زهرة الصبار.. البحث عن الحياة في واقع صعب
حاورتهم فى دبى : إنجى سمير
من بين مفاجآت مهرجان دبي السينمائي والذي أسدل
الستار علي دورته الرابعة عشرة قبل أيام, كان الفيلم المصري زهرة
الصبار, ولا تكمن المفاجأة في حصول بطلته منحة البطراوي علي
جائزة أفضل ممثلة فحسب, ولكن في قصة العمل وجرأة الطرح من خلال قصة
ثلاث سيدات تمردن علي الواقع, وهن عايدة ممثلة صاعدة ومنحدرة من
خلفية قروية, تجد نفسها بين ليلة وضحاها, مطرودة من منزلها وتجول
في شوارع القاهرة بصحبة جارتها البرجوازية المنطوية سميحة, ورغم
أنه ليس لدي المرأتين أي أموال أو مكان تلجآن إليه, إلا أنهن يبدآن
بمساعدة شاب يدعي ياسين, في رحلة البحث عن مأوي, وما بين أحداث
عادية, وأخري كارثية, يتحرك الثلاثة برحلة لاستكشاف الذات, فيما
تنمو بينهم صداقة استثنائية, مثل زهرة رقيقة تتفتح من بطن صبارة
شائكة.
منحة البطراوي: جائزة أفضل ممثلة لن تغير ني ..
ولهذا السبب رفضت المخرجة الارتجال
لم يميز هذا العمل النسائي, وجود بطلات معروفات لدي المشاهد
العادي, ولكن أغلبهن كان غير معروفا حيث شاركن بأدوار بسيطة في
أعمال مهمة علي سبيل المثال للمخرج الكبير يوسف شاهين, قبل أن
يحصلن علي فرصتهن كاملة في زهرة الصبار ليبدأن رحلة حصد الجوائز.
الأهرام المسائي تحدثت مع صناع العمل الذين أكدوا
أن العمل الذي استمر تصوير لما يقرب من عامين جاء محملا بقضايا
نسائية, إضافة إلي أزمة التواصل بين الأجيال وأن جزءا من أزمتنا
ترجع إلي أن الشباب يشعرون أن الكبار لا يفهمونهم وسبب فشلهم..
وتفاصيل أخري تحدث عنها صناع العمل في هذه السطور, وكان بينهم منحة
البطراوي صاحبة جائزة أفضل ممثلة, ومخرجة العمل هالة القوصي,
ومروان العزب أحد الأبطال المشاركين:-
·
هل كنت تتوقعين حصولك علي جائزة أفضل ممثلة عن فيلم
زهرة الصبار في مهرجان دبي السينمائي ؟
الحقيقة أنني لم أتوقع إطلاقا حصولي علي جائزة أفضل
ممثلة, كما أنه لم يخبرني أحد قبل الحفل بهذا الأمر حتي أكون
مستعدة للخبر, ولذلك عندما سمعت اسمي لم أستوعب في البداية الأمر
الذي جعلني أبكي قليلا, والحقيقة أنه عندما كنا نصور الفيلم, كنت
أتوقع حصول مخرجة العمل هالة القوصي علي جائزة أفضل إخراج أو أفضل
فيلم, وذلك لأنني رأيت أفلام مسابقة المهر الطويل, ووجدت أن هالة
قدمت فيلما جديدا, ولكن في النهاية القرار للجنة التحكيم التي
تعاملت بمهنية أما بالنسبة لي فلم أتوقع ذلك.
وقد تمنيت وقت حصولي علي الجائزة أن يكون بجانبي
ابنتي وحفيدتي, ولذلك فأنا أهدي هذه الجائزة لحفيدتي صفية, أملا
أنها حينما تكبر أكون مصدر فخرا لها بأعمالي.
·
تعيشين دائما بعيدا عن الأضواء, لكن بعد فوزك ألا
يقلقك تسليط أضواء الشهرة عليك خاصة وأنت لا تفضلينها؟
لن تغير مني شيئا, فكما ذكرت أنا لا أحب النجومية
ولا أعلم ما هي, لأنني تقدمت في العمر, كما أنني حصلت علي الجائزة
بسبب ظهوري لأول مرة في دور بطولة, رغم مشاركتي في العديد من
الأعمال مع الراحل يوسف شاهين ويسري نصر الله إلا إنها كانت أدوارا
صغيرة, ولكن هذه المرة عندما منحتني المخرجة هالة القوصي الفرصة.
·
كيف كان تحضيرك لشخصية سميحة في زهرة الصبار؟
لقد التقيت بنماذج مثل سميحة ولكنني لا أريد
الإفصاح عنها, أما بالنسبة للتحضير فقد عقدنا العديد من جلسات
العمل مع المخرجة هالة القوصي قبل بدء تصوير الفيلم بستة أشهر, حيث
قامت المخرجة بمقابلة كل فنان من فريق العمل بمفرده وكانت تسلط
الضوء علي النقاط المهمة, كما كانت تساعدني في أداء الشخصية وكيفية
تنفيذها وشكلها وطريقة حديثها, فقد تم رسم حياة كاملة للشخصية وكل
هذا ساعدنا كثيرا وقت التصوير وشعرنا أننا حافظين الأدوار, وقد
استمر التصوير منذ شهر نوفمبر عام2015 حتي.2017
·
علي الرغم من أن دورك يتناول قصة مأساوية إلا أنه
يحمل خطا كوميديا هل تعمدتم ذلك؟
بالفعل رغم أن دوري تراجيدي إلا أنه حمل لونا
كوميديا جاءت من الكتابة, بينما التزمنا كفنانين بالنص ولم نحد
عنه, خاصة أن ما تذكرينه غير مكتوب بشكل كوميدي, وأتذكر أنني خلال
تصوير الفيلم حاولت أن ارتجل في بعض المشاهد, غير أن مخرجة العمل
رفضت قائلة: إن هذا الأفيه سيكون تجاريا ولا قيمة له.
·
هل واجهت مشكلة في تقبل التعليمات من المخرجة بسبب
فارق السن بينكما؟
هي في النهاية مخرجة جادة ولا أهتم بمسألة الأعمار,
لأن الأهم هو الخبرة وكيفية التفكير, وهي كمخرجة ملتزمة ودقيقة
وعميقة في أفكارها ومثقفة ولذلك فإن الأمر لا علاقة له بالعمر.
·
متي يعرض العمل في السينما ؟
لقد تمت الموافقة عليه رقابيا ولكن لم يتحدد بعد
موعد عرضه.
·
تعاونت مع المخرج الراحل يوسف شاهين خلال إسكندرية
كمان وكمان والمهاجر هل أثر ذلك علي اختيارك لأعمالك؟
بالطبع فأنا أظهر في الأعمال التي تعجبني وتجذبني
ولا أبحث عن أي شئ سوي أن أكون مطمئنة وأنا أقدم الشخصية ولذلك
وافقت علي زهرة الصبار دون تردد.
·
دائما ما يعقد البعض مقارنة بين مهرجان القاهرة
ودبي السينمائي هل ترين فروقا؟
بالتأكيد هناك فرق كبير فمسألة تعطل فيلم افتتاح
مهرجان القاهرة الجبل بيننا تعد فضيحة, أما في دبي فلديهم دقة
شديدة في كل شئ من ناحية المواعيد ولا يوجد تعطل لأي فيلم,
وبالتالي أتساءل لماذا نفتقد كل ذلك حتي نكون مثلهم ؟
·
هل كنت ستسعدين إذا حصلت علي هذه الجائزة من مهرجان
القاهرة؟
بالطبع سأعتز بها لأنها من مهرجان بلدي, ولكن يجب
أولا أن يكون ملتزما, أما هنا فالمهرجان مهم أيضا.
·
هل ترين أن السينما المصرية تعاني بعد رحيل يوسف
شاهين؟
لا تعاني فالحياة لا تتوقف ويوسف شاهين مخرج كبير
ولكن جاء بعده أجيال متميزة فهناك صلاح أبو سيف وعاطف الطيب, أما
من الشباب فلن يكون أحد مثله لأن الإخراج موهبة لا يمكن اقتباسها
ولكن هناك موهوبين مثل أحمد عبد الله مخرج ديكور, ونادين خان وأيتن
أمين, علي العكس مثلا في مجالات أخري مثل أم كلثوم وبيرم التونسي
فهؤلاء لم يأتي أحد بعدهم.
·
عملت كناقدة في جريدة الأهرام وأخرجت مسرحية واحدة
هل هذا ساعدك في الأداء التمثيلي؟
بالتأكيد ولكن عندما كنت في أحدي الفرق المسرحية
لمدة سبعة أعوام وكنا نسافر إلي فرنسا للحصول علي دورات تدريبية في
التمثيل, ساعدني ذلك وساهم في تأسيسي في التمثيل.
·
أغلب أعمالك شاركت في المهرجانات بعيدا عن الأدوار
التجارية هل كنت تقصدين ذلك؟
لم أقصد ذلك فإذا خيروني بين المهرجانات والأفلام
التجارية بالطبع لن اختار الثانية, ولكن علي سبيل المثال المخرج
داوود عبد السيد له أفلام تجارية ولذلك من الممكن أن أعمل معه,
وأيضا المخرج يسري نصر الله كما أن صناع السينما التجارية يستعينوا
بالنجوم وليس بي كما أنني لست مائلة لها, وفي النهاية المسألة ليست
قاعدة سارية.
·
هل لديك جديد في السينما أو التلفزيون؟
في السينما أستعد لفيلم جديد مع هالة القوصي لم
تحدد تفاصيله بعد, أما بالنسبة للتلفزيون فأنا لا أحبه فلا أملك
تلفزيون في منزلي وأقضي معظم وقتي في قراءة الكتب والروايات.
هالة القوصي: الفيلم روشتة النجاة
للتواصل بين الأجيال.. وسميحة تشبهني إلي حد كبير
تقول هالة القوصي مخرجة العمل إن زهرة الصبار هو
نبات جاف مليء بالشوك ويتحمل العديد من الظروف الصعبة ولكنه يتفتح
لمدة24 ساعة فقط ومن الممكن أن يموت بعدها إلا إن طبيعته مختلفة,
والمقصود هنا من هذا التشبيه هو أن ظروف المعيشة في القاهرة صعبة
للغاية, ولا يجوز أن نكون مثل الزهرة التي تحتاج إلي العناية
الكثيرة والمياه لأن هذا ليس متواجدا فالصبار هو نبات كثير الصبر
وتم الإشارة له في العمل خلال عدة آيات قرآنية لإعطاء الأمل.
وأضافت إن فكرة اختيارها وجوه جديدة مثل منحة
البطراوي بطلة الفيلم يعود إلي أنها تميل إلي الواقعية والصدق, من
خلال وجه امرأة عجوز بدلا من الاستعانة ببطلة تضع الماكياج, مؤكدة
إنها لا تخشي ذلك لأن محركها ليس تجاريا فهي تجربة مؤمنة بها وستظل
مئات السنوات.
وأوضحت أن كل أعمالها تعتمد علي رؤية مدينة القاهرة
وتأثيرها علي سكانها وكيفية التعاون معهم حيث تغير فيهم علي حسب
الظروف المحيطة مشيرة إلي أنها كانت تريد اختيار ممثلين معينين
لتنفيذ هذه الرؤية.
وأشارت إلي إنها كمخرجة ليست شبيهة بالبطلة عايدة
ولكنها أقرب إلي سميحة التي تجسد شخصيتها منحة البطراوي ومعظم قصص
العمل جاءت نتيجة ترسبات من الحقيقة, موضحة أن هناك معاناة في
شخصية سميحة وبعض التفاصيل الموجودة في الحقيقة, مؤكدة إنها لا
تثير الشفقة ولكنها من أكثر الشخصيات تصالحا مع نفسها.
وأضافت إن الفيلم وثيقة تثبت أن روشتة النجاة هي
التواصل بين الأجيال وجزء من أزمتنا هو أن الشباب يشعرون بأن
الكبار لا يفهمونهم وسبب فشلهم وتحفظهم علي أشياء ليست هامة.
أما بالنسبة لطول مدة العمل وإضافة تفاصيل كثيرة
سريالية قد تصيب الجمهور بالاستغراب, قالت بالطبع لم يفهمه بعض
الجمهور وهذا له علاقة بالسيناريو وليس بالإخراج موضحة أنها
استلهمت بخبرة عمل كفنانة بصرية مهتمة بالسينما من وجهة نظرها
الفنية التي تكون مختلفة قليلا وهي فعليا خلقت شكل لنفسها ولطريقة
عملها من خلال لغتها البصرية وكيف تقوم بضبطها ليتلقاها الجمهور في
هيئة فيلم يعرض خلال ساعتين وليس مجرد نصف ساعة مؤكدة أنها مهتمة
بنوعية هذه الطريقة لأنها تحب الحكي بالتفاصيل ومساحات للصور أكثر
وتترك الذاكرة تأخذ وقتها في السرد وتحاول محاكاة طريقة العقل في
العمل.
مروان العزب:
ياسين يشبه أغلب الشباب.. وهالة القوصي ساعدتني في
خطوتي الأولي
قال الفنان مروان العزب إن شخصية ياسين التي قدمها خلال الفيلم
تشبه إلي حد كبير معظم الشخصيات الذين في مثل عمره, مشيرا إلي أن
دوره كان يعتمد علي الذكريات الخاصة به منذ الثورة, كما أنه كان لا
يريد الجلوس في منزل والده الذي تقع بينهما العديد من الاختلافات
في وجهات النظر, نظرا لاختلافات الأجيال ولذلك فضل المعيشة بمفرده
وهو دور يحمل تفاصيل ورؤية أكثر من الكلام.
وأضاف أن المخرجة هالة القوصي ساعدته كثيرا وقت
جلسات العمل والبروفات والتصوير وكيفية الوقوف أمام الكاميرا,
لتمنحه فرصة الخطوة الأولي, مؤكدا أنها ليست ديكتاتورية وقت
التصوير ولا تفرض عليه شيء ولكنه من وجهة نظره ودراسته للسينما يري
أنه لابد أن يكون المخرج ديكتاتوريا وأن يمتلك رؤية مختلفة عن
الممثلين وباقي فريق العمل ينفذ مهمة الإخراج من خلالها. |