منذ مطلع العام وإلى هذا الأسبوع، شهدت السوق الأميركية عرض 140
فيلما في صالات السينما وعشرات كثيرة في سوق الأسطوانات المدمجة،
إنه المعدل ذاته في كل عام؛ حيث تنطلق الأفلام صغيرة وكبيرة
ومتوسطة، ومن كل اتجاه ونوع لاحتلال شاشات السينما في شمالي القارة
الأميركية كما حول العالم، والرقم المذكور هو فقط للأفلام المنتجة
أميركيا، وليس لتلك المستوردة للعرض في الصالات الأميركية، هذه تصل
إلى 27 فيلما رئيسا إلى اليوم، منها الفيلم الفلسطيني «عمر»،
والبريطاني «لوك»، والإيطالي «إلقِ اللوم على فرويد».
وليست جميعها أفلام روائية، ولو أن هذا دائما هو الغالب، بل هناك
التسجيلي وبالطبع الكثير من أفلام الأنيميشن، والنتيجة هي خلطة
معقولة ومتوقعة في سوق زاخر يتحمل صالات تعرض المحدود كما العروض
السائدة على حد سواء.
والأسواق العالمية بدورها تعرض الكثير من كل ذلك وفوقه الأفلام
المنتجة محليا، فالسوق الفرنسية لديها مئات الأفلام المعروضة كل
أسبوع، وبذلك تحافظ على صيتها بصفتها عاصمة للعروض السينمائية
العالمية، وإذ تنتقل ما بين السان جرمان والشانزليزيه أو بين
روتردام ونواحي مونبرناس، تجد الكثير مما تبحث عنه في تلك الصالات
الصغيرة التي تعتقد أن أحدا لم يعد يؤمها؛ صالات تعرض فيلما قديما
لإيليا كازان أو برنامجا من الأفلام البولندية أو تظاهرة لنوع
الفيلم نوار أو إعادة لأفلام الحرب الفرنسية القديمة، قد تسأل نفسك
«من يهتم؟». ادخل إذن وشاهد بنفسك أن هناك من يهتم. الكثيرون ممن
يهتمون حقا، أمر مفقود في تربتنا العربية اللاهثة فقط وراء ثلاث
جنسيات في مقدّمتها الأميركية وتليها، عن مسافة، الهندية والمصرية.
طبعا «السائد» اسمه كذلك لأنه يسود، ولا يمكن نكرانه ولا نسعى
لذلك. والأشهر الستة التي انقضت على مطلع العام الحالي كافية
لمعرفة كيف يتبدى نوعيا، ما هي الأعمال التي ارتفعت بمقوماتها
الفنية، وما هي تلك التي سقطت بسبب فقدانها لتلك المقومات، لكن
الاختيارات اللاحقة لا تتألف منها فقط، بل مما شوهد حتى الآن من كل
نوع واتجاه.
*
الثلاثة الأولى
* «فندق
بودابست العظيم»
زيرو مصطفى، الشخصية المحبوبة في فيلم وس أندرسون البديع «فندق
بودابست العظيم»، تساهم في خلق جو خاص لحكاية فانتازية تقع في عالم
شائك يبدو جنوحا في الغرابة كما ينطق في الوقت ذاته بالواقع (وليس
الواقعية). صبي الفندق الكائن في بعض مرتفعات الألب ورئيسه مدير
الفندق (ليام نيسون) يتوغلان في مغامرة تخلع عليهما رداء الصداقة
في فيلم لا يتوقف عن مداعبة المشاهد بشخصياته ومفارقاته.
* «دبلوماسية»
كان بعيدا عن الولع باللمعان الإعلامي، عرض المخرج الألماني فولكر
شلندروف عملا خاصا ورائعا بعنوان «دبلوماسية»: باريس في ليلة 24 من
أغسطس (آب) سنة 1944. الجنرال فون شولتيتز خطط لنسف المدينة مع
اقتراب قوات التحالف. المستشار راوول نوردينغ يتسلل إلى مكتب الأول
وطوال ساعة ونصف الساعة يحاول إقناعه بعدم إصدار هذا الأمر. تمثيل
نيلز أرستروب وأندريه دوسولييه جزء من التكوين الفني العام لهذه
المسرحية التي أجري تفليمها بحرص شديد لصنع فيلم ينتمي إلى نوعية
نادرة بعيدة تماما عما يروج في الأسواق أو ما قد يثير اهتمام
المهرجانات معا.
* «ليفياثان»
يمكن تناول الفساد الإداري في أي بلد، لكن في دولة مثل روسيا،
اعتقد الكثيرين أنها ستندمج مع دواعي التغيير بعد الحقبة الشيوعية،
فإن المسألة تختلف، وتختلف أكثر إذا ما كان هذا النقد محاطا بإدمان
الكاميرا على التقاط أفضل ما يمكن توفيره بصريا من جماليات. إنه عن
ذلك الرجل الذي يواجه فسادا إداريا ليكتشف أيضا أن حياته العائلية
مخترقة، حين تأتي الجرافة لهدم منزله، تبدو مثل وحش كاسر يأكل
أعماقه. فيلم رائع لأندريه زفيغانتسيف.
*سينما
الأنواع
هوليوود هي مرتع سينما الأنواع، هناك عشرات منها، من بينها
البوليسي، والأكشن، والوسترن، والرعب، والخيال العلمي، والدراما
الاجتماعية، والدراما العاطفية، والكوميديا، ومثل كل سنة كان هناك،
من بين ما عرض في الأشهر الستة السابقة، ما يستحق الإشادة في كل
نوع.
*
بوليسيا
«أليست
تلك الأبدان ملائكية» لديفيد فلاوري يقف على قمة الأعمال
البوليسية، انطلق لعروض محدودة قبيل نهاية العام وبمعجزة بقي
لأسبوع أو أسبوعين في بعض صالات سنست بوليفارد في هوليوود.
*
رسوم متحركة
كلها باتت تتشابه، لكن أفضلها فيلمان من عروض مهرجان أنيسي: «ليسا
ليمون والبرتقال المغربي: قصة حب سريعة» لمايت لاس، والثاني «إلى
أن يفرق بيننا سبورينو» لأوتو غويرا وإنيو توريسان، الأول من
استونيا ويدور حول صبي لاجئ من الساحل المغاربي عبر مركب صغير تحطم
قبل وصوله إلى الشاطئ الإيطالي، يقع في أسر إدارة مصنع لمعجون
البندورة؛ حيث يعامل كعبد. الثاني برازيلي حول بلد صغير مجهول يقع
خلف جبل عال، عندما ينهار وينكشف أمره يسارع المستثمرون الآتون من
البلد المجاور إلى الاستثمار فيه، إنه عن كيف يؤثر ذلك على الحياة
والثقافة ولا ينسى تقديم قصة حب تمتد كعمود فقري.
أميركيا، تتشابه التقنيات والمواضيع كثيرا لكن أحد الأكثر تميزا
وفانتازية «كيف تدرب تنينك 2» للأميركي دين ديبوا، يعود إلى حكايات
الفايكنغ ويحتفي بسخافة مفارقاته إنما على نحو كوميدي لطيف.
*
خيال علمي
على كثرة ما عرض فإن «غودزيللا» لغارث إدواردز لا يزال الأفضل، لا
يهم أن «ترانسفورمرز 4» و«رجال إكس: أيام الماضي المقبل» حققا
شعبية أعلى، إنه الأفضل من حيث معرفته كيف لا يزال قادرا على إثارة
الدهشة.
«حافة
الغد» لدوغ ليمان لا بأس به، لا تتوقع أنه سيتحسن لكنه يفعل ذلك
واضعا حكاية بطله توم كروز وسط إعصار من الحلقة المفرغة ليكسرها في
الوقت المناسب ويمنع عنها التكرار والضجر.
*
تسجيلي
«الحياة
ذاتها» لستيف جيمس هو الأفضل هذا العام من بين حفنة من الأعمال
التي شوهدت (معظمها في مهرجاني برلين وكان)، ليس لأنه عن زميل ناقد
(روجر إيبرت)، بل لأنه يستعرض من خلال حياته مواقفنا وأحلامنا
وإحباطاتنا أيضا.
سينما عربية
آسف. لا يوجد.
…
أما الأسوأ فهو
*
هل سمعت عن «حب بلا نهاية»؟ إنه ركاكة بلا نهاية فعلا، وماذا عن
«ليلة سهر الأمهات»؟ أو «أكاديمية مصاصي الدماء»؟ يتجاوزها جميعا
«مليون طريقة للقتل» ويجاورها الإيطالي «إلق اللوم على فرويد»،
وقبل أن يتوه وسط الزحام «بعد الإشارة الصوتية» شيء هولندي جرى
عرضه في مهرجان روتردام ومثيلا أرجنتينيا له هو «تاريخ من الخوف»
عرضه برلين.
10-TOP
أفلام متعثرة
*
ثلاثة أفلام جديدة تعثرت هذا الأسبوع «أرض إلى الصدى» لم يثر
اهتماما كبيرا، وانتهى إلى المركز السادس، في المركز الرابع فيلم
رعب مكرر هو «خلصنا من الشر» وفي الثاني خيبة أمل بالنسبة لمن توقع
أن تحقق ماليسا مكارثي نجاحا كبيرا آخر يعزز مكانتها كملكة
الكوميديا، الفيلم هو «تامي» الذي جمع نحو 21 مليون دولار لكنها لن
تكون كافية لبناء مجد.
* «تامي»
في النهاية فيلم لا يستحق النجاح، كذلك الحال بالنسبة لفيلم
Mrs.
Brown›s
Boys D›Movie
كوميديا بريطانية احتلت المركز الأول حتى مطلع الأسبوع الحالي،
بينما حط «تامي» ما غيره أولا في ألمانيا.
*
الأفلام
1- (1*)(1) Transformers: Age of Extinction:
$37,050,185
2 - (2*)(-) Tammy: $21,577,049
3 (2*)(2) 22 Jump Street: $9,803,332
4 - (1*)(-) Deliver Us From Evil: $9,740,471
5 (3*)(3) How to Train Your Dragon 2:
$8,961,088
6 -(3*)(-) Earth to Echo: $8,364,658
7 - (2*)(5) Maleficent: $6,159,176
8 - (3*)(6) Jersey Boys: $5,155,144
9 - (1*)(4) Think Like a Man Too: $4,874,105
10 - (3*)(7) Edge of Tomorrow: $3,660,334
*
حديثا على
DVD
(3*)Locke
توم هاردي يقود السيارة ليلاً ويتعامل مع مشكلاته قبل أن يخسر عمله
وزوجته (2013)
Bad Words(2*)
الفيلم الأول للممثل جاسون بايتمان بصفته مخرجا، حول أربعيني يشترك
في مسابقة للأولاد (2013)
(2*)The
Raid 2
الجزء الثاني من فيلم أكشن وعصابات بطلها فريق من القوات البوليسية
الخاصة (2013)
(2*)Kindergarten Cop
كوميديا قام أرنولد شوارتزنيغر ببطولتها أيام كان نجما (1990)
شاشة الناقد
بين حياة وموت
الفيلم: «فترة خطوبة طويلة جدا»
A Very Long Engagement
إخراج: جان - بيير جونيه
Jean
- Pierre Jeunet
أدوار أولى: أودري توتو، غاسبار أوليل، دومينيك بينون، أندريه
دوسولييه.
تقييم الناقد:(4*)
بعد عشر سنوات على إنتاجه، وبعد أن جرى إطلاقه على أسطوانات سنة
2006، يعاود «فترة خطوبة طويلة جدا» تحقيق حضوره من خلال إطلاق
جديد لمجموعة مزمعة الصدور قريبا لأفلام المخرج الفرنسي جان - بيير
جونيه.
جونيه لم يدرس السينما بل علم نفسه بنفسه من خلال حضوره أفلام
الغير، في العام 1991 أنجز فيلمه الأول «حلوى» الذي نال جائزتين من
جوائز سيزار، لم ينجز هذا الفيلم وحده بل مع مارك كارو، أنجزا معا
عدة أفلام أخرى أفضلها «مدينة الأطفال الضائعين» عام 1995، بعد
عامين أنجز فيلمه الأول منفردا وكان الأميركي
Alien:
Resurrection
الذي لم يستقبل جيدا، سنة 2001 أنجز «أميلي» وبعده «فترة خطوبة
طويلة جدا» كلاهما أفضل ما حققه إلى اليوم.
هناك حكاية عاطفية في قلب هذا الفيلم الذي يتناول أحداثا حربية تقع
سنة 1917 وما بعدها، مثل فيلم آبل غانس «إني أتهم» (1919)، لدى
الحكاية قلبا جريحا يسردها المخرج في شخص بطلته ماتيلدا (أودري
توتو) وفيه تناوب بين مشاهد الحرب ومشاهد الحب، شعريا ورومانسيا
وجماليا وعبر رسائل وبحث مستفيض لامرأة تريد معرفة ما حل بخطيبها
في الجبهة.
ثم ها هي الحرب انتهت ومن بقي حيا عاد منها مهزوما حتى ولو انتصر
وهي غير واثقة من أنه مات ولا تعرف بالتأكيد أنه ما زال حيا، لكن
هذه الحكاية العاطفية ذات الشفافيات الرومانسية الواضحة هي في
ذاتها أقرب إلى كوابيس مفجعة.
مشاهد الحرب على الجبهة مؤلمة، يبدأ الفيلم مثل الكتاب الذي اقتبس
الفيلم عنه والذي وضعه الروائي جان - بابتيست روسي تحت اسم مستعار
هو سيباستيان جابريسو (تحت ذلك الاسم المستعار كتب روسي رواية
«جريمة مركبة النوم» التي أخرجها كوستا - غافراس فيلما) بجبهة
القتال خلال الشهر الأول من العام 1917، لقد مرت ثلاث سنوات على
حرب ضروس تخاض بضراوة وبكثير من التضحيات، خمسة من اليائسين
(كلوفيس كورنيلاك، دنيس لافان، دومونيك بتنفيلد، جيروم كيرشر،
جاسبار أوليل) يقدمون على إحداث إصابات وتشويهات في أبدانهم لأجل
الهرب من خط النار طمعا في تسريحهم لكي يعودوا إلى الحياة المدنية،
الفيلم يقدمهم بتعليق بينما الكاميرا تحوم عليهم من عال ثم تشاركهم
السير في الوحول وهم يقادون إلى الحكم عليهم.
جونيه يعمد هنا إلى ابتكار معالجة سريعة وموجزة لحياة كل منهم قبل
انضمامه إلى الحرب، وفي ذلك يؤسس مدخلا للمجند مانيش أصغر هؤلاء،
فنراه في قبس من لحظات الأمس عازما على الزواج من ماتيلدا قبل أن
يجر إلى خطوط القتال؛ إذ تقضي المحكمة بدفع الرجال الخمسة إلى أتون
المعركة، يعلم الجميع أنهم في فوهة المدفع، فتنفيذا للقرار عليهم
التقدم فوق أرض من الموت تفصل بين الجيش الفرنسي والجيش الألماني؛
حيث تعرضهم للموت أمر محتم. لكن جونيه يترك مصير مانيش معلقا، لا
نراه يقتل فعلا ولا نعرف إذا ما نجا بأعجوبة أم لا.
في هذا الوضع، نحن مثل بطلة الفيلم ماتيلدا لا تعرف شيئا مؤكدا
تستطيع معه الخروج بقناعة أكيدة.
سنوات السينما: 1944
أوليفييه أمام هنري
في العام 1944 تأكد غزل المخرجين الأميركيين مع فن التصوير بالأبيض
والأسود، ما عاد هذا الفن مجرد اختيار تقني بل بات اختيارا فنيا في
المقام الأول، إلى جانب «تأمين مزدوج» نلاحظ هذا الاهتمام في
«المرآة التي عند النافذة» لفتريتز لانغ، و«لورا» لأوتو برمنجر
وروبن مأموليان، و«جريمة يا حلوتي» لإدوارد ديمتريك، و«غازلايت»
لجورج كوكر، وهذا الأخير خرج بأوسكارين أحدهما لبطلته إنغريد رغمن.
لكن الحال ليس كذلك بالنسبة للفيلم البريطاني «هنري الخامس» للمخرج
لورنس أوليفييه، الصورة باهتة وكلاسيكية والإضاءة تتبع المزاج،
وليس بعدا فنيا، كذلك الإخراج فأوليفييه ممثل جيد، وهذا لا يعني
بالضرورة أنه يستطيع أن يكون مخرجا جيدا، على ذلك، «هنري الخامس»
يبقى أبرز ما حققه.
المشهد
ألعاب هوليوودية
*
على الرغم من نجاح «ترانسفورمرز: عصر الإبادة» منجزا 185 مليون
دولار محليا و401 مليون دولار عالميا (من بينها 220 مليون دولار في
الصين)، فإن موسم الصيف لا يزال في خطر؛ الأفلام السابقة لم تنجز
ما كان مفترضا بها إنجازه، وها هو الموسم متراجع بنسبة 20 في
المائة عما كان عليه في الفترة ذاتها من العام السابق، لكن الأمل
في القردة!
*
ترى هل ستنقذ هوليوود الصيف على نحو كبير وتعيد ثقة المشاهدين
بأفلامه بدءا من هذا الأسبوع عندما تباشر صالات السينما عرض «فجر
كوكب القردة»؛ مشاهد مثل اعتلاء الغوريللات الجياد تبدو غريبة
وغرابتها واعز لجر قدم المشاهدين، بينما هذا أمر لا يمر بسهولة في
البال: كيف يمكن لغوريللا (حتى ولو كان تحت تلك السترة الوبرية
بشر) أن يمتطي الفرس من دون أن يتدخل في تغيير معالم المتوقع؟ وكم
تطلب من الوقت والتدريب قبل أن تتعود الجياد على شكل ذلك الحيوان
الذي سيركبها عوض الإنسان؟ أشعر بالأسف للجياد، لكن الخلطة لا بد
ستحقق نجاحا بصرف النظر، كما هو الحال في كل فيلم من الإنتاجات
الكبيرة، عن مستوى الفيلم بحد ذاته.
*
الحديث عن «شباك التذاكر» ومستوى أدائه ليس حديثا سهلا. نقادنا
عادة يعتبرون أن السينما هم وطني وطرح سياسي وقضايا شائكة. انظر
إلى عناوين معظم المقالات السينمائية التي تنشر في الصحف والمواقع
تجدها حافلة بالخطب والطروحات ذات الطابع السياسي، وبالنصوص التي
تقلب ما يجب أن يبقى وسيلة لجلب الجمهور إلى كيان الكتابة ومنه إلى
كيان الفيلم إلى ما يشبه رفع أثقال من الهموم والهواجس.
*
ما يحدث للسينما فنيا وتقنيا وصناعيا وتجاريا جزء لا يتجزأ من
الكل، خصوصا أنه يتناول ميول المشاهدين ودراسة طبائعهم ومعرفة
المستجد من أحوال السينما التي تحيا خارج المهرجانات وهي في
النهاية السينما الغالبة، وهي فوق ذلك جزء من الصحافة اليومية
ورسالتها التواصلية مع القراء، بل يتدخل في قراءة الفيلم النقدية،
فهو قد يلتزم أكثر مما يجب بضرورات السوق فيخسر، وقد يبتعد فينجح.
في الوقت ذاته لا التزامه ولا ابتعاده سيعني قيمة الفيلم الفنية أو
يحددها.
*
الاستوديوهات الأميركية عادة ما تلعب لعبتها الكبيرة 365 يوما في
السنة، اللعبة هي عملية توجيه ما ينشر من أرقام مقابل إخفاء أرقام
أخرى. حين نقول مثلا إن «ترانسفورمرز: عصر الإبادة» تكلف 210
ملايين دولار لصنعه، فإن هذا الرقم هو المعلن من قِبل الاستوديو
(في هذه الحالة باراماونت)، في المقابل الإيرادات المسجلة له هي
أكثر نيلا للثقة، لأن هناك مؤسسات مستقلة تقوم بها. لكن لا تفاصيل
التكلفة ولا تفاصيل الإيرادات تتحدد على نحو دقيق يكشف ما لا تنوي
الاستوديوهات إبقاءه سرا، والمشكلة أن شركاء الإنتاج، تلك المؤسسات
الإنتاجية التي تستلف من الاستوديوهات التمويل أو تبيعه مسبقا
والتي تنتظر نصيبا من العائدات، لا تستطيع أن تعرف تماما ما هي حقا
حصتها من التوزيع أو من الأرباح، وكثيرة هي الدعاوى القضائية التي
رفعها منتجون أو شركات إنتاج صغيرة ضد الاستوديوهات التي أخفت
الأرقام الحقيقية وتفاصيلها ولم تدفع أو دفعت مبلغا هزيلا.
*
ومعظم المشاريع باتت من النوع المضمون (أو هكذا يعتقد إلى أن يطرح
في الأسواق)؛ مما جعل الإبداع والابتكار نادرين ندرة كنوز علي بابا
هذه الأيام، مسلسلات وإعادات واشتقاقات وأجزاء، بحيث يبدو أن
هوليوود باتت أقرب إلى دار نشر متخصصة في نوع واحد من الكتب،
الأفلام الناتجة عن أفكار أصلية بات من الصعب أن تجد لنفسها شركة
إنتاج، ليس هناك من فيلم واحد منها لم يرفض بما فيها فيلم
الأوسكارات «جاذبية» الذي دار على باراماونت وديزني ويونيفرسال قبل
أن تتبناه وورنر.
*
في حين أن كل شيء بات جاهزا في هوليوود، حتى الوصول إلى أن تركب
القردة ظهر الجياد وأن تنقذ البشر من البشر، إلا أن الحاضر لا يزال
مقلقا كما كان عليه الماضي القريب، الاستنباطات الحديثة من
التقنيات ومن وسائل العروض زعزعت صالات السينما كاختيار أول وأفضل
لعروض الأفلام، لكن هوليوود والعالم على اختلاف سينماه لا يزال
يؤمن بأن نجاح وإخفاق فيلم ما مبني على نجاح أو إخفاق عروضه على
الشاشات الكبيرة. |