«المستعمرة»...
فيلم مصري يطرح قضايا عمّال المصانع بـ«واقعية سوداء»
عُرض ضمن مسابقة «العمل الروائي الأول» في «برلين السينمائي»
القاهرة
: أحمد
عدلي
يتناول الفيلم الروائي المصري «المستعمرة» قصصاً من حياة
عمّال المصانع في الإسكندرية؛ وقد عُرِض ضمن برنامج «العمل الروائي الأول»
في مهرجان «برلين السينمائي» بدورته الـ75، ليُضيء على منطقة تضمُّ مساكن
لعمّال المصانع، تأسَّست خلال الاحتلال الإنجليزي لمصر؛ وهو من إخراج محمد
رشاد ويعتمد على وجوه جديدة.
تدور الأحداث حول عائلة عامل يقضي في حادث بمصنع يفتقد شروط
السلامة، وبعد وفاته التي لا تخضع لتحقيق، يُقدّم أصحاب المصنع فرصة عمل
لنجله حسام البالغ 23 عاماً (أدهم شكري)، الذي يقبل الفرصة برفقة شقيقه
الأصغر مارو ابن الـ12 عاماً (زياد إسلام).
وهي فرصة لم تكن لتتوافر لولا وفاة والده بهذه الطريقة في
ظلّ مشكلات حسام مع الأمن واضطراره للابتعاد عن منزل العائلة في حياة والده
الذي تحدّث عن كثير من الأمور السلبية المرتكبة بحقّ العمال.
يحصل الأخوان على فرصة العمل ضمن التسوية غير الرسمية مع
إدارة المصنع، في حين تعاني الأم من مرض يجعلها غير قادرة على الحركة،
مكتفيةً بالحديث مع ولديها عند عودتهما من المصنع، فيما نشاهد على مدار
الشريط الممتدّ لنحو 94 دقيقة تفاصيل عن حياتهما وعلاقاتهما داخل مكان
العمل، وطريقة تعامل العمال والمهندس المسؤول معهما، بجانب صعوبات تواجههما
في حياتهما الجديدة.
يطرح الفيلم أسئلة بلا إجابات واضحة، بدايةً من طريقة وفاة
الأب والتفاصيل الخاصة بها، مروراً بطبيعة العلاقة بين الشقيقين والجزء
الغامض في حياة الشقيق الأكبر حسام، وصولاً إلى الأم ودورها بما وصل إليه
الابن، بجانب طبيعة المكان الذي يعيشون فيه، والذي يفتقد كثيراً من مقوّمات
الحياة الأساسية، وانخراطهما في العمل بالمصنع البدائي.
في هذا السياق، يُصنّف الناقد المصري خالد محمود الفيلم ضمن
أفلام «الواقعية السوداء»، مشيراً إلى استخدام المخرج الرمزية بشكل كبير.
ويتابع لـ«الشرق الأوسط» أنّ «العمل تضمَّن بطئاً شديداً في الأحداث مع
غياب المواقف التمثيلية المؤثّرة».
ويضيف: «يحمل فكرة جيدة؛ لكن ربما لم يجرِ التعبير عنها
بصورة سينمائية تُناسبها؛ الأمر الذي يمكن ردّه إلى أنها التجربة الأولى
للمخرج، واعتماده على أبطال معظمهم يقف للمرة الأولى أمام الكاميرا».
لكن مخرج الفيلم محمد رشاد يقول لـ«الشرق الأوسط» إنّ عمله
«لا يعطي المعلومات دفعة واحدة للمُشاهد، وإنما بشكل تدريجي على مدى
الأحداث؛ مما يولّد ترقّباً أكبر خلال الجزء الثاني من السياق، مع فَهْم
الشخصيات وطبيعتها وانتظار ما سيحدُث لها».
ويوضح أنّ حالة الترقّب مقصودة منذ مرحلة الكتابة؛ الأمر
الذي حاول نقله خلال التصوير، مشيراً إلى أنه حرص على التوظيف الرمزي
لإظهار مدى ضآلة الشقيقين في مواجهة المجتمع الذي يعيشان به، مضيفاً أنّ
«الفيلم يُقدّم صورة قاتمة للوجود الإنساني؛ ما يناسب طبيعة الأحداث التي
استمدّ فكرتها من قصة حقيقية لشاب قصد العمل في المكان عينه الذي توفّي فيه
والده».
ويُبدي الناقد أندرو محسن إعجابه بتقديم الفيلم صورةً غير
مألوفة لمدينة الإسكندرية، مشيراً إلى أنه «قدَّم صورة واقعية للقصة التي
يتناولها، وذلك على مستوى الصورة بمواقع التصوير والاستعانة بعمال حقيقيين».
ويتابع لـ«الشرق الأوسط» أنّ «الفيلم ربما تضمَّن غموضاً
إضافياً تجاه شخصيات كان يُنتظر أن يُعرَف عنها أكثر خلال السياق، لكنّ
مخرجه يُفسّر نقص المعلومات عنها برغبته في التركيز على تأثير الأحداث في
الأبطال، وليس التعمُّق في الشخصيات».
ويوضح المخرج أنه تعمَّد الغموض في بعض الشخصيات والأحداث
ليترك للجمهور مساحة تخيُّل، وتكوين وجهة نظرهم وتوقّعاتهم عما حدث بناء
على ما عرفوه عن كل شخصية.
وعن مكان التصوير، يختم رشاد: «العمل صُوِّر داخل مصنع، مع
إجراء تعديلات طفيفة فيه قبل التصوير»، مشيراً إلى أنه استُعين بعمال
حقيقيين، بالإضافة إلى مجموعة من الممثلين لإضفاء طابع واقعي على التصوير
داخل المصنع، مع الاعتماد على الإضاءة الطبيعية بالتنسيق مع مدير التصوير. |