الفنانة الإفريقية ميمونة نداى بعد تكريمها فى «الأقصر»:
السينما عندى أداة للتعبير عن قضايا القارة
الأقصر ــ حاتم جمال الدين:
•
كسرت تابوهات المجتمعات المحلية من أجل مشردين فى الشوارع
•
اللغة ليست عائقا أمام الإنتاج المشترك.. وتجربة نيليود فى
تسويق الأفلام ملهمة لصناعة السينما الإفريقية
•
اختيارى ضمن لجنة تحكيم كان السينمائى نقلة واسعة فى حياتى
المهنية
ولدت لأب سنغالى وأم نيجيرية، بينما تنتمى جدتها لأصول من
ناميبيا بينما تعيش خالات لها فى مالى، وقضت سنوات عمرها الأولى بين غينيا
وكوت ديفوار قبل أن تنتقل للعيش والدراسة فى فرنسا، ورغم أنها تحمل جواز
سفر من كوت ديفوار إلا أنها تحرص على تقديم نفسها فى كل مكان باعتبارها
ممثلة إفريقية.
بدأت مشوارها المهنى من فرنسا بعد أن غيرت وجهتها من دراسة الطب إلى دراسة
الفنون المسرحية، والالتحاق بفرق مسرحية تقدم عروضا تهتم بقضايا المهمشين،
لتعود بعدها لإفريقيا الأم حيث عملت بالمسرح، وقدمت أدوارا مهمة فى أفلام
سينمائية فى أكثر من بلد إفريقى، وشاركت فى عام 2015 فى فيلم «عين العاصفة»
والذى تم اختياره ليكون افتتاح المهرجان الإفريقى الفيسباكو فى واجادوجو؛
حيث حصدت جائزة أفضل ممثلة، وتم ترشيحها بعد ذلك لجوائز الأكاديمية
الإفريقية للفيلم النيجيرى، وفى عام 2017 اختير «عين العاصفة» ليكون فيلم
افتتاح الدورة 14 للمهرجان الإفريقى، ومنه إلى مهرجان كان السينمائى؛ حيث
تم اختيارها لعضوية لجنة تحكيم أفلام الطويلة فى الدورة 72.
رحلتها المهنية الحافلة، وتركيبتها الفنية والإنسانية،
وثقافتها وانتمائها للقارة الأم، ثلاثة أسباب جعلتها من أهم الأسماء فى
عالم السينما الإفريقية خلال السنوات القليلة الماضية، وجعلت من تكريمه فى
الدورة التاسعة لمهرجان الأقصر للسينما الإفريقية إضافة مهمة وحدثا يستحق
الاحتفاء به.
على هامش تكريمها فى الأقصر اقتربت «الشروق» من ميمونة نداى
لاكتشاف المزيد عن هذه التركيبة الفنية الفريد، التى تحمل هم صناعة السينما
فى إفريقيا، وتبحث عن حلول لمشاكلها، بل وتتجاوز الصناعة إلى مشاكل مجتمعها.
وفى البداية أكدت نداى سعادتها بالوجود فى الأقصر، وقالت
إنها منذ زمن طويل كانت تعرف أنها ستزور مصر يوما ما، خاصة وأنها كانت وهى
صغيرة تسمتع لأغانى أم كلثوم مع والدتها وجدتها، فضلا عن أن مدرس الرياضيات
وهى فى المرحلة الثانوية كان مصريا، وكان له أسلوب فريد فى تدريس المادة
جعلها تتعلق به وبمادته.
وأعربت عن سعادتها بالتكريم من مهرجان الأقصر للسينما
الإفريقية، وقالت إنه لم تكن تتوقع كل هذه الحفاوة التى لاقتها فى الأقصر،
والاهتمام بنشاطها الفنى والاجتماعى، وتكريمها فى احتفال المهرجان باليوم
العالمى للمرأة.
وعن اهتمامها بقضايا المجتمع قالت إنها عملت فى فرنسا بعروض
تعبر عن قضايا المهمشين، وعندما عادت أسست فرقة مسرحية على نفس النهج،
وقدمت عروضا عن مشاكل الطبقات البسيطة فى بوركينا فاسو وساحل العاج، وأخذت
على عاتقها أن تكون صوت من لا صوت لهم، وعندما شاهدت شخصا مهما هائما فى
الشارع بعد أن أصابه مرض عقلى، قررت تقديم فيلم سينمائى «المجنون والعبقرى
والحكيم»، وحاولت من خلاله دخول عالم هؤلاء المشردين الذين يعانون من أمراض
عقلية، ويتركهم المجتمع فى الشوارع بدون علاج أو رعاية، واضطرت لإنتاج
الفيلم من مالها الخاص بعد أن أحجمت المؤسسات الداعمة بسبب طبيعة الموضوع
والذى يعد الاقتراب منه محظورا فى كثير من المجتمعات المحلية الإفريقية،
وكذلك رفض مستشفى الأمراض العقلية دخولها لإجراء مقابلات مع المرضى
والمسئولين، وهو ما زاد من عزيمتها وإصرارها على استكمال الفيلم، وقامت على
مدى 9 سنوات بتصوير كثير من الحالات بمساعدة أسرهم، وأثار الفيلم الذى حمل
عنوان «المجنون والعبقرى والحكيم»، ضجة كبيرة عند عرضه.
وأشارت إلى أن ردود أفعال الجمهور تجاه هذه القضية دفعت
مؤسسات الدولة للالتافت لهذه القضية، وتحرك بعض المنظمات الدولية المعنية
بالمشكلة مثل منظمة الصحة العالمية، ولكن ما زالت القضية مطروحة لأن الدول
لديها أولويات أهم من مشكل المرضى العقليين.
وعن تسويق أعمالها قالت ميمونة نداى إن فيلم مثل «المجنون
والعبقرى والحكيم» يتم عرضه فى نطاق العروض الثقافية، كما يتم تسويقها عبر
قنوات تليفزيونية خارج القارة.
فيما أكدت على ضرورة التحرك لإيجاد حلول لمشاكل تسويق
الفيلم الإفريقى بعيدا عن أساليب التسويق الغربية، وضرورة فتح أسواق للفيلم
الإفريقى داخل حدود القارة، مشيرة للتجربة الكينية والتى وصفتها بالملهمة،
لأنها تراها حققت لنيليود حالة من حالات الاكتفاء الذاتى.
وعن الإنتاج الإفريقى المشترك قالت إنها تعمل فى هذا
النطاق، وتقدم أعمالا فى أكثر من دولة إفريقية، وأنها لا تجد اللغة عائقا
أمام مشاركة سينمائيين من أكثر من دولة فى تقديم فيلم سينمائى، وأبدت
استعدادها للمشاركة فى فيلم عربى إن توافر مشروع لمثل هذا العمل.
وعن طبيعة الأدوار التى قدمتها على خشبة المسرح وشاشة
السينما ومدى تأثير اهتماماتها الاجتماعية على اختياراتها كممثلة، قالت
قالت نداى: إن أعمالها تتحدث عن المهمشين، ولكن ذلك لا يعنى أن تقدمهم فى
صورة الضعفاء المقهورين، ومن هنا كانت أدوارها تتمحور حول شخصية المرأة
القوية الرافضة للقهر والظلم، وهى تلعب فى فيلمها «عين الإعصار» دور
محامية، وهى شخصية قوية تدافع عن قضايا البسطاء والمهمشين.
وأضافت الممثلة الإفريقية قائلة إن مكانة المرأة كانت عظية
جدا فى إفريقيا، ولكن الآن تتراجع هذه المكانة لأسباب قادمة من خارج
القارة، وعلقت قائلة: «إن كانت هناك مجتمعات ترى أن الأب هو أساس الأسرة أو
العيلة، فالواقع من وجهة نظرها أن الأم هى أمة كاملة».
وردا على سؤال عن اختيارها كعضو لجنة تحكيم فى مهرجان كان
السينمائى، وتأثيره على مسيرتها الفنية، أجابت: «كانت نقلة واسعة جدا فى
تاريخى المهنى لأنه وضعنى بين مخرجين عظام كنت أتطلع لأعمالهم أنا فى بداية
الطريق، ولا أحلم بمقابلتهم، كما يعنى هذا الاختيار ثقة كبيرة فى رأيى،
وأنى قادرة على إصدار أحكام على أعمال مخرجين هم الأهم فى العالم. |