مخرجا "رفعت عيني للسماء" لـ"الشرق":
نحلم بعرضه في صعيد مصر بعد مهرجان كان
كان (جنوب فرنسا)-محمد
عبد الجليل
كشف أيمن الأمير وندى رياض، مُخرجا الفيلم المصري "رفعت
عيني للسماء"، الذي عرض في مسابقة "أسبوع النقاد" خلال الدورة 77 من مهرجان
كان السينمائي، المُنعقدة حالياً حتى يوم 25 مايو الجاري، عن حلمهما بحصول
الفيلم على فرصته من العرض في كل قُرى صعيد مصر خلال الشهور المقبلة، كون
القصة تُمثل شريحة من فتيات الجنوب، كما أنّ بطلات العمل قد يُصبحن ملهمات
لغيرهن.
وقالت ندى رياض، خلال حوارها مع "الشرق"، بعد عرض فيلمها في
مهرجان كان السينمائي، إنها لم تستوعب بعد، ردود فعل الحضور الذي شاهد
الفيلم في عرضه العالمي الأول، رغم أصوات التصفيق التي كانت تملأ أركان
القاعة، حيث كان تركيزها فقط مع الفتيات بطلات الفيلم.
وتابعت "فور علمنا بعرض الفيلم في المهرجان، حرصت على
اصطحاب الفتيات معنا إلى مدينة كان، ليروا نجاحهم بأعينهن، وكنت أساعدهن
لأسابيع في إنهاء إجراءات السفر، وكانت تلك الفترة مليئة بالضغوط والتوتر،
حيث إنّ التأشيرات صدرت قبل موعد الرحلة بساعاتٍ قليلة"، متابعة "حضورهن
المهرجان، كان أمرًا مهمًا بالنسبة لي، خاصة وأنّ أحداث الفيلم من قلب
الصعيد، وبه وجوه مصرية، ففكرة مشاركة العمل مع جمهور أوسع، هذا شيء مميز
بالنسبة لي".
وتدور أحداث الفيلم، حول مجموعة من الفتيات يقررن تأسيس
فرقة مسرحية، وعرض مسرحياتهن المستوحاة من الفلكلور الشعبي الصعيدي، بشوارع
قريتهن الصغيرة، لتسليط الضوء علي القضايا التي تؤرقهن كالزواج المبكر
والعنف الأسري وتعليم الفتيات، بينما يمتلكن أحلاماً تفوق حد السماء، وهو
بطولة فريق "مسرح بانوراما برشا"، من بينهن ماجدة مسعود، وهايدي سامح،
ومونيكا يوسف.
مساحة حرية
وقالت المخرجة ندى رياض، إن أعضاء الفرقة حضرن ورش فنية في
ضوء التحضير للفيلم، كما شاهدوا مجموعة كبيرة من الأفلام، ليكون لديهم رؤية
نوعاً ما بطبيعة العمل السينمائي.
وأشارت إلى استكشافها عوالم جديدة من داخل صعيد مصر، لم تكن
مُدركة بها قبل التحضير لفيلم "رفعت عيني للسماء"، قائلة:" بعد الانبهار
بعروضهن المسرحية، فجأة اكتشفت عالم جديد وهو وجود مساحة كبيرة من الحرية
لدى الفتيات هناك، أكبر من المساحة الخاصة بي، فكانت هناك تساؤلات تدور
داخل رأسي، حول مفهوم الحرية، ولماذا هن أحرار أكثر منّي، لكن مع الوقت
أدركت أن الحرية مرتبطة بالسن نوعاً ما، خاصة أن أعمارهن مازالت صغيرة،
ولديهن طاقة كبيرة، ولا يعترفن بالعوائق والتحديات، عكس من تقدم بالعمر،
وأن الشخص يعرف حدوده جيداً عندما يكبر بالعمر.
وحول طبيعة العمل مع زوجها المخرج أيمن الأمير، والشراكة في
إخراج الفيلم، قالت: "رغم إنه زوجي، لكن ذلك يُصعب من المسألة عكس المتوقع،
والفيلم الأول الذي صنعناه سوياً كان بهدف البحث عن طريقة للتواصل بيننا،
وأعتقد أن السينما هي اللغة المشتركة بيننا، ونستخدما بشكلٍ رئيسي في
التواصل، خاصة وأننا شغوفين بها لأقصى درجة".
وتابعت "إذا كان نعمل على موضوع له علاقة بالسينما، وقتها
نعمل عليه بكل حرص واهتمام، ونطرح آراء ويكون هناك حالة من الحماس، لتشكيل
رؤية مشتركة، لكن وقت التحضير نبذل مجهودًا كبيراً جدًا للوصول إلى نسخة
نهائية نكون راضين عنها بالطبع".
كواليس
ومن جانبه، كشف المخرج أيمن الأمير، خلال حديثه مع "الشرق"،
كواليس فكرة "رفعت عيني للسماء"، موضحاً أنّه تعرّف على الفرقة عام 2017،
بالصدفة البحتة، خلال تقديمهم أحد العروض في قرية بصعيد مصر، بالتزامن مع
وجوده بإحدى المؤسسات المجتمعية المهتمة بتمكين المرأة في المجتمع المصري
من خلال الفن، سواء المسرح أو السينما.
وأضاف أنّ "العرض كان جريئاً بالنسبة لي، ولم أتوقع أنّ
أشاهد عرضًا مسرحيًا في صعيد مصر بهذه الجرأة، وكانت لدىّ حالة من
الانبهار، لذلك تعرّفت عليهم، ونشأت علاقة منذ ذلك الحين، وبعدها شاهدوا
فيلمنا التسجيلي الأول، كان من إخراجي وندى زوجتي، وكنا نُشارك فيه
كمُمثلين أيضاً، وأعتقد أنّ تلك اللحظة كانت شديدة الأهمية بالنسبة لهم،
لاكتشافهم عالم السينما، وأنها مثل المسرح، يستطيعون من خلالها التعبير عن
أنفسهم وأفكارهم".
وتابع "بعد فترة، طرحوا عليّا وندى، فكرة تقديم فيلم
تسجيلي، ووقتها لم تكن لدينا خلفية كاملة عن عروضهم المسرحية وآلية تقديمها
في الشارع، لكن علاقة الصداقة توطدت بشكلٍ كبير، وتعرفنا على أهالي وعائلات
البنات الموجودة بالفرقة، وبدأنا التحضير للمشروع عام 2018".
ولفت إلى الجهود الضخمة المبذولة خلال مرحلة التحضير،
"الفتيات كانت بحاجة إلى فهم طبيعة الشخصيات، وما المطلوب منها، وماهية
التصوير، وآلية التصوير أيضاً، وكيف سيكون الشكل في النهاية، فكان هناك
نقاشاً طوال الوقت، حيث بدأنا التصوير مع نهاية عام 2018، واستمر حتى 2022".
وأكد أنه خاض رحلة طويلة للبحث عن مؤسسات تدعم هذا الفيلم،
"كنا بحاجة إلى جهة إنتاجية تُساعدنا على إنتاج العمل، لأن هذا الفيلم ذات
طبيعة خاصة، ونُدرك منذ البداية أنه لا يُشبه الأفلام التي تُصور في
أسبوعين، لكن يستغرق فترة طويلة جداً، كما أن طاقم العمل لا يضم مئات
الأفراد كغيره من المشاريع السينمائية الكبيرة، بل عددنا لم يتجاوز 7
أفراد، كنا نقوم بالأدوار كلها".
ورأى نفسه محظوظا بفريق العمل الذي تعاون معه، كون الفريق
كان يمارس مهامه باجتهاد شديد"، متابعاً "الأمر الذي كان يشغل بالي وقتها،
هو إنجاز التصوير في الوقت المُحدد، خاصة أن الفتيات كان يتعرضن لأي حدث
طارئ، أو تتغير ملامحهن".
صعوبات وتحديات
واستعرض المخرج أيمن الأمير، الصعوبات التي واجهته في
الفيلم، أبرزها "هو بناء علاقة ثقة مع أعضاء الفرقة، خصوصاً وأن لديهم
تساؤلات كثيرة طوال الوقت، وفكرة وجودنا ووجود الكاميرات، وتنفيذ توجيهاتنا
بالتحرك بشكلٍ مختلف أمام الكاميرا، وإبراز المشاعر المختلفة وفقاً
لمتطلبات كل شخصية، مؤكداً أنه كان حريصاً على زيارتهم بشكلٍ دوري على مدار
4 سنوات، لتعزيز فكرة الاعتياد على وجودنا، وأننا جزءاً من حياتهن، وسنبدأ
الاطلاع على واقعهن وأحلامهن".
وأضاف أنه واجه صعوبات بالغة في المونتاج أيضاً، بسبب وجود
مادة مصورة تتجاوز مدتها 400 ساعة، "النسخة النهائية من الفيلم بها 3
شخصيات فقط، لكن وقت التحضير والتصوير كنا نتابع مع 6 شخصيات، وتخطى ذلك
الأمر تطلب جهوداً كبيرة، خاصة أن مخرج العمل يكون لديه علاقة قوية مع
الشخصيات الموجودة على الشاشة، فاختيار 3 من وسط 6 شخصيات كانت مسألة
مرهقة، لرغبته في تقديم المزيد من المشاهد، لكن فريق المونتير ساعدنا على
تجاوز الموضوع، واستبعاد المشاهد التي لن تؤثر في سياق الأحداث"، لافتاً
إلى أن عملية المونتاج استغرقت نحو عامٍ ونصف العام تقريباً من أبريل 2022
وحتى نوفمبر 2023.
يذكر أن فيلم "رفعت عيني للسماء" ينتمي إلى فئة الأفلام
الوثائقية الطويلة، وحصل على دعم صندوق مهرجان البحر الأحمر، وكذلك مهرجان
مراكش، والجونة السينمائي، وهو إنتاج كل من مصر، والسعودية، وقطر، وفرنسا،
والدنمارك.
هذا الفيلم هو الثاني لندى رياض وأيمن الأمير، بعدما سبق
وعُرض فيلمها الروائي القصير "فخ" بمهرجان كان عام 2019، وحصل فيلمهما على
تنويه خاص من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في نفس العام، كما عُرض
فيلمهما التسجيلي "نهايات سعيدة" عام 2016 بمهرجان أمستردام الدولي للأفلام
التسجيلية. |