ملحق الفنون ينفرد بمشاهده فيلم «مولانا»
منال بركات
كان لي شرف أن أكون أنا والزميلة نعمة الله حسين
ضمن عشرة نقاد من الوطن العربي حظوا بمشاهدة فيلم «مولانا» في عرض
خاص بأستوديو مصر قبل عرضه اليوم السبت في مسابقة «المهر الطويل»
بمهرجان دبي في دورته الـ13.. الفيلم يحكي قصة صعود إمام جامع
ليصبح داعية تليفزيوني شهير، يقع الشيخ في شبكة صراعات بين مؤسسات
أمنية وجهة سيادية والمتشددين دينيا.. ولا شك أن «مولانا» صفعة
حقيقية علي وجه المتشددين والمتطرفين دينيا، ودعوة للتسامح وإعلاء
قيمة الوطن، نجح مجدي أحمد علي، بجرأته في تحدي الصعاب والخوض في
القضايا الشائكة من تقديم فيلم سوف يثير الجدل ويفتح عليه عش
الدبابير، سانده في ذلك الكاتب والصحفي إبراهيم عيسي مؤلف رواية
«مولانا».. وقبل أن يطير مجدي أحمد علي إلي مهرجان دبي ليشارك
فيلمه في المسابقة كان لنا معه هذا الحوار:
·
ما الذي جذبك في رواية «مولانا» للزميل إبراهيم
عيسي؟
- منذ أول أعمالي وأنا أشير إلي التطرف الديني،
ولدي هم كبير وخوف من الفاشية الدينية، وده رعب كل إنسان مثقف
مهموم بقضايا الوطن، وأخطر قضية علي أي مجتمع هي نوعان من الفاشية،
الدينية والعنصرية، وبالنظر إلي كل الدم في التاريخ الإنساني نجده
لا يخرج عن هذين العنصرين، والفاشية الدينية خطرها يأتي من كونك
تعتقد إنك تملك الحقيقة المطلقة وما سواك باطل وكل آخر لديك إما
عاصي أو كافر. والكافر يستحق القتل، وتري بقتله إنك تتقرب إلي الله
وليس لديك إحساس بالذنب وتظن إنك تدخل الجنة. وتلك القضية أنا
مشغول بها منذ كنت بالجامعة في السبعينيات ولي معارك مع الإخوان
بشأنها.
ولما قرأت «مولانا» وجدت صدي لدي بالرغم من إنني
كنت أعد لرواية أخري بعنوان: «الدنيا أجمل من الجنة»
لخالد البري، ورأيت أن الرواية تتناول القضية بشكل مباشر عن
الجماعات الدينية والسياسية وتتناول الخطاب الديني بأسلوب مثير من
حيث الدراما.
·
الدين والسياسة والجنس الثالوث المحرم.. ما موقف
الرقابة من الفيلم؟
- عادة الرقابة تبدأ لدي في مرحلة الكتابة
والسيناريو، وكان لدي هاجس بوجود تربص بالفيلم، وكما توقعت
الرقابة كان لديها درجة من التربص للعمل لكني كنت شرسا معهم جدا،
وأعتقد إنهم عرضوا الفيلم علي جهات كثيرة، فالرقباء متحفظون وليس
لديهم استعداد للموافقة علي أفلام تناقش قضايا حساسة في السياسة
والدين والجنس، ونجحت في نزع الكثير من هذه الحساسية بالسيناريو،
لأن الرواية بها أجزاء من الصعب أن تمر في شخصية الشيخ وعلاقته
بزوجته وكذلك الفتاة نشوي المدسوسة عليه من الأمن ،كل ذلك وضعته في
سياقه مع ما يتناسب مع زمن الفيلم لأن هدفي خروج الفيلم للنور.
·
بخروج الفيلم للنور يعني أن هناك تطورا في الرقابة؟
- لازم نحيي خالد عبد الجليل والرقابة التي وافقت
علي نسخة الفيلم بلا أي محذوفات، ورأيي إنه تعامل مع روح الفيلم
والعمل ككل، لا أنكر أن الفيلم صادم ولكنه ليس به ابتزاز أو
استفزاز لأنني حريص علي أن الناس العادية تنجذب لقضيتي وهي قضية
عادلة أعلم أن الفيلم صعب علي الناس فكان دوري تبسيط الصعب مع
الصدق فيما أنقله.
·
نجح عمرو سعد كشيخ وداعية، كيف وقع اختيارك عليه؟
- رأيي أن عددا قليلا من الفنانين يصلح للدور وهما
عمرو سعد وفتحي عبد الوهاب وهما أصدقائي، وعمرو أول من عرضت عليه
الدور، وهو من الفنانين عندما يعرض عليه عمل مهم يخاف، مثل النجم
أحمد زكي أيضا كان له نفس الأسلوب، ظل عمرو يهرب مني حتي نجحت في
إقناعه، و كانت رؤيتي أن الشيخ يكون نحيفا ذا وسامة ومثقف، وأقول
لك علي سر أن الخطبة في بداية الفيلم وكذلك الآيات القرآنية هو
التي تخيرها فعمرو شارك في بناء شخصية الداعية بالفيلم بشكل أساسي.
·
وشخصية الشيخ الصوفي «الحسيني» الذي جسده رمزي
العدل لأول مرة هل كان مقصودا؟
- بالضبط كنت أفضل إسناد هذا الدور لوجه جديد،
وفرحت لما عثرت علي رمزي، وفوجئت رغم صلتي بعائلة العدل، أن له
تاريخ فني قديم، وأنه دخل المعهد العالي للمسرح قبل سامي ولكنه
انخرط في الحياة، واعتمدت علي حدسي ونجح رمزي في الدور الذي كان
يحتاج وجها جديدا.
·
لماذا تعمدت إغفال عنصر الزمن بالفيلم؟
- لأن الجماعات الدينية موجودة حتي الآن، ورؤية
الخلط بين الدين والسياسة موجودة، وفكرة احتكار الحقيقة موجودة،
وفكرة تكفير الناس علي اختلاف المذاهب موجودة، وفكرة كراهية أي
أفكار جديدة موجودة، وفكرة إننا في توازن هش ما بين الإسلام
والمسيحية موجودة، وأن الخطاب الديني الحقيقي لم يبدأ بعد.
·
السينما تعتمد علي الصورة، في حين أن الفيلم اعتمد
علي الحوار لماذا؟
- صادفتني تلك المشكلة أثناء الكتابة لأن الموضوع
عن داعية مثقف وقضيته هي الكلام، لو البطل موسيقي سوف أصور مهنته،
أما الشيخ حاتم فعمله الأدب والفكر والثقافة والدين والكلام، وكان
من الصعب اختزاله، ولكنني قمت باختصار العديد من الحوارات التي
أجريت بالبرنامج وموجودة بالرواية لصالح الفيلم، لكن طبيعة الشخصية
كده الكلام هو عمله.
·
لماذا توسعت في علاقة الشيخ «حاتم» مع ولده «عمر»
علي حساب قضية الدعاة الإعلاميين؟
- حرصت أن أصبغ الطابع الإنساني علي علاقة للشيخ
حاتم بولده، كما أن مشكلته الإنسانية خط أساسي من معاناة الرجل رغم
كونه رجل دين، هو إنسان في المقام الأول وليس اسطوانة يردد كلاما
فقط، لكنه إنسان لديه مشاكله مع زوجته وولده الذي رزق به بعد
معاناة 7 سنوات ويتعذب لمرضه.
·
قدمت مشهد الزفاف بأسلوب اللقطة الواحدة «long
take»
خمس دقائق هل ذلك من أجل البراعة الفنية؟
- كان يهمني الحكاية التي وراء الفرح والتي تضم
أحداثا كثيرة مسيحيين وشيوخا وبوليس وشخصيات كثيرة، وإذا تم
تقطيعه يتحول لفيديو ميلودراما، فكان القرار اللجوء لشوط واحد
مدته 5 دقائق، وأؤكد علي الرسالة في مشهد واحد وهي أن الفرح من أجل
رجل سكير وفتاة مسكينة استغلوا ظروفها وغرر بها للدخول في
الإسلام.
·
يشير السيناريو بأصابع الاتهام إلي أمن الدولة، ألا
تري أن الخلافات المذهبية متحققة علي أرض الواقع؟
- لم تمض سنوات قليلة علي حريق الشيخ حسن شحاتة
الشيعي ،وأن مسلمين قتلوا مسلمين لأنهم شيعة وحرقوهم أمر لا
إنساني، عندنا غياب لفكرة التسامح الديني وهو هدف الفيلم ممكن
واحد سلفي يموت إخوانيا وداعشي يقتل سنيا أريد أن أقول إن الفروق
البسيطة بين المذاهب الفقهية ليست مبررا للعنف والقتل، كما أن أمن
الدولة عارف أن السلفيين حصلوا علي الجوامع والعديد من الجمعيات
والنقابات بالاتفاق معهم بوصفهم تحت السيطرة وذلك في مرحلة مبارك
وبالاتفاق معهم وقبل ثورة يناير، واتضح فيما بعد خطأ تلك النظرية
الأمنية.
·
ولماذا قمت في السيناريو بحرق الشيخ الصوفي ومريديه
وهو غير موجود بالرواية الأصلية؟
- تركت مصير الشيخ الحسيني مجهولا، وتم إحراق بعض
من مريديه وظهرت صورة لمحاولات الاعتداء عليه، لم احسم مصيره لأنني
أعلم أن الدولة تلعب به. والأمن أنكر معرفتهم بمكانه.
·
ألم تخش من تناول قضية تنصير مسلم وإسلام مسيحية،
أن يفتح عليك زوبعة؟
- يجب ألا أضع رأسي في الرمل، أردت الإشارة إلي أنه
كما يوجد ناس تخرج من دين هناك آخرون يدخلوا وعمليات التبشير
والدعوة تحدث علي أرض الواقع.
·
الفيلم يحمل اتهاما للمسلمين والمسيحيين علي حد
سواء؟
- طبعا التطرف واحد في الجانبين لذلك تجدي حوارا
يجري بين الشيخ حاتم وحسن يقول فيه :لو ذهبت لمسيحي وقلت له إنك
تنصرت يقبلها، أما إذا قلتها لقسيس يرفض، لأوضح البعد سياسي في
القضية، لأننا لا ننظر للأمر من منطق التسامح، أو منطق لكم دينكم
ولي دين، ولا منطق أن كل هذا ليس له علاقة بالوطن، فالوطن أكبر
بكثير من فكرة الأديان.
·
تتفق بداية ونهاية الفيلم مع سياق الرواية، ولكنك
أضفت عليها خطابا من الشيخ حاتم لماذا؟
- بالاتفاق مع إبراهيم عيسي حرصت علي التبرئة
الكاملة لحسن من قضية الإرهاب، ونؤكد إنه كان أداه في يد الجماعات
الدينية، وتأثيرها عليه هو السبب الرئيسي في تحوله إلي التطرف.
تبرئة حسن تأتي من كونه ليس إنسانا عقائديا، ولكنه شخص متطرف
موتور يتحول من النقيض للنقيض، نتيجة غياب ثقافة مجتمعية تمنع
التطرف، فالذي حاول قتل نجيب محفوظ إنسان لم يقرأ له وصدق كلام
منتشر عنه، ونتيجة مناخ ودولة ليس لديها خطاب ديني حقيقي قوي أو
خطط تنمية حقيقية، وأري أن ناصر لم يبذل جهدا كبيرا في خطاب ديني
ولكن الجهد كان في اتجاه التنمية التي شغلت الناس بمستقبل وطن وبعد
هزيمة 67 الوطن تفكك وترك للجماعات تعمل ما تشاء، السادات أفرج عن
قيادتهم ومنحهم منابر وجوامع ومبارك منحهم بحسه الأمني كل جوامع
مصر والنقابات وجمعيات إسلامية يعترف أصحابها إنهم اغني من دول،
وحتي الآن لم نحاسب هؤلاء، في أول أفلامي «يا دنيا يا غرامي» قدمت
الرجل الذي يجمع تبرعات من أجل بناء جامع وهو الجامع الذي لم يبن
علي الإطلاق، وكانت وسيلة لجلب المال للتسليح وتجنيد الشباب، وده
اللي قلته بالفيلم، أن حسن شخص استطاع عمل القنبلة، ولكن المجتمع
مسئول عن هؤلاء الشباب.
< رغم كل تناقضات شخصية الشيخ حاتم جعلتنا نتعاطف
معه لماذا؟
كان لازم أقدم شخصية واقعية وليست مثالية، والحوار
يكشف أن لديه صراعا داخليا فيقول أنا كسبت من المهنة أكثر مما كسب
أبا ذر الغفاري، هو يعلم أوجه النقص لديه. كما أنه عصري يرتدي
أحيانا البدلة، وهو خريج الأزهر وتعيين الأوقاف ودارس وليس دخيلا
علي المهنة أو الدعاة وشيخ جامع وذلك مهم لإصباغ المصداقية عليه.
·
لماذا قدمت لطفي لبيب في صورة رجل الأعمال المتواطئ
مع الأمن؟
- أردت القول هنا أن أزمتنا الحقيقية تأتي من هذا
الثالوث السلطة والمال والدين منذ هزيمة 67.
·
هل تعتقد أن الفيلم سوف يثير ضدك مشاكل؟
- عندما فكرت فيه كان همي الأول مصر، وأتوقع أن
الفيلم سيثير ضدي في مصر العديد من المشاكل، من المتبرعين بالأذي
وأصحاب التفكير المحدود.
####
قلم علي ورق
دبي «قبلة»السينما العربية؟
بقلم: محمد قناوى
هل أصبحت دبي «قبلة»السينما العربية؟ الإجابة نعم
بعد ان فقدنا ريادتنا السينمائية وأصبح النجوم والأفلام تفضل
مهرجان دبي السينمائي- الذي يكمل هذا العام عامه الثالث عشر - عن
أي مهرجان آخر في المنطقة حتي الافلام المصرية اصبحت تفضل دبي عن
القاهرة ففي مسابقة الأفلام الطويلة تشارك خمسة افلام مصرية طويلة
مفضلة دبي علي القاهرة مثل «مولانا» و«علي معزة وإبراهيم» و«أخضر
يابس» والثلاثة أفلام روائية طويلة ويشارك فيلمان تسجيليان طويلان
هما «جان دارك مصرية» و«النسور الصغيرة» بالاضافة إلي ثلاثة افلام
قصيرة، أما في الأفلام العالمية التي تشارك في المهرجان فهناك 57
فيلما عرض عالمي اول و73 فيلما عرض أول شرق أوسط وشمال افريقيا و12
فيلما عرض أو شرق أوسط و9 أفلام عرض خليجي أول.. هنا لابد ان تتأكد
ان مهرجاناتنا تتراجع للخلف وان القائمين عليها مجرد هواة فعندما
نري نجوما عالميين يسيرون علي السجادة الحمراء في افتتاح دبي مثل:
«صامويل جاكسون، وريكاه، وبيل ناي، ولوك همسورث، وجيفري رايت، ومن
النجوم العرب: «يسرا وهند صبري، ونيللي كريم، وليلي علوي، ودارين
حمزة، وجوليا قصار، والهام شاهين، ودرة، وقُصي خولي، وأمل بشوشه،
وسوزان نجم الدين، وعابد فهد، وعمرو سعد، وريهام حجّاج، ودنيا
الشربيني» تأكد أننا لم نعد مؤثرين واننا فقدنا الكثير من قوتنا
الناعمة والمؤثرة في محيطنا العربي علي اقل تقدير.. والسبب الوحيد
والاساسي لما نحن فيه ان مهرجاناتنا يتولي امرها من لا يفهم « يعني
إيه مهرجان» يا سادة المهرجانات ليست دروعاً وتكريمات وبعض رؤساء
المهرجانات لا يدركون أهميتها، ولا يعملون علي تحقيق أهدافها، حيث
لم تصل رسالة المهرجان إلي مستحقيها سواء في الاقليم الذي يقام
فيه، ولا علي المستوي العالمي.
####
خارج النص.. أزمة خيال
بقلم: مصطفى حمدى
كتبنا وقلنا مرارا أن نجاح مهرجانات السينما
العربية مثل دبي ومراكش ومؤخرا قرطاج في تونس واجيال في الدوحة لا
يرجع إلي الإمكانيات المالية فقط، نعترف ان هناك دعما مالياضخما
لمهرجانين مثل دبي ومراكش وبالطبع أي مهرجان فني في الخليج ولكن
هذا الدعم لم يكن الورقة الوحيدة الرابحة في استقطاب النجوم.
عاتبنا علي ادارة مهرجان القاهرة السينمائي سذاجة
التنظيم وقلة الاحترافية والدقة، ولكن حجة غياب النجوم العالميين
بسبب قلة الميزانية مازلت أراها حجة هشة، خاصة أن لدينا وزارة
سياحة تنفق ملايين الدولارات علي الدعاية لمصر دون فائدة، ألا تفكر
وزارة السياحة بالتنسيق مع وزارة الثقافة في دعوة نجم عالمي أو
اثنين ورصد ميزانية مناسبة وخطة عمل لهذا النجم ليشارك كواجهة
ترويجية للسياحة في مصر بحضوره المهرجان؟
منذ عامين دعا مهرجان مراكش النجمة شارون ستون، لم
تحضر لتسير فوق السجادة الحمراء فقط، بل نُظم لها جولة في صحراء
المغرب وتم نشر صور تلك الجولة في عدد كبير من الصحف والمجلات
الغربية، حملة ترويج سياحي ناجحة بكل المقاييس دون الاعتماد علي
الاعلانات المعلبة مدفوعة الأجر، أزمة الإدارة في مصر هي الخيال،
لا احد يفكر ولا أحد يبتكر رغم أن الانجازات العظيمة تبدأ بأفكار
بسيطة خارج الصندوق، هذا إذا كان لدينا صندوق أصلاً؟! |