أهم ظواهر السينما المصرية .. 1
عهد عبد الناصر
حسن عادل
منذ أول عرض سينمائي في العالم عام 1895 علي يد الإخوان لومير
بمقهى في أحد أحياء باريس والسينما تأخذ دورًا محوريًا في ثقافة
وعقول الشعوب، بدايةً من نقل وتصوير ثقافات الشعوب، ومرورًا
بالانتقاد والسخرية وتحريك الفكر، ووصولًا لأن تصبح مؤرخًا للفترات
الأخيرة من عمر الأمم.
وخلال 100 عام من التطور، شهدت السينما المصرية مراحل عديدة كانت
مؤثرة بشكل أو بآخر في مسيرة الإنتاج السينيمائي.
بدايةً من عام 1896 حيث أول عرض سينمائي في مصر، أي بعد عام واحد
من ظهور السينما بباريس، وكان ذلك في مدينة الإسكندرية بعد وصول
جهاز السينماتوغراف إليها، وكان طبيعيًا بما أن اغلب مصوري الشرائط
السينمائية وقتها فرنسيين أن تكون أسماء العروض المقدمة “مساقط
مياه الراين في شافوز” و “وصول القطار إلى محطة ليون”.
ثم كان عام 1907 والذي شهد تصوير أول شريط سينما على يد مصورين
مصريين (عزيز ودوريس)، وممما تحفظه ذاكره السينما من أسماء شرائط
لهما “زيارة الجناب العالي”، “استيقاظ الصياد” وغيرهم، الأمر الذي
أدى للتوسع في إنشاء دور العرض، وبشكل خاص في القاهرة والإسكندرية
للتناسب مع الإقبال الشديد من الجمهور.
مرورًا بعام 1910 حيث ميلاد أول شركة إنتاج سينمائي بمصر وتدعي
“الشركة السينمائية الإيطالية” ومديرها المصور أمبرتو دوريس، وكان
هدف الشركة إنتاج أفلام روائية قصيرة، وبالفعل كان من نتاجها أفلام
كـ “شرف البدوي” و “الأزهار المميتة”.
و وصولًا لعام 1923 وإنتاج أول فيلم روائي مصري طويل للمصور محمد
بيومي باسم “بلاد توت عنخ آمون”، ولمحاولات عديدة لتأسيس شركات
إنتاج أفلام مصرية كان أبرزها شركة “سينماتوغرافية مصرية”، وشركة
“مصر للتمثيل والسينما” التي أسسها طلعت حرب عام 1925.
الإنتاج السينمائي قبل الثورة
شهد تاريخ السينما المصرية قبل عبد الناصر ظهور العديد من صناعها
وروادها، كذلك كان هناك الاهتمام بإنتاج الأفلام التسجيلية فتعددت
جهات إنتاج الفيلم التسجيلي والتي منها وزارات ومصالح حكومية، وهو
ما استمر بعد الثورة نتيجة اقتناع رجال الثورة بدور الفيلم
التسجيلي في التنمية والتوعية الثقافية.
إلا ان السينما المصرية قبل الثورة كانت لها العديد من السمات التي
ستتغير تمامًا بعد ثورة يوليو، من هذه السمات مثلاً
:
1-
أغلب القائمين على صناعة السينما أجانب وهو ما أثر في توجهات وروح
الأفلام بالطبع.
2-
لم يكن للدولة أي دور فيما يتعلق بالإنتاج السينمائي.
3-
كانت النظرة لدور السينما على أنها أماكن للهو، ولذلك حينما صدر
مرسوم عام 1933 بفرض ضريبة على الملاهي المصرية، كان من ضمنها
السينمات.
4-
عملية الإنتاج السينمائي كانت محض تجارة، ولذلك كان صناع السينما
كلهم من طبقة الاغنياء والتجار، وعلى ذلك كان التوجه الأساسي
للسينما هو إنتاج أفلام التسلية والترفيه لضمان الربح، وتجنب
الأفلام السياسية أو الاجتماعية.
وخلال تلك الفترة من 1924 (عام ظهور أول فيلم روائي مصري طويل)
وحتى عام 1952 (عام الثورة) وصل محصول الإنتاج السينمائي 554
فيلمًا روائيًا طويلًا.
الإنتاج السينمائي في عهد عبد الناصر
ثم يبدأ عصر الثورة بمبادئها الستة الشهيرة، وتعاطف الشعب ومساندته
لها، وهو ما أثر على السينما بالتأكيد باعتبارها مرآة المجتمع،
وعلى ما بني قبل الثورة كان استكمال البناء، فشيدت الاستوديوهات
الكبرى واشهرها استوديو مصر، وتم تزويد الاستوديوهات بأحدث
الآلالات والمعدات، بما ساهم في جعل السينما صناعة وأحد مصادر
الدخل القومي.
وخلال تلك الفترة ظهر مخرجون كبار سيكون لهم دور كبير في إنعاش
السينما المصرية كصلاح أبو سيف ويوسف شاهين وهنري بركات وكمال
الشيخ وفطين عبد الوهاب.
ولتكون السينما المصرية بانتهاء عهد عبد الناصر قد أنتجت 936
فيلمًا، بمتوسط إنتاج سنوي 52 فيلم، وذلك بعد مساهمة الدولة في
الإنتاج السينمائي.
فماذا يعني مصطلح “ظاهرة سينمائية”؟
يشرح دكتور ياقوت الديب في كتابه “اتجاهات الإنتاج السينمائي”
المصطلح، مؤكدًا تشابه الظواهر الفنية مع غيرها من ظواهر اجتماعية
في كون الفرد هو بدايتها الأساسية، سواء كان هذا الفرد نحاتًا أو
رسامًا أو موسيقيًا أو مخرجًا.
ثم يضع شروطًا ثلاثة لاعتبار أي أمر ما ظاهرة، التقليد، السرعة،
الانتشار. تقليد للعمل الذي يمكننا اعتباره بداية الظاهرة، وسرعة
في تقديم أعمال تقلد ذلك العمل، وانتشار وتأثير تلك الأعمال.
وعلى ذلك يمكننا رصد ثلاث ظواهر أساسية في عهد عبد الناصر:-
1-
ظاهرة الأفلام التي تنتقد أوضاع ما قبل الثورة
وهي افلام تم انتاجها بعد الثورة واهتمت في موضوعاتها بانتقاد
الأحوال الاجتماعية والسياسية والاجتماعية قبل الثورة، فوجدنا
مثلاً الأفلام التي تنتقد الاستعمار والحكم الأجنبي كـ “يسقط
الاستعمار”، “المماليك”، “رد قلبي”.
وأفلام تنتقد الرعاه الفاسدين، ممن يتعاونون مع الاحتلال كـ
“القاهرة 30″ و”الأرض”، و “ثمن الحرية”.
وأفلام تناقش الفوارق الطبقية، والذل الذي كان يلقاه الأجَراء كـ
“غرام الأسياد”، “الأسطى حسن”.
وكانت الأفلام المناقشه لقضية الإقطاع، وممارسات أصحاب النفوذ ضد
الفلاحين وعمال التراحيل كـ “صراع في الوادي”، “الحرام”.
والأفلام التي عالجت الفقر في المجتمعات الريفية قبل الثورة كـ
“يوميات نائب في الأرياف”، “الزوجة الثانية”.
وبشكل أو بآخر كانت تلك الأفلام تمثل دعاية لعهد ناصر، ذلك بما
تعقده من مقارنة للأوضاع ما بين قبل الثورة وبعدها. وهو الأمر الذي
اختلف الكثيرون حوله، هل كان إنتاج تلك الأفلام بدافع من صناع
الأفلام أم بتوجيه.
2-
ظاهرة الأفلام المؤيدة للثورة
تمثل تلك المرحلة امتدادًا طبيعيًا لمرحلة أفلام انتقاد ما قبل
الثورة، حيث الانتقال من المدح غير المباشر للمدح المباشر، وذلك عن
طريق إظهار ما فعلته الثورة، وما ظهر متفقًا مع مبادئها.
ومن تلك الأفلام التي ظهرت واضحه معبرة عن تلك الظاهرة “أرض
الأبطال” نيازي مصطفي، “الله معنا” أحمد بدرخان، “ضحايا الإقطاع”
مصطفى كمال البدري، “بورسعيد” عز الدين ذو الفقار.
وفي كل تلك الأفلام كان التركيز قائمًا على قضيتي القضاء على
الإقطاع ومواجهة المحتل، أما عن قضايا الديمقراطية والحريات في ظل
الثورة فلا شيء.
وعلى الأغلب كانت ملكية الجزء الأكبر من صناعة السينما للقطاع
الخاص، وكون تجربة ملكية الدولة للسينما لم تدم إلا 10 سنوات، هي
السبب في قلة تلك الأفلام.
3-
ظاهرة أفلام القطاع العام
كان أول اهتمام بدا من الدولة تجاه صناعة السينما هو القرار
الجمهوري سنة 1957 والذي نص على إنشاء مؤسسة دعم السينما وهدفها
الارتقاء بالسينما عن طريق تقديم الدعم المادي، أو المعنوي من خلال
تمكين صناع السينما من عرض أفلامهم بالخارج.
وهدف تلك الخطوة كما تم الإعلان عنه هو بناء السينما المصرية
المعتمدة على أبنائها بعيدًا عن الاعتماد على الأجانب اصحاب
الأموال المقيمين في مصر. ثم كانت الخطوة التي تبعت تلك عام 1959
هي إنشاء معهد السينما كأول معهد أكاديمي للدراسة في الشرق الأوسط.
تلي تلك الخطوات – وكجزء من خطة التأميم – كانت حزمة القوانين التي
صدرت عام 1961، والتي بناء عليها تم تأميم بنك مصر بكل الشركات
التابعه له، والتي منها شركة مصر للتمثيل والسينما، وأكثر من 6
شركات أخرى.
استمرت تلك التجربة بالإنتاج الحكومي للأفلام حتى 1973، وكان نتيجة
تلك التجربة إنتاج قرابة الـ150 فيلمًا، منهم 10 أفلام إنتاج مشترك
مع دول أجنبية.
ومن أبرز أفلام تلك التجربة “الأيدي الناعمة”، “مراتي مدير عام”،
“القاهرة 30″، “قنديل أم هاشم”، “الأرض”، “أغنية على الممر”.
أهم ظواهر السينما المصرية..2
عهد السادات
حسن عادل
تعددت وتباينت اتجاهات الإنتاج السينمائي منذ نشأة السينما
المصرية، والذي كان سببًا رئيسيًا ورائها هو تباين الأحداث
والمستجدات على الساحة السياسية وتأثيرها على المستوي الاجتماعي
المصري.
وقد تحدثنا في تقريرنا الأول ضمن تلك الثلاثية عن فكرة الظاهرة
السينمائية، وكيف أن هناك شروطًا ثلاث لاعتبار أي أمر ما ظاهرة،
وهي “التقليد، السرعة، الانتشار”، تقليد للعمل الذي يمكننا اعتباره
بداية الظاهرة، وسرعة في تقديم أعمال تقلد ذلك العمل، وانتشار
وتأثير تلك الأعمال.
وعرضنا لأهم وأبرز تلك الظواهر في عهد عبد الناصر 1- ظاهرة الأفلام
التي تنتقد أوضاع ما قبل ثورة يوليو 2- ظاهرة الأفلام المؤيدة
للثورة 3- ظاهرة أفلام القطاع العام. وكيف أنه بانتهاء عهد عبد
الناصر كانت السينما المصرية قد أنتجت 936 فيلمًا، بمتوسط إنتاج
سنوي 52 فيلم.
يمكنك الاطلاع على التقرير من هنا
الإنتاج السينمائي في عهد السادات
بدأ عهد السادات بمشكلات ومصادمات كثيرة، فسيناء محتلة، ورجال
عرفوا “بمراكز القوى” يضمرون كل سيء للسادات، وانتهى كذلك، بالغضب
الشعبي من اتفاقية السلام، ثم من غلاء المعيشة كأثر للانفتاح. وهو
الأمر الذي أثر في سينما وقته، كون السينما انعكاس ومتأثر طبيعي
بالواقع.
وخلال تلك الفترة ازدهر عطاء مخرجين ظهروا في عهد عبد الناصر كصلاح
أبو سيف ويوسف شاهين وكمال الشيخ، كما ظهر مخرجون جدد كانوا على
درجة عالية من البراعة كعلي عبد الخالق، علي بدرخان، محمد خان،
رأفت الميهي.
ولتكون السينما المصرية بانتهاء عهد السادات قد أنتجت 491 فيلمًا،
بمتوسط إنتاج سنوي 50 فيلم، وهو المعدل الذي لم يختلف كثيرًا عن
عهد عبد الناصر الذي كان متوسط الإنتاج فيه 52 فيلم في السنة رغم
انتهاء ظاهرة إنتاج الدولة للأفلام بنفسها.
ومن بين الـ491 فيلم هؤلاء يمكننا رصد ثلاث ظواهر اساسية في عهد
السادات.
1-
ظاهرة أفلام مراكز القوى
لعل أحد نتائج الخوف من السلطة كان يظهر دائمًا في السينما المصرية
بإنتاجها لأفلام تنتقد الحقب المختلفة للرؤساء ولكن بعد رحيلهم.
فوجدنا الأفلام التي تنتقد الاستعمار والإقطاع ولكن في عهد عبد
الناصر بعد رحيل الملكية، كذلك الحال وقت عبد الناصر، فلم تظهر أية
أفلام تنتقد القمع والظلم الذي تعرض له المعتقلون في عهده إلا بعد
رحيله في عهد السادات.
وهذه الأفلام كانت سببًا رئيسيًّا في الانطباع الحالي في العقول عن
مصطلح كـ “مراكز القوى” بما يتبادر للذهن حين سماعه من ظلم
واعتداءات على المساجين، بما سمعنا عنه منه كتب ومقالات، أو
شاهدناه في أفلام كـ “إحنا بتوع الاتوبيس” لحسين كمال.
ومن أشهر تلك الأفلام كان “ثرثرة فوق النيل” حسين كمال، “الكرنك”
علي بدرخان، “وراء الشمس” محمد راضي، “زائر الفجر” ممدوح شكري،
“حافية على الجسر” عاطف سالم.
2-
ظاهرة أفلام حرب أكتوبر
لا يكاد يمر عام على ذكرى أكتوبر 73 إلا وتكتب المقالات الصحفية
منددة بضعف الأفلام التي صُنعت عن حرب أكتوبر وقلتها، وكيف بعد
أكثر من 40 عامًا يكون هذا هو ما يتوفر أمام المشاهد ليراه عن
الحرب.
وهي مشكلة حقيقية بأسباب عديدة، سواء بعدم تهيئة الدولة المناخ
والمساعدات لإنتاج مثل تلك الأفلام التي تحتاج مجهودًا ضخمًا، أو
برؤية المنتجين الحاليين للأفلام كسلعة في المقام الأول، وعدم
رغبتهم في المخاطرة بإنتاج أفلام تتميز بالتكلفة العالية.
وخلال حروبنا العديدة بدايةً من المشاركة في حرب فلسطين 48، ثم
العدوان الثلاثي، فالاستزاف، فحرب أكتوبر، كان الإنتاج السينمائي
غير معبر بالمرة عن تلك الحروب في سنينها. فلا أكثر من فيلم واحد
يستحق الإشادة عن حرب الاستنزاف مثلًا، وهو فيلم “أبناء الصمت”
للمخرج ممحمد راضي.
ثم كان انتظارنا لـ20 عام حتى قرر قطاع الإنتاج بالتلفزيون المصري
إنتاج فيلم كـ “الطريق إلى إيلات” للمخرجة إنعام محمد علي سنة
1993. ولعل أسماء الأفلام فقط التي أنتجت عام الحرب 1973 خير معبر
عما نقول: “نساء الليل” حلمي رفلة، “حمام الملاطيلي” صلاح أبو سيف،
“امرأة سيئة السمعة” هنري بركات.
أما عن الأفلام التي يطلق عليها مجازًا أفلام حرب أكتوبر فيمكن
حصرها على أصابع اليد الواحدة: “بدور” نادر جلال، “الرصاصة لا تزال
في جيبي” حسام الدين مصطفى، “الوفاء العظيم” حلمي رفلة، “حتى آخر
العمر” أشرف فهمي، “العمر لحظة” محمد راضي.
3-
ظاهرة أفلام المقاولات
دائمًا ما يكون هناك خلط بين أفلام المقاولات وبين الأفلام قليلة
التكلفة، فكل فيلم مقاولات قليل التكلفة لكن ليس كل فيلم قليل
التكلفة بالضرورة فيلم مقاولات، وللحق فأن أفلام المقاولات ليست
وليدة عهد السادات، فهي تبرز مع كل فترة ينتشر فيها الاضمحلال
الفكري والثقافي.
“أفلام
المقاولات يتم التحضير لها وتصويرها فيما لا يزيد عن شهر أو شهرين،
وهي أفلام بلغة السوق مسلوقة، لا يوجد بها أي شيء له علاقة
بالسينما كفن وفكر وصورة” هكذا يصفها المنتج هاني فوزي. وهكذا يؤكد
د. ياقوت الديب مؤلف كتاب “اتجاهات الإنتاج السينمائي” بأن وضوح
تلك المشكلة تجلى في عهد السادات حتى أنتجت السينما المصرية في عام
واحد 1986، قرابة الـ96 فيلم من تلك الشاكلة.
ولا حاجة لذكر أفلام تنتمي لتلك الفترة وذلك الإطار، لكن يمكنك
تمييزها بسهولة حال عرضها أمامك.
أهم ظواهر السينما المصرية.. 3
“عهد مبارك”
حسن عادل
شروطًا ثلاثة قد ذكرناها لاعتبار أي أمر ما ظاهرة، وهي “التقليد،
السرعة، الانتشار”: تقليد للعمل الذي يمكننا اعتباره بداية
الظاهرة، وسرعة في تقديم أعمال تقلد ذلك العمل، وانتشار وتأثير تلك
الأعمال على العقول.
وعرضنا في تقريرنا الأول لأهم وأبرز تلك الظواهر السينمائية
المصرية في عهد عبد الناصر:
1-
ظاهرة الأفلام التي تنتقد أوضاع ما قبل ثورة يوليو.
2-
ظاهرة الأفلام المؤيدة للثورة.
3-
ظاهرة أفلام القطاع العام.
وكيف أنه بانتهاء عهد عبد الناصر كانت السينما المصرية قد أنتجت
936 فيلمًا، بمتوسط إنتاج 52 فيلمًا سنويًّا. يمكنكم الاطلاع على
التقرير من هنا
ثم عرضنا في الجزء الثاني لأبرز الظواهر السينمائية ولكن في عهد
السادات:
1-
ظاهرة أفلام مراكز القوى.
2-
ظاهرة أفلام حرب أكتوبر.
3-
ظاهرة أفلام المقاولات.
ووجدنا أنه بانتهاء عهد السادات كانت السينما المصرية قد أنتجت 491
فيلمًا، بمتوسط إنتاج 50 فيلمًا سنويًّا. وهو المعدل الذي لم يختلف
كثيرًا عن عهد عبد الناصر. ويمكنكم الاطلاع على التقرير من هنا
الإنتاج السينمائي في عهد مبارك
شهدت السينما المصرية خلال حكم مبارك الكثير من التغيير بالتأكيد،
حيث أن الرجل استمر في الحكم لأكثر من 30 سنة، حدث خلالهم الكثير
في المجتمع المصري، بينما قد ولدت أجيال لم تر قبله رئيسًا. وقد
كانت السينما بالطبع شاهدًا على كل تلك التغيرات.
وظهر خلال تلك الفترة عدد كبير من المخرجين الجُدد الذين قدموا
الكثير للسينما، منهم خيري بشارة، وعاطف الطيب، وداود عبد السيد،
وشريف عرفة، ويسري نصر الله، ورضوان الكاشف. واستمر عطاء الكثير من
المخرجين القدامى كـصلاح أبو سيف، ويوسف شاهين، وحسين كمال، وعلي
عبد الخالق، ورأفت الميهي.
ولتكون السينما المصرية بقيام ثورة يناير وانتهاء عهد مبارك قد
أنتجت1254 فيلمًا، بمتوسط إنتاج سنوي40 فيلمًا، وبهبوط يقدر بـ10
أفلام سنويًّا عن عهد السادات أو عبد الناصر.
فنجد مثلاً في عامي 1997، 2009 أدنى مستوى للإنتاج السينمائي منذ
عام 1952، بإنتاج 17 فيلمًا فقط في السنة. ونجد أيضًا في عام 1986
أكبر عدد أفلام قد أُنتج منذ 1952، فبلغ الإنتاج في تلك السنة 95
فيلمًا.
ومن بين الـ 1254 فيلمًا هؤلاء يمكننا رصد ثلاث ظواهر أساسية في
عهد مبارك.
1-
ظاهرة الواقعية الجديدة في السينما المصرية
فما هي الواقعية الجديدة وما هي أهم صفاتها؟ نشأت تلك المدرسة
الجديدة في السينما في إيطاليا عقب الحرب العالمية الثانية، حيث
الأحوال المعيشية سيئة، والسينما تحاول أن تعبر عن تلك الأحوال،
وهي عكس المدرسة “الواقعية الشعرية” التي نشأت في فرنسا، تلك
المدرسة المهتمة بالصورة والإيقاع على حساب الحوار ونقل الواقع.
أما عن معالم مدرسة الواقعية الجديدة تلك فهي كالآتي:-
1-
الاعتماد على ممثلين غير محترفين.
2-
تصوير الأفلام في مواقع وأماكن حقيقية مفتوحة؛ حيث الشوارع
والأحياء الفقيرة بعيدًا عن الاستوديوهات المغلقة.
3-
تجنب الحوار المنمق، واستخدام لغة الشارع.
4-
تناول الموضوعات التي تعبر عن الطبقات العاملة والفقيرة.
5-
تصوير الأفلام بالحس التسجيلي الذي يعكس الواقع الاجتماعي.
ويمكننا القول أن نشأة تلك المدرسة كانت على يد المخرجين الصديقين
خيري بشارة وداوود عبد السيد، فقدم بشارة مثلاً “كابوريا” 1990،
و”يوم مر ويوم حلو” 1988، و”أيس كريم في جليم” 1992، و”حرب
الفراولة” 1990. وكتب داوود عبد السيد “أرض الخوف” 1999، و”مواطن
ومخبر وحرامي” 2001. وقدم من بعدهم محمد خان “الحريف” 1984، وأخرج
رأفت الميهي فيلم “الأفوكاتو” 1984.
ومن خلال تلك الأفلام كان انتقاد السلطة بالإسقاطات السياسية، ونجد
ذلك في أفلام كـ “الحب فوق هضبة الهرم”، و”أرض الخوف”. وكان التخلي
عن البطل التقليدي والدنجوان الخيالي، وأصبح البطل ملاكم ابن حي
شعبي “كابوريا”، أو شابًا عاملاً بالجراج ذا إعاقة “مستر كاراتية”.
2-
ظاهرة أفلام الفتوات
مفتول العضلات، ذو هيبة وتأثير، مسموع الكلمة في محيطه، نشأته
مختلفة غالبًا عن الجميع؛ فقد خاض الكثير من التجارب حتى اكتسب تلك
الحكمة. هكذا صورة الفتوة التقليدي في روايات وأفلام نجيب محفوظ،
الرجل الذي قدم وحده 8 أفلام عن عالم الفتوات وقصصهم.
وتبدأ تلك الظاهرة بفيلم الشيطان يعظ 1981 للمخرج أشرف فهمي،
وتنتهي بفيلم فتوات السلخانة 1989 للمخرج ناصر حسين، وقد تم بينهما
إنتاج 13 فيلمًا، أشهرها “سعد اليتيم” 1985، و”التوت والنبوت” 1986.
وبخلاف نجيب محفوظ نجد أن أفلامًا أخرى جيدة كـ “سعد اليتيم” كتبه
وأعده للسينما يسري الجندي، وعبد الحي أديب.
3-
ظاهرة الأفلام المستقلة
وهي أصل وبداية السينما في الأساس، حيث لا منتجين ولا شركات إنتاج،
فما أن تأتي الفكرة للمخرج يأخذ كاميراته ويخرج ليصورها مع أصدقائه
في الشوارع. إلى أن ظهر المنتجون، وشركات الإنتاج الهوليودية،
والتي قضت على الاستقلال السينمائي، والحرية المطلقة سابقة الذكر
في سبيل ربحهم وربح استوديوهاتهم الدائم.
وها هي قد عادت الفكرة من جديد للظهور، لتداعب عقول السينمائيين
الفقراء بإنتاج أفلام ذات تكلفة قليلة وبكاميرات ديجيتال وبموضوعات
تتميز بالجرأة وبممثلين لا يحصلون على أجور غالبًا، بعيدًا عن جشع
شركات الإنتاج.
وبدأت تلك الظاهرة في مصر عام 2005 على يد المخرج إبراهيم البطوط
بفيلمه “إثاكي”، وقد اُنتج تحت عبائتها ما يقارب الـ12 فيلمًا حتي
الآن، منها “بصرة” 2008عام للمخرج أحمد رشوان، و”ميكرفون” عام 2010
للمخرج أحمد عبد الله، ويبدو أنها في طريقها للتوسع والانتشار لا
العكس.
******
يعد كتاب “اتجاهات الإنتاج السينمائي من ثورة يوليو حتى ثورة يناير
للدكتور ياقود الديب مرجعًا أساسيًّا في تلك التقارير الثلاثة***** |