ملفات خاصة

 
 
 

في مهرجان فينيسيا:

جيمس بوند شاذ جنسيا، متهتك وداعر

أمير العمري- فينيسيا

مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي الحادي والثمانون

   
 
 
 
 
 
 

وأنا أقف في طابور الصحفيين والنقاد قبل الدخول لمشاهدة فيلم “كوير” Queer جاءت صحفية إيطالية من الخلف وتقدمت لتسبقني في الدخول وكنت في موقع متقدك كثيرا قرب الباب، فسألتها: أين تذهبين؟ فقالت: أريد أن أقف قبلك هناك؟ فقلت: لماذا تقفزين؟ فقالت ضاحكة: بل أنا أطير. قلت على سبيل السخرية والمداعبة: دعينا نطير معا إذن.. ثم سألتها: ما الذي نفعله هنا ونحن على وشك مشاهدة فيلم عن رجل عجوز متهتك، فاجر، يطارد شابا لكي يقضي وطره معه؟ قالت في حكمة أوروبية: نعم.. لكن هذا ما أصبح عليه العالم اليوم.. العالم يتغير!

من المؤكد، على الأقل بالنسبة لما أعرفه وسبق أن شاهدت من أفلام، لا يوجد ما يضارع فيلم “مثلي الجنس” للمخرج لوكا جوادانينو، سوى فيلم فاسبندر الأخير (قبل وفاته في 1982) أي فيلم “كيريل”. والمقصود ما يحتويه من جرعة صادمة واضحة، مباشرة، من الجنس المثلي، أو إن أردنا رد الأمور إلى أسمائها الحقيقية، “الشذوذ الجنسي”، وهو التعبير الذي يفزع منه كثيرا بطل فيلمنا هذا.

كوير” أو “مثلي الجنس” تعبير حديث نسبيا، أختلق لكي يمحي الاحتقار عن “المثليين” باستبعاد فكرة كونهم شواذا، فهم بهذا المعنى أو بكلمة أخرى هي “gays” يصبح الميل الجنسي لنفس الجنس، أمرا “طبيعيا”. وأما في اللغة العربية الكلاسيكية يكتسب المعنى من كلمة “لوطيون” أو “لواطيون” أو “اللواط” مفهوما دينيا، يحمل الإدانة المستندة على نصوص في الكتب المقدسة.

المخرج الإيطالي لوكا جوادانينو، الذي يعمل في الولايات المتحدة، هو نفسه “شاذ جنسيا”، وسبق أن عبر عن اهتمامه بتطبيع فكرة “الشذوذ” وجعلها “مثلية” طبيعية، في بعض أفلامه السابقة مثل “ادعوني باسمك” Call Me by your Name و”المتحدون” Challangers. وهو يقتبس هنا رواية قصيرة للكاتب الأمريكي وليم بيروز (1914- 1997)، “كوير” التي كتبها مع روايتين آخريتين هما “مدمن” Junkie و”رسائل الياغا” The Yaga Lettersعن فترة إقامته في المكسيك.  ومعروف أن “كوير” Queer تروي بعضا من سيرته الذاتية، وفيها ما يشبه الاعترافات الصريحة لذلك تأخر نشرها إلى عام 1985 رغم أنه كتبها في الخمسينيات، وأحداثها تدور أيضا في نفس الفترة.

وفي نقلة هائلة مدهشة بل وصادمة للجمهور الذي ارتبط طيلة أكثر من 15 عاما مع دانييل كريج في دور العميل السري البريطاني الأسطوري جيمس بوند، فكريج يقوم هنا بدور رجل أمريكي فاسق، هجر بلاده وجاء إلى المكسيك، الى مدينة مكسيكو سيتي، لكي يتيح لنفسه المجال لتعاطي المخدرات التي أدمن عليها (وكانت تعد جريمة يعاقب عليها القانون في الولايات المتحدة) والبحث عن المتع الشاذة مع الفتية، فهو في النصف الأول من الفيلم، يذرع شوارع المدينة ليلا، يتسكع، ويتردد على البارات، يفرط في تناول الكحول، وكأنه يسعى لتدمير ذاته، فهو شاذ جنسيا، يريد أن يتمسك بذكوريته ولا يصل لمرحلة التهتك، لكنه في الوقت نفسه، لا يريد أن يشعر بالتدني أو الدونية بسبب ميوله الشاذة.

سيصبح هذا الرجل، “وليام لي” مغرما بشاب أمريكي عشريني ذي عينين حالمتين، هو “إيوجين ألبرتون” (يقوم بالدور درو ستاركي). هذا الشاب ليس “كوير” كما يردد كثيرا، ولكن هذا لا يجعل “لي” يتراجع عن محاولة إغوائه بشتى الطرق، وتروق الفكرة للشاب، فيستسلم مرة ومرتين، لكن لي يطمع فيما هو أكثر من هذا، أن ينال حب الشاب، ويعرض عليه بالتالي أن يذهب معه في رحلة إلى أمريكا اللاتينية، للبحث عن نبات يسمى “الياغا”، يقال إنه يمكن أن يتيح لمن يتعاطاه القدرة على التخاطر العقلي، أي معرفة ما يدور في أذهان الآخرين، القريبين منه، وتحديدا “إيوجين” فهو يريد أن يعرف ما إذا كان هذا الشاب حقا يحبه أم أنه يقضي الوقت معه والسلام، مستمتعا بما يغدقه عليه، ومن خوض تجربة التعرف على بلدان لا يعرفها كما أعرب له عندما اقترح عليه الفكرة.

لي” يدور دائما في نفس البذلة الكتان البيضاء، والقبعة، والنظارات التي تكشف عينيه بوضوح، وهو ينفق عن سعة، من المال الذي آل إليه عن طريق الإرث.. وفي النصف الأول من الفيلم، يظل ينتقل من حانة إلى أخرى، ومن مطعم إلى آخر، ويستقر في النهاية على ما يشبه حانة خاصة بالمثليين من أمثاله.

ومع الانتقال إلى غابات الإكوادور في أمريكا الجنوبية يتخذ الفيلم أسلوبا متخلفا عن أسلوب الفيلم- نوار، الذي يصبغ مشاهد مكيسكو- سيتي، رغم أننا لا نشاهد جريمة أو مجرمين، لكنها أجواء تذكرنا بما استقر في الذاكرة من أفلام صورت في نفس المدينة، خصوصا وان مشاهد النصف الأول تدور عادة في الليل، في الظلام، أو تحت إضاءة خافتة وباستخدام ألوان قاتمة، وخلفية موسيقية وأغان رومانسية تعود إلى الخمسينيات، بحيث يختلط الفيلم- نوار مع القصة الرومانسية.

يحمل “لي” باستمرار مسدسا يضعه حول خصره، ولكنه لا يستعمله، بل يريده كضمانة فقد للحماية في حالة تعرض لأي اعتداء في مدينة ممسوسة بلمسة الشر، إن استعرنا عنوان فيلم أوروسون ويلز البديع Touch of Evil الذي يدور في المدينة نفسها.

أما في النصف الثاني فسيلتقي الاثنان بامرأة، عالمة نباتات تقيم منذ عشرات السنين في الغابة، محمية بنوع قاتل من الثعابين، تدرس وتجري التجارب على النباتات الغريبة، وهي نفسها امرأة غريبة كل الغرابة، شكلا وسلوكا، فنحنن لا نعرف ما إذا كانت طيبة أم شريرة، لكنها تضحك باستمرار على كل تساؤلات “لي” أو تعليقاته المقصودة. وهي سوف تتيح لهما تجربة نبات الياغا، وسوف يتأكد لي أنه الشاب لا يحبه كما كان يرغب ويشتهي.

رغم غرابة الفكرة والموضوع والرواية، إلا أن دانييل كريج يقدم أداء مدهشا، فيه الكثير من خفة الظل التي تضفي أجواء كوميدية، وهو يهيمن بشخصيته على الفيلم، كما يعكس الحوار الذي وضع على لسانه، نوعا من الثقافة الرفيعة، والقدرة أيضا على التفلسف أو فلسفة الأشياء عندما يخاطب الشاب معربا له عن حيرته، وتردده، وعذابه، ومع ذلك، تصميمه على اغتراف الممتع بما فيها الإدمان الذي لا يستطيع له دفعا، لمشتقات الأفيون.

من حيق الأسلوب هناك كما أشرت، شرخ يحدث عندما ينتقل جوادانينو من المدينة إلى الغابات، ومن الواقع إلى عالم أشبه بالسحر والصور الخيالية السحرية التي تبدو كما لو كانت صادرة من عقل يهلوس بتأثير المخدرات أو نبات الياغا على الأقل. وهنا سنرى الكثير من المشاهد الصادرة من عالم الأحلام والهواجس، في صورة جماليا، بديعة ولكنها لا تضيف شيئا.

والهلوسات في الفيلم كثيرة، وعليك أن تقبل حقيقة أن “العالم يتغير” كما قالت الناقدة الإيطالية الحكيمة، أو ترفض الفيلم وما يصوره الفيلم، ولكن رفضك لن يغير شيئا من حقيقة أننا نعيش فيما بعد سقوط العقل والمنطق.. وتغير معنى الحب.

 

####

 

من أفلام مهرجان فينيسيا: من إيرول موريس إلى الهولوكوست

أمير العمري– فينيسيا

من الأفلام التي انتظرت مشاهدتها في الدورة الـ81 لمهرجان فينيسيا، الفيلم التسجيلي الطويل للمخرج الأمريكي المرموق إيرول موريس صاحب الأسلوب الخاص في عرض أفلامه المثيرة للجدل، التي تتناول الكثير من القضايا الفكرية والسياسية التي تشغل الرأي العام في الولايات المتحدة، فقد سبق أن تناول موضوع عقوبة الإعدام في فيلم “خط أزرق نحيف”، ثم مواجهة وزير الدفاع الأمريكي الأسبق، روبرت مكنمارا بمسؤوليته عن توريط أمريكا في حرب فيتنام في “ضباب الحرب” واستخدامها أبشع أنواع الأسلحة الفتاكة، ثم مساءلة الهولوكوست وما إذا كانت غرف الغاز قد وجدت حقا في فيلم “مستر موت” الذي يتوقف أمام شخصية فريد لوشتر صاحب التقرير الشهير الذي ينكر وجود القتل بالغاز السام في أوشفتز، ثم “المجهول المعلوم” الذي يواجه فيه وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد الذي دفع بلاده لغزو العراق، ثم “ممر الحمام” الذي يشرح فيه شخصية أشهر كاتب لأدب الجاسوسية، البريطاني جون لوكاريه.

إيرول موريس يعود بفيلم جديد إلى المهرجان هو “منفصل” Separated الذي يبحث فيه ما اعتمدته إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب من سياسية فصل الأبناء عن آبائهم اللاجئين الذين يعبرون الحدود مع المكسيك قادمين من القارة الجنوبية. وهي السياسة التي توقفت مؤقتا في ظل إدارة بايدن لكن من المؤكد أن تستأنف في حالة تم انتخاب ترامب.

كان المأمول أن يناقش الفيلم السياسات العنصرية للرئيس ترامب بشكل عام، وربما أيضا بتركيز خاص على موضوع الجدار العازل بين بلاده والمكسيك لمنع تدفق المهاجرين غير الشرعيين، وماذا يجري عند الحدود، لكن الفيلم أصبح بمثابة مقال تفصيلي موثق من خلال الشهادات التي يدلي بها عدد من الشخصيات، من اليمين ومن اليسار، أي على جانبي القضية، بخصوص موضوع فصل الأطفال عن ذويهم، وهي قضية إنسانية يحذر موريس كم خطورتها ومن انعكاساتها المستقبلية على الشارع الأمريكي. ويحاول أن يذكر بما تم تشريعه بالفعل في هذا السياق.

ورغم جرأة الكثير من المشاهد والمواجهات التي تتم مع بعض المسؤولين، يبدو الفيلم أقل في مستواه كثيرا عن أفلام مخرجه السابقة، خصوصا وانه لم ينجح في الحصول على أي تصريح من جانب أي مسؤول في إدارة الرئيس بايدن، كما أنه يفتقر إلى الطرق المبتكرة الإبداعية التي تميز أسلوب إيرول موريس كما تبدى في أفلامه السابقة.

من أفلام المسابقة لفت نظري فيلم “اقتل الجوكي” للمخرج الأرجنتيني لويس أورتيجا الذي يجمع بين فيلم الإثارة (ثريللر) والكوميديا، رغم أنه يبدو من السطح من الأفلام “الرياضية” خصوصا رياضة سباق الخيل.

ريمو مانفريدي” بطل الفيلم، الشاب العشريني، هو الجوكي الذي يقود الحصان في السباق ويكسب عادة، لكنه أيضا مدمن مخدرات وكحول، بل سنعرف أنه ضالع في توزيع المخدرات لحساب مجرم عتيد يدعى “سيرينا”. وريمو واقع بين شقي الرحى، فسيرينا يطالبه بالفوز في السباق القادم لضمان استرداد ما له من مال لديه، والمسؤول عن تنظيم السباق يريد أن يجني أرباحا من وراء المراهنات، وصديقته الحامل منه “أبريل”، تريده أن يبتعد عن السباق. وتقوم بدور أبريل، الممثلة الإسبانية الجميلة التي سبق أن قامت بدور “طوكيو” في مسلسل “سرقة البنك” الشهير.

تحت كل هذه الضغوط، ومدفوعا برغبة عبثية في الهرب، يرتطم ريمو بحصانه في السياج وتكون النتيجة إصابته في دماغه إصابة بالغة، ربما يكون قد نتج عنها ارتجاج في المخ أو نزيف، لكنه لن يبقى طويلا في المستشفى بل سيسرق معطفا نسائيا من الفرو، ويلف رأسه بقماش أبيض، ويضع الماكياج الذي سرقه أيضا، ويتنكر في زي امرأة ويطلق على نفسه “دولورس”، ويهيم على نفس في شوارع بيونس أيرس، بينما يقلب سرينا الدنيا عليه ويرسل في أثره مجموعة من الأشقياء، لقتله أو العودة به سالما.

هناك كثير من الأفكار المبعثرة في الفيلم مثل فكرة الهوية، أو الصدام مع العالم الذي يدفع إلى تغيير الهوية كنوع من الهرب، لكن هناك أيضا فكرة تدمير الذات، وفكرة الجندر أو الميل الجنسي، ففي لحظات يقبل ريمو أن يتم التعامل مع على أنه امرأة، وفي وقت آخر، يبدي بعض الاستجابة لمداعبات سرينا الجنسية، كما أن “أبريل” التي أرادته إلى يعود إلى نفسه أي أن يتغير ويصبح أكثر شعورا بالمسؤولية، كشرط لكي تمنحه حبها من جديد، هي نفسها تنحرف جنسيا في اتجاه الجنس المثلي رغم حملها منه.

في الفيلم بعض ما يذكرنا بالمزاج العام الذي يمكننا أن نلمحه في أفلام ألمودوفار الأسباني، خصوصا فكرة التردد بين أنواع الجندر، والميل إلى تدمير الذات، والبحث عن مهرب من سجن النفس.. وربما يكون هذا ناتجا من تأثر لويس أورتيجا بألمودوفار الذي أنتج له فيلمه الأول “الملاك” El Angel الذي عرض في 2018 بقسم نظرة ما في مهرجان كان.

برع في أداء شخصية ريمو الممثل “ناهول بيريز بيسكاريات”، الذي بدا بوجهه الجامد وعينيه الواسعتين وهو يحدق في ذهول خلال تجواله الليلي، يريد أن يجد له ملجأ، كما لو كان كائنا قادما من الفضاء. وربما تكون رحلة هروبه، وتنكره، وما يمارسه من القتل بإطلاق الرصاص من مسدس يحصل عليه من رجل سبق له أن قدم له المساعدة، ربما تكون كل هذه المشاهد والتفاصيل، تدور في الخيال، أي صورة متخيلة، قد تدون نتاج ذهن مشتت بسبب الإصابة، وربما يكون “ريمو” قد قضى نحبه بالفعل تحت تأثير الإصابة القاتلة. وكلها افتراضات لا يحسمها الفيلم بالطبع، بل يبقي على ذلك الغموض، كجزء أصيل من الحبكة.

في قسم “أوريزونتي” شاهدت الفيلم الإسباني “ماركو” Marco الذي أخرجه اثنان هما أيتور أريجي وجون جرانو، وفيه يقوم الممثل الاسباني الكبير إدوارد فرنانديز بدور “ماركو” وهو رجل في نحو الثمانين من عمره أصبح رئيسا لاتحاد الناجين من الهولوكوست في اسبانيا، هو متحدث بارع، نجح في دفع أعلى السلطات بما في ذلك رئيس الجمهورية نفسه، للاعتراف بهذه الاتحاد.

وفي الفيلم معلومات وصور وثائقية كثيرة حول كيف تم إرسال 9 آلاف لإسباني من فرنسا إلى معسكرات الاعتقال النازية خلال الحرب العالمية الأولى. والمفترض أن “ماركو” من بينهم، وهو يروي الكثير عن تلك التجربة القاسية.

إلا أن المشكلة أن ماركو وليس لديه شهادة رسمية معتمدة من السلطات الألمانية تفيد بكونه كان واحدا من المعتقلين السابقين في المعسكرات النازية. وعندما يذهب مع زوجته للحصول على مثل تلك الوثيقة يفشل لأن ما يخبرهم به من معلومات لا يوجد دليل موثق لديهم عليها. وهو يقوم بتزوير اسم ليجعله مطابقا لاسمه في صورة (كوبي) من وثيقة رسمية، لكن أمره سينكشف تدريجيا، فهو أحد ضحايا الهولوكوست المزورين.

الفيلم مصنوع في سياق شديد الرونق والإثارة، من خلال سيناريو محكم، وبناء دقيق للشخصية، وإخراج لا يسقط في الإثارة أو التبسيط، ولا يلجأ للمبالغات ، بل يميل إلى تقريب الموضوع للمشاهدين من خلال الكشف عن كثير من الأحداث التاريخية التي شابت عصر حكم الجنرال فرانكو وتعاونه مع هتلر، مع الانتقال ببراعة بين الخاص والعام، بين ماركو وعائلته وخصوصا ابنته التي تطالبه بالاعتذار الرسمي بعد انفضاح أمره، وزوجته المغلوبة على أمرها التي عرفت الحقيقة مبكرا لكنها ظلت تأمل أن ينكشف الخداع من دون أن تجرؤ على مواجهته، وزملائه الذين انتخبوه رئيسا لاتحاد الناجين من الهولوكوست، ثم أسقطوه ونبذوه واستبعدوه من اجتماعاتهم.

ومن أهم عناصر الفيلم من دون أي شك، الأداء البديع للممثل إدوارد فرنانديز في دور ماركو، الذي يظل حتى بعد أن يتجاوز التسعين من عمره، وحتى بعد انكشاف حقيقته، ونبذ زملائه له، مصرا على ضرورة الاعتراف بما قدمه من خدمة دليلة لضحايا الهولوكوست، مصرا في الوقت نفسه على أنه لم يكذب ولم يزور شيئا، لقد أصبح مندمجا تماما في الدور الذي صنعه لنفسه.

القصة حقيقية، والشخصية حقيقية، والتفاصيل تمتد لتشمل الكثير من الأشخاص خصوصا من اليهود، الذين نشروا مذكراتهم باعتبارهم من ضحايا الهولوكوست الذين قضوا سنوات وتعرضوا للتعذيب داخل المعسكرات النازية، ثم ثبت أنهم لم يكونوا هناك قط، لكن قد يكون هذا أول فيلم يصور شخصية رجل انتحل شخصية ليس له، في سباحة عكس التيار السائد، ولكن من دون أن يكون الشخص يهوديا بالطبع، ومن دون أن يصل الفيلم بأي قدر، إلى التشكيك في وقوع “الهولوكوست” نفسه الذي أصبح عقيدة ثابتة في الغرب!

 

موقع "عين على السينما" في

03.09.2024

 
 
 
 
 

جورج كلوني وبراد بت... يتواجهان على الشاشة

حاورتهما في فينيسيا عن فيلمهما الجديد «وولفز»

فينيسيامحمد رُضا

«الذئاب» هو الفيلم السادس الذي يجمع بين الممثلَين المشهورَين عالمياً جورج كلوني وبراد بت، وجعلهما يتواجهان على الشاشة. «وولفز» يختلف عن أعمالهما المشتركة السابقة، ويعد أكثر إشباعاً لمن يرغب في مشاهدتهما معاً أو منفصلَين.

«الشرق الأوسط» حاورت كلاً منهما في فينيسيا عن الفيلم الذي أخرجه جون واتس، وتدور وقائعه حول امرأة (آمي رايان)، وجدت نفسها في شقة شاب مات على حين غرّة. لا تدري كيف تتصرف إلا بالاتصال بمن ينظّف المكان ويبقيها بعيداً عن التحقيقات. يطلّ كلوني ويفحص المكان ويعِدها بأنه سينظّفه تماماً.

بعد قليل يدخل بت المُرسَل من قِبل المشرفة على المبنى التي اختارته ليقوم بالمهمّة نفسها. يتعارضان من اللحظة الأولى؛ لأن كلاً منهما اعتاد أن يعمل منفرداً على أنه ذئب منفرد، أو كما يُعرف في الأدبيات البوليسية «لون وولف»؛ إذ يجدان نفسيهما تحت الأمر الواقع ينطلقان لإخفاء الجثة، لكنهما يُفاجآن بأن الميت (أوستن أبرامز) ما زال حيّاً يُرزَق. وهذه ليست سوى واحدة من المفاجآت العديدة التي يسردها الفيلم في نحو 110 دقائق.

 

####

 

«واسجد واقترب»... أول فيلم كرتون سعودي في مهرجان فينيسيا السينمائي

ثريا الشهري لـ«الشرق الأوسط»: حصد 31 جائزة...

وجذب المشاهد الغربي الذي لم يعتد على رؤية الكعبة

الدمامإيمان الخطاف

محملاً بـ31 جائزة من مهرجانات سينمائية متعددة، حقق الفيلم السعودي القصير «واسجد واقترب» خطوة جديدة نحو العالمية، بعد عرضه ضمن فعاليات مهرجان فينيسا السينمائي الدولي، يوم الجمعة الماضي. الفيلم من إخراج وإنتاج الكاتبة ثريا الشهري وابنتها الفنانة التشكيلية نبيلة أبو الجدايل.

في حديث مع «الشرق الأوسط» تؤكد ثريا الشهري أن «واسجد واقترب» يعد أول فيلم سعودي للرسوم المتحركة يشارك في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، مبينة أن الفيلم حاز جائزة فينيس للرسوم المتحركة في برنامج سوق الأفلام في «فينيسيا برودكشن بريدج»، وجائزة «الرسوم المتحركة ذات الأهمية» في مهرجان كان السينمائي الدولي، في دورته الأخيرة.

خروج عن التقليدية

تتحدث ثريا الشهري عن الفيلم، قائلة: «طريق السينما عادة ما يحبذ القصص الاجتماعية المتشابهة حول العالم، ويندر أن يختار موضوعاً دينياً؛ لأنه عادة ما تكون الشركات المعنية بالإنتاج لا ترغب في المجازفة والخروج عن المعيار التقليدي؛ لكن فيلم (واسجد واقترب) أنتجته شركتنا (الثريا للإنتاج الفني)، وهي مؤسسة من قبلي وقبل ابنتي الفنانة التشكيلية نبيلة أبو الجدايل، وبالتالي فنحن من دعم واختار موضوع فيلمنا لقوة رسالة (واسجد واقترب)».

وتوضح ثريا الشهري أن فكرة هذا الفيلم جاءت استلهاماً من اللوحة الأصلية التي رسمتها نبيلة أبو الجدايل، وحملت عنوان «واستجد واقترب»، عام 2020، إبان جائحة «كورونا»، ولاقت أصداءً بعيدة إسلامياً وعربياً؛ حيث تناولت خلو ساحات المسجد الحرام من المصلين، نتيجة الاحترازات التي اتخذتها الحكومة السعودية آنذاك. وتتابع بالقول: «نحن لا نملك أفلاماً تتحدث عن مكة المكرمة والمسجد الحرام، نظراً لحساسية هذا الموضوع وصعوبة اختيار القصة المناسبة، ولكنها تظل مسؤوليتنا نحن المسلمين في إظهار هذا الجانب الأهم في حياتنا وديننا، فليس هنالك ما هو أهم من تجسيد الروايات والقصص التي تمثلنا وتشرفنا».

بين الكتابة والأفلام

وبسؤالها عن الانتقال من الكتابة إلى عالم صناعة الأفلام، تقول ثريا الشهري: «هو مجرد تغيير في الوسيلة لإيصال المعنى المطلوب، ففي النهاية الكتابة هي تعبير بفكرك، ومجال أفلام الرسوم المتحركة هو أيضاً تعبير، ولكن بالفكر والصوت والحركة، لرواية ما لا يُروى، وبطريقة تلقى عدداً أكبر من المشاهدات؛ خصوصاً في أوساط الجيل الصاعد الذي يفضل هذا النوع من التفاعل المرئي».

ويبدو غريباً أن يجذب هذا الفيلم جمهوراً عالمياً، عن ذلك تقول ثريا الشهري: «شكَّل موضوع فيلم (واسجد واقترب) عامل جذب كبير للمشاهد الأجنبي، لندرته وعدم اعتياده على رؤية الكعبة». وتشير إلى أن عين المشاهد الأجنبي لم تعتد على قصص من هذا النوع.

ابتهالات دينية

وتضيف ثريا الشهري: «كذلك فإن اختيار الموسيقى المصاحبة للفيلم كان له دور، فقد كانت عبارة عن ابتهال بالأصوات، خالٍ من الآلات الموسيقية، وصوت المؤدين -ضمن الأوركسترا الأندلسية بأمستردام- كان مؤثراً فيمن يسمعه، حتى لو لم يفهم المعنى، لوجود نغمة الحنين. مع الأخذ في الحسبان أن الأفلام عادة ما تروي حنيننا نحو المشاعر والأماكن، وعليه، فقد لعب الصوت دوره، وكان من المؤثرات التي ساهمت في فوز فيلم (واسجد واقترب) بهذا الكم من جوائز مهرجانات الأفلام الدولية في العالم».

 

الشرق الأوسط في

03.09.2024

 
 
 
 
 

رسالة فينيسيا السينمائي: "الغرفة المجاورة"

سليم البيك/ محرر المجلة

فيلم للمخرج الإسباني بيدرو ألمودوفار، في أي مهرجان سينمائي، هو بحد ذاته حدث أساسي للمهرجان، وألمودوفار، بخلاف الكثيرين، سينمائي يبني على تراكماته، فتكون أفلامه الأخيرة، أو كل فيلم تالٍ، مرحلة متقدمة في النضج لا متأخرة، وإن وصل النضج في موضوعه، اليوم، إلى مسألة الموت.

الفيلم المشارك في المسابقة الرسمية للموسترا، "الغرفة المجاورة" (The Room Next Door) والمستحق للأسد الذهبي قبل غيره من جوائز المهرجان إلى حينه، وبأداء منفرد لكل من تيلدا سوينتون وجوليان مور، الفيلم حالة خاصة لمخرج فريد أراد أن يطارح الموتَ في أحد أكثر أعماله ميلانكولية، كي لا أقول سوداوية.

الفيلم مغناة للموت، وهو كذلك مرثية للصداقة. من المشاهد الأولى حتى الأخيرة، لوّن ألمودوفار حضور الموت، خلع عنه سواده، وكان الموت الحائم في الحوارات الممتدة على طول الفيلم بين شخصيتيه، حيوياً، جميلاً، رقيقاً، ومنتظَراً لا في كونه ألماً ونحيباً، بل رغبة وراحة.

يحكي الفيلم عن صديقتين، تلتقيان بعد انقطاع لسنين، تبقيان معاً كأنّهما كانتا دائماً كذلك، الأولى مصابة بالسرطان وتقرر أنها بانتحارها لن ينال منها المرض، لن تنتظره خائفة متوترة، والثانية تبقى معها وترافقها في تحقيق تلك الرغبة، في تلوينها. الأولى مراسلة حربية والأخيرة كاتبة.

هو الفيلم الطويل الأول لألمودوفار بالإنكليزية، بعد تجربة فيلمين قصيرين أحدهما مع سونيتون، بالإنكليزية. ولا تفرق اللغة هنا، يمكن لأحدنا تخيل الفيلم تماماً بالإسبانية، سطوة المخرج في هويته البصرية والسردية حاضرة، وهي استثنائية، وقد وصل ألمودوفار بسينماه ليتعدى الاسم المنسوب له إلى الصفة المنسوبة لأفلامه ومنها لغيرها في الفنون، فنقول هذا الفيلم ألمودوفاريّ وتلك اللوحة ألمودوفارية. لم تكن لغة الفيلم لا في صالحه ولا في غيرها. كان الفيلم ألمودوفارياً تاماً وحسب.

المخرج المحتفي بالحياة في عموم أفلامه، بمتعها ولذّاتها، استحضر الموتَ هنا لا ليهادنه، بل ليروّضعه، ليحيل الطريق إليه منبعاً لمتعة هنا ولذة هناك، واطمئنان الأصدقاء لبعضهم البعض. تغلب ألمودوفار على الموت في الفيلم، أو تغلبت شخصياته عليه. لا مصالحة مع الموت هنا بل إعادة تصوير وتعريف، وتلوين. وذلك من خلال صداقة المرأتين المتخطية للموت كحالة فراق.

كنت متخوفاً من فيلم بالإنكليزية لألمودوفار، وإن من بعد القصيرين الممتازين، وكنت من بعدها متخوفاً من نيله جائزة أولى اليوم، وهو لم ينل أياً من الجوائز الكبرى (السعفة والأسد والدب الذهبية) وإن نال جوائز منها واحدة فخرية عن مجمل أعماله ستكون هذا الشهر في مهرجان سان سيباستيان السينمائي. كنت متخوفاً لأن ينال واحدة تكون لأول فيلم بالإنكليزية له، لا الإسبانية. لكن التخوف هذا تلاشى باكراً في الفيلم، لألمودوفاريته، لسطوة اللغة السينمائية للمخرج على لغة السيناريو للفيلم. بالكاد انتبه أحدنا إلى أن اللغة هنا لم تكن إسبانية. هذا الاستثناء الإنساني العابر بالجماليات للغات نستطيع تلمسه اليوم أكثر، بالعودة إلى الأفلام إسبانية اللغة للمخرج.

عالمية الموت، كآلام، توازت هنا مع عالمية الألمودوفارية، كجماليات. الإنسانية توازت مع السينما في هذا الفيلم.

 

مجلة رمان الثقافية في

03.09.2024

 
 
 
 
 

«الوحشي»… طريق أدريان برودي إلى أوسكار ثانية؟

أندرو محسن

في عام 2002 نجح أدريان برودي في اقتناص جائزة الأوسكار عن دور البطولة في فيلم رومان بولانسكي «عازف البيانو The Pianist». وسبق الأوسكار وتلاها عدة جوائز أخرى حصدها عن الدور نفسه الذي يصور رحلة نجاة عازف بيانو يهودي بولندي أثناء الاجتياح النازي.

والآن، بعد مرور نحو 22 عامًا من هذا النجاح المدوي، يعود برودي إلى الحقبة التاريخية نفسها ليلعب شخصية أخرى تعاني من أهوال الحرب العالمية الثانية في فيلم «الوحشي The Brutalist» للمخرج برادي كوربيت، والمعروض ضمن المسابقة الرئيسية للدورة الحادية والثمانين لمهرجان فينيسيا.

هذه المرة يلعب برودي دور لازلو توت، معماري مبدع يهرب من المجر إلى أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية، بينما تبقى زوجته هناك غير قادرة على اللحاق به. في الولايات المتحدة، يحاول توت البقاء على قيد الحياة، حتى تأتيه الفرصة لإعادة تقديم إبداعه المعماري على يد أحد الأثرياء فتتغير حياته تمامًا.

لا يدخر المخرج جهدًا لجعل هذا العمل أقرب لملحمة، سواء بصريًا أو سرديًا، أو حتى من خلال مغازلة خيال المشاهد بإحالات لعدة لأفلام كلاسيكية، وذلك خلال مدة الفيلم الطويلة التي تصل إلى ثلاث ساعات ونصف الساعة. لكن العنصر الأكثر إثارة للدهشة في هذا الفيلم هو السيناريو. القصة التي ذكرناها في السطور السابقة، والتي تشبه بالفعل كثير من القصص التي خرجت من رحم مأساة الحرب العالمية الثانية، ليست قصة حقيقية على الإطلاق، فلا يوجد معماري بهذا الاسم، لكن السيناريو الذي كتبه كوربيت بمشاركة مونا فاستفولد، يصنع تفاصيل للشخصية وعالمها ولذلك الزمن بدقة ممتعة، حتى أننا نشاهد الفيلم مقسمًا لفصول من خلال سنوات محددة في مسيرة هذا الشخص. هذه السنوات بقدر ما كانت تماثل مراحل في حياة بطل الفيلم، فإنها أيضًا مراحل في تاريخ أمريكا الحديث.

على العكس من كثير من الأفلام الشبيهة التي تصور الولايات المتحدة كأرض للأحلام، وجنة الهاربين من جحيم أوروبا آنذاك، فإن «الوحشي» (إشارة إلى اتجاه فني معماري يحمل هذا الاسم) يقدم صورة ذات عمق أكبر، لعرض كيف فادت واستفادت أمريكا من هؤلاء المهاجرين. من خلال هذا التصور متعدد الأبعاد، نشاهد «أرض الأحلام والفرص» كيف تمد يدها بالفعل لـ توت في إحدى المراحل، وتسحقه في مرحلة أخرى. فالمهاجر الذي يعمل في منجم فحم ويبيت في مأوى للمشردين، يجد خلاصه في الثري هاريسون لي فان بورين (غاي بيرس)، ونلاحظ هنا اختيار الاسم الذي ينضح بأوروبية واضحة، لكن فان بورين الذي جاء واستقر في أمريكا في وقت سابق وصار من أصحاب الأملاك، يتعامل مع لازلو توت بطريقة معقدة، فهو يساعده ويمد له يد العون، لكنه في الآن ذاته يحتقره، يوظف موهبته، ولكنه في أحيان أخرى يبدو وكأنه فقط يستخدمه لتحقيق أهدافه. بورين يمكن أن يكون ممثلًا لأمريكا نفسها في مرحلة من المراحل.

في المقابل، ولأجل جعل الصراع أكثر إمتاعًا في الفيلم، نرى لازلو توت شخصية شديدة الشبه بالكثير من المبدعين الذين يمرون بتحولات ضخمة بين الثقة في الموهبة، واهتزاز الشخصية الذي يكون له تبعاته على جميع قرارته، بل ويؤدي به إلى الإدمان. هذه الشخصية المركبة في مقابل شخصية الثري المتحكم الذي يود التحكم بالأمور، تصنع تصاعدًا دراميًا تزداد جاذبيته حتى قبل الفصل الأخير تقريبًا.

لماذا قبل الفصل الأخير؟ لأن هذا الفصل أخذ الأحداث فجأة إلى اتجاه ميلودرامي، لم يحافظ على الاتزان الذي كان حاضرًا في فصول الفيلم السابقة، ويؤثر هذا على تتابعات النهاية كلها، والتي تقدم قفزة زمنية كبيرة غير مُقنعة بعد أن كنا نمشي مع الشخصية سنة بسنة طوال الفيلم.

إن كنا تطرقنا إلى هذه التفاصيل والصراع، فإنه لا يمكن الكتابة عن الفيلم دون الوقوف عند الأداء شديد الحساسية الذي قدمه أدريان برودي. بداية من اللكنة شرق الأوروبية الواضحة في لغته الإنجليزية (والدا برودي تعود أصولهم لشرق أوروبا وتحديدًا المجر وبولندا)، مرورًا بالحفاظ الدقيق على نظرة انكسار ما في عينيه بينما يمر بأغلب الأحداث، إذ أن الشخصية لا تخلو من مرارة تحملها حتى في أكثر لحظاتها سعادة، وانتهاء بتقديم الانفعالات بشكل متزن دون مبالغات غير مطلوبة.

فيلم «الوحشي» من الأفلام التي يزداد الاستمتاع بها كلما عدنا للتفكير فيها وفي تفاصيل صناعتها. فإن كانت صناعة شخصية مثل هذه بكل تفاصيلها هي أمر صعب، فإن النجاح في نقل تفاصيل هذه الفترة الزمنية الطويلة بتغيراتها، مع الإبقاء على صورة شديدة الجمال هو أمر أكثر صعوبة، وحتى ينقل المزيد من الإحساس بالزمن، فقد صور برادي كوربيت فيلمه باستخدام خام VistaVision والذي جعل الصورة تنطق بالمزيد من التفاصيل التي لا ينقلها إلا التصوير على الخام، لا التصوير الرقمي.

 

موقع "فاصلة" السعودي في

03.09.2024

 
 
 
 
 

تزامنا مع العرض العالمي الأول له فى فينيسيا

إطلاق الإعلان التشويقي لـ "البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو"

شيماء صافي

إيلاف من القاهرةتزامنًا مع العرض الأول لفيلم "البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو" ضمن برنامج أوريزونتي اكسترا بالدورة الـ 81 لمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، والتي ستستمر حتى السابع من أيلول (سبتمبر) القادم، تم طرح الإعلان الرسمي له ويظهر الإعلان قصة حسن الشاب الثلاثيني الذي يعيد اكتشاف نفسه مرة أخرى، ويضطر لمواجهة مخاوف ماضيه خلال رحلته لإنقاذ كلبه وصديقه الوحيد "رامبو" من مصير مجهول بعدما تورط في حادث خطير دون ذنب، ليصبح بين ليلة وضحاها مطاردًا من قبل كارم، جار حسن، وجميع أهالي الحي.

يعرض الفيلم في أوريزونتي اكسترا ، القسم الذي تُعرض من خلاله الأفلام التي تمثل أحدث اتجاهات السينما العالمية للمواهب الشابة، وسيصل فريق العمل إلى فينيسيا مساء الاثنين القادم، وذلك قبل بداية العروض الرسمية للفيلم والتي أعلنت عنها إدارة المهرجان حيث سيكون عرضه العالمي الرسمي الأول يوم الأربعاء الموافق الرابع من أيلول (سبتمبر) في تمام التاسعة مساءا في قاعة SALA GIARDINO السينمائية.

يسبقه في نفس اليوم ونفس القاعة ولكن في الثانية والنصف ظهرا عرض خاص للصحافة والصناع، أما العرض الثالث والأخير فسيكون يوم الخميس الموافق الخامس من سبتمبر في تمام التاسعة صباحا في قاعة SALA GIARDINO.

الأبطال في العرض العالمي الأول

العرض العالمي الأول سيكون بحضور ابطال الفيلم عصام عمر، ركين سعد، أحمد بهاء، والكلب رامبو، ومعهم المخرج والكاتب خالد منصور والمنتجون محمد حفظي و رشا حسني. بالإضافة إلي فريق العمل السيناريست محمد الحسيني، مدير التصوير احمد طارق بيومي، ومصممة الملابس ناردين إيهاب، والمونتير أحمد الجندى، والموسيقار احمد مصطفي زكي، ومصمم الصوت محمد صلاح، مصمم فني وديكور مارك وجيه، ومحمد جمال الـمنتج منفذ وغيرهم من فريق العمل.

فينيسيا.. المحطة الأولى

وسيكون مهرجان فينيسيا هو المحطة الأولى لعرض الفيلم رسميا بعد رحلة استمرت لأكثر من 8 سنوات ما بين التحضير والتصوير، من إنتاج محمد حفظي من خلال شركة فيلم كلينك والمنتجة رشا حسني التي تخوض أولى تجاربها في إنتاج الأفلام الروائية الطويلة بالتوازي مع مسيرتها المهنية الناجحة في مجالي النقد والبرمجة السينمائية في عدد من المهرجانات السينمائية الدولية المهمة ومن توزيع فيلم كلينك المستقلة للتوزيع في جميع أنحاء العالم .

كان الفيلم قد حصل الفيلم مؤخرًا على جائزة خدمات الهوية البصرية وخدمات DCP لمشروع في مرحلة ما بعد الإنتاج، المقدمة من شركة Creative Media Solutions في الدورة الخامسة من أيام عمان لصناعة السينما وسوق عمان للمشاريع، كما حصل الفيلم أيضًا على عدد من منح الإنتاج من بينها منحة إنتاج صندوق البحر الأحمر السينمائي لدعم الأفلام، ومنحة إنتاج الأفلام الروائية الطويلة للصندوق العربي للثقافة والفنون آفاق، ومنحة الإنتاج السينمائي من المنظمة الدولية الفرانكفونية.

بينما حصل سيناريو الفيلم على عدد من منح التطوير من بينها منحة تطوير الأفلام الروائية الطويلة من الصندوق العربي للثقافة والفنون آفاق، وجائزتين تطوير من منصة الجونة السينمائية، شارك سيناريو الفيلم في عدد من مختبرات ومعامل التطوير والتمويل، من بينها برنامج تطوير الأفلام الفرنسي “La Fabrique Cinéma Programme” والذي يُشرف على تنظيمه المعهد الفرنسي وتُقام فعالياته كأحد أنشطة سوق مهرجان كان السينمائي الدولي، وملتقى بيروت السينمائي لتطوير ودعم الأفلام، وورشة تطوير الأفلام السينمائية التي نظمتها الهيئة الملكية الأردنية، وبرنامج “Dot.on.the.map” كجزء من فعاليات مهرجان أيام قبرص السينمائية، وورشة أفلام سين لتطوير الأفلام بمصر، كما شارك سيناريو الفيلم في عدد من أسواق التمويل السينمائية من بينها سوق مهرجان مالمو للسينما العربية بالسويد وسوق مهرجان ديربان السينمائي بجنوب أفريقيا.

 

موقع "إيلاف" السعودي في

03.09.2024

 
 
 
 
 

مهرجان البندقية السينمائي: رسالة مفتوحة بإمضاء غزّة

البندقية/ العربي الجديد

منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تحوّلت المهرجانات السينمائية إلى منصة إضافية للتعبير السياسي، خصوصاً للفنانين والسينمائيين المتضامنين مع الفلسطينيين في قطاع غزة، في وجه آلة الحرب الإسرائيلية. وها هو مهرجان البندقية يفتح النقاش مجدداً، حول الدور الأخلاقي لصنّاع السينما بالوقوف ضد الإبادة الجماعية المتواصلة منذ 11 شهراً تقريباً.

فيلمان إسرائيليان في مهرجان البندقية

تزامناً مع مهرجان البندقية السينمائي الذي يُعدّ من أهم المناسبات السينمائية العالمية، وجّه مجموعة من صناع الأفلام رسالة مفتوحة إلى إدارة المهرجان، معربين فيها عن رفضهم مشاركةَ أفلام إسرائيلية في الفعالية، في ظل الظروف الحالية في قطاع غزة واستمرار المجازر ضد المدنيين. تأتي هذه الرسالة جزءاً من حملة واسعة تهدف إلى حشد الدعم العالمي للقضية الفلسطينية، والدعوة إلى اتخاذ موقف واضح ضد الإرهاب الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية.

الرسالة التي حملت أكثر من 300 توقيع، اعترضت على عرض فيلمين إسرائيليين في المهرجان. الفيلم الأول هو Al Klavim Veanashim (الكلاب والرجال) للمخرج داني روزنبرغ، وهو فيلم باللغة العبرية تدور أحداثه في سياق عملية طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر. أما الفيلم الثاني فهو "لماذا الحرب" للمخرج آموس جيتاي من بطولة إيرين جاكوب، وماثيو أمالريك، وميشا ليسكوت، وجيروم كيرشر.

جاء في الرسالة التي نشرتها مجموعة "فنانون من أجل فلسطين ــ إيطاليا"، بأن فيلم "الكلاب والرجال" صُوّر "في ظل استمرار الهجمات الإسرائيلية على غزة، وهو يساهم في تبييض الإبادة الجماعية. وكما هو الحال مع (الكلاب والرجال)، أُنتج فيلم "لماذا الحرب" من قبل شركات إنتاج إسرائيلية متواطئة تساهم في نظام الفصل العنصري والاحتلال والإبادة الجماعية من خلال صمتها أو مشاركتها الفعلية في تبييض الجرائم عبر الفن". وأضاف الموقعون في الرسالة: "أعلى محكمة في العالم، المحكمة الدولية، أعلنت أن إسرائيل قد تكون ترتكب إبادة جماعية ضد 2.3 مليون فلسطيني في غزة، وأن نظام الفصل العنصري والاحتلال العسكري غير قانوني. كما قدم المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية طلباً لإصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، بتهم الإبادة و"تعمد تجويع السكان المدنيين والتسبب في وفاة عشرات الآلاف من الأبرياء... ظل مهرجان البندقية السينمائي صامتاً إزاء فظائع إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني. هذا الصمت يثير استياءنا العميق. كوننا عاملين في الفن والسينما في جميع أنحاء العالم، ندعو إلى اتخاذ تدابير فعالة وأخلاقية لمحاسبة إسرائيل على جرائمها ونظامها الاستعماري القمعي ضد الفلسطينيين".

ومن ضمن الأسماء الموقّعة على الرسالة سينمائيون غربيون وآخرون فلسطينيون مثل: هاني أبو أسعد، وروزاليند نشاشيبي، ورائد أنضوني، وصالح بكري، وإنريكو بارنتي، وألساندرا فيريني، ونيكولو سيني، وسيمونا كافالاري، وكيا باسيتي، وباولا ميشيليني، ودافيد سيرينو، وسول ويليامز، وبريت ستوري، ومونيكا ماورير.

من جهته، دافع المخرج الإسرائيلي آموس جيتاي عن مشاركته في مهرجان البندقية السينمائي رغم الدعوات إلى المقاطعة. وفي تصريحات له، أوضح جيتاي أنه يرفض استخدام السينما منصةً للتعبير عن الكراهية أو وسيلةً لفرض مقاطعات، مشدداً على أهمية الحفاظ على الحوار الفني والثقافي وسيلةً لفتح قنوات التفاهم بين الشعوب. وقد أثارت تصريحاته غضباً إضافياً، خصوصاً أنه حاول، بتكرار، المساواة بين جرائم الاحتلال المتواصلة منذ 11 شهراً، وبين عملية طوفان الأقصى.

سينمائيون فلسطينيون

كان قد سبق مهرجان البندقية رسالة أخرى، لكن هذه المرة لسينمائيين فلسطينيين حصراً، عبروا فيها عن انتقاداتهم الحادة لهوليوود وصناعة السينما الغربية بسبب تبنيها رواية أحادية الجانب لصالح إسرائيل وتجاهل معاناة الشعب الفلسطيني. وفي تقرير نشرته مجلة فاريتي، أشار السينمائيون الفلسطينيون إلى أن هوليوود لطالما ساهمت في تطبيع صورة إسرائيل على أنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، بينما تُصور الفلسطينيين غالباً إرهابيين أو ضحايا غير ذوي أهمية، وهو عامل "ساهم في الدمار المستمر في غزة".

هذه الرسالة هي أول مبادرة مشتركة لصنّاع الأفلام الفلسطينيين منذ بدء الإبادة الجماعية في غزة. وعبّر الموقعون عن شكرهم للأكاديمية الوطنية لفنون وعلوم التلفزيون (NATAS) لـ"مقاومتها للضغوط وإصرارها على حرية التعبير"، برفضها محاولات استبعاد فيلم وثائقي يركز على غزة من ترشيحات إيمي لعام 2024. الفيلم الحائز جائزة بيبودي "أنا بيسان من غزة وما زلت على قيد الحياة"، الذي أخرجته الصحافية والناشطة الفلسطينية بيسان عودة، يروي معاناة أسرتها أثناء هروبها من قصف الاحتلال على منزلهم. وقد رُشّح لجائزة إيمي للأخبار والوثائقيات عن فئة القصة الإخبارية الصعبة المتميزة القصيرة. ومع ذلك، حاولت جماعات مناصرة للاحتلال، موجودة في هوليوود، الضغط لسحب الترشيح، إثر "اتهام" عودة بارتباطها بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهو ما رفضته الأكاديمية.

وجاء في الرسالة: "إن محاولة فرض الرقابة على صوت بيسان (عودة) ليست سوى أحدث محاولة قمعية لحرمان الفلسطينيين من حقهم في استعادة روايتهم، ومشاركة تاريخهم، وفي هذه الحالة لفت الانتباه إلى الفظائع التي يواجهها شعبنا على أمل أن نتمكن من وضع حد لها".

تابع الموقعون: "نحن نفهم جيداً قوة الصورة والسينما، ولفترة طويلة جداً كنا غاضبين من اللاإنسانية والعنصرية التي أظهرها بعضهم في صناعة الترفيه الغربية تجاه شعبنا، حتى خلال هذه الأوقات الصعبة للغاية. من خلال أفلامنا، حاولنا تقديم روايات وتصورات وصور بديلة لعكس صورة "الكائنات عديمة القيمة والقابلة للاستغناء عنها" النمطية واللاإنسانية والتي تمكن من تبييض و/أو تبرير الجرائم التي ارتكبت لعقود من الزمن ضد الفلسطينيين. ولكن لماذا يجب علينا دائماً ارتداء "قفازات الملاكمة" للدفاع عن فننا ضد الرقابة القاسية التي تستهدفنا فقط على أساس هويتنا، وليس إبداعنا؟".

من أبرز الموقعين على الرسالة: ميشال خليفي، ومي المصري، وهاني أبو أسعد، ونجوى نجار، وإيليا سليمان، ورشيد مشهراوي، وفرح النابلسي، ومحمد بكري، ومها حاج، ومهدي فليفل، ورائد أنضوني، وكمال الجعفري، وصالح بكري، وخديجة حباشنة، ومهند يعقوبي، وطرزان ناصر، وعرب ناصر، وأسامة بواردي.

 

العربي الجديد اللندنية في

03.09.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004