اعتزال “داود عبدالسيد” يعيد طرح السؤال ….
ما الأسباب الحقيقية لأزمة السينما المصرية؟
تقرير : محمود دوير
أعادت تصريحات المخرج الكبير داوود عبدالسيد عن أسباب
اعتزاله، النقاشَ حول من يقف وراء تدني أو رقي حالة السينما، هل هو ذوق
الجمهور أم شركات الإنتاج وما تفرضه من أفكار على الفنانين والجمهور؟
وأرجع عبدالسيد اعتزاله الذي أعلنه في لقاء تلفزيوني قبل
أيام لما وصفه بـ”أن الوضع العام في السينما والإنتاج لا ينبئ بأي تغيير في
صناعة السينما؛ إذ إن الجمهور أصبح يبحث عن التسلية وليس العمل الجيد”.
والسينما الحالية في رأيه “سينما تجارية تستهدف جمهورا ليس
لديه هموم أو اهتمامات”، لافتا إلى أن اعتزاله “تحصيل حاصل”، لأنه لم يعمل
منذ سنوات، وكان آخر أفلامه “قدرات غير عادية” في 2014.
ومن وقت إذاعة اللقاء لم يتوقف التعليق على هذه المبررات،
وتقييم حالة السينما، ومن السبب الحقيقي وراءها، هل الجمهور أم صناع
السينما الذين قد يكونون منفصلين عن فكر وهموم الناس الحقيقي؟
ولأننا أمام مخرج يمتك “قدرات غير عادية ” وصاحب رؤية وموقف
شديد التميز ظل يمتلك أدواته المبهرة متحدياً أى ضغوط إنتاجية تصنع من ساعة
الفن “أرض للخوف” على شباك التذاكر فقط لكن “داود” الذى بدأ حياته الفنية
مع “الصعاليك” وظل يبحث عن “سيد مرزوق ” جاء اليوم بجرأته المعهودة لينكئ
جراح السينما وجراحنا ويكشف أمامنا جميعا أن الوضع ليس على ما يرام أبدأ،
وأن الأزمة لم تكن يوما خارجة عن إرادتنا فى معظم جوانبها فقرر أن يبعث
رسالة قوية ويرمى حجرا فى مياه النهر التى أصبحت راكدة بالسائد والمستقر
..
فهل جاء إعلان “عبد السيد” إعتزال الفن تعبيرا عن واقع فعلى
أم أنه صرخة فى وجه الجميع . ” الأهالى “طرحت السؤال الشائك على فنانين
ونقاد
مدير التصوير الكبير الفنان “محسن أحمد ” الذي قدم مع
عبدالسيد فيلم “الكيت كات” سنة 1991، يرى أن شركات الإنتاج تتحمل جزءا من
مسؤولية حال السينما؛ لعدم استعانتها بالفنانين أصحاب القيمة الفنية.
واعتبر أن المخرج المعتزل “أكثرنا شجاعة في اتخاذ قرار
كهذا؛ فمجموعة السينمائيين الذين يملكون تاريخا مفروض عليهم اعتزال إجباري”.
وفي تصريحه صحفي ضرب أمثلة بسؤاله: “أين محمد فاضل وجمال
عبدالحميد وعمر عبدالعزيز وهاني لاشين وغيرهم؟”، معتبرًا عدم الاستعانة
بهؤلاء “اعتزالا إجباريا”.
كما استشهد بكلام عبدالسيد بأنه لا يتم الاستفادة من
الكفاءات الفنية العظيمة، وصارت معطلة.
وطالب محسن أحمد الدولةَ بالتدخل لحماية صناعة الفن المصري؛
لأن القرار الذي اتخذه عبدالسيد يراود الكثير من الفنانين، مشددا على أن
الفن “لا يوجد به اعتزال”، ويمكن أن يعمل الفنان حتى سن الـ 90.
من خذل داوود ؟
الناقد الفني “طارق الشناوي ” أكد انه : “عندما يعلن مخرج
بحجم “عبدالسيد” عن التوقف عن استكمال مشروعاته مهما كانت الأسباب المعلنة
التي أثق أنها ليست الوحيدة “مشيرا إلى وجود أسباب أخرى لهذا القرار بين
السطور فإن هذا يعنى وجود خطأ “وأضاف” الشناوي “أن هذا القرار يعنى وجود
خطأ كبير لدى الجميع سواء الدولة أو المسؤولين أو حتى أصدقاء داود أنفسهم”.
واضاف الشناوي أن من خذل داوود ليس الجمهور لكنه المناخ
السيء الذى يجب على الدولة أن تواجهه ” مضيفا أن “داوود ” متابع للحياة
الفنية بشغف وهو مازال قادرا على العطاء مشيرا إلى أن الاخراج عمل عقلي
ويحتاج الى لياقة إبداعية وليست جسدية والمؤكد ان داوود مازال قادرا على
العطاء
”
أما الناقد الفنى “محمود عبدالشكور ” فأكد للأهالي أن داود
” أراد من القرار ان يحرك المياه الراكدة وان يلفت النظر إلى مشكلات
السينما وهو مجبر على الاعتزال فعلا منذ فيلم “قدرات غير عادية” أي أنه لا
جديد في الأمر وإنما ما يهم داوود هو تغيير المناخ الذي لا يساعد على
الإبداع ، ما يهمه هو إتاحة الفرصة لأنواع مختلفة من الأفلام بجانب السينما
السائدة وقد نجحت تصريحاته فعلا في فتح الملفات المغلقة وتمنى أن تثمر
اجراءات تنفيذية محددة
”
*الجمهور
ليس السبب
ورفض الناقد الفني محمد عبدالرحمن اتهام الجمهور بأنه وصل
إلى مستوى لا يستوعب الفن الجيد، وبأن هذا سبب اعتزال عبدالسيد، قائلا:
“عبدالسيد قيمة كبيرة، ولكن يجب ألا يلقي سبب الاعتزال على الجمهور،
والدليل الحضور اللافت للشباب خلال ندوة أقامها مهرجان القاهرة السينمائي
في دورته الأخيرة بمناسبة مرور 30 عاما على عرض فيلم “الكيت كات”؛ وهذا
يعني أن الجمهور يتفاعل مع العمل الجيد
”
وتابع “من حقه ألا يقبل السائد، لكن يجب ألا نحمل المسؤولية
للجمهور”.
وفي الوقت نفسه، اتفق عبدالرحمن في أهمية تدخل الدولة
وشركات الإنتاج العريقة لدعم صناعة السينما والحفاظ على فنانين بقيمة
عبدالسيد، خاصة أنه من الفنانين الذين لا يروق لهم الحصول على تمويل من
مهرجانات أو تقديم أعمالهم على المنصات.
لافتا إلى أن “نقطة السن يجب أخذها في الاعتبار، بعيدا عما
يحدث في الغرب؛ لأن آلة الإنتاج هناك مختلفة تماما”
وقدم عبدالسيد الذي ولد 1946 أفلاماً، مثل “الصعاليك”،
و”البحث عن سيد مرزوق”، و”الكيت كات”، و”أرض الخوف”، و”مواطن ومخبر
وحرامي”، و”رسائل البحر”، وآخر إنتاجه فيلم “قدرات غير عادية” وأكد في
تصريحاته الأخيرة أن “قراره بالاعتزال ليس مشروطا؛ إذ إنه لا يجد أي أمل في
إصلاح حال السينما، حسب قوله. |