عشق المخرج أحمد يحيى الفن منذ طفولته، وحقق حلمه آنذاك بالمشاركة
في بطولة فيلمين مع عبد الحليم حافظ. لكنه لم يشعر لاحقاً أن
التمثيل غايته من العمل في الفن، ففكر في الإخراج، لا سيما بعد
اكتشافه أن المخرج هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في موقع
التصوير، وهو المسؤول عن الفيلم. حول أبرز الأعمال السينمائية التي
قدمها، والنجوم الذين اكتشفهم وأعاد اكتشافهم، وأوجه الاختلاف بين
سينما اليوم وسينما الزمن الجميل كانت لـ{الجريدة» معه هذه الدردشة.
·
كيف جاءت مشاركتك في فيلم «حكاية حب»؟
ذهبت يوماً إلى أحد المحلات في منطقة وسط البلد، وكنت رغم صغر سني
مهتماً بالأمور السياسية، وأثناء قراءتي الصحف، وليس مجلات
الأطفال، لفتُّ نظر المخرج حلمي حليم لكوني أجلس وحيداً، وأخبرني
أنه يعمل على تقديم فيلم بعنوان «حكاية حب» لعبد الحليم حافظ،
ورشحني لتجسيد شخصية شقيقه الأصغر. وبالطبع كان أمراً جميلاً جداً
بالنسبة إلي، لا سيما أن حليم كان آنذاك في قمة مجده.
·
هل كنت تخطط من الأساس لدخول عالم الفن؟
إطلاقًا؛ لم تخطر في بالي هذه الفكرة. وعائلتي التي لا يعمل أحد
منها في هذا المجال، رحبت بخوضي تجربة التمثيل الأولى، وبعدها
جاءتني فرصة المشاركة في فيلم «البنات والصيف» مع حليم أيضاً، ولكن
هذه المرة كنت شقيق حبيبته زيزي البدراوي.
لماذا توقفت عن التمثيل بعد هاتين التجربتين؟
شعرت بأنني لا أطمح في أن أكون ممثلاً، واستهوتني فكرة وجود المخرج
المسيطر على الأمور كافة في موقع التصوير، لذا دخلت معهد السينما،
وتخرجت فيه لتقديم أفلام مع كبار النجوم.
·
ولمن السيطرة اليوم؟
للنجم الذي أصبح يختار القصة التي تلائمه، كذلك فريق العمل معه،
وربما قد يُخرج، ويمنح المخرج بعض الفرصة لوضع لمساته على المشاهد
في الحدود التي يضعها له. بينما قديماً، كانت كلمة المخرج هي
الأولى والأخيرة، وطاعتها واجبة. حتى إن النجم الكبير آنذاك عبد
الحليم، كان يتحدث في حوارات جانبية مع المخرجين لإبداء رأيه في
أمر ما، ولم يفرض وجهة نظره أبداً.
·
من بين أعمالك السينمائية الكثيرة، أي فيلم تتذكر وتعتز به؟
«العذاب
امرأة» لأنه أول أفلامي، وقدمني للجمهور والوسط الفني من خلال
موضوع جديد على السينما المصرية، إضافة إلى أنه حقق نجاحاً لدى
النقاد والجمهور غير مسبوق وقتها. كذلك كان ثاني أفلامي «رحلة
النسيان»، تأكيداً على نجاحي كمخرج؛ إذ قدمت فيه رومانسية ناعمة من
خلال قصة حب رقيقة، حتى أطلق البعض عليّ آنذاك لقب «عز الدين ذو
الفقار السينما الجديد». ولا أنسى أيضاً فيلم «يا عزيزي كلنا لصوص».
·
ما العمل الذي تخطت أصداؤه إعجاب الجمهور؟
«لا
تبكي يا حبيب العُمر» الذي قدمت فيه تراجيديا لافتة نالت استحسان
الرئيس الراحل أنور السادات، حتى إنه تحدث عنه في أحد خطاباته،
وطلب لقائي وفريد شوقي بطل العمل، وأثنى على مجهودنا.
·
من أبرز النجوم الذين اكتشفتهم؟
اكتشفت حديثاً نحو ثمانية نجوم يتحمل كل واحد منهم بمفرده الآن
مسؤولية فيلم، وهم أبطال مسلسل «البنات»: منة شلبي، داليا مصطفى،
داليا البحيري، خالد أبو النجا، محمد رجب، دنيا عبد العزيز، شريف
سلامة، محمود عبد المغني، وذلك من خلال عمل درامي يناقش مجموعة من
قصص الحب والزواج في إطار اجتماعي.
·
من الممثلين الذين أعدت اكتشافهم؟
كثيرون، أذكر من بينهم عادل إمام الذي تعاونت معه للمرة الأولى في
فيلم «حتى لا يطير الدخان»، وكان آنذاك ملك الكوميديا لدى الجمهور،
الذي كان يتردد على أفلامه كي يضحك على أفعاله ولقطاته. اكتشفت فيه
موهبة تمثيلية كبيرة، وأن في إمكانه إبكاء الجمهور وإضحاكه. ثم
تعاونت معه مجدداً في فيلم «كراكون في الشارع»، وهو كوميديا
واقعية، ناقشت فيه أزمة المساكن، وقدمت دعوة لغزو الصحراء.
·
من النجمات اللواتي غامرت بهن في أفلامك؟
نيللي؛ فهي تميزت في أدوار الفتاة «الدلوعة» و»الشقية»، لذا قررت
المغامرة بموهبتها وقدمتها في فيلم «العذاب امرأة» بشكل وأداء لم
يتوقعهما فيه أي شخص، فجسدت دور امرأة متسلطة شريرة تحطم حياة
زوجها. حتى إن كثيرين يعتبرون هذا الفيلم الأفضل في تاريخ نيللي
السينمائي، وهي أيضاً.
·
أنتجت ثلاثة أفلام هي «كراكون في الشارع» و»حتى لا يطير الدخان»
و»ليلة بكى فيها القمر»، ماذا عن هذه التجربة؟
وجدت آنذاك أن مواضيع هذه الأفلام لن يتحمس منتج لتقديمها، أو
يتحمل مسؤوليتها، كذلك رفضت أن يسيطر عليّ مخرج برغباته في طريقة
إخراجي لها لتتناسب مع معايير السوق، لذا قررت تقديمها من إنتاجي
الخاص.
·
لماذا توقفت بعد هذه التجارب؟
لأنني لست منتجاً في الأساس، وفكرة الإنتاج كمهنة بعيدة عن تفكيري،
والإخراج هو غايتي من العمل في الفن.
·
ما الاختلاف بين الإنتاجين السينمائيين الحالي والسابق؟
لا أجد في سينما اليوم منتجين سوى الأخوين سبكي، لأنهما ينتقيا
نوعية معينة من أفلام تحقق لهما المكسب المادي الذي يرغبون فيه، ما
ينعكس على المضمون، على عكس الحال قديماً حينما كان الفنانون
ينتجون الأفلام أمثال يوسف شاهين، وفريد شوقي، وماجدة صباحي، وفاتن
حمامة، وسميرة أحمد.
·
ماذا عن الاختلاف بين مواضيع الأفلام في العهدين؟
في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، كانت الأفلام تتبنى بشكل
غير مباشر تقديم قيم إنسانية مهمة مثل التضحية، الوفاء، الصداقة،
ومواضيع أخرى توضح أفضل ما لدى الإنسان، على عكس المواضيع المطروحة
راهناً في السينما التي تبرز أسوأ ما في الإنسان، والتي سيطرت
عليها البلطجة وقلة الأدب، ما أثر على المجتمع. حتى إن كانت هذه
الأفعال واقعية، فإن عرضها على هذا النحو يكرس لسيادتها، ويجعل
السينما مرآة سيئة للواقع.
·
بماذا يتميز صانعو السينما راهناً عن أمثالهم في الثمانينيات؟
لم تكن الإمكانات التكنولوجية متوافرة لدينا، لذا لم تساعدنا في
تنفيذ أفلامنا على أفضل صورة، وفي أقل وقت ممكن. كنّا نستغرق وقتاً
طويلاً في صناعة الفيلم بمعدات أقل تطوراً من الموجودة اليوم.
ولاحظ أن شارات أفلام زمان تحمل نحو 20
اسماً فقط، فيما يظهر على شارات أفلام
اليوم أكثر من 200 اسم.
·
لماذا ابتعدت عن السينما منذ قدمت فيلم «رحلة مشبوهة» عام 2001؟
لأن حال السينما خلال تلك الفترة اتجهت نحو مسار آخر لم يكن في
مقدوري مواصلة العمل فيه، تحديداً حينما عرض فيلم «إسماعيلية رايح
جاي»، وشعر المنتجون بأن هذا النوع من الأفلام يلقى قبولاً من
المشاهدين. من هنا حدث تغيير في صناعة السينما، وراح أي فيلم
كوميدي يحقق نجاحاً جماهيرياً، فانسحبت من المشهد إلى التلفزيون،
حيث أخرجت مسلسل «البنات».
·
هل ما زلت على علاقة بفنانين معينين؟
نجلاء فتحي صديقة عُمري، ونتحدث رغم اعتزالها التمثيل، إضافة إلى
نبيلة عبيد وعادل إمام، وغيرهما من فنانين يتحدثون معي لمناقشة
أعمالنا وتبادل الآراء. |