ملفات خاصة

 
 
 

في "ريش" حيث الرجال نزقون والمرأة عاقلة

تحية للمرأة المصرية المعيلة

صفاء الليثي

عن فيلم «ريش»..

لـ «عمر الزهيري»

   
 
 
 
 
 
 

أعادت أزمة فيلم ريش إلى ذهني المثل الأمريكي ( لكل منا مهنتان ، مهنته ومهنة ناقد سينمائي ) فقد قرأت نقدا للفيلم من مثقفين ومشاهدين توقف عند مشاهد هامة وأساسية بالفيلم وحللها بدقة، منها مشهد تحرش ومشهد سرقة ومشهد لقتل رحيم ومشاهد أخرى كانت علامات في فيلم يقدم رؤية أسلوبية لواقعنا المتردي.

بعيدا عن أي قدر من الإسفاف يقدم عمر الزهيري مشهد تحرش دون كلمات هابطة ولا أفعال سوقية ، بظرف شديد فجر ضحكات المشاهدين في مشهد غزل صديق البطل للمرأة التي تحول زوجها الى فرخة. تطوع المتحرش لمساعدتها في البحث عن الساحر الذي حول زوجها الى فرخة وفشل في إعادته، المشهد فائق يمثل مفتاح فهم أسلوب المخرج عمر الزهيري. فيه يوقف الرجل سيارته المتهالكة ويشغل أغنية لفايزة أحمد ويغني للمرأة التي تنظر اليه باندهاش شديد، يخرج من السيارة ثم يعود ويعلن لها عن حبه "أنا بحبك من زمان"، تدفعه بعيدا عنها وتجري ثم تعود لتأخذ التلفزيون، الأم يهمها اسعاد أطفالها فتأخذ التلفزيون وتجري الى بيتها، كان الرجل قد دفع نقودا لفك رهنية التلفزيون، يساعدها ليس بدافع الشهامة بل لأنه يحبها من زمان، لا يدين المخرج أبطاله ولا يحكم عليهم، تتسم تصرفات الرجال منهم بالنزق، الزوج ، الساحر، صديق الأسرة، ومسئول العمل كل الرجال حوارهم عبثي وأفعالهم خائبة. المرأة فقط هي العاقل الوحيد في "ريش". ورغم الحاح الرجل في مطاردة المرأة فإنه لا يحصل على مقابل نقوده التي دفعها طواعية ولا يحصل على المقابل الذي يريده أن تبادله الحب في غياب زوجها، يزعق عاليا " افتحي الباب " مرددا عاوز فلوسي ، هي داخل البيت تحمل الرضيع ويحتمى ابنها الأوسط بجلبابها، والطفل الأكبر جالس عن بعد ويتواصل الرزع على الباب من المتحرش والمرأة ثابتة لا تفتح. وتنهار حجارة حول الباب ولكنه لا ينخلع.

ويمضي الفيلم دون أن نعرف اسما لها ، هي زوجة العامل الفشار صاحب التصرفات النزقة، لم أجده متسلطا أو قاهرا لها ، حتى وهو يعطيها مصروف اليوم من خزنته الصدئة ومحددا، النهاردة وبكرة باذنجان. يشرب لبن من كوب كبير ويفشر بمنتهى الجدية، زمان كانوا بيجيبوا لكل واحد جاموسة صغيرة ونشرب لبنها سخن، هي صامتة لا تعارض له رأيا. يقوم بإرضاع الطفل وحوله الطفلين الأكبر وهي ترفع المائدة، رغم الفقر هناك حالة أسرية لا تصل في فقرها لأسرة " آكلي البطاطس" في لوحة فان جوخ.

في أوساط عمالية تدور الأحداث وفي موقع شديد الدلالة لمصنع يطلق نفاياته ونشاهد الدخان يملأ المكان فتغلق الزوجة نافذة صالة بيتها القريب جدا من هذا المصنع لتمنع دخول الدخان. هذا الموقع الداخلي المطل على ما يمكن اعتباره أطلال مصنع لا نعرف شيئا عن نوع العمل به، الزوجة أم لثلاثة أطفال ولدين ورضيع لم يحدد لنا المخرج نوعها، بنت أم ولد . هذه الأم وجدت نفسها مسئولة عن إطعام أطفالها وسداد ديون تورط فيها الزوج فلم يسدد إيجار المنزل وأصبحت مهددة بالطرد، رغم انفاقه النقود على حفل عيد ميلاد ابنه الذي اختفى فيه بفعل الساحر، هذا فيلم لا يرضي الباحثين عن حواديت، أو من ينتظرون حل اللغز، هل تحول الزوج فعلا الى دجاجة أم أن هناك حيلة ما لاختفائه واستغلال زوجته من الصديق الذي أحضر الساحر الذي اختفى ثم ظهر هو كمنقذ للمرأة وفارسا لحل مشاكلها. لا أتصور بديلا عن الممثلين غير المعروفين الذين قاموا بأدوار، الزوج، وصديق الزوج العاشق للمرأة ، والساحر، و موظف المصنع الذي يطبق القانون بصرامة غبية، ، احنا ما بنشغلش ستات لكن ممكن ناخد الولد يشتغل بدل أبوه، أي عمل هذا يستطيعه طفل في الثامنة من عمره!، وما الذي يمنع عمل المرأة!. الرجل يتحدث ناظرا للكاميرا فيما يمكن اعتبارها محل المرأة الحائرة التي تبحث عن حل لتعويض غياب الزوج وإطعام أطفالها.

توقف معلقون ممن شاهدوا الفيلم بعد تسريبه عند مشهد سرقة المرأة لقطع من الشوكولاته وقطعتين من اللحم، ضبطها كلب الهانم صاحبة المصنع ثم التهم قطع اللحم وعوقبت المرأة الأم بطردها من العمل ، لتبدأ رحلة جديدة في البحث عن عمل آخر في مؤسسة غريبة، واجهة بها فساتين أطفال وفي الداخل أدوات صحية، نوعيات الأعمال التي اختارها المخرج تمثل صورة عبثية عن هذه الكيانات، مصانع غير معروف نشاطها ، هل هي مؤسسة لجمع الروبابيكيا؟ ، أعمال صغيرة مثل عمل المتحرش الذي تمتلي شنطة سيارته ببضائع غريبة قد تكون من مهربات التصدير، أو ما يطلق عليه مصادرات الجمارك. أتفاعل مع الفيلم وأجده معبرا عن بيئات عمالية في مصر كحلوان أو امبابة، أو ضواحي الجيزة، أماكن حقيقية في مصر وأختلف عن اعتبار الفيلم يجرد الزمن والأماكن . هذه مناطق أعرفها وبناية منزل الأسرة في الفيلم تمثل أحد المساكن الشعبية، بناية لم يصورها المخرج حرفيا كما في الواقع حيث تطفح حولها المجاري ولكنه صور منزل تطل نافذته على دخان المصنع خالقا واقعا فنيا يعبر عن أجواء كارثية يعيشها هؤلاء العمال وأسرهم. في محاولتي للبحث عن منطق لمشاهد لم تفسر، قرأت المشهد الافتتاحي للرجل المحترق أنه للزوج بعدما ألقي به من صندوق الساحر ، سرق أشقياء محفظته وأشعلوا فيه النار . يرفض صانع فيلم مثل " ريش " أي تفسيرات كهذه أو أي تشبيهات أو اسقاطات، ولكني أمارس حريتي في التلقي كما مارس هو حريته في الإبداع، وأتلقى مشهد خنق المرأة لزوجها بعدما استحال شفائه كتحية لفيلم حب 2015 " آمور" صاحب سعفة كان الذهبية الذي خنق فيه المسن المحب حبيبته ليريحها من عذاب المرض، التخلص من الزوج ومن قرينته الدجاجة حلا رحيما لتمضي المرأة في حياتها، تعمل وتقاوم وتمنح أطفالها حلوى الجاتوه يأكلونها وهم يشاهدون مشاهد جميلة ملونة من التلفزيون لأسماك وزهور وأغاني مرحة من عالم آخر يعيشه آخرون، بعضهم لا يطيق التعرف على حياة عمال فيلم "ريش" وبعضهم يعرف أن هناك بشرا يعيشون هكذا، وعلينا أن نعمل على تحسين معيشتهم على الأقل حتى يتم إنقاذ الصغار منهم فلا يعملون في سن صغيرة ، ولا يحرمون من بعض المتع البريئة كمشاهدة التلفزيون أو أكل بعض القطع من حلوى الأغنياء. أما عن انتقاد البعض لتعدد الأساليب في الفيلم بين المنهج العبثي ومنهج الواقعية فهذا معروف في منهج ما بعد الحداثة الذي يمزج أساليب متعددة في عمل واحد يفتح مساحة أمام كل متلقي للتفاعل مع المشاهد المختلفة ومع العمل ككل حسب مرجعيته وكل حسب ذوقه الشخصي.

لمن لم يتابع ما أسميته أزمة الفيلم ، أنه حين عرضه بالجونة عرضا أول في مصر والشرق الأوسط انسحب أثناء العرض عدد من الفنانين، وصرح أحدهم بالتهمة القديمة " فيلم يسي الى سمعة مصر" واشتعلت الأزمة وطلب البعض محاكمة من صنع الفيلم ومن أيد عرضه ومن كتب نقدا أو دفاعا عنه ، ولم تهدأ الأزمة الا بعد نشر بوست من منسق المشروع الرئاسي " حياة كريمة " ينفي أن يؤدي عمل فني إلى الإساءة إلى مصر ، وصمت المزايدون، وحصل الفيلم على جائزة أفضل فيلم عربي من لجنة التحكيم الدولية بمهرجان الجونة ليضاف إلى جوائز كان بفرنسا، وجيلباو بالصين ، وأتوقع لفيلم "ريش" ومخرجه عمر الزهيري وكاتب السيناريو أحمد عامر والمنتجين شاهيناز العقاد ومحمد حفظي مزيدا من النجاح في أعمالهم القادمة معا أو مع سينمائيين جدد يضيفون لمصر نماذج من السينما العظيمة بتنويعاتها الفنية.

 

مدونة الناقدة (دنيا الفيلم) في

24.10.2021

 
 
 
 
 

فيلم ريش | احذر وأنت تصنع فيلمًا فنيًا.. فربما يشاهده الناس! | أمجد جمال

أمجد جمال

يوم فاز فيلم ريش بجائزة مهرجان كان، انشغلت الميديا بالمباركة والاحتفال (عمياني).

نسينا كالعادة وضع الأمور في سياق مفيد، لتكون توقعاتنا تجاهه منطقية.

ما كان يجب شرحه أن فيلم ريش لم يفز بجائزة في المسابقة الرسمية أو الفرعية، بل بفعالية موازية يطلق عليها أسبوع النقاد.

هذه المعلومة نفسها تحتاج لمزيد من التوضيح؛ فتلك المسابقة تحتوي سنويًا على أفلام تختار بمعايير مختلفة نوعيًا، ويمكن تلخيصها بأنها الأفلام ذات الفرص الأدنى للقبول الجماهيري. فكلما كان الفيلم راديكاليًا وشاذًا وقاسيًا، كلما استمال لجان المشاهدة في أسابيع النقاد.

موجة أفلام “للأصدقاء فقط”

أسلوب فيلم ريش صدم كثيرين من الفنانين والصحفيين الذين حضروا عرضه الأول محليًا في مهرجان الجونة.

وحده الفنان شريف منير اختار تسييس عدم إعجابه بالفيلم، فظهر في الإعلام ليهاجمه بشكل تحريضي، ويحمله أكثر مما يحتمل.

حديث شريف منير صنع استقطابًا حادًا.

سأتحدث عن شق إيجابي تولّد منه عن طريق الصدفة؛ إذ صنع شهرة لم يحلم بها صناع فيلم ريش.

لدي شعور أنهم لم يريدوا تلك الشهرة أصلًا!

وكأن تسليط الضوء على فيلم ريش نجح في تعرية هذه النوعية من الأفلام فنيًا على نطاق أوسع.

والنوعية تضم أفلام أخرى على شاكلة “ورد مسموم” و”أخضر يابس” و”الخروج للنهار”… إلخ.

معظمها هرب من رادار الجمهور لحسن حظ صناعها!

يمكنك اعتبارها موجة سينمائية.

موجة تجيب على سؤال “كيف تصنع فيلمًا لأصدقائك وحسب”؟

موجة: إن لم تسعفك الإمكانات في تقليد أفلام هوليوود، فقلد أفلام الواقعية الأوروبية بشكل سطحي وستجد من يظل يطلق عليك أصيلًا ومتمردًا.

قصدت استخدام كلمة “تعرية” لأن صناع هذه الأفلام، والحاضنة الثقافية التي ترعاهم، يظنون أنفسهم في صف المشاريع السينمائية المجازفة والمناضلة باسم الفن والمحفوفة دومًا بمخاطر الخسارة.

أفلام تنجح بمخاطبة “الأهل والعشيرة”

لا أزايد على أحد في تفضيلاته وذوقه.

لكن ثمَة نوع من خداع النفس بادعاء مظلومية تلك الأفلام فنيًا! فما من مخاطرة حقيقية تخوضها تلك الأفلام.

تنجح من قبل طرحها. تنجح لأنها النوعية الوحيدة غير الهادفة للربح بالأساس. تنجح بإلغاء الجمهور من المعادلة، وتنجح كلما ابتعدت عنه أكثر فأكثر مع سبق الإصرار.

الحقيقة أنها المشاريع الأكثر كسلا على الإطلاق، فهي تقوم على التمويل من منح وهبات إنتاجية، أو تمويلات أجنبية تمنحها جهات على صلة بالمهرجانات التي تعرض الأفلام، والثانية على صلة بالجهات التي تمنح الجوائز، تشعر كأنها فقاعة صغيرة من تبادل الأدوار.

نعم، فيلم ريش بريء سياسيًا من التهم المثارة.

والقول أن عملًا فنيًا يسيء لسمعة دولة تصريح مرفوض منطقيًا وأخلاقيًا.

لكن الإيجابي أن ضجة فيلم ريش كسرت الفقاعة، وجعلت الجميع يشاهدون من باب الفضول ليحكموا بأنفسهم.

دعك من السياسة، فلأول مرة تدخل هذه الموجة السينمائية في اختبار فني مع الجمهور العادي!

وأظنها أخفقت رغم كل التلميع النخبوي، ونسب المشاهدة العالية بفضل التريند، أخفقت لأن داود عبد السيد ومحمد خان ورأفت الميهي وأسامة فوزي وغيرهم أعطونا في الماضي نماذج عن سينما فنية لا تلغي الجمهور من المعادلة. ومن قبلهم كمال الشيخ وهنري بركات وصلاح أبو سيف.

مشروع مخرج جيد.. لكن!

فيلم ريش للمخرج عمر الزهيري يعايش أسرة فقيرة تحوّل عائلها إلى فرخة، ما أدى بزوجته للنزول إلى سوق العمل لتنفق على أبنائها وعلى الفرخة.

السطر غريب وجذاب. لكن التنفيذ يعلق في نقطة وسط بين المفارقة الكافكاوية والمزحة الصبيانية.

يدلل عمر الزهيري على أنه مشروع لمخرج جيد من حيث الأدوات.

السبب الأبرز إتقانه في تقديم التفاصيل، ولأنه يحقق رؤيته.

لكن هل رؤيته هنا تستحق الإعجاب؟ هذا أمر آخر.

فخريج معهد السينما يبدو واقعًا تحت ضغوط الزمالة. يعمل في فيلم ريش بعقلية الطالب الذي يجهز مشروع تخرجه، يبحث عما سوف ينال إعجاب زملائه وأساتذته في المعهد.

مشكلات فيلم ريش الحقيقية

ليست مشكلة الفيلم في كم القبح والرثاثة الذي يعرضه، وهو مبالغ فيه بالفعل.

الفن ليس في تجميل الواقع وليس في تقبيحه أيضًا.

بل في البحث عن سياق منسجم للواقع.

الواقع فسيح وعشوائي، والفن أشبه بخاصية الـ crop في تطبيقات تعديل الصور، أن تختار عناصر الصورة التي ستحذفها أو تبقيها وفق مقصد وحدس، ومن ثم تحتاج للغة فنية تخاطب المتلقي لإقناعه بمقاصدك. قوة اللغة في سهولتها لا في تعقيدها.

واللغة السينمائية في فيلم ريش مرتبكة ومبهمة. يميل الفيلم لسمات النوستالجيا لكنه يختار الديستوبيا واقعا لأحداثه، والديستوبيا مستقبلية بطبعها بما يناقض النوستالجيا.

هو كذلك حائر بين الحداثة والريتروجارد. يبدأ حكاياته من الواقعية ويعقدها بالفانتازيا، وحين تعجز الفانتازيا عن حل الأزمة، يلجأ للواقعية مجددًا.

عشوائيات ريش

الفيلم ليس عن حياة العشوائيات، بل تسكن الأسرة في مساكن أهلية مخططة من التي كانت تبنيها الدولة بكثافة في الستينيات والسبعينيات لاستيعاب الطبقة الصناعية والبيروقراطية الجديدة، لكنها مساكن مهترئة بفضل الفقر.

لا يحدد الفيلم زمنًا أو مكانًا لأحداثه دون مقصد واضح، بل يتعمد إبراز تناقضات زمنية. كنت أفضل لو أستخدم هذا التجهيل المتعمد للتخديم على فكرة سريالية أو نصف حلم/نصف واقع، لكن الأسلوب بدا كلعبة بلا قواعد.

عشوائي في تحديد الأزمة فوق الدرامية، من الفقر للذكورية للبيروقراطية لعالم ما بعد التصنيع لقسوة الطبيعة والتلوث، لكن الواضح أن همومه عالمية وغير خاصة بمصر.

يوظف الحيوانات في إطار متماهي مع البشر، كدلالة على التردي الذي وصلته الحالة الإنسانية. وتلك الاستعارة السينمائية صارت كليشيه.

يكتفي بمعنى المأساة دون التلويح بأصابع اتهام حتى ولو فلسفية، هذا وإن كان ينفي الشبهات السياسية المطروحة، لكنه لا يترك بديلا سوى استجداء الحزن والتقزز بهدف الحزن والتقزز.

اختياره للأغاني المصاحبة للأحداث مثير فعلًا، وهو الشيء الوحيد الذي تصدى قليلًا لحالة الصقيع العاطفي المسيطرة على الأجواء رغم بشاعة ما نراه. وإن كانت الأغاني لم تساعدنا في تحديد السياق الزماني بسبب تنوعها، لكن جاء أغلبها من السبعينيات.

وكعادة هذه الأفلام تلجأ للإطناب والتكرار في أدواتها وأفكار مشاهدها لا لشيء سوى أن  ترتقي من رتبة الفيلم القصير لرتبة الفيلم الطويل، مع اعتبار الرتابة أسلوبا فنيا.

الممثلون ليسوا أكثر من أشكال طازجة على الشاشة جذبت الزهيري، لكن لا يوجد أداء تمثيلي بالمعنى الاحترافي أو نصف الاحترافي أو حتى التوجيهي،

هذا متعمد، لكنه ضاعف إحساس البرودة بالفيلم. فتعمد الخيارات السيئة لا يجعلها جيدة، لذلك لا يبهرني تمكن المخرج من أدواته، بقدر اهتمامي بحصيلة ما يفعله بتلك الأدوات.

في فيلم ريش لا يتحاور الممثلون بنبرة واقعية مصرية ولا بنبرة سينمائية أو مسرحية،

بل يبدو كلامهم تسميع لنص أجوف يحفظونه، وما صدقوا أن تخلصوا منه،

أعتقد أنه الفيلم المصري الوحيد الذي أجبرني على قراءة الترجمة لأفهم ما يقال بلغتي الأم ولأسباب أخرى غير اللهجة!

لكن، أعود وألتمس العذر لمخرج الفيلم، فهو لم يتوقع أن يشاهد الناس فيلمه.

ناقد فني

 

موقع "دقائق نت" في

24.10.2021

 
 
 
 
 

فيلم «ريش» رمزية الفن أم الواقعية التسجيلية؟

أ.د/ جودة مبروك محمد

يلعب الجدل في الربط بين رمزية الفن والحياة دورًا كبيرًا في تقييم بعض نتاجنا الثقافي عبر العصور، وما حدث بشأن فيلم ((ريش)) ليس جديدًا، لا من حيث الإبداع الفني ولا من حيث النقد الذي وُجِّهَ إليه، فعندما يتم عرض مثل هذه الأفلام خارج البلاد فإنها قد تعطي دلالة سلبيةً، بأنها تلقي الضوء على العشوائيات، وتترك مواطن الفخر والمنجزات الكبيرة، في زمنٍ تحاول فيه مصر القضاء على هذه الظاهرة مهما كان يحتاج ذلك من أموال طائلة، والقفز نحو تحقيق مستوى معيشي متميز للمواطنين، كما أنه هناك مبادرات مثل ((حياة كريمة)) لدعم الطبقات الكادحة، غير أن هذه الظاهرة لا تنفرد بها مصر –إن وجدت بهذه الصورة التي رأيناها- عن غيرها من بلدان العالم، حتى المتقدم اقتصاديًّا، فالطبقية المجتمعية أمر والعشوائيات أمر يميز أغلب الأماكن في العالم.

بعض الأعمال قد تعرِّي الواقع، إلى درجة المغالاة، لتمكين المتلقي من التفاعل والمشاهدة وأخذه بقوة نحو معايشة الواقع، وهذا ما أحدثه فيلم ((ريش))، تعقب شخصيات مهمشة في المجتمع، وأزاح عنها الستار، حتى منح المشاهد الاعتقاد بأنه فيلم تسجيلي أو مجموعة أفلام مركبة من هذا النوع، لكن الجدال الدائر بين جموع المشاهدين للعمل بين من ينظر إلى العمل على أنه محاولة لتشويه صورة مصر بهذا الكشف عن تلك الأسرة البائسة، في زمنٍ تعمل فيه إدارة البلاد على التخلص من العشوائيات، بأكثر من وجهة، ببناءات ووظائف ودعم وغيره، ووجهة أخرى تعطي الفن الحق في التعبير عن ملامح الواقع وتجريده، وأن ما عرضه الفيلم نموذج موجود في المجتمع لم تطله يد الإصلاح بعدُ أو أن العمل يصور حالة بائسة في زمانٍ آخر، ليس بالضرورة هي التي نعيشها.

وبعيدًا عن هذا وذاك، لا بدّ من معالجة الفكرة والرؤية الفنية بفن وخطاب ثقافي، يتجرد من العاطفة والإسقاطات وهو ما كان داعيًا للعمل حتى يصل إلى العالمية، فنحن على اعتقاد أنها ليست من فراغ، وإن خالفناه في المضمون، لكن الإضاءات الفنية بكل تأكيد قد برع فيها فريق العمل.

اللافت للنظر في إطلاق اسم العمل ((ريش))، وهو محور ارتكاز تُبْنَى عليه الأحداث، وتنطلق المواقف للشخصيات، فالريش ينطلق من مجرد الريش المتطاير من ((الدجاجة)) وهي إحدى شخوص الفيلم بعد التحوّلِ للزوج، إلى كونه شيئًا لا قيمة له يُرْمَزُ للتهميش في المجتمع، فالريش لا قيمة له يحملها، في مقابل شخوص القصة المهمشين، يتجلى في عمل الزوجة وعمل الطفل الصغير، وفي شكل المنزل وأثاثه العَفِن المهلهل والممارسة غير المتمدينة أو المتحضرة للشخصيات، وصلت إلى ((فوضى الفقر))، تلك رؤية يطرحها العمل في البدء.

يصحب العمل رؤية أسطورية من صدى الذاكرة الشعبية في قدرة الساحر على صناعة التحول للزوج حتى يصبح دجاجة دون قدرته على رده على صورته الأولى مرة ثانية، وبديلاً عن كونه العائل للأسرة، تكون الدجاجة عبئًا في مأكلها ومشربها وعلاجها وتعرضها لمخاطر.

والشيء اللافت للنظر والراعي للانتباه في رصد أسباب التحول في مسيرة الأحداث الدرامية، فنرى أن العمل يقدم شيئًا جديدًا هنا وهو بروز الموقف والسياق بدور البطولة للقصة، ساعد على ذلك عدم اختيار من يجسد الشخصيات من المعروفين، فالتحول هو الذي يأخذ بالزوجة نحو المعايشة لأحداث الحياة حتى السقوط أو الاقتراب منه على يد صديق الزوج بإغراءاته المادية والجسدية. لكن السؤال المطروح في وجهة النظر في عنصر الأسطورة في القصة، ولماذا اختار التحول إلى الدجاجة، لكن يبدو أنها إشارةإلى انعدام القيمة المجتمعية للشخصية أو نظرة المجتمع إليها، فهي لا شيء، أو قل هي ريش، بدليل أن الزوجة ذبحت تلك الدجاجة في النهاية وألقت بريشها.

ويأتي الحوار المكثَّف الذي لا يعبر عنه باللغة فقط، وإنما بالصورة أحيانًا وبعض الأغاني والموسيقى بداية من العمل انتهاء بأغنية عن الأمل في صباح جديد، فالحوار جمله قصيرة، وهو أقرب إلى التلقائية كما يتحدث الناس، وبعض المشاهد صامتة، وساكنة بلا حركة، إشارةً إلى أن الحياة لا تنمو مع هذه الشخصيات، بل هي ثابتة على مشاكلهم، وتظهر الزوجة في المشاهد في وقفة انكسار دائمةٍ، تعبيرًا عن الفقد والعدم والحاجة، وتفاعل عناصر الصورة تدهشنا ببعض المناظر، ففي سرقتها اللحم من المنزل الذي تعمل فيه ويتعرف كلب الحراسة على جريمتها، وتطرد بسبب ذلك من العمل إلا أن الكلب في أثناء ((التفتيش)) يأكل اللحم المسروق، فكأنه أولى بالأكل من الإنسان، وقبله تبدو ((السرجنة)) في سحب عينة الدم بشكل فيه قبح وكآبة، في التأكد من سلامتها من الأمراض المعدية.

أما عن تقنية التصوير والموسيقى فأظن أنها ارتكزت على الحدث والموقف الذي يمثل الواقع المجرد أكثر من الإضاءة، بل ربما تشعر أنه لا توجد إضاءة من أصله، وبل وكأن التصوير تم من زاوية واحدة في أغلب الفيلم، وهذا امتثال لتصوير الواقع كما هو بدون إضافات عليه وللوصول إلى الصدق الفني في التعبير، وتنعدم الموسيقى التصويرية في ظلِّ كآبة الحياة التي لا تحتمل أكثر من ذلك لإبرازها، فتكاملت جميع مكونات العمل لتشكل في النهاية الرؤية التي يريدها العقل الجمعيّ للفيلم.

ولا شكَّ أننا أمام عمل فنيٍّ مختلف عما عهدناه، يركز على فكرته وهي التهميش، ولا يمتد إلى الإغراء الجسدي، بلاغة الحوار أو حماسة موسيقى التصوير.

قد نختلف مع رؤية فريق العمل في التعبير عن المهمشين في العصر الحالي في مصر في ظل نمو اقتصادي وحياة كريمة وتقليص الفجوة الاجتماعية، وقد نضطر أسفين إلى القول بأن صورتنا في الخارج لا ينبغي أن تكون على هذه الحال، وأننا نمتلك الكثير من عناصر الرفاهية والرقي والحضارة والنماء.

كل ذلك مشروع، ولنا الحق فيه، لكن جملة ما قدمه العمل هو فنّ، اختلط بالأسطورة أحيانًا، وقد أمعن في التعبير عن نموذج لأسرة مهمشة في خضم الفقر والعَوَز، ليس لزامًا أنها تعيش بيننا، وليس ذنبه -بل يكفيه- أنه حصل على جائز في المهرجان العالمي ((كان))، لم يحصل عليه أي عمل لدينا، أما عن قصده فذلك في عالم الغيب والنيات التي لا مقام لنا للدراية بها، لكن قد يصل الأمر بنا إلى التعرف على أهمية ما تنتجه الأيادي المصرية الآن في الانتقال والتحول للتخلص من العشوائيات ومد يد العون للمهمشين، وهو ما ينبغي التأكيد عليه، إما عن طريق الفن أو القنوات الإبداعية الأخرى.

فما قدمه العمل ليس صورة لأحد في مصر، ولا ينبغي أن نظن أنه نموذج يعيش بيننا -على الأقل الآن- وإنما هو فنٌّ، يكمن منتهى صدقه في كثرة كذبه.

 

محطة مصر نيوز في

24.10.2021

 
 
 
 
 

«ريش» في الجونة

إنعام كجه جي

مع فوزه بجائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان «الجونة» السينمائي، قبل يومين، تسربت نسخة من فيلم «ريش» للمخرج عمر الزهيري، إلى مواقع التواصل الاجتماعي. لم يعد هذا الشريط حبيس المهرجانات ومجالاً للتخمينات والمزايدات وضرب الأخماس بالأسداس. ها هو مطروح في الهواتف قبل نزوله إلى الصالات. يمكن لأي كان أن يشاهده ويميز الخيط الأسود من الأبيض.

لماذا كل هذه الضجة حول فيلم لشاب مصري لم يسمع الجمهور باسمه؟ فيلم ليس فيه ممثل واحد معروف؟ فيلم بميزانية بسيطة نسبياً، يخلو من العناصر التقليدية للإبهار في السينما العربية حتى العالمية؟ من المؤكد أن ما أثار الاهتمام بـ«ريش» هو فوزه بالجائزة الكبرى لأسبوع النقاد في مهرجان «كان» الفرنسي. تقدير لم يحصل عليه عربي من قبل. لكن الصرخة ارتفعت حول الفيلم عند عرضه في مهرجان «الجونة» الأخير. فبعد فترة وجيزة من بدء العرض قام بضعة فنانين معروفين وغادروا الصالة.

يعرف الصحافيون الذين اعتادوا حضور المهرجانات أن مغادرة بعضهم للقاعة قبل انتهاء الفيلم أمر يحدث وليس فريداً. إن من حق المتفرج أن يرى ما يريد، ولا يغصب نفسه على ما لا يطيق. ترك الممثل شريف منير الصالة وأعلن أن الفيلم يسيء لسمعة مصر فهو مليء بمشاهد الفقر والبؤس. لكن مشكلة الفيلم ليست في تصوير البؤس بل في الأسلوب، أي اللغة السينمائية. ومنذ فتحنا أعيننا على الأفلام المصرية ونحن نرى مشاهد البلطجة والمخدرات والعنف والجريمة والكباريهات. لا أحد ربط بين تلك الأفلام وبين سمعة بلد رائد في كل شيء. لكن العين التي تعودت، في السنوات الأخيرة، على أفلام السقا ورمضان وكوميديا اللمبي لن تتقبل نقلة «ريش».

كانت الأفلام المختلفة توصف بأنها أفلام مهرجانات. وهذا الفيلم واحد منها بالتأكيد. وهو ليس مما يسعد شباك التذاكر. ولا يلبي رغبة الجمهور «العايز كده». هل تدهور المزاج العربي العام وما عاد مستعداً لفيلم يخلو من المطاردات والطرائف والنجمات «المُزز»؟ إن الذوائق تُربى مثل ألف باء العيش واكتساب خبرات القراءة والكتابة وجدول الضرب. وسيحتاج من يقتني تذكرة لمشاهدة «ريش» إلى كثير من الصبر لكي يقطع ربع الساعة الأولى ويتقبل الإيقاع البطيء. فإذا عَبَرها فإن في انتظاره قصيدة سينمائية مختلفة وموجعة.

عُرض الفيلم لمرة وحيدة في «السينماتيك» في باريس. حجز مائتا متفرج تذاكرهم مسبقاً. وقفوا في الطابور تحت زخات المطر. ارتدوا الكمامات وجلسوا متباعدين. لم يغادر أي منهم الصالة، وصفقوا للمخرج الذي كان حاضراً بينهم. شاهدنا رب عائلة مدقعة الفقر. يستدين لكي يأتي بساحر لتسلية الجيران في عيد ميلاد ابنه. يضعه الساحر في صندوق ويقلبه إلى دجاجة. ثم يفشل في إعادته رجلاً. تبقى الدجاجة البيضاء الكبيرة جاثمة على الفراش، أمام زوجة وحيدة حائرة كيف ستطعم أطفالها. شابة أمية مقهورة لم تعرف من دنياها سوى خدمة بيتها، ستنقلب أمام أنظارنا إلى امرأة مختلفة. لم يحولها الساحر إلى فرخة بل إلى إنسانة تخرج لتعمل وتواجه واقعاً فيه الكثير من الاستغلال والمهانة.

هل هو فيلم مصري؟ يتحسس المواطن العربي في الكثير من بلداننا جلده لكي يتأكد أن لا ريش نبت له. لم ينقلب إلى دجاجة. ولا حاجة لعصا ساحر. تتكفل بذلك النزاعات والتفجيرات والمعتقلات وخيام اللجوء وقوارب الموت. لا بأس من ترويضه بأفلام التسالي وبرامج المسابقات. المطلوب أن يستكين وينسى أن العلاج باهظ والمدارس مكتظة والمصباح في بيته أعمى والحنفية ناشفة.

صحافيّة وروائيّة عراقيّة.

 

الشرق الأوسط في

24.10.2021

 
 
 
 
 

مخرج فيلم "ريش" المصري يخرج عن صمته بعد اتهامات وجدل

ولاء عبد الناصر - القاهرة - سكاي نيوز عربية

كشف مخرج فيلم "ريش" المصري، عمر الزهيري، عن سبب تحمسه لفكرة العمل السينمائي الذي حقق صدى واسعًا ولفت انتباه الجميع، خاصة بعد عرضه في مهرجان الجونة السينمائي الدولي في دورته الخامسة.

وكان فيلم "ريش" قد أثار الجدل واتهمه البعض بالإساءة لسمعة مصر في المهرجانات الدولية، وانسحب ثلاثة فنانين مصريين من مشاهدته أثناء عرضه في مهرجان الجونة.

وقال الزهيري في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، "منذ فترة، عندما شاركت بفيلم قصير في مهرجان كان، علمت أن لديهم برنامجا لرعاية السيناريوهات، بالإضافة لمساعدة المخرج الذي يمتلك سيناريو للانتقال إلى باريس ومساعدته في الكتابة".

وتابع "تواصلت مع المركز القومي للسينما الفرنسي، للمساعدة في إنتاج الفيلم، وفكرة الفيلم وجدت بها شيئا مختلفا وجديدا ومثيرا".

وعن إثارته للجدل والاتهامات التي وُجهِّت له، قال "فكرة الفيلم تبدو للمشاهد في بداية الأمر كالنكتة، زوجة يتحوَّل زوجها لدجاجة، وأضاف "إلا أن الفيلم يحمل رسالة قوية ومهمة، وهي إعادة اكتشاف الطبيعة الإنسانية، التي تراجعت في زمن طغت عليه المادية".

جدل ريش.. عندما تتلون السينما بمآسي الواقع

الإساءة لسمعة مصر

وعبر عن انزعاجه من الاتهامات التي وُجهِّت للفيلم بالإساءة لسمعة مصر، "عملتُ على سينما جديدة ومختلفة ولم أقم بشيء سيء أو غريب، والحصول على جائزة من مهرجان (كان) باسم مصر والسينما المصرية، يُعّد مسؤولية، ويخلق شيئا من الجدل".

ورّد بلهجة حادة على تلك الانتقادات  "لا يصح أن تقول إني لست مصريا، فأنا مصري وفيلمي مصري، وبعد عرض الفيلم في مهرجان كان، كانت هناك آراء إيجابية من قبل النقاد الفنيين، على رأسهم الناقد الفني طارق الشناوي".

وعن ردود أفعال الجمهور والنقاد على فيلم "ريش" بعد عرضه، أعرب عن سعادته بردود فعل الجمهور والنقاد لأنها كانت إيجابية، مشيرًا إلى أنّه لم يكن يتخيل أن ينال الفيلم على الحالة الكبيرة من الاهتمام.

كواليس التصوير

وأوضح أن "الفيلم استغرق وقتا طويلا في التحضير والاستعداد له، لكن التصوير استغرق خمسة أسابيع فقط"، مضيف: "التصوير كان في أماكن مختلفة وديكورات كثيرة، وأماكن حقيقية فغيرنا الديكورات والغرافيكس الذي تستطيع من خلاله تغيير الخلفية أو المباني، أما التصوير الداخلي فمعظمه ديكورات".

وعن سبب اختياره لأشخاص لم يسبق لها تجربة التمثيل من قبل، كشف عن سبب ذلك قائلاً "اختياري اعتمد على اختيار أشخاص مناسبة من وجهة نظري كسينمائي، وأن هؤلاء يستطيعون خدمة تجربتي، واعتمدتُ على الحقيقة أكثر من التمثيل".

وشدد على أنه يبحث دائما عن شيء مختلف وجديد ويعبر عمّا بداخله فقط، متابعًا "حريص كل الحرص تقديم سينما جديدة بعيدة عن أفكار مشابهة لأحد، وهذا ما أسعى له أنا وجيلي من المخرجين الشباب".

وختم بـ"أنا أؤمن أن المسألة ليست بالأداء التمثيلي، بقدر رؤية شخص يفاجئك أمام الكاميرا بواقعية، لم أكن أريد تمثيل بقدر ما أردتُ الواقعية".

 

سكاي نيوز عربية في

24.10.2021

 
 
 
 
 

عن فيلم ريش ...للمخرج عمر الزهيري

إيناس أحمد سوريا

أنا أكره التريند ...والحديث عن التريند ....والأشخاص الذين يستخدمون هذا المصطلح ...أصبح لدي فوبيا منه...واصبحت استخدمه للتهكم والسخرية ..

لكن يجب أن أقول الحق أن التريند هذه المرة أسدى لي خدمةً كبيرة ...ف تريند الكلام الذي صرّح به شريف منير وعدد من فناني مصر عن فيلم ريش ..الذي عرض في مهرجان الجونة كان سبب أن أشاهد الفيلم "..ل أرى كيف يمكن لفيلم أن يسيئ الى سمعة بلد ....وخاصة أنها المرة الأولى التي اسمع بها مصطلح كهذا

لكل منا ذوق في الحياة مختلف عن الآخر ... ..حكمنا على الامور الجمالية مختلف جدا حسب رؤية كل شخص ..وإن لم يكن علينا أحترام وجهة النظر الآخرى ..على الأقل تقبلها أو تقبل إنها موجودة ...

في الحقيقة بعد مشاهدة الفيلم ..صفنت في حائط غرفتي مدة نصف ساعة بسبب الجرعة الجمالية التي شُحنت بها بسبب الفيلم ..

يا إلهي أنا اسفة شريف منير لكن أنا لا احترم رأيك ولا اتقبله وخصوصا أنك فنان ...لأنه سأقبل منك أن تنسحب وتقول لايعجبني هذا النمط من الأفلام..لكن أن تصفه بالاساءة الى مصر ف هذه كارثة ثقافية ....

أين السوداوية والتقل على القلب ( كما قال النجوم على الريد كاربت) بالفيلم أنا لم أراها...رأيت كوميديا ذكية غريبة لم أشاهدها قبل في أفلامنا العربية ....أو ربما شاهدتها في فيلم جنة الشياطين ...

أين الاساءة الى سمعة مصر ...أين مصر في الفيلم أساسا؟..أنا سمعت عشر جمل لا أكثر باللهجة المصرية..لكن الزمان والمكان والشخصيات في الفيلم تنتمى الى فضاء غير محددصنعه المخرج الشاب ....حتى أن الشخصيات بلا اسماء ..

الحدوتة في الفيلم ليست عظيمة هي بسيطة جداً(.لن اتحدث عنها ف أنا سأكتب رأيا فطريا حماسيا أعبر به عن استمتاعي بالفيلم وليس رأي نقديا لأنه مو شغلتي ) ..لكن المخرج وظفها بشكل رائع ..وسردها بطريقة يمكن أن أصفها بالشعرية ...يمكن أن أكون على خطأ ..لكني فعلا كنت أشاهد فيلما شعريا ..وهذا النمط الذي اعشقه ..

كانت اللقطات طويلة حجما وزمناً ...والايقاع سلس وهادئ اتأمل الكوادر والألوان والإضاءة والجمال وحال الشخصية الرتيبة ..إنه فيلم يصور رتابة الحياة التي تدور في فلكها الأحداث دون أن يشعرك بالملل هل تتخيل هذه المعادلة؟..لأنها موظفة بطريقة صحيحة وليست استعراضا فقط ....وكانت استخدامه للصورة والتوكيد عليها ل استخدامها في مشهد لاحق ذكيا جدا ل ايصال الفكرة دون حوار او مباشرة في الطرح.....

البطلة الصامتة الرتيبة ..رغم أن اللقطات(الكلوز) او القريبة من وجهها كانت قليلة جدا ..لكنه استطاع اشراكي معها في مراقبة كل الأحداث بشكل حيادي ..ف الفيلم كان يروى من وجهة نظرها ونظري أيضا ..فلم يكن هناك صراع واضح بين الخير والشر..احداث تدور والمشاهد هو الحكم...

الفيلم لم يكن ميلو دراميا ولم يشحد العاطفة والدموع والتعاطف من المشاهد...لا بالتمثيل ولا باللقطات ولاحتى بالموسيقى ...كم امقت الموسيقا الحزينة مع المشاهد الحزينة ...

الفيلم كان كتلة من الاحاسيس والمشاعر لكن دون دموع دون حزن ...حتى أن المخرج اختار موسيقى راقصة مع مشهد القتل في النهاية..

المشهد الذي سحرني دراميا ...هو المشهد داخل السيارة حين كان الرجل يريد ابتزازها مقابل مساعدتها ماديا وغناء الرجل في هذه اللحظة ...لن اتحدث عنه كمان ( لانه ح ضل ساعة) .

انا ك سورية افتخر بهذا الفيلم ..

انه يشرّف مصر ...ويعطي طاقة جمالية وسينمائية لكل عاشق للفن " المتعوب عليه" ..

أما عن شريف منير ....اقترح عليه أن يشاهد أفلام خارج نطاق مجموعة شباب يذهبون في رحلة الى الساحل الشمالي ثم يخونون بعضهم مع حبيبات بعض ....

اتمنى لو أتمكن من مشاهدته في صالة عرض ..ف ل الاسف قد شاهدته على الموبايل اتعس مشاهدة ...

شكرا مصر ...شكرا عمر الزهيري ...أنت مخرج له وجهة نظر وهذا ماتحتاجه السينما ومبروك الجائزة ...أنها مستحقة .

 

الـ FaceBook في

24.10.2021

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004