ملفات خاصة

 
 
 

الأسد الذهبي” يذهب إلى فيلم المودوفار “حجرة مجاورة”.. وتحليل للجوائز

أمير العمري- فينيسيا

مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي الحادي والثمانون

   
 
 
 
 
 
 

رغم وجود عدد من الأسماء الكبيرة والأفلام المثيرة الجديدة في برنامج مهرجان فينيسيا الـ81 هذا العام، إلى أن المستوى العام اقل من السنوات الماضية، فكثير من أفلام المسابقة جاءت اقل في مستواها الفني بما يستدعي وجودها في مسابقة مهرجان كبير وعريق بمستوى فينيسيا.

كان هناك على سبيل المثال، تواضع كبير في مستوى الأفلام الفرنسية الثلاثة المشاركة في المسابقة، أحدهما “الصديقات الثلاث” عن موضوع الحب والزواج والخيانة الزوجية، مع بقاء الصداقة باستمرار، والثاني “الأبناء لآبائهم” عن تطرف الشباب وما يمكن أن يتسبب فيه للآباء، والثالث “الإبن الهاديء” أو “اللعب بالنار” (وهو العنوان الفرنسي الأفضل للفيلم) عن شقيقين مختلفين تماما عن بعضهما البعض، أحدهما ينضم لجماعة فاشية عنصرية ويتسبب لمشاكل مع والده العامل من جيل مايو 1968 صاحب الميول اليسارية القديمة، والثاني ناجح ومتفوق ومعتدل، يلتحق بجامعة السوربون.

هذه الأفلام الثلاثة أفلام تقليدية تماما، بعضها مسلي مثل “الصديقات الثلاث” ويصلح لسهرة في التليفزيون، والثاني “الآباء لآبائه” يعاني من المط والتطويل والاستطرادات الكثيرة، والأغاني والرقص مبتعدا كثيرا عن موضوعه، فيسقط ويضل الطريق، والثالث من نوع الأفلام الميلودرامية التي يمكنك أن تتوقع كيف تسير وكيف ستنتهي، ولو تقدم للمهرجان فيلم مصري (مثلا) بموضوع مماثل وأسلوب إخراج مشابه مع ممثل عملاق من طراز الراحل الكبير جميل راتب (مثلا)، لما قبل للعرض حتى في الأقسام الهامشية، فهم لا يرحبون في مهرجانات أوروبا سوى بالأفلام المصرية من النوع الذي أسميه pervert أي الأفلام المنحرفة عن المسارات الطبيعية، وهو موضوع آخر سأتناوله في مقال مستقل.

وهذا الفيلم الأخير تحديدا لم يكن يستحق أن تمنح لجنة التحكيم التي ترأستها الممثلة الفرنسية إيزابيل أوبير، جائزة أفضل ممثل لبطله الذي يلعب دور الأب أي الممثل الفرنسي “فنسنو ليندو”، فدوره هنا ليس أفضل أدواره كما أنه سبق أن حصل على كثير من جوائز التمثيل من قبل منها جائزة أحسن ممثل في مهرجان كان. وكان الأجدر بالفوز بهذه الجائزة تحديدا واحد من اثنين: الإنجليزي دانييل كريج عن دوره في “كوير” Queer، أو الأمريكي أدريان برودي عن دوره في فيلم “المعماري” أو “البروتاليست” TheBrutalist. لكن الدنيا حظوظ، والجوائز تأتي نتيجة حسابات خاصة بين أعضاء لجان التحكيم. فإن لم يوجد فيلم فرنسي يستحق أي جائزة فلم لا تمنح إيزابيل أوبير جائزة الممثل لابن ووطنها، وهو أمر مؤسف بالطبع لأنه يضيع جهد ممثلين آخرين كانوا أكثر جدارة منه بالفوز!

لم تكن الأفلام الإيطالية الثلاثة في المسابقة أيضا على مستوى كبير، بما فيها الفيلم الذي منحته اللجنة الجائزة الكبرى للجنة التحكيم التي تأتي في أهميتها مباشرة بعد “الأسد الذهبي” وهو فيلم “فيرميجليو” Vermiglio للمخرجة الإيطالية ماورا ديلبورو، وهو يصور تناقضات العيش والبحث عن الهوية الجنسية بين أفراد عائلة في أوائل القرن العشرين، في بيئة ريفية ذات تقاليد عتيقة، من دون دراما أو حبكة، بل استعراض لشخصيات كثيرة جدا، من خلال تصوير بديع وموسيقى معبرة، ولكن ما الجديد؟ لا شيء في رايي، بل إن هناك شعورا ينتابك بان هذا الموضوع أفردت له مساحة أكبر مما كان ينبغي، من دون أي تعمق في الشخصيات، فلم يكن هناك مساحة للتعمق بسبب كثرة الشخصيات. وهو أيضا من الأفلام التي أسميها “وصف حالة”. ولكنه أعجب الإيطاليين كثيرا فهو يذكرهم بفترة زمنية قديمة لم يعرفوها، قبل عقود من التمرد و”الصورة الجنسية” بالطبع!

أما جائزة “الأسد الذهبي” فقد ذهبت إلى فيلم “حجرة مجاورة” A room Next door للمخرج الإسباني الكبير بيدرو المودوفار، وهو أول أفلامه الناطقة بالإنجليزية، تتنافس فيه في الأداء ممثلتان كبيرتان هما الاسكتلندية تيلدا سوينتون، والأمريكية جوليان مور، وموضوعه هو الموت الرحيم، أو اختيار إنهاء الحياة، وهي الفكرة التي تشغل بال ألمودوفار منذ فترة وسبق أن عبر عنها في أكثر من فيلم، وفيلمه هذا رقيق، وشفاف، ويتصف بنفس الروح التي عرفت بها أفلامه، لكنه ليس أفضلها ولا أكثرها بقاء في الذاكرة، فهو يظل فيلما “أمريكيا”، يدور في بيئة أمريكية بعيدة عن البيئة التي يعرفها المودوفار حيدا، كما أن يبدو أيضا عملا أقرب إلى المسرح، أي يعتمد أساسا على الأداء التمثيلي والحوارات الطويلة. وسوف أتوقف عنده في مقال مستقل.

كان المرشح لجائزة الأسد الذهبي بإجمال غالبية النقاد فيلمان هما “المعماري” للأمريكي برادي كوربرت الذي منحته اللجنة جائزة أفضل إخراج، والفيلم البرازيلي البديع الذي يعد التحفة الرئيسية في المسابقة “مازلت هنا” I am Still Here للمخرج الكبير وولتر سايلس، وقد انقسمت لجنة التحكيم على نفسها بشأن هذا الفيلم تحديدا كما ذكرت بعض الأنباء المتسربة، فاستقر الأمر على منحه جائزة “أفضل سيناريو” بدلا من “الأسد الذهبي”، وهي جائزة صغيرة، أصغر كثيرا من الفيلم الكبير الذي يستحق أيضا مقالا خاصا.

المفاجأة تمثلت في منح جائزة لجنة التحكيم الخاصة للفيلم الجورجي “أبريل” للمخرجة Dea Kulumbegashvili (تستطيع أن تقرا الاسم كما تحب وتشتهي فانا لا أفهم في الأسماء الجورجية ولا أعرف كيف أكتبها بالعربية!!). والفيلم يطرح موضوعا قديما عن طبيبة تمارس الإجهاض في مناخ غير قانوني. وسبق أن صوره مايك في بشكل رفيع المستوى وأكثر تأثيرا، لكن الأسلوب هنا متحذلق، والكادرات غير واضحة، واللقطة تستمر على الشاشة لعدة دقائق، واللقطات ثابتة غير مكتملة بل تكسر التكوين وتظهر لك جانبا من الشخصية قد يكون جزءا من جسدها فقط، والخوارات طويلة جدا، وهناك عمليات ولادة طبيعية تجري أمام الكاميرا (ما الجديد!!)، وبشكل عام الفيلم يعتبر امتحانا لصبر أي متفرج في العالم، لكن هذا النوع من أفلام الـ perverse أصبح يلقى حفاوة مبالغ فيها في أوساط المهرجانات الأوروبية خصوصا لو كانت المخرجة امرأة. ويجب ملاحظة أن أربعة من الجوائز التسعة للجنة تحكيم المسابقة ذهبت لأفلام المخرجات.

تستحق نيكول كيدمان جائزة أفضل ممثلة عن دورها في الفيلم المثير كثيرا للجدل Babygirl ولكن كان هناك أيضا من استحقت الجائزة عن دورها في فيلم أكثر جدية وتأثيرا، هو فيلم “مازلت هنا” عن زمن الديكتاتورية العسكرية في البرازيل من زاوية جديدة تماما وغير مألوفة، وأعتبره أهم أفلام المسابقة وهي الممثلة البرازيلية العظيمة “فيرناندا توريس”. وأتمنى أن يعرض هذا الفيلم تحديدا في مصر، إما بمهرجان القاهرة أو الجونة، لعله يحقق بعض الأصداء الإيجابية، فالواقع البرازيلي شبيه بالواقع المصري.. أليس كذلك؟ نعم؟ بل أسوأ؟ لا يارجل.. لا تقل هذا أبدا.. استغفر ربك!

 

موقع "عين على السينما" في

08.09.2024

 
 
 
 
 

نيكول كيدمان تحصد جائزة أفضل ممثلة رغم غيابها عن الحفل

البندقية السينمائي يختتم فعالياته بفوز ألمودوفار بالأسد الذهبي

 أحمد العياد

إيلاف من البندقية: في حفل اتسم بالبساطة، اختتمت فعاليات النسخة 81 من مهرجان البندقية السينمائي الدولي، مع إعلان جوائز المهرجان بعد 10 أيام تابع فيها صُنّاع السينما مجموعة من أحدث الأفلام العالمية.

الأسد الذهبي

وذهبت جائزة الأسد الذهبي إلى فيلم "The Room Next Door" للمخرج الإسباني بيدرو ألمودوفار، وهو أول عمل لألمودوفار باللغة الإنكليزية. وقد نال الفيلم استحساناً كبيراً، حيث استُقبل بتصفيق استمر 17 دقيقة بعد عرضه الأول. أهدى ألمودوفار الجائزة إلى عائلته وأكد أن الفيلم يحمل روحاً إسبانية رغم كونه ناطقاً بالإنكليزية.
يتناول الفيلم قضايا التحكم في المصير الشخصي وحق الإنسان في الموت بكرامة وبقرار شخصي، ما يفتح النقاش حول موضوعات مثل "الموت الرحيم" والصداقات الطويلة في مواجهة الموت الوشيك
.

الأسد الفضي

أما جائزة الأسد الفضي للجنة التحكيم الكبرى فكانت من نصيب فيلم "Vermiglio" للمخرجة ماورا ديلبيرو، وهو فيلم سيرة ذاتية يتناول قصة مهندس معماري خيالي من أصل مجري وناجي من الهولوكوست يُدعى لازلو توث، يهاجر إلى الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية.

وحصل برادي كوربيت على جائزة الأسد الفضي لأفضل مخرج عن فيلمه الملحمي "The Brutalist"، بينما ذهبت جائزة لجنة التحكيم الخاصة إلى فيلم "April" من إخراج ديا كولومبغاشفيلي. وكانت جائزة أفضل سيناريو من نصيب موريليو هاوزر وهيكتور لوريغا عن فيلم "I’m Still Here".

في فئات التمثيل، حصلت نيكول كيدمان على جائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم الإثارة "Babygirl"، إلا أنها لم تتمكن من حضور الحفل لتسلم جائزتها شخصياً. وكشفت المخرجة هالينا ريجين عن وفاة والدة كيدمان، جانيل آن كيدمان، وتلت رسالة منها جاء فيها: "أنا في حالة صدمة وعلي أن أكون مع عائلتي، لكن هذه الجائزة لها... أنا ممتنة للغاية لأنني تمكنت من ذكر اسمها أمامكم جميعاً. التصادم بين الحياة والفن مؤلم، وقلبي محطم".

وحصل فينسنت ليندون على جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم "The Quiet Son"، الذي يتناول العلاقة المعقدة بين أب وابنه بسبب اختلافاتهما السياسية. فيما ذهبت جائزة مارسيلو ماستروياني لأفضل ممثل أو ممثلة شابة إلى بول كيرشر عن دوره في فيلم "And Their Children After Them".

وفي فئة الأعمال الأولى، حصل فيلم "Familiar Touch" للمخرجة سارة فريدلاند على جائزة أسد المستقبل للعمل الأول، في حين نال فيلم "Chain Reactions" للمخرج ألكسندر أو. فيليب جائزة أفضل فيلم وثائقي. كما حصل فيلم "Ecce Bombo" للمخرج ناني موريتي على جائزة أفضل فيلم مجدد.

وفي قسم "آفاق إكسترا"، حصل فيلم "Impulse: Playing With Reality" على جائزة الإنجاز، بينما ذهبت جائزة لجنة التحكيم الخاصة إلى فيلم "Oto’s Planet" للمخرج جوينيل فرانسوا. وأخيراً، حصل فيلم "Ito Meikyū" من إخراج بوريس لابيه على جائزة لجنة التحكيم الكبرى.

 

موقع "إيلاف" السعودي في

08.09.2024

 
 
 
 
 

«ذا أوردر» لجاستن كرزل… أميركا في مواجهة نفسها

هوفيك حبشيان

يموضعنا «ذا أوردر -The Order»، الثريللر الجديد للمخرج الأوسترالي جاستن كرزل المعروض في مسابقة مهرجان البندقية السينمائي (28 أغسطس- 7 سبتمبر)، في منطقة أيداهو خلال عهد رونالد ريغن منتصف الثمانينات، حيث أفراد من ميليشيا مسلّحة تابعة لليمين المتطرف والنازيين الجدد، يأخذون مجدهم للترويج لعقيدتهم. يسرقون ويقتلون لفرض مشروعهم القائم على الكراهية والفصل العنصري

في جو يسوده التوتّر والضغوط، سيجد الشرطي الفيدرالي تيري هاسك (جود لو الذي تولّى أيضاً الإنتاج)، هذا الانطوائي وصياد الغزلان في أوقات فراغه، المصر على تطبيق العدل مهما كلّف (والتكلفة ستكون عالية أحياناً)، نفسه داخل لعبة قط وفأر مع قائد تنظيم مسلّح، بوب ماتيوز (نيكولاس هولت) الذي  يترأس مجموعة من النازيين الجدد. ماتيوز شخص حقيقي، قضى في العام 1984 مثلما سنرى في خاتمة الفيلم

ماتيوز يريد تأسيس بقعة جغرافية محصورة بالآريين داخل الولايات المتحدة، وكلّ الوسائل مشروعة لتحقيق ذلك، بما فيها افتعال حرب أعراق تقضي على غير البيض واليهود. أما العقيدة، فمستوحاة من كتاب «يوميات ترنر» للكاتب الأميركي العنصري وليام لوثر برس. هل تعرفون «البراود بويز»، مجموعة الشبّان الذين اقتحموا مبنى الكابيتول عام 2021 للاعتراض على نتائج الانتخابات التي خسر بموجبها ترامب أمام بايدن؟ هؤلاء الذين في الفيلم هم النسخة الثمانينية لهؤلاء، لكنهم على درجة أعلى من العنف والتعنّت

للشرطي هاسك باع طويل في محاربة تنظيمات مشابهة، والحكاية ستبدأ عندما يصل إلى أيداهو ليعي بسرعة ان عملية كبيرة يجري الاستعداد لها على يد هؤلاء، لا يمكن صرف النظر عنها. وهكذا يبدأ الصراع الذي سيستمر طوال الفيلم. لبوب ماتيوز زوجة وحبيبة ستجدان نفسيهما في وسط الأحداث الدموية. وجمهور من المناصرين والمعجبين بعقيدته معظمهم يأتي من خلفيات فقيرة أو من غير المتعلّمين. هؤلاء يتأكلهم الاحساس المزمن بالمظلومية، ولا شيء يُشعرهم بالاطمئنان الا وعود التصعيد. والجميع يعرف ماذا يعني التصعيد في أبجديات هؤلاء: إقصاء الآخر ونشر الكراهية واحداث شرخ عميق في المجتمع على أساس العرق واللون.  

هذا ما هو عليه باختصار سادس فيلم روائي طويل لكرزل الذي يعرف كيف يحبس أنفاسنا في مشاهد الذروة، قبل أن يغرق في مشاهد محض وظيفية في مراحل أخرى. وهكذا ستمضي الساعتان. لكن مجمل العمل يضع الحركة في الصفوف الأمامية، مراهناً على المواجهة الكلاسيكية بين الخير والشر، على حساب كلّ المقاربات الأخرى، فتحملنا الأحداث إلى نوع من تجوال أشبه بالسير داخل حقل ألغام. كلّ شيء قابل للتفجير في أي لحظة.

لا شيء مبتكر أو جديد يخرج عن الخط، سوى صدق المخرج وحماسته في سرد الأحداث مدفوعاً برغبة صريحة في الذهاب إلى الهدف، بلا لف ودوران، في محاولة (لا تصل دائماً إلى مبتغاها) لربط الماضي بالحاضر، أي باختصار: حاضر أميركا الترامبي بماضيها العنصري. كرزل يبدي اهتماماً بمعاينة الجذور في بلاد تعششت فيها العنصرية بتكليف ديني، وهي تنام على فوهة بركان. في أربعة عقود، هؤلاء الذين كانوا ينشطون على الهامش، صاروا جزءاً من الحياة السياسية الرسمية. وماتيوز أحد مهندسي الثورة المضادة ضد الديموقراطية والدولة والقانون

في المؤتمر الصحافي الذي أقيم في «الموسترا» بعد العرض، قال كرزل ما يؤكّد توجّهاته: «هذا الفيلم عن إيديولوجيا غاية في الخطورة، وكيف يمكن أن تنتشر بسرعة. ما كان صادماً بالنسبة لي، وأعتقد أنه كان صادماً لنا جميعاً، هو أن هناك الكثير من المقارنات مع ما يحدث اليوم».

نتيجة خياره في تحويل الفكرة إلى سينما، لن نجد الكثير من المعطيات حول العقيدة التي يفككها، لأنه يركّز على الصراع بين من يحاول فرض القانون ومن يريد الاستيلاء على السلطة لأغراض إيديولوجية. طبعاً، هذا خيار جمالي يعرف كرزل أين سيحمله، لذلك يخلص بفيلم تكمن نقطة قوته في إخراج قوي ذي عضلات مفتولة وإيقاع مشدود ولحظات توتّر عال، رغم الإيقاع الإجمالي المتمهّل.

 كلّ شيء في الفيلم ممسوك بقبضة من حديد، حتى الخاتمة تحضر في اللحظة التي لا يمكن تخيّل أي شيء من بعدها. يزجّ بنا كرزل في بيئة ذكورية لا ترحم، قسوة ما بعدها قسوة، عدائية ما بعدها عدائية، والوجوه مثل الأفكار والأحداث والأماكن، تحمل هذه القسوة التي لن تنهار حتى تحت وابل من الرصاص، بل يشتد حضورها، وصولاً إلى لحظة السقوط الأخيرة.  

يطرح «ذا أوردر» وجهين لأميركا. قد نرفض كليهما، لكن أحدها أقل سوءاً من الثاني. ولكي تستمر في أن تكون دولة عظمى، على أحد هذين الوجهين الاختفاء، واذا أطل من جديد فالصراع سيعود إلى حين القضاء عليه. هذه لعبة معروفة: غالب أو مغلوب. لا يمكن لكليهما البقاء في السلطة.  

هذه المواجهات التي تحفل بها السينما الأميركية هي سبب وجود «ذا أوردر». ودائماً مواجهات كهذه حريصة على اظهار مدى تقارب الشخصيتين اللتين تقف كلّ منهما في ضفّة. كان يمكن للشرطي ان يكون قائد التنظيم والعكس. لا فرق كبيراً بينهما. ما يتشاركانه أكثر ممّا يفرقهما. إلا أن أسباب الوقوف في صف الشرطي أكثر. بعض المشاهد تحضر أيضاً للتذكير بأننا أمام كائن حيّ يمكن أن يتوب، وهذا ما يمنع الفيلم من السقوط في فخ التنميط ومواصلة النبش في جذور العنف الذي تناوله كرزل في أفلامه السابقة

جود لو ونيكولاس هولت ممتازان في أدائهما. يعبّران عن التعنّت والصرامة والقلق، مع بعض الضعف الذي يتسرب منهما بين حين وآخر. وكأي فنّان يحترم عمله ويتبع منهجاً، سلّما أمرهما لتعليمات المخرج الذي طلب من جود لو أن يتعقّب نيكولاس هولت ليوم واحد، والأخير، كما رواه خلال المؤتمر الصحافي، لم ينتبه أبداً أنه كان ملاحقاً ولم يُبلغ ذلك إلا عند حضوره إلى البندقية. كان الهدف من هذا القرار إدخالهما في الدور. أضف إلى أنهما لم يلتقيا خلال الأسابيع الأربعة الأولى للتصوير، وذلك لخلق انقسام وتوتّر بينهما.

 

####

 

«اللعب بالنار»… الابوة في مهب التطرف

هوفيك حبشيان

«هل سأظل أحب ابني إذا تبنّى أفكاراً راديكالية نقيضة لأفكاري؟». من هنا ينطلق الفيلم الفرنسي «اللعب بالنار – Jouer avec le feu» لدلفين وموريال كولان المعروض في مسابقة مهرجان البندقية السينمائي (28 أغسطس – 7 سبتمبر)، لكن المخرجتين الشقيقتين على قدر من الحنكة، ذلك أنهما موضعتا هذه الفكرة في سياق سياسي متوتر يلقي بظلاله على حاضرنا؛ صعود اليمين المتطرف في فرنسا وأوروبا والغرب عموماً.  

يصعب الاستخفاف بالسؤال المطروح، فهو يحمل إشكالية حقيقية. نعم، من السهل جداً إبعاد غريب من حياتنا بسبب أفكاره، في المقابل ما الحل عندما تجمعنا بهذا الشخص روابط دم؟ هذا بالإضافة إلى الذنب المتولد عند الأبوين اللذين سيعتبران أنهما كانا مقصرّين على مستوى التربية. في النهاية، هذا فيلم عن صراع أجيال، أو بشكل أدق صراع بين جيل لا يزال متمسّكاً بمثاليته وآخر يقف أمام حائط مسدود، فلا حلّ للأخير سوى الشعبوية.  

يحاول الفيلم إيهامنا بأنه لا يحمل رسالة جاهزة ولا يدق ناقوس الخطر (ولو أنه يفعلها نوعاً ما)، ولا يطرح نموذجاً للتفكير الصائب والصحيح، ولا يوزّع الخيارات بين صح وخطأ، ولو أن الخطأ الوحيد هنا هو اليمين المتطرف، لا اليسار المتطرف مثلاً.

كلّ ما يفعله هو تعريفنا بالمعاناة المتصاعدة لعائلة تتألّف من أرمل في الستينات من عمره يعمل موظّفاً في السكك الحديد، ينضم أحد ابنيه الإثنين إلى تنظيم راديكالي، أعضاؤه من النازيين الجدد الذين يكرهون كلّ ما ليس فرنسياً ويعادون المهاجرين وغيرها من الأمور التي تأتي في نوع من سلّة كاملة متكاملة تواكب أفكار أقصى اليمين، في مقدّمها نظريات المؤامرة

بيار (هذا اسم الأب الذي يضطلع بدوره ببراعة فنسان لاندون)، سيجن جنونه عندما يعرف طبيعة الورطة التي سقط فيها ابنه، ولأنه أب ولديه شيء من الحدس، يستشف الخطر الذي ينتظر ابنه. سيفعل الكثير لتجنّب الأسوأ، لكن هل يمكن إنقاذه أم أن الأوان قد فات؟

فنسان لاندون من فيلم اللعب بالنار

يتناول الفيلم قضية صعود التعصّب أو عودته القوية (شأن العديد من أفلام هذه الدورة من «الموسترا»)، بعيداً من أي خطاب إصلاحي. يتعامل مع الواقع كاشفاً أبعاده النفسية والاجتماعية والسياسية، متطلّعاً إلى العالم من داخل عشّ العائلة وأفرادها وفردانيتهم، مناقشاً حدود كلّ فرد فيها، والمسؤولية التي تقع على عاتق الجميع، ولو بنسب متفاوتة

التطورات الدرامية هي التي ستقود القصّة. سنرى كلّ شيء من خلال الممارسات التي سينجر إليها الابن الضال، مورطاً والده وأخاه، متسبّباً بتفسّخ العائلة وانهيار تماسكها. الفيلم سيتعقّب «على الدعسة» كلّ مراحل التطور هذا.

الجرح الذي سينكأه الفيلم سيكون موجعاً للأب الذي خسر زوجته وصارت حياته خلفه، كما يقول في أحد المشاهد. لكن المشكلة الكبرى تتجسّد في الابن الذي يُستدرج لفخ الأفكار التي وقف ضدها الأب طوال حياته، ولا تمثّل شيئاً من القيم التي ربى ابنيه عليها. في أي عالم سيعيش هؤلاء، غداً وبعد غد، هذا إذا تمكّن من الخروج من المأزق الذي سيجد الابن نفسه فيه، نتيجة تصفية حسابات بين معسكرين إيديولوجيين نقيضين يتصارعان لفرض وجودهما وإلغاء الآخر

أحد أبرز المواضيع التي يناقشها الفيلم هو الأبوة، من خلال دورها وحدودها ومسؤولياتها، خصوصاً في غياب الأم. الأب هنا رمز للسلطة ولكن سلطته تختلف عن سلطة الدولة الموضوعية. حبّه لابنه غير مشروط بفكرة أو سلوك، خلافاً للدولة التي تعاقبه عندما يخطئ. الأب لا يعاقب، بل يحاول التخفيف من عقابه، عبر ربط المسؤولية بنفسه.

دور الأب مزدوج: الإرشاد والحبّ في آن واحد. كيف يمكن التوفيق بين هذين الوجهين للعلاقة؟ هنا المعضلة الأبوية التي ستتفجّر في وجه الجميع، في لحظة سياسية واستقطابية حسّاسة ودقيقة

بنجامين فويسن من فيلم اللعب بالنار

على مستوى الرؤية السينمائية، الفيلم غير مقل باللقيات، لا سيما في بعض المشاهد التي تصوّر نشاطات ذات طابع رياضي ينظّمها المتطرفون. تنقل المخرجتان هذه البيئة الهورمونية برؤية بصرية فريدة. نجد أنفسنا في جو خانق يضغط على الأعصاب ويقول شيئاً عن السواد الذي سنقبل عليه.

نحن هنا حيال سينما فرنسية ذات علاقة قوية بالواقع، ناتورالية، فيها لحظات تحمل تكوينات بصرية مشغولة بعناية، وأخرى أقصى ما يهم فيها هو المضمون وما يحدث داخل الكادر

في محاولته لإنقاذ العائلة، والتعامل مع المستجد في حياته بحكمة وتفان وإخلاص، يسحق لاندون القلب. يكفي أن ترميه في أي مكان ليخرج منه بفيلم. لاندون هو السيناريو والإخراج والتمثيل في جسد واحد. جامع كلّ الأطراف. نوع من خلاطة مولينكس، تضع فيها مواد مختلفة فيخرج لك بعصارتها

 

####

 

هند المؤدب: في «السودان تذكرنا» قادتني الصداقات لتوثيق الثورة

احمد العياد

بوثائقي من قلب السودان، جاءت المخرجة التي تجمع أصولها بين تونس والمغرب هند المؤدب إلى الدورة الحادية والثمانين من مهرجان فينيسيا

في «السودان تذكرنا» توثِّق المؤدب نضالات الشعب السوداني ضد الحكم العسكري خلال الفترة بين سقوط نظام عمر البشير في 2019 واندلاع الحرب بين طرفي المكون العسكري (الجيش وقوات الدعم السريع) في 2023. ويوثق تجربة المخرجة مع الحراك الشعبي السوداني، حيث بدأت القصة في باريس وتواصلت في السودان بعد سقوط نظام البشير، مسلطًا الضوء على الأحلام والآمال التي رافقت الثورة السودانية.

وفي حوارها مع «فاصلة»، تحدثت المؤدب عن سبب تقديمها فيلمًا سودانيًا، يُنتظر عرضه في مهرجان تورونتو بعد الاحتفاء الكبير الذي لوقي به في فينيسيا، وعن رحلتها إلى السودان بعد سقوط البشير، وأهمية الصداقات والعلاقات الشخصية التي بُنيت هناك، بجانب التحديات التي واجهتها أثناء التصوير وعلاقتها بالسودانيين.

·        لماذا اخترت تقديم فيلم عن السودان رغم ما تمر به بلدك تونس؟ 

في الواقع، أنا لست تونسية فقط. فأمي من المغرب وأبي من تونس. اختيار السودان رتبته الأقدار بشكل ما، ففي فيلمي السابق «باريس- ستالينغراد»، تحدثت مع لاجئين سودانيين في فرنسا ورويت قصصهم. وكان لا بد أن أكمل قصتهم بفيلم آخر، فخرجت فكرة «السودان تذكرنا».

ففي «باريس – ستالينغراد» رويت قصة سليمان، وهو لاجئ سوداني وصل إلى فرنسا. وصورت معه ومع آخرين من أبناء وطنه الذين كانوا يعيشون في شوارع باريس منتظرين الحصول على أوراق اللجوء.

·        كم استغرق صنع فيلم  «السودان تذكرنا» ؟

 بعد أن أنهيت «باريس – ستالينغراد» عام 2019، بدأت الأحداث تتطور في السودان. وقال لي أصدقائي السودانيين الذين شاركت معهم في التصوير: «عليك أن تذهبي إلى السودان، يجب أن تري بلدنا».

 بعد سقوط عمر البشير، أصبح بالإمكان السفر إلى السودان وأصدقائي ساعدوني في ترتيب الرحلة. ثم أعطوني أرقامًا للتواصل، مثل رقم شجن سليمان، التي تعرفت عليها قبل سفري إلى هناك، بفضل صديق سوداني يدعى حسان ياسين، وهو لا يزال صديقاً مقرباً لي في فرنسا.

وعندما وصلت إلى السودان، كنت على اتصال بالعديد من السودانيين والثوريين الذين تعرفت عليهم في باريس. فالقصة بدأت في باريس، وكان من الطبيعي أن أكملها في السودان.

يجب أن أشير إلى أنني لست صحفية، وأفلامي ليست عن تغطية الأخبار أو الأحداث، بل عن القصص الشخصية والصداقات التي تتكون في حياتي. وفيلمي يتحدث عن تجربتي الشخصية، عن علاقتي بوالدي، وعن الصداقة التي نشأت بيني وبين شجن في السودان، وعن السودانيين الذين تعرفت عليهم في باريس.

كما أن القصة السودانية وثورتها أوسع من أن تحكى في فيلم واحد، فهي تحتاج إلى عدة أفلام لتغطية كل جوانبها مثل الكنداكات، وحركات المقاومة، وتاريخ السودان، وأيام حكم عمر البشير، وقصة الذهب، ومرتزقة فاغنر وعلاقتهم بحميدتي (زعيم قوات الدعم السريع التي عرفت سابقًا باسم الجنجويد)، والتأثير المصري على الثورة السودانية. فيلمي ليس عن هذه الأحداث، بل هو عن تجربتي الشخصية.

·        كان هذا واضحًا في الفيلم، خصوصًا من خلال استخدام الأغاني والشعر، هل كانت هذه العناصر جزءًا رئيسًا من احتجاجات الشعب السوداني أم هي أن الفيلم أراد تعظيم أثرها؟ 

أردت أن يشعر الجمهور بما شعرت به في السودان. كل ما تراه في الفيلم يعكس تجربتي الخاصة في رحلتي هناك.

عندما وصلت إلى السودان، كان كل شيء عبارة عن جمال وموسيقى. كل ما رأيته هناك كان تجربة فريدة. كنت أتحرك وأجد أشخاصًا يغنون في كل مكان. كان الأمر يشبه موجة، وأنا فقط قمت بتصوير تلك الموجة. لم يكن لدي خطة مسبقة أو سيناريو محدد. وصلت إلى السودان وصورت ما رأيته بأم عيني.

·        لم يكن لديك سيناريو معين في ذهنك؟

لا، لم يكن لدي أي فكرة محددة. لم أكن أعلم أن كل هذا سيحدث: الانقلاب العسكري، الحرب، كل هذه الأحداث. كنت أظن أن الأمور ستتحسن، وأن السودان سيصبح دولة مدنية مع انتخابات حرة. فكنت أؤمن بالسيناريو الأفضل. حتى لو لم يتحقق، كنت أرغب في أن أصدق بذلك

مثلي في ذلك مثل كثير من السودانيين الذين كانوا يؤمنون بتحقيق أهداف ثورتهم السلمية التي ووجهت بالرصاص والاغتصاب. لم يكن بإمكانهم الخروج والتظاهر والمخاطرة بحياتهم إذا لم يكن لديهم إيمان بأنها ستنجح. كنت مثلهم، كنت معهم، والفيلم تم تصويره وأنا أسير معهم يدًا بيد

حلم السودان كان حلمي أيضًا، حلمي لوطني. قلت ذلك في البداية لأن والدي من تونس وأمي من المغرب والجزائر. رأيت في السودان مستقبلاً لبلداننا. لهذا السبب صورت الفيلم بعدسة الحلم، لأنه بدون الحلم لا توجد ثورة، ولا فيلم. كل شخص في الحياة لديه حلم، حتى الشباب الذين يخاطرون بحياتهم في البحر يبحثون عن حياة أفضل.

·        ما هي علاقتك بالشعر العربي قبل الفيلم؟

لغتي العربية الفصحى ليست قوية. أكبر ندم لي هو أن والدايّ لم يسمحا لي بالذهاب إلى المدرسة في المغرب مع جدتي، بل أحضروني إلى فرنسا. لم أتعلم اللغة العربية بشكل كافٍ. يمكنني القراءة كطفل صغير، لكن هذا لا يكفي. أريد أن أقرأ الكتب بعمق. لهذا لم تكن علاقتي بالشعر العربي قوية ولكني أعرف أهميته في تاريخ الفن العربي

·        كم يومًا استغرقت في تصوير الفيلم؟

 أحسبها بالساعات، كان لدي خمسين ساعة من التصوير. بدأت في باريس.

·        وعلام بنيت المونتاج في ظل غياب السيناريو؟

عملت مع جلاديس جوجو، وهي مونتيرة لبنانية متمكنة هي من قامت بعمل المونتاج للفيلم. كانت رائعة وساعدتني كثيرًا. كما عملت مع نادين ناوس، التي ساعدتني في كتابة «الفويس أوفر» السيناريو.

شعرت أن الفيلم يركز بشكل كبير على الشباب، ولم يكن هناك الكثير من الشخصيات الكبيرة في السن؟

في البداية، صورت الكثير من المشاهد مع أشخاص كبار في السن. لكن في النهاية، وبسبب إيقاع الفيلم، قررت التركيز فقط على الشباب. ومع ذلك، لدي الكثير من المشاهد التي صورتها مع كبار السن، مثل أزهري وأبوها، ولكن لم أدرجها في الفيلم النهائي.

·        ما هي أصعب التحديات التي واجهتك أثناء تصوير الفيلم؟

أصعب شيء كان الحرب. كانت أصعب لحظات عندما كنت أصور والحرب تندلع حولي. من الصعب أن ترى الأشخاص الطيبين يموتون بينما يبقى الأشرار على قيد الحياة. مثل حميدتي والبرهان، ما زالا على قيد الحياة ويعيشان في أمان بينما يحترق أبناء السودان وفقدنا الكثير من الشباب الطيبين. ولكن ما جعل الفيلم مميزًا هو شعر شيخون. هو شخص مميز للغاية، وكان يعمل مهندسًا للكمبيوتر في بنك الخرطوم، ولكنه أيضًا شاعر معروف. هو شخص رائع وقصته مذهلة. كتب قصائد تلخص الثورة من بدايتها حتى نهايتها.

·        هل سيعرض الفيلم عربيًا مع تعدد عروضه في المهرجانات الدولية؟

نعم، سيعرض في مهرجان مراكش، طلبت منهم أن يعرض الفيلم هناك لكي يتمكن الناس من مشاهدته. إن شاء الله سيكون عرضًا مميزًا.

 

موقع "فاصلة" السعودي في

08.09.2024

 
 
 
 
 

مخرجة أميركية يهودية ووجوه سينمائية لامعة تتضامن مع الفلسطينيين من البندقية

إيمان محمد

عبرت المخرجة الأميركية سارة فريدلاند عن دعمها للشعب الفلسطيني خلال كلمة ألقتها أثناء تسلمها جائزة أفضل مخرجة ضمن الدورة الـ 81 لمهرجان البندقية السينمائي، مدينةً الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، ومعبرةً عن دعمها نضال الفلسطينيين لنيل حريتهم.

وحرصت المخرجة -الحاصلة على جائزة "أسد المستقبل" عن فيلمها "لمسة مألوفة" (Familiar Touch) المشارك في فئة "آفاق"- خلال كلمتها على التنديد بالمجاز الإسرائيلية في غزة، "وبصفتي فنانة أميركية يهودية أعمل في وسط قائم على الوقت، لا بد أن أشير إلى أنني أتسلم هذه الجائزة في اليوم الـ 336 للإبادة الإسرائيلية في غزة والعام الـ 76 للاحتلال".

واعتبرت فريدلاند أن دور العاملين في مجال السينما هو استخدام المنصات المؤسسية من أجل التصدي لإفلات إسرائيل من العقاب على الساحة العالمية، في حين قوبلت تصريحاتها بتصفيق الحضور.

أما الممثلة الأميركية كاثلين تشالفانت -التي حصلت على جائزة أفضل ممثلة عن دورها في "لمسة مألوفة"- فتطرقت إلى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أثناء تسلمها للجائزة، وقالت إنها تتمنى أن ينتهي "التحول الكارثي للأحداث في المنطقة ليتمكن الناس من العيش بسلام وحرية وعدالة".

من جانبه، قال المخرج الفلسطيني إسكندر قبطي -الحاصل على جائزة أفضل سيناريو في قسم "آفاق" عن فيلمه "إجازة سعيدة" (Happy Holidays)- "أقف هنا بشرف كبير، ولكني متأثر بشدة بالأوقات الصعبة التي نعيشها خلال الأشهر الـ11 الماضية، وقد تم اختبار إنسانيتنا المشتركة وبوصلتنا الأخلاقية بينما نشهد الإبادة الجماعية المستمرة في غزة".

وتابع "يذكرنا هذا الواقع المؤلم بالعواقب المدمرة للقمع، وهو موضوع في فيلمنا الذي ينظر إلى الكيفية التي يمكن بها الروايات الأخلاقية أن تجمعنا معا كمجتمعات، ولكنها أيضا تعمينا عن معاناة الآخرين".

وتدور أحداث "إجازة سعيدة" حول 4 شخصيات مترابطة تعيش في حيفا، وتتنقل في خلفيات أجيال وثقافات مختلفة.

وقد أعرب العديد من المشاهير والعاملين في قطاع السينما عن دعمهم للشعب الفلسطيني خلال فعاليات مهرجان البندقية السينمائي، فقد حرص المخرج الأميركي الياباني نيو سورا خلال حضوره عرض فيلمه "نهاية سعيدة" (Happy End)، على ارتداء الكوفية ودبوسا على شكل علم فلسطين.

كما نشر سورا مجموعة من الصور ومقاطع الفيديو عبر حسابه على إنستغرام أظهرت دعمه لفلسطين، فظهر أحد الأشخاص معه وهو يرتدي الكوفية الفلسطينية أيضا، في وقت أمسكت فيه أخرى بالعلم الفلسطيني.

وقام الممثل المصري عصام عمر بارتداء دبوس على شكل علم فلسطين أثناء حضور عرض فيلم "البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو" المشارك ضمن برنامج "أوريزونتي إكسترا".

ونشر عمر صورة له أثناء وجوده على السجادة الحمراء لمهرجان البندقية في حسابه على إنستغرام، وعلق عليها "أحلى صورة في حياتي من أجل فلسطين".

المصدر الجزيرة مواقع التواصل الاجتماعي

 

الجزيرة نت القطرية في

08.09.2024

 
 
 
 
 

مهرجان البندقية: الأسد الذهبي لألمودوفار وغزة حاضرة

(فرانس برس، العربي الجديد)

صحّح مهرجان البندقية السينمائي واقعاً ظالماً بمنحه، أمس السبت، جائزة الأسد الذهبي للإسباني بيدرو ألمودوفار (74 عاماً)، عن فيلمه الأول بالإنكليزية "ذي روم نكست دور"، الذي يتناول الانتحار بمساعدة الغير، وهي إحدى أهم الجوائز التي حصل عليها المخرج الكبير خلال مسيرته الحافلة.

كذلك كافأ المهرجان المجازفة التي أقدمت عليها النجمة الهوليوودية نيكول كيدمان، وأداء الوجه السينمائي الفرنسي البارز فنسان ليندون، من خلال منحهما جائزتي التمثيل فيه.

فألمودوفار، الذي حصل على أوسكار وأخرج روائع من بينها "آل أباوت ماي ماذر" (All About My Mother)، و"باد إيديوكيشن" (Bad Education)، و"باين اند غلوري" (Pain and Glory)، وكان يشارك باستمرار في أكبر المهرجانات، لم يسبق أن نال الجائزة الكبرى لأي مهرجان بارز.

إلا أن لجنة التحكيم برئاسة إيزابيل أوبير، وهي أيضاً من أبرز وجوه ما يُعرف بـ"سينما المؤلف" الأوروبية، قررت أن تتوج بمكافأة من هذا النوع طال انتظارها المخرج الذي برز بأفلامه عن النساء وتلك المشحونة بالمشاعر. وقال ألمودوفار عند تسلمه جائزته: "إنه فيلمي الأول باللغة الإنكليزية لكنّ الروح إسباني"، واستفاد من منبر البندقية للدفاع عن مفهوم القتل الرحيم، إذ رأى أن "توديع هذا العالم بشكل صحيح وبكرامة هو حق أساسي لكل إنسان".

ونال ألمودوفار الجائزة عن فيلم "يدور حول امرأة تحتضر في عالم يحتضر أيضاً على الأرجح"، على حد قول المخرج الذي ارتدى خلال إطلالته في مهرجان البندقية بدلة وردية اللون.

وتدور قصة فيلم "ذي روم نكست دور" حول إنغريد (جوليان مور)، وهي روائية قلقة بشأن نهاية حياتها، ومارثا (تيلدا سوينتون)، وهي صديقة طفولتها ومراسلة حرب سابقة اعتادت تحدي الموت وتعيش وحيدة في شقتها الفارهة في نيويورك. وتتجدد الصداقة القديمة بين المرأتين في خضم معركة مارثا ضد مرض سرطاني في مراحله النهائية. وفي ظل رفضها الخضوع لعلاج جديد غير مضمون النتائج، تقرر مارثا إنهاء حياتها عن طريق تناول عقار اشترته بشكل غير قانوني عبر الإنترنت.

"صدمة" كيدمان في مهرجان البندقية

كافأ "الموسترا" نجماً مخضرماً آخر أيضا، هذه المرة من السينما الفرنسية: فنسان ليندون. فقد فاز الفرنسي البالغ من العمر 65 عاماً بجائزة أفضل ممثل عن دوره كأب يواجه انجراف أحد أبنائه نحو اليمين المتطرف العنيف في "جويه أفيك لو فو" Jouer Avec Le Feu. وقال ليندون إثر إعلان مواطنته إيزابيل أوبير عن فوزه بالمكافأة: "من النادر جداً أن يكون رئيس (لجنة تحكيم) فرنسي بهذا القدر من السخاء مع مواطن له. إنه أمر نادر جداً وأنيق جداً".

وذهبت جائزة أفضل ممثلة إلى نيكول كيدمان عن دورها في "بيبي غيرل" (Babygirl)، الذي يعيد إحياء أفلام التشويق الإباحي ولكن بنفحة نسوية.

لكنّ النجمة الأسترالية الأميركية البالغة من العمر 57 عاماً غابت عن حفلة اختتام المهرجان، وتلت مخرجة الفيلم هالينا رين رسالة باسمها على المسرح جاء فيها: "لقد علمتُ بعد وقت قصير من وصولي إلى البندقية بوفاة والدتي جانيل كيدمان. أنا في حالة صدمة ويجب أن أكون مع عائلتي. أهدي هذه الجائزة إليها".

وقد ظهرت كيدمان في هذا الفيلم في مشاهد ندر لها أن أدّت بمثل جرأتها، إذ تلعق في أحدها الحليب من كوب، وتحقن بالبوتوكس في آخر، أو تطل عارية من الخلف في ثالث.

حرب الإبادة في غزة حاضرة

شهد أقدم مهرجان سينمائي في العالم بدورته الحادية والثمانين مشاركة كوكبة من نجوم هوليوود، لكنّ بعض الأفلام المنتظرة خرجت خالية الوفاض، بينها "جوكر: فولي آ دو" ("Joker: Folie a deux")، مع ليدي غاغا ويواكين فينيكس، أو "ماريا"، فيلم السيرة الذاتية لمغنية الأوبرا الشهيرة ماريا كالاس مع أنجلينا جولي.

ومن بين الفائزين الآخرين، منح "ذي بروتاليست"، وهو فيلم روائي طويل مدته 3 ساعات و30 دقيقة عن رحلة مهندس معماري نجا من الهولوكوست، والذي أدى دوره أدريان برودي، جائزة أفضل إخراج لبرايدي كوربت.

وحصد بول كيرشر، وهو ممثل فرنسي يبلغ من العمر 22 عاماً يحقق نجاحا لافتا في الأشهر الأخيرة في فرنسا، على جائزة أفضل ممثل شاب بفضل دوره في فيلم "لور زانفان أبريه أو" المقتبس من رواية لنيكولا ماتيو.

وحضرت حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة أيضاً في الحفلة الختامية للمهرجان، من خلال تصريحات أدلت بها المخرجة الأميركية سارة فريدلاند المشاركة في قسم "أوريتزونتي" الموازي، وقالت أثناء تسلمها جائزة عن فيلمها "فاميليار تاتش": "بصفتي فنانة يهودية أميركية (...)، لا بد لي أن أشير إلى أنني أقبل هذه الجائزة في اليوم الـ336 للإبادة الإسرائيلية في غزة والعام 76 للاحتلال".

أبرز الفائزين بجوائز مهرجان البندقية

في ما يلي قائمة بالفائزين بالجوائز التي أعلنها مهرجان البندقية السينمائي مساء السبت في اختتام دورته الحادية والثمانين:

الأسد الذهبي لأفضل فيلم: "ذي روم نكست دور" لبيدرو ألمودوفار (إسبانيا)

الأسد الفضي وجائزة لجنة التحكيم الكبرى: "فيرميليو" لمورا ديلبيرو (إيطاليا - فرنسا - بلجيكا)

الأسد الفضي لأفضل مخرج: "ذي بروتاليست" لبرايدي كوربت (بريطانيا)

كأس فولبي لأفضل ممثلةنيكول كيدمان في "بايبي غيرل" لهالينا رين (الولايات المتحدة)

كأس فولبي لأفضل ممثلفنسان ليندون في "جويه أفيك لو فو" لدلفين كولان وموريال كولان (فرنسا)

جائزة أفضل سيناريوموريلو هاوسر وهيتور لوريغا في "جو سوي أنكور إيسي" لوالتر سالز (البرازيل - فرنسا)

جائزة لجنة التحكيم الخاصة: "ابريل" لديا كولومبيغاشفيلي (فرنسا - ايطاليا - جورجيا)

جائزة مارتشيلو ماستروياني لأفضل ممثل شاب أو ممثلة شابةبول كيرشر في "لور زانفان أبريه أو" للودوفيك بوكيرما وزوران بوكيرما (فرنسا)

 

العربي الجديد اللندنية في

08.09.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004