوفاً على مصر، ومرحباً بهم.
ليلة فى معهد جوته عن السينما المصرية الجديدة بعد الثورتين
بقلم سمير
فريد
١٣/
٣/
٢٠١٤
المراكز الثقافية الأجنبية فى أى بلد لها دور مهم يتحقق عندما تصبح
غير أجنبية فعلياً، وإن ظلت أجنبية من الناحية القانونية، أى عندما
يصبح المركز جزءاً فاعلاً فى الحياة الثقافية الوطنية، ومتفاعلاً
مع الثقافة الأجنبية التى يمثلها المركز.
ومن بين المراكز الثقافية الأجنبية فى مصر التى تحقق ذلك يأتى فى
المقدمة المركز الثقافى الفرنسى ومعهد جوته الألمانى. وقد اختتم
أمس الأول، فى معهد جوته بالقاهرة «أسبوع جوته السينمائى» الذى
عرضت بعض أفلامه فى المركز الفرنسى، وأقيم بالتعاون بين المركزين.
وكان أسبوعاً حافلاً عرضت فيه مجموعة مختارة من الأفلام الألمانية
والمصرية من مختلف الأطوال والأجناس.
وفى ليلة رائعة من ليالى الأسبوع عرض من القاهرة الفيلم التسجيلى
«أم أميرة» إخراج ناجى إسماعيل، الذى عرض لأول مرة فى مسابقة
مهرجان برلين الشهر الماضى، ومن الإسكندرية الفيلم التسجيلى «١٧
شارع فؤاد» إخراج أحمد نبيل فى عرضه الأول، وكلاهما من الأفلام
القصيرة، وكلاهما من السينما المصرية الجديدة التى تولد بعد
الثورتين اللتين قام بهما الشعب المصرى من أجل الحرية
والديمقراطية، وتعبران عنهما فى العمق وبعمق وجمال الثورة من أجل
الإنسان ولتغيير الواقع حتى يعيش حياة أفضل. وهذان الفيلمان عن
الإنسان المصرى، فالبشر الذين نراهم ونستمع إليهم فى الفيلمين
يتصرفون ويتحدثون على نحو لا يرى ولا يسمع إلا فى مصر. وهذه
الخصوصية، أو الروح المصرية الخالصة التى نجح المخرجان الشابان فى
الإمساك بها هى ما يميزهما، وتمتاز بها سينما ما بعد الثورة، ولا
غرابة فى ذلك وهى الثورة التى فجرها الشباب ليصنعوا مستقبلهم كما
يريدون لأنفسهم وأولادهم. وقد أهدى أحمد نبيل فيلمه إلى ولديه
التوأم.
سبق أن نشرت تحليلاً لفيلم «أم أميرة» عندما شاهدته فى مهرجان
برلين («المصرى اليوم» عدد ١١ فبراير الماضى) ويستحق «١٧ شارع
فؤاد» التحليل أيضاً، وما هذه السطور سوى تعبير عن تلك الليلة
الرائعة، وتحية إلى معهد جوته الذى عرض الفيلمين لجمهوره، وإلى
وزارة الثقافة التى دعمت إنتاج «١٧ شارع فؤاد». إنه فيلم إسكندرانى
بقدر ما يعتبر «أم أميرة» قاهرياً، وكلاهما مصوران فى وسط المدينة،
وإن اختلف الأسلوب اختلافاً تاماً، وقيمة أى عمل فنى فى أن يكون له
أسلوب يميزه ويمتاز به.
«أم أميرة» امرأة مصرية من الصعيد تبيع البطاطس المقلية فى
القاهرة، وإدوارد رجل مصرى من أصول أرمينية يصنع ويصلح ويبيع
الأحذية فى الإسكندرية، ومحله ١٧ شارع فؤاد. فى الفيلم الأول رائحة
الشوارع الخلفية فى وسط القاهرة، وفى الفيلم الثانى رائحة الشوارع
الكبرى فى وسط الإسكندرية، ورائحة الإسكندرية القديمة «الكوزمو
بوليتانية» التى ولت، ولكن من دون حنين إلى الماضى على حساب الواقع
المعاش اليوم.
اليوم «وجده» فى افتتاح «زاوية»
بقلم سمير
فريد
١٢/
٣/
٢٠١٤
تشهد السينما فى مصر، اليوم، حدثين مهمين فى سينما أوديون بوسط
القاهرة: الأول افتتاح «زاوية»، والثانى فيلم «وجده» الذى يعرض فى
الافتتاح، أو قل إنه حدث مزدوج، بل متعدد الأبعاد والدلالات.
تعرف الكثير من دول أوروبا والعالم دوراً للعروض السينمائية باسم
«دور الفن والتجربة» أو «دور الفن»، وهى دور قليلة المقاعد تعرض
للجمهور بتذاكر التجارب السينمائية الجديدة التى ليس لها جمهور
كبير بحكم أنها جديدة، أو تأتى من بلاد ليس لأفلامها جمهور كبير،
أو ليس لها جمهور، لأنها لا تعرض، وكيف يصبح لها جمهور وهى لا
تعرض؟!
وقد كانت «سينما كريم ٢» فى منتصف ثمانينيات القرن الميلادى الماضى
أول دار سينما من هذا النوع فى مصر، ولكنها لم تستمر طويلاً، ولعل
سينما «زاوية» التى تفتتح اليوم، وهى إحدى شاشات مجمع أوديون لشركة
مصر العالمية «يوسف شاهين وشركاه»، وتنتمى إلى نفس النوع، تحقق
النجاح المنشود الذى يجعلها تستمر، بل تتحول إلى زوايا فى كل مدن
مصر، فالجمهور الذى يحب التجديد فى الفن، والذى يرغب فى معرفة
سينمات ثقافات لا يعرفها موجود، وأزعم أنه كبير، ولكن لابد من
سياسات تسويق تجعله يخرج ويذهب إلى حيث يحب ويحقق رغبته.
ووراء هذا المشروع الثقافى الكبير المنتجة والموزعة والمخرجة
ماريان خورى، وبه تحقق أحد أحلام خالها فنان السينما المصرى
العالمى الكبير يوسف شاهين «١٩٢٦-٢٠٠٨»، والذى يحضر بروحه اليوم
افتتاح هذه الزاوية، وقد كان من الأوفق أن تسمى «نافذة»، لأن كلمة
زاوية كما هو معروف لها ظلال لغوية تعنى التضييق والحشر، بينما هى
نافذة تعنى الانفتاح والرحابة والاتساع لكل أفلام العالم.
وكم كان قرار ماريان خورى بأن يكون فيلم افتتاح الزاوية الفيلم
الألمانى «وجده» إخراج السعودية هيفاء المنصور، والذى كان عرضه
الأول فى مهرجان فينسيا، وحقق نجاحاً لافتاً فى العديد من دول
العالم على جميع الأصعدة، وهو فيلم جميل وممتع، ودخل تاريخ السينما
كأول فيلم روائى طويل يصور فى السعودية، ولمخرجة من السعودية، ومع
الأسف لم يعرض فى السعودية لعدم وجود دور للعرض السينمائى بها،
ولكنه سيعرض يوماً عندما تنتصر قوى التقدم والحداثة فى هذا البلد
الكبير، ويا عشاق السينما اذهبوا إلى الزاوية وافتحوا النافذة.
الموت يحصد عبادة كحيلة وعزازى على عزازى وحسين جمعة ونادية هارون
بقلم سمير
فريد
١١/
٣/
٢٠١٤
لا يعرف كثر من القراء هذه الأسماء، ربما ماعدا عزازى على عزازى
بعد أن أصبح محافظاً للشرقية بعد الثورة، واستقال عندما انتصرت
الثورة المضادة وتولى الإخوان الحكم، ولكن لكل منهم دور يستحق أن
يذكر به دائماً، رحمهم الله جميعاً.
توفى عبادة كحيلة يوم الأحد ٢ مارس، ولا أستطيع أن أضيف خيراً مما
كتبه عنه الزميل الكبير عبدالعال الباقورى فى مقاله الأسبوعى
بجريدة «الجمهورية» يوم الخميس، وأحيل القراء إلى هذا العدد
لقراءته. وقد اقتربت من عبادة عندما كنا ننشر معاً فى مجلات وزارة
الثقافة من أواسط الستينيات حتى أوائل السبعينيات، ووجدت فيه
باحثاً نموذجياً فى التاريخ يتميز بالدقة والصرامة والجدية
والوطنية الصافية، ولذلك لم يكن غريباً أن ينال درجة الدكتوراه مع
مرتبة الشرف الأولى فى كلية الآداب جامعة القاهرة عام ١٩٨٣، وأن
يترقى حتى يصبح أستاذاً للتاريخ بها.
ولم يكن غريباً أن يشترك فى تأسيس حركة «كفاية» عام ٢٠٠٤، ويصدر
كتابه «ورقات من الزمن الصعب» عام ٢٠٠٨ ضد نظام مبارك، وأن يؤرخ
للحركة التى بدأت الدعوة إلى الثورة فى كتابه عنها، والذى أصبح
كتابه الأخير الذى صدر فى حياته، ففى المطبعة كتابه «الخصوصية
الأندلسية وأصولها الجغرافية»، وهو من الأندلسيين العتاة.
وفى نفس الأسبوع الحزين توفى يوم الأربعاء عزازى على عزازى الذى لم
يكن يعمل فى السياسة فقط، وإنما كان صحفياً وكاتباً وناقداً للأدب
والشعر، أى المثقف الحقيقى والسياسى الحقيقى. وتوفى يوم الخميس
المخرج المسرحى الكبير حسين جمعة الذى اقتربت منه بحكم أننى مسرحى
فى الأصل، وتخرجت فى معهد المسرح، وكان طموحه من غير حدود، وله
بصمته فى الإخراج المسرحى، والمؤكد أن عمدة مؤرخى مسرحنا عمرو
دوارة سوف يكتب عنه بما يوفيه حقه.
أما نادية هارون التى نودعها فى الحادية عشرة صباح اليوم فى المعبد
اليهودى، بشارع عدلى، فهى من نساء مصر المثقفات اللواتى اشتركن فى
الحركة الوطنية لشباب السبعينيات امتداداً لوالدها المناضل الوطنى
الكبير المحامى شحاتة هارون، وقد عرفتها منذ شبابها المبكر عندما
كنا نذهب إلى مصطفى درويش لنتعلم منه ونستعير الكتب من مكتبته، لأن
منزله فى وسط القاهرة ملاصق لمنزل شحاتة هارون، ونادية هى زوجة
الزميل الناقد والمخرج السينمائى أحمد قاسم ابن الدكتور محمود
قاسم، أحد أساتذة الفلسفة الإسلامية الكبار، وهى والدة الممثل
الشاب الموهوب كريم قاسم. رحم الله الجميع من المسلمين والمسيحيين
واليهود.
منع فى غير وقته وكتاب فى وقته
بقلم سمير
فريد
١٠/
٣/
٢٠١٤
صدر عن الأزهر يوم الخميس الماضى بيان يطالب بمنع الفيلم الأمريكى
«نوح»، إخراج دارين أونوفسكى من العرض فى مصر بعد أن أعلن عن عرضه
ابتداء من ٢٦ مارس الحالى.
استند البيان إلى تحريم الأزهر تجسيد جميع الأنبياء فى السينما
وعلى المسرح واللوحات والتماثيل باعتبار أن ذلك يقلل من قيمتهم،
وعدد الأنبياء فى القرآن الكريم ٢٦ نبياً خاتمهم محمد رسول
الإسلام، عليه الصلاة والسلام، الذى أنزل عليه القرآن ويعبر الأزهر
بصفة عامة عن نظرة السنة، وهم أغلبية المسلمين فى العالم، بينما
تختلف نظرة الشيعة الذين يقبلون تجسيد الأنبياء فى فنون التجسيد.
موقف الأزهر ليس جديداً، وإنما يتجدد مع كل عمل يجسد أحد الأنبياء،
ويحترم العالم هذا الموقف من أمريكا إلى اليابان ومن دون استثناء
أى دولة فى عدم تجسيد رسول الإسلام، ولكن ليس الأنبياء الآخرين،
وبالتحديد من يذكرون فى كتاب اليهود وكتاب المسيحيين وكتاب
المسلمين، أى الذين اتفقت على نبوتهم الكتب السماوية الثلاثة، ولا
يؤخذ على الأزهر المطالبة بمنع فيلم من دون مشاهدته، فهى مسألة
مبدأ، ولكن المشكلة أن المنع من العرض فى دور السينما فى مصر، أو
فى أى دولة فى العالم، لم يعد يعنى منع الفيلم من المشاهدة عبر
وسائل العرض الجديدة ثمرة الثورة التكنولوجية، الثالثة فى تاريخ
الإنسانية بعد الثورتين الزراعية والصناعية.
الكنيسة الكاثوليكية منذ منتصف القرن الميلادى الماضى أسست مراكز
للسينما فى العديد من دول العالم منها المركز الكاثوليكى للسينما
فى مصر لنصح الكاثوليك بمشاهدة أو عدم مشاهدة أى فيلم، وفى الزمن
الذى أصبح فيه المنع مستحيلاً، فإن على الأزهر أن يقتدى بالكنيسة
الكاثوليكية، وينصح بالمشاهدة من عدمها.
وفى نفس يوم الخميس الماضى، وبالصدفة، أصدر الباحث السينمائى الشاب
سامح فتحى كتاباً بعنوان «أنبياء فى السينما العالمية» بمقدمة
للناقد الكبير يوسف شريف رزق الله، يتناول فيه ١٤ فيلماً أنتجت فى
الفترة من عام ١٩٢٧ إلى عام ١٩٦٦ تجسد فيها أنبياء، وأكثر من فيلم
منها صور فى مصر التى تذكر فى كل الكتب السماوية، ومنها فيلم دى
ميل «الوصايا العشر» الذى صور عام ١٩٥٤ بموافقة الرئيس عبدالناصر،
بل التقى الرئيس مع دى ميل فى القصر الجمهورى، وصور الفيلم
التسجيلى الوحيد الذى أخرجه عن توزيع عبدالناصر أراضى زراعية على
الفلاحين الفقراء ليصبحوا من ملاك الأراضى.
شوليندورف أول ضيوف مهرجان القاهرة بفيلمين فى عروض خاصة
والكلاسيكيات
بقلم سمير
فريد
٩/
٣/
٢٠١٤
أعلنت إدارة مهرجان القاهرة السينمائى الدولى الـ٣٦ (٩-١٨ نوفمبر
٢٠١٤) عن اسم أول ضيوف المهرجان، وهو فنان السينما الألمانى
العالمى الكبير فولكر شوليندورف. عبر الفنان عن سعادته بحضور
المهرجان وزيارة مصر للمرة الثانية، وكان قد زارها للمرة الأولى
عام ١٩٧٩ مع الكاتب الألمانى الكبير جونتر جراس (نوبل للأدب) بدعوة
من معهد جوته.
يعرض المهرجان أحدث أفلام شوليندورف «دبلوماسية» فى قسم «عروض
خاصة»، كما تعرض فى قسم «كلاسيكيات الأفلام الطويلة» نسخة جديدة من
فيلمه «بال» الذى أخرجه عام ١٩٦٩ عن مسرحية بريخت فى المرحلة
التعبيرية التى سبقت مرحلة المسرح الملحمى، حيث قام فاسبندر بدور
«بال»، واشترك فى التمثيل هانا شيجولا ومرجريت فون تروت. ونسخة
٢٠١٤ من الفيلم هى النسخة الثانية منذ ١٩٦٩، حيث تمكنت هيلين فيجل،
أرملة بريخت، من منع عرض الفيلم منذ ذلك الحين، وكان من إنتاج
(ألمانيا الغربية) آنذاك، وكانت تعيش فى (ألمانيا الشرقية). وقد
قررت إدارة مهرجان القاهرة إصدار كتاب عن شوليندورف، وكتاب عن
مسرحية «بال» يتضمن ترجمة عربية للنص الكامل، وذلك ضمن سلسلة كتب
المهرجان التى يرأس تحريرها الناقد الكبير كمال رمزى.
شوليندورف الذى ولد ٣١ مارس ١٩٣٩، وتخرج فى معهد «إيديك» للسينما
فى باريس عام ١٩٦٠، وبدأ حياته الفنية مساعداً للإخراج مع ألان
رينيه ولويس مال، أخرج أول أفلامه عام ١٩٦٠م، وفاز بالسعفة الذهبية
فى مهرجان كان عام ١٩٧٩م عن فيلمه «الطبلة الصفيح» عن رواية جراس،
وكان أول فيلم ألمانى يفوز بهذه الجائزة، كما فاز عن الفيلم نفسه
بأوسكار أحسن فيلم أجنبى عام ١٩٨٠، وكان أيضاً أول فيلم ألمانى
يفوز بهذه الجائزة.
وبدأ شوليندورف إخراج الأفلام الروائية الطويلة عام ١٩٦٦ بفيلمه
«تورليس الشاب»، وكان «بال» فيلمه الرابع، ومنها «شرف كاترينا بلوم
المفقود» ١٩٧٥، و«الضربة القاضية» ١٩٧٦، و«المزور» ١٩٨١ الذى صوره
فى لبنان عن الحرب الأهلية التى بدأت ١٩٧٥، و«سوان العاشق» عن
رواية بروست «الزمن المفقود» ١٩٨٤، و«موت بائع متجول» عن مسرحية
أرثر ميللر، وغيرها من الأفلام التى جعلته أحد كبار فنانى السينما
فى ألمانيا وأوروبا والعالم وفى كل تاريخ السينما.
«أحمر
أزرق أصفر» أول فيلم فى مسابقة مهرجان القاهرة السينمائى الدولى
بقلم سمير
فريد
٨/
٣/
٢٠١٤
نظمت الإدارة الجديدة لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى، الذى يعقد
دورته الـ٣٦ من ٩ إلى ١٨ نوفمبر المقبل، أمس الأول الخميس أول
مؤتمراتها الصحفية تحت عنوان «كشف حساب للرأى العام» بعد مرور ٧
شهور على عملها من ٦ أغسطس، وقبل ٦ شهور على آخر موعد لاختيار
الأفلام والضيوف فى ٩ سبتمبر، وإعلان كامل البرامج فى ٩ أكتوبر،
وافتتاح المهرجان فى ٩ نوفمبر.
المواعيد المذكورة جاءت ضمن «دليل العمل» الذى وزع على جميع
الصحفيين فى المؤتمر، والذى يتكون من أكثر من ٢٠٠ صفحة تتضمن مبادئ
عامة، وجميع قرارات مجلس الإدارة الذى تشترك فيه جميع المؤسسات
الحكومية والشعبية المعنية بالسينما فى مصر، ومنها إعادة هيكلة
المهرجان، وإضافة أكثر من ٥٠ فرداً إلى فريق العمل بمتوسط عمر
ثلاثين سنة، ونحو نصفهم من النساء ومن مختلف الأديان والأعراق،
وكلهم يجيدون لغة أجنبية أو أكثر إلى جانب لغة الكمبيوتر، وكلهم
يعرفون مهرجانات السينما الدولية.
كما يتضمن الدليل الميزانيات والمصروفات والإيرادات وجميع الرواتب
والمكافآت والبدلات، إلى جانب اللائحة الجديدة التى أقرها الاتحاد
الدولى للمنتجين فى باريس، وخطة برامج المهرجان وأقسامه العشرة
ومواقعها، وهيكل البرنامج الزمنى باليوم والساعة.
تحدث الناقد جوزيف فهيم، مدير العلاقات الدولية ورئيس البرامج، عن
تمثيل مهرجان القاهرة فى مهرجان صاندانس الأمريكى فى يناير، وتحدث
السينمائى محمد سمير، المدير الفنى، عن تمثيل المهرجان فى مهرجان
برلين فى فبراير، وقدم رئيس المهرجان، كاتب هذه السطور، لدليل
العمل فى ٤٥ دقيقة، وفتح باب الحوار مع الصحفيين لمدة ٤٥ دقيقة
بحضور خالد السرجانى، مدير المركز الصحفى، وجميع العاملين فيه
ومديرى أقسام الصحافة المصرية والعربية والأجنبية وصحافة الراديو
والتليفزيون.
أُعلن فى المؤتمر عن أول فيلم تم اختياره للعرض فى المسابقة
الدولية، وهو الفيلم التسجيلى الإماراتى الطويل «أحمر أزرق أصفر»
إخراج نجوم الغانم عن الفنانة التشكيلية الإماراتية نجاة مكى، ومن
الجدير بالذكر أن لائحة المهرجان الجديدة تتضمن لأول مرة بعد ٣٥
دورة من دورات المهرجان عرض الأفلام التسجيلية والأفلام التشكيلية
«التحريك» فى جميع برامج المهرجان، بما فى ذلك المسابقة الدولية،
وفيلم نجوم الغانم بذلك يصبح أول فيلم تسجيلى يتم اختياره
للمسابقة، وأول فيلم إماراتى يعرض فى مسابقة دولية، كما أعلن عن
إقامة معرض مختارات من لوحات نجاة مكى أثناء إقامة المهرجان.
غياب آلان رينيه أحد كبار المبدعين فى تاريخ السينما
بقلم سمير
فريد
٦/
٣/
٢٠١٤
فقدت فرنسا والعالم يوم الأحد الماضى فنان السينما، آلان رينيه «٣
يونيو ١٩٢٢- ٢ مارس ٢٠١٤» أحد كبار المبدعين فى تاريخ السينما،
والذى ظل يعمل حتى العام الماضى بعد أن تجاوز التسعين، وأخرج فيلمه
«حياة رايلى» الذى أصبح الأخير، ولم يتمكن لمرضه من حضور عرضه
العالمى الأول فى مهرجان برلين منذ أسبوعين حيث عرض فى المسابقة
وفاز بالجائزة التى تحمل اسم ألفريد باور مؤسس المهرجان.
جاء الفيلم الجديد تجربة جديدة فى العلاقة بين المسرح والسينما،
ولكنه لم يصل إلى مرتبة التحفة التى وصل إليها فى فيلميه السابقين
«العشب البرى» ٢٠٠٩، و«لم تر شيئاً بعد» ٢٠١٢، واللذين عرضا فى
مسابقة مهرجان كان، وكان كل منهما جديراً بالفوز بالسعفة الذهبية،
ولكن مع الأسف لم تدرك لجنة التحكيم فى المهرجانين قيمة الفيلمين
وينطبق على رينيه القول الشائع لا يكرم نبى فى وطنه، فلم يفز
بالسعفة الذهبية فى مهرجان بلاده، بل رفض المهرجان عرض فيلمه
الروائى الطويل الأول «هيروشيما حبيبتى» عام ١٩٥٩ عن سيناريو
مرجريت دورا، والذى أصبح من كلاسيكيات السينما بعد ذلك، بينما فاز
بالأسد الذهبى فى مهرجان فينسيا فى إيطاليا عن فيلمه الثانى
««العام الأخير فى مارينباد» عام ١٩٦٣ عن سيناريو آلان روب جرييه.
هوى رينيه الفنون منذ صباه، وأخرج أول أفلامه القصيرة عام ١٩٣٦،
وبعد الحرب العالمية الثانية «١٩٣٩- ١٩٤٥» عرف بأفلامه التسجيلية
القصيرة مثل فيلمه عن فان جوخ عام ١٩٤٨، وعن جوجان ١٩٥٠، وعن دار
الكتب فى باريس ١٩٥٦، وكان مع جودار وتروفن ومال وشاربول من مؤسسى
حركة الموجة الجديدة الفرنسية فى أواخر الخمسينيات، وتميز عنهم
باهتمامه بالأدب حتى إنه يعتبر ممثل حركة الرواية الجديدة الفرنسية
فى السينما، ووراء اتجاه مرجريت دورا وآلان روب جرييه إلى الإخراج
السينمائى.
بين فيلميه الأولين من الأفلام الروائية الطويلة وأفلامه الثلاثة
الأخيرة، أخرج رينيه «مورييل» ١٩٦٣، «الحرب انتهت» ١٩٦٦، «أحبك،
أحبك» ١٩٦٨، «ستافسكى» ١٩٧٤، «القدر» ١٩٧٦، «عمه الأمريكى» ١٩٨٠،
«الحياة رواية» ١٩٨٣، «الحب والموت» ١٩٨٤، «ميلو» ١٩٨٦، «الذهاب
إلى المنزل» ١٩٨٩، «تدخين لا تدخين» ١٩٩٣، «نفس الأغنية القديمة»
١٩٩٧، «ليس على الشفاه» ٢٠٠٣، وأفلام رينيه الـ١٨ الروائية الطويلة
إلى جانب أفلامه القصيرة تشكل صفحة خاصة لن تطوى أبداً من تاريخ
السينما.
«١٢
سنة عبداً» أوسكار أحسن فيلم و«جاذبية الأرض» أحسن إخراج
بقلم سمير
فريد
٥/
٣/
٢٠١٤
أعلنت مساء الأحد بتوقيت لوس أنجيليس جوائز مسابقة الأكاديمية
الأمريكية للفنون والعلوم السينمائية لسينما عام ٢٠١٣، وأغلق قوس
سينما هذه السنة. فاز «١٢ سنة عبداً» إخراج ستيف ماكوين بجائزة
أوسكار أحسن فيلم وأحسن سيناريو عن أصل أدبى «جون ريدلى» وأحسن
ممثلة فى دور ثان «لوبيتا نيونجو».. وكان قد عرض لأول مرة فى
العالم فى مهرجان تورونتو ولأول مرة فى العالم العربى فى مهرجان
دبى ورشح لـ٩ جوائز أخرى.
ومن اللافت أن هذه هى المرة الـ٢٣ فى تاريخ المسابقة التى عقدت
دورتها الـ٨٦ هذا العام التى لا يفوز فيها الفيلم الفائز بأحسن
فيلم بجائزة أحسن إخراج. وهذا بسبب أن جوائز الأوسكار انتخابات بين
أعضاء الأكاديمية الذين وصل عددهم إلى ٦ آلاف و٢٨ عضواً أكبرهم
عدداً الممثلون «١١٦٧» بنسبة ١٩ فى المائة، وأقلهم عدداً المخرجون
«٥٤» بنسبة واحد فى المائة. وأعضاء الأكاديمية غير أعضاء النقابات،
وإن كانوا يختارون من بين أعضاء هذه النقابات.
أكبر عدد من الجوائز «٧» فاز بها «جاذبية الأرض» الذى عرض لأول مرة
فى افتتاح مهرجان فينسيا، وهى جوائز أحسن إخراج «ألفونسو كورون»
وأحسن تصوير ومونتاج صورة ومونتاج صوت وميكساج صوت ومؤثرات بصرية
وموسيقى، وكان قد رشح لـ١٠ جوائز، العدد الأكبر لفيلم واحد هذا
العام، وحصل على نفس العدد من الترشيحات «الاحتيال الأمريكى»،
ولكنه لم يفز بأى جائزة مثل «كابتن فيليبس» و«نبراسكا» اللذين رشح
كل منهما لـ٦ جوائز، و«ذئب وول ستريت» و«فيلومينا» اللذين رشح كل
منهما لـ٥ جوائز.
جوائز الأفلام الروائية الطويلة الـ١٧، فازت ٥ أفلام أخرى، وهى
«نادى دالاس للمشترين» «٣» أحسن ممثل «ماثيو ماكونجى» وأحسن ممثل
فى دور ثان «جارد ليتو» وأحسن ماكياج وتصفيف شعر، و«جاتسبى العظيم»
الذى عرض لأول مرة فى افتتاح مهرجان كان «٢» أحسن تصميم إنتاج
وديكور وأحسن تصميم أزياء»، و«الياسمين الأزرق» «أحسن ممثلة كيت
بلانشيت»، و«هى» أحسن سيناريو أصلى «سبايك جونز».
وفاز بجائزة أحسن فيلم «أجنبى»، أى غير ناطق بالإنجليزية الفيلم
الإيطالى «الجمال الكبير» إخراج باولو سورنيتينو، والذى عرض لأول
مرة فى مسابقة مهرجان كان ولم يفز بأى جائزة، وعرض لأول مرة فى
العالم العربى فى مهرجان دبى.
ورغم عدم فوز أى من الأفلام العربية الثلاثة التى رشحت لأوسكار
أحسن فيلم أجنبى «عمر» وأحسن فيلم تسجيلى طويل «الميدان»، وأحسن
فيلم تسجيلى قصير «كرامة بلا جدران»، فإن هذا لا يغير من حقيقة أن
وصول هذه الأفلام إلى مرحلة الترشيحات النهائية حدث كبير وغير
مسبوق فى تاريخ الأوسكار وفى تاريخ السينما العربية سوف يذكر
دائماً للفلسطينى هانى أبوأسعد مخرج «عمر»، والمصرية جيهان نجيم
مخرجة «الميدان»، واليمنية سارة إسحاق مخرجة «كرامة بلا جدران».
ولكن القضية ليست ضياع الحب
بقلم سمير
فريد
٤/
٣/
٢٠١٤
فى تقرير الزميلة وفاء بكرى عن تصريحات رئيس مجلس الوزراء الجديد
المهندس إبراهيم محلب، والمنشور فى «المصرى اليوم» عدد أمس الأول،
كان من بين التصريحات قوله إنه فوجئ بعدد كبير من الشخصيات التى
قام بترشيحها لتولى حقائب وزارية لا يقدمون رؤية جديدة، وكل هدفهم
«الضرب فى زملائهم» وأن «الحب قد ضاع فى مصر».
أؤيد تماماً اختيار المهندس إبراهيم محلب لرئاسة مجلس الوزراء، وقد
نشرت فى هذا العامود يوم ٢٣ أكتوبر الماضى: «أغلب وزراء حكومة
الببلاوى لا يتصرفون باعتبارهم (مؤقتين) وهذا هو الموقف الوطنى
الصحيح. فما دام الوزير يملك سلطاته كاملة عليه أن يتصرف وكأنه باق
أبداً ويستخدمها للصالح العام، وانظر إلى إبراهيم محلب، وزير
الإسكان، أو مختار جمعة، وزير الأوقاف، على سبيل المثال، تجد كلا
منهما فى مجال تخصصه قد غير الواقع بالفعل، وإذا لم تؤد الثورة إلى
تغيير الواقع تكون قد فشلت حتى لو أصبح لدينا أعظم دستور فى
العالم».
أكتب هذا المقال لأن اسمى تردد من بين المرشحين لتولى وزارة
الثقافة، بل نشرت بعض الصحف والمواقع وأذاعت بعض البرامج أن
المهندس محلب التقى معى بالفعل، وهذا لم يحدث، ولم يتصل بى أحد
لتحديد موعد أصلاً، وذلك حتى أنفى عن نفسى أننى كنت من الذين قاموا
بـ«الضرب فى زملائهم»، على حد تعبير رئيس مجلس الوزراء، والذى كان
صدمة لى ولغيرى.
ولكن الخبر لم يأت من فراغ، وقد علمت أن موعداً تحدد للاجتماع،
ولكن قبل أن يتم الاتصال بى جاءت اعتراضات ممن يعتبرون أنفسهم
يمثلون الثقافة والمثقفين فى مصر، فألغى الموعد، وكانت الاعتراضات
أننى لم أشترك فى «الاعتصام» مع الذين اعتصموا فى مكتب وزير
الثقافة ضد الوزير الإخوانى قبل ثورة ٣٠ يونيو، وأننى كنت ضد
الاعتصام فى مكتب وزير الثقافة، وقلت إنه مثل اعتصام الإخوان أمام
المحكمة الدستورية العليا.
وكل هذا صحيح، ولكن قول نصف الحقيقة كذب أيضاً، فموقفى ضد الإخوان
وضد الإسلام السياسى موثق فى مئات المقالات منذ عقود طويلة، وكنت
مع الاعتصام، ولكن فى ساحة الأوبرا أو أى مكان لا يعطل الحياة
اليومية للمواطنين، تماماً كما كان موقفى بعد ذلك من اعتصام رابعة
العدوية، وكنت فى رفض الاعتصام فى مكتب الوزير أو أمام المحكمة
الدستورية العليا أدافع عن الدولة، ممثلة فى رموزها، وفى رفض
الاعتصام فى رابعة العدوية أدافع عن حق آلاف المواطنين فى ممارسة
حياتهم اليومية كما يريدون، وليس كما يريد المعتصمون.
قال شابلن عند إنشاء إسرائيل لقد تسلل السم من الجلاد النازى إلى
الضحية اليهودية فأصبحت جلاداً بدورها تبحث عن ضحية ستكون هى الشعب
الفلسطينى وقد تسلل السم الإخوانى إلى بعض معارضيهم أيضاً، فأصبحوا
يرفضون الرئيس السابق مرسى، لأن مكتب الإرشاد كان الحاكم الحقيقى،
ويوافقون فى نفس الوقت على أن يكونوا مكتب إرشاد لهذا الوزير أو
ذاك، القضية ليست ضياع الحب، وإنما ضياع الدولة الذى أدى إلى
الثورة من أجل استرداد الدولة.
هذا المقال: بيان تاريخى عن جيل
بقلم سمير
فريد
٣/
٣/
٢٠١٤
نشر الناقد السينمائى والصحفى أحمد فايق مقالاً فى جريدة «الفجر»
الأسبوعية عدد الخميس الماضى، هو نص أدبى ممتع وبيان تاريخى
«مانيفيستو» عن جيل كامل من شباب مصر. إنه جيل الثمانينيات الذى
ولد مع تولى حسنى مبارك الحكم عام ١٩٨١ وقاد الثورة عليه عام ٢٠١١،
والذى ينتمى إليه أحمد فايق، ومن الطبيعى والمنطقى أن يعبر عن جيله
أفضل من أن يعبر عنه أى كاتب آخر من أى جيل آخر.
كنت فى انتظار هذا المقال البيان، كما كنت فى انتظار فيلم أحمد نور
«موج»، أو البيان السينمائى عن جيل الثورة، وقد شاهدت «موج» فى
ديسمبر وقرأت مقال فايق فى فبراير، وكلاهما على مستوى رفيع من حيث
التعبير، وأكدا لى صحة موقفى من أول يوم، حيث أيدتها من دون
تحفظات، ولكنى قلت إنها ليست ثورتى لأننى أنتمى إلى جيل الستينيات،
وكانت ثورتى فى ١٩٦٨ وليس فى ٢٠١١، وليس من حقى إلا التأييد
والمساندة لثورة الأجيال التالية من جيل السبعينيات إلى جيل العقد
الأول من القرن الميلادى الجديد. لا يعقل أن يجثم جيل واحد على
أنفاس أربعة أجيال.
كان محمد رمضان من ضحايا حادث سانت كاترين، وهو شاب تخرج فى المعهد
العالى للسينما بالجيزة عام ٢٠١٠ بعد أن تخرج فى كلية الهندسة، ولم
يخرج سوى فيلم واحد قصير بعنوان «حواس» كان فيلم تخرجه فى المعهد.
وعنوان مقال أحمد فايق «المذنبون: هؤلاء قتلوا محمد رمضان»، ومن
الضرورى قراءة المقال بالكامل، ولكنى أعيد هنا فقط بداية المقال
لتأكيد الدعوة إلى قراءته وهى:
«هل تعرف شيئاً عن محمد رمضان؟ هذا يتوقف على ثقافتك، وهو بالنسبة
لك لو كنت فلولً (عيل ثورجى) ذهب إلى الجبل مع بنات ومات دون أى
مسؤولية تقع على أحد، والبعض يحاول التجارة به، ويحاول استخدام
موته فى النيل من هيبة الدولة وفخامة الشرطة ووقار القوات المسلحة
أما إذا كنت إخوانجى فهو بالنسبة لك شاب ارتكب فسقاً كثيراً
بالنزول للشارع يوم ٣٠ يونيو فتلقى العقاب الإلهى. لو كنت إنساناً
فلن ترى سوى أن محمد رمضان مثله مثلهم جميعاً، عيناه تحملان نفس
البريق، وجهه يحمل نفس الابتسامة، قلبه يحمل نفس الطيبة. إذا وضعت
صورته بجوار صور الحسينى أبوضيف ومينا دانيال وخالد سعيد باحثاً عن
الاختلافات فلن تجدها. إنهم جيل الثمانينيات (المستعجل على موته)
الجيل الذى لن تستطيع أن تفهمه إذا كنت (فل) أو إخوانجى أو سلفى أو
تنتمى لطبقة المصالح التى تمتص دماء المصريين وتنهب قوتهم». وختام
المقال البيان «رفض المشاركة فى الاستفتاء الأخير على الدستور من
باب أنه ضد كل الفاشيات سواء مباركية أو إخوانية أو عسكرية. محمد
رمضان مات يا مصر فهل من قربان آخر للوطن؟».
إذا لم يكن أسامة الغزالى حرب هو المثقف فمن هو المثقف؟!
بقلم سمير
فريد
٢/
٣/
٢٠١٤
الثورة تستهدف التغيير، وفى المراحل الانتقالية بعد الثورات على
طريق التغيير، تبدو البدهيات وكأنها اكتشافات، ومنها أن المثقف ليس
رتبة ولا مهنة، وإنما هو المهنى الذى تتجاوز معرفته حدود مهنته،
وتتجاوز اهتماماته ما هو ذاتى إلى ما هو عام يتعلق بالوطن الذى
يعيش فيه والشعب الذى ينتمى إليه، أى أنه قد يكون طبيباً أو
محاسباً، محامياً أو قاضياً، معلماً أو مهندساً، فناناً أو أديباً،
وغيرها من المهن والأعمال.
والمثقفون بهذا المعنى هم طليعة أى مجتمع وفى كل زمان ومكان، وهم
الذين يؤسسون الأحزاب السياسية فى النظم الديمقراطية، ويتداولون
السلطة عبر هذه الأحزاب فى الانتخابات، فهم الحكام فى تلك النظم.
أما فى النظم الديكتاتورية فهم إما أبواقاً للديكتاتور يجندون
معرفتهم لخدمته ويشتركون معه فى نهب ثروة الشعب، وإما يعارضون
الديكتاتور ويعانون فى حياتهم أو يموتون فى معتقلاته، ولكل اختياره
ولكل اختيار ثمنه.
وقد شاع فى مصر أن المثقف هو الأديب أو الفنان، وهو مفهوم خاطئ أدى
إلى شيوع مفاهيم خاطئة أخرى، مثل أن الثقافة هى الفنون والآداب،
وأن وسائل الثقافة هى الكتاب والمسرح والسينما والمعرض، بينما
ثقافة أى شعب هى أسلوبه فى التفكير والتعبير والقيم التى يؤمن بها،
ووسائل الثقافة تتضمن المدرسة والجامعة والمعبد والصحيفة والراديو
والتليفزيون، وكل الوسائل التى تصنع الوعى.
ومن بين أهم أسباب شيوع هذه المفاهيم الخاطئة، إن لم يكن السبب
الأساسى، إنشاء وزارة باسم الثقافة منذ نصف قرن ويزيد، بينما هى
عملياً وزارة للفنون والآداب، ويستحيل فى أى بلد اعتبار أن الثقافة
مسؤولية وزارة، وأحدث دليل على ذلك عندما رُشح أسامة غزالى حرب
وزيراً للثقافة مساء الأربعاء الماضى، ووافق، ولكن خرج من يقول إنه
ليس من المثقفين، وإنما من السياسيين، وكأن هناك مثقفاً من دون
موقف سياسى، أو سياسياً غير مثقف، وتراجع رئيس الحكومة المكلف
بتشكيلها وقال إنه لا يستطيع مخالفة «أصحاب المكان» وكأن لكل وزارة
«أصحاب»!
عندما ألغيت وزارة الثقافة عام ١٩٨٠ وأصبحت وزارة دولة، نشرت
مقالاً فى «الجمهورية» بعنوان «ثقافة من دون وزارة أفضل من وزارة
من دون ثقافة» ففى العصر الليبرالى فى النصف الأول من القرن
العشرين، والذى مازلنا نعيش على ثماره، كانت الثقافة المصرية
مزدهرة ومؤثرة إقليمياً ودولياً، ولم تكن هناك وزارة للثقافة،
وأسامة الغزالى حرب نموذج للمثقف بالمعنى الصحيح لهذه الكلمة،
ومناسب تماماً لتولى العديد من الوزارات من الخارجية إلى التعليم،
ومن الإعلام إلى الفنون والآداب، بل ورئاسة مجلس الوزراء ورئاسة
الجمهورية. ومشكلته الوحيدة أنه ليبرالى حقيقى يؤمن بالحرية
والديمقراطية، ورغم أن الثورة لم تطالب سوى بالحرية والديمقراطية،
فإن الطريق طويل للوصول إليهما.
مخرجتان من مصر واليمن ومخرج من فلسطين على مسرح الأوسكار غداً
بقلم سمير
فريد
١/
٣/
٢٠١٤
مسابقة الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم السينمائية التى تنظم
سنوياً فى لوس أنجلوس، والمعروفة باسم الأوسكار، التمثال الذهبى
رمز جوائزها، هى أعرق وأشهر وأهم جوائز السينما فى العالم، وقد
بدأت محلية للأفلام الأمريكية عام ١٩٢٧، ولكنها تحولت إلى مسابقة
دولية بمواصفات خاصة مثل كل شىء فى أمريكا، وأصبحت تعادل جوائز
نوبل فى الأدب.
تعلن جوائز أوسكار ٢٠١٤ غداً، ويشهد الحفل الذى يشاهده الملايين
حول العالم، ولا يقارن إلا بحفل افتتاح الأوليمبياد أو كأس العالم
لكرة القدم، ولأول مرة منذ أن عرف العرب السينما، تنافس ثلاثة
سينمائيين عرب للفوز بالأوسكار، بعد أن وصلت أفلامهم إلى التصفية
النهائية للترشيحات «٥ أفلام»، والترشح للأوسكار قيمة فى ذاته، فما
بالك بالفوز.
والأفلام الثلاثة هى الفيلم الفلسطينى الروائى الطويل «عمر» إخراج
هانى أبوأسعد، والمرشح للفوز بجائزة أحسن فيلم «أجنبى»، أى ناطق
بغير اللغة الإنجليزية، وهذه هى المرة الثانية التى يرشح فيها فيلم
للمخرج الفلسطينى الكبير لهذه الجائزة، بعد فيلمه «الجنة الآن» عام
٢٠٠٥، وكان أول مخرج عربى يصل إلى هذه المرتبة الرفيعة فى السينما
العالمية.
والفيلمان الآخران من الأفلام التسجيلية، وهما المصرى الأمريكى
«الميدان» إخراج المصرية جيهان نجيم، المرشح لأوسكار أحسن فيلم
تسجيلى طويل، واليمنى البريطانى الإماراتى «كرامة بلا جدران» إخراج
اليمنية سارة إسحاق، المرشح لأوسكار أحسن فيلم تسجيلى قصير، ومن
إنتاج ستارة فيلمز «سارة إسحاق» وهوت سبوت فيلمز «أسعد طه»، وكلا
الفيلمين من أفلام سينما الربيع العربى الذى يغير المنطقة والعالم
بأسره منذ بداية عام ٢٠١١.
«الميدان» عن ثورة مصر التى بدأت فى ٢٥ يناير ٢٠١١، وكان مسرحها
الرئيسى ميدان التحرير فى وسط القاهرة، و«كرامة بلا جدران» عن ثورة
اليمن التى بدأت فى ٣١ يناير ٢٠١١، وكان مسرحها الرئيسى ميدان
التغيير فى وسط صنعاء، وموضوع الفيلم اليمنى أحداث الجمعة ١٨ مارس
٢٠١١، التى وصلت فيها المواجهة بين الثوار ونظام صالح، بعد ٣٣ سنة
من الديكتاتورية، إلى ذروتها الأولى، وعرفت باسم «جمعة الكرامة»،
ومن هنا استمد الفيلم عنوانه.
«كرامة بلا جدران» (٢٦ دقيقة) من إنتاج ٢٠١٢، أول فيلم لمخرجته
التى درست فى أدنبرة العلوم السياسية وتخرجت فى ٢٠٠٧، ثم درست
السينما فيها وتخرجت فى ٢٠١٢، وقامت بتغطية أحداث ثورة اليمن لشبكة
«بى. بى. سى» البريطانية، وكل صناع الفيلم من السينمائيين الشباب
فى اليمن، وهم مدير التصوير أمين الجابرى، والمونتير أمير حمدانى،
ومصمم شريط الصوت على موراى، والمصوران نصر النامير وخالد راجح،
ومساعد الإخراج الأول عبدالرحمن حسين، إنهم يصنعون التاريخ فى
السينما كما تصنع الشعوب التاريخ على أرض الواقع.
samirmfarid@hotmail.com |