ملفات خاصة

 
 
 

مهرجان برلين 2025:

خروجٌ من الصالة وحماسة التوقّعات وملاحظات أخرى

برلين/ نديم جرجوره

برلين السينمائي

الدورة الخامسة والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

كتابة ملاحظات عمّا يحدث في مهرجان سينمائي يُصنَّف فئة أولى أو غيرها، تمرينٌ على "مراقبة" تفاصيل تبدو هامشية بالنسبة إلى كثيرين وكثيرات، لكنّها تجمع بين المُضحك والمُثير للسخرية أو النفور أو الغضب. "مُراقبة" تفاصيل كهذه تؤدّي إلى كتابة ملاحظاتٍ عن "هامشيّات" حاصلة قُبيل بدء عرضٍ صحافي لفيلمٍ مُشارك في مسابقة أو برنامج، أو في "البيئة المحيطة" للعرض ذاك، مع أنّ الحاصل في تلك اللحظات، السابقة على بدءِ عرضٍ أو اللاحقة عليه، وأحياناً نادرة بينهما، كما في البيئة إياها، غير مخفيّ. لكنّ كثيرين وكثيرات غير مكترثين به، أو غير مهتمّين، أو غير معنيين، وهذا كلّه عاديّ.

ملاحظات كهذه مستلّة من تفاصيل تشهدها الدورة الـ75 (13 ـ 23 فبراير/شباط 2025) لـ"مهرجان برلين السينمائي (برليناله)"، في صالة "قصر برليناله"، حيث تُعرض صباحاً أفلام المسابقة للنقاد والصحافيين والصحافيات السينمائيين، وحيث يُحتفل مساءً بالعرض الرسمي الدولي الأول للأفلام نفسها.

أيغفل الناقد والصحافي ـ الصحافية السينمائيّين عن معلوماتٍ، بينها مدّة الفيلم، يُمكن قراءتها قبل بدء العرض؟ إنْ "ينزعج" أحد هؤلاء من الفيلم، لماذا ينتظر مرور 90 دقيقة أو أكثر للتخلّي عن معرفة خاتمة المسار الدرامي، بصرف النظر عن فحواها وقيمها السينمائية المختلفة؟ ألن يكون "التنبّه" إلى الانزعاج باكراً أفضل بكثير؟ أمْ أنّ التبرير جاهزٌ: هناك فيلمٌ آخر يتوجّب اللحاق به قبل بدء عرضه؟ تبرير خاطئ، فأفلام المسابقة الرسمية معروضة بترتيب يُسهِّل أمور الجميع: فيلمان كلّ صباح، تفصل بينهما ساعة واحدة (مُعدَّلا عاما)، وثالث أول المساء.

الخروج من الصالة عاديّ. هناك من يُفضِّل عدم إكمال فيلمٍ غير مُتمكّن من جذبه. لكنّ عدم الإكمال يُفترض به أنْ يحصل بعد أول 30 دقيقة، أو ربما بعد 60 دقيقة على بدايته. أمّا الخروج من الصالة قبل دقائق قليلة أخيرة على النهاية فمُضحك ومزعج، لأنّ خروج البعض يتطلّب وقوف بعضٍ آخر أمام آخرين وأخريات يتابعون العرض، وبعض الضجيج المُصاحِب خروجاً كهذا، في أي وقتٍ أصلاً، يُكمِل مهمّة الإزعاج.

سيُقال إنّ المؤتمر الصحافي الخاص بفريق عمل الفيلم المعروض، الذي يُقام دائماً بعد دقائق على نهايته، دافعٌ إلى خروج قبيل النهاية، لحجز مقعدٍ، فالأمكنة قليلة غالباً. هذا تبرير مقبول ربما، لكنّه غير مُقنع. مع أنّ المهنة (نقد وصحافة سينمائيان، وإعلام مرئي ومسموع) تتطلّب تغطية مؤتمرات صحافية كهذه، تُتيح طرح أسئلةٍ تُنشر إجاباتها بعد وقتٍ قليل، في مواقع إلكترونية طاغية في "المشهد الإعلامي"، أو في مطبوعاتٍ ورقية لها مواقع إلكترونية، وهذا لا علاقة له بالقِيَم المهنية والثقافية والأخلاقية والحِرفيّة لهذه المواقع، ولتلك المطبوعات الورقية ومواقعها الخاصة. هذا منسحبٌ أيضاً على إذاعات ومؤسّسات تلفزيونية.

نشر تغطيات صحافية وإعلامية لنشاطات مختلفة في مهرجان سينمائي، خارج إطار العروض والأفلام والكتابة النقدية، جزءٌ من المهنة. لكن كثرة المواقع الإلكترونية، العربية تحديداً (الصالح منها قليلٌ، والطالح غالبٌ عليها)، تدفع إدارات مهرجانات دولية كثيرة إلى إرسال تحذير عنوانه "الحظر (Embargo)" إلى العاملين والعاملات في النقد والصحافة والإعلام، يمنع عليهم/عليهنّ نشر رأي أو تقرير أو نقدٍ يتناول المعروض لهم/لهنّ صباح كلّ يوم، قبل العرض الرسمي الأول مساء اليوم نفسه.

هذا متأتٍ من بلبلةٍ تُحدثها المواقع الإلكترونية خاصة، فتُثير بشكلٍ أو بآخر تشويشاً قبل الإطلاق الرسمي للفيلم، بسبب المنشور فيها، المكتفي إجمالاً بكلامٍ محرِّض أو انفعالي أو متسرّع أو غير دقيق، خاصة أنّ مواقع إلكترونية كثيرة، إضافة إلى وسائل تواصل اجتماعي مختلفة الأشكال، غير مهنيّة صحافياً، وغير نقدية أبداً.

إذاً، هناك "حظر" في مهرجانات سينمائية، إذْ تُرسِل إدارة "برليناله"، وإدارات مهرجانات أخرى، رسالة إلكترونية، قبل أيامٍ عدّة على بدء كلّ دورة سنوية، تقول فيها إنّ الكتابة عن فيلمٍ معروض في عرض صحافي "ممنوعةٌ" قبل عرضه الرسمي، الذي يكون دائماً، في مهرجانات عدّة كـ"برليناله"، أول عرض في العالم.

حصولُ خرقٍ للحظر يُكتشف، لأنّ مهرجانات عدّة تُكلِّف أناساً يراقبون ويتابعون. أما الخرق هذا فيُسبِّب "حظراً" من نوع آخر: كلّ خارِق/خارِقة الحظر يُمنعان من حضور الدورة اللاحقة عادة، بعدم منحه/منحها البطاقة الصحافية الخاصة بكلّ مهرجان.

بعض زملاء المهنة ينشر، منذ اللحظات الأولى أحياناً، توقّعات/تمنيات بفوز هذا الفيلم أو ذاك بالجائزة الأولى، في وسائل تواصل مختلفة، مع نبرة "تشي" بحسمٍ. هذا تسرّع في التوقّع، لأن البعض يختار فيلماً معروضاً في "الساعات" الأولى لبدء دورة جديدة، تُعرض فيها (الساعات/الأيام الأولى) أفلامٌ قليلة، من أصل 19 فيلماً آخر، وهذا عدد الأفلام المُختارة للمسابقة الرسمية لـ"برليناله 2025".

هذا يُشير أساساً إلى حماسةٍ مفهومة لنقّاد عربٍ، قليلين للغاية، يمتلكون مصداقية في اشتغالاتهم، رغم أنّ المصداقية غير فارضة قبولاً بالرأي والتحليل، أو موافقة عليهما. بالتالي، فالحماسة تلك محصورة في وسيلة تواصل اجتماعي، كفيسبوك، ما يعني أنّ المتوقَّع أو المرغوب في فوزه غير متضمِّن نقداً سينمائياً، كالمنشور في صحيفة أو موقع إلكتروني، بصرف النظر عن مدى الأهمية الثقافية والفكرية والنقدية لهذه الصحيفة، ولذاك الموقع.

الحماسة جزءٌ من المهنة، لكنّها أساس العلاقة الشخصية بالسينما. وهذا جميل.

 

####

 

"برليناله 2025":

أفضل فيلم لـ"حلم" نرويجي عن ارتباكات مُراهقة

برلين/ نديم جرجوره

في ختام الدورة الـ75 (13 ـ 23 فبراير/شباط 2025) لـ"مهرجان برلين السينمائي"، فاز "حلم"، للنرويجي داغ يوهان هاوغِرود، بالدبّ الذهبي لأفضل فيلم، الممنوح للمُنتِجَين إنْغْفِ سايتر وهِغي هاوف هْفاتُم. بينما نال "اللون الأزرق الأخير" (ترجمة حرفية للعنوان البرازيلي، أو "المسار الأزرق" بحسب العنوان الإنكليزي الدولي)، للبرازيلي غبريال ماسْكارو، الدب الفضي ـ الجائزة الكبرى للجنة التحكيم، و"الرسالة" للأرجنتيني إيفان فاند بالدب الفضي ـ جائزة لجنة التحكيم. أمّا الدب الفضي لأفضل إخراج، فحصل عليها الصيني هيو مينغ عن "عيش الأرض" (ترجمة حرفية للعنوان الإنكليزي Living the Land).

هذه نتائج غير متوقّعة، فغالبية التوقّعات، العربية تحديداً، محصورة بثلاثة أفلام من أصل 19 فيلماً جديداً في المسابقة الرسمية: "انعكاس في ألماسة ميتة" للفرنسيّين (المُقيمين في بلجيكا) إيلِن كاتيه وبرونو فورزاني، و"يونان" للسوري (المُقيم حالياً في ألمانيا) أمير فخر الدين، و"كونتينانتال 25" للروماني رادو جود، الوحيد بينها الفائز بدب فضي لأفضل سيناريو (جود نفسه). ومع أنّ الفيلمين الأولين في التوقّعات تلك يمتلكان حساسية سينمائية كبيرة وعميقة، رغم الاختلاف الجذري في أساليب الإخراج والسرد والتصوير، ارتأت لجنة التحكيم، برئاسة الأميركي تود هاينس، خيارات أخرى.

أفضل فيلم يغوص في أعماق مُراهِقةٍ، تبلغ 17 عاماً في بدايات الحكاية، وتبدأ بحثاً ذاتياً وروحياً وانفعالياً في أحوالها وتفاصيل عيشها، منذ اللحظة الأولى التي تدخل فيها مُدرِّسة جديدة إلى الصف، فتُغرم المُراهقة بها، وتجهد للتقرّب منها، وتعيش تجربة معها تكتبها في رواية، توهم بأحداثٍ ربما لم تحصل، فالعلاقة بينهما أمام الكاميرا مبنية على اهتمام الثانية بالأولى في هذه السنّ المرتبكة. الأم والجدّة الشاعرة تقرآن الرواية، وتستعيدان معاً ماضياً لهما، في العلاقات والتفكير والتحوّلات الاجتماعية والثقافية والسياسية والنسوية النضالية. هذا كلّه بأسلوب ساخر ومُضحك في لحظاتٍ عدّة، والتساؤلات مفتوحة على احتمالات وتجاذبات.

الشخصية الأساسية في "اللون الأزرق الأخير" (العربي الجديد، 19 فبراير/شباط 2025) عجوزٌ (72 عاماً)، في مرحلة لاحقة على "طردها" الهادئ من عملها في مصنع، بحجّة أنّ الدولة مهتمّة بالعجائز، وتريد في الوقت نفسه إتاحة مجال أوسع أمام الشباب للعمل. لحظة كهذه تدفعها إلى رحلةٍ في عالمٍ من الخيال والسحر والمعتقدات الشعبية، وهذا مطعّمٌ بواقعية حادّة في تفكيك بُنى حياتية في برازيل اليوم. الغرائبية، التي يُمكن اعتبارها واقعية سحرية تُتقن أميركا اللاتينية عيشها، تحضر في "الرسالة"، لكنْ بشكل مغاير: أنيكا (أنيكا بووتز) مُراهقة تُقيم مع زوجين في سيارة فان، تجوب مدناًُ وبلدات ريفية، لامتلاكها قدرة التخاطب مع حيوانات نافقة أو حيّة، تريد (الحيوانات) نقل رسائل إلى أصحابها. التنقّل في الطرقات (يكاد يقترب من "أفلام الطريق") يعكس تفاصيل عن أناس وأنماط عيش وتفكير، في مناخ يمزج واقعاً مفكّكاً ومنهاراً (وإنْ من دون إظهار هذا مباشرة)، بأحوال إنسانية تبرع بووتز في عكسها سينمائياً، إلى جانب مارا أوردِري في شخصية المرأة المرافقة لأنيكا.

أما "عيش الأرض" (العربي الجديد، 17 فبراير/شباط 2025)، فمتوغّل في أحوال بيئة ريفية صينية، عبر أفراد عائلة كبيرة يواجهون تحدّيات، ويعيشون تفاصيل، ويغرقون في بؤسٍ خفيّ، ينسج حولهم وحولهنّ خيوطاً كثيرة. في 132 دقيقة، يتّسم الإيقاع الإخراجي بسرد بصري هادئ لحكايات متداخلة مع يوميات بائسة، في قرية ريفية، عام 1991. موتٌ يؤدّي إلى انكشاف تدريجي لأحوال، بعضها غير ظاهرٍ في القرية. أناس يشتغلون في الأراضي، ويلتقون ممثلي السلطة، ويدخّنون كثيراً، وبعضهم يحتسي خمرةً حتى السُكْر. أطفال ومراهقون ـ مراهقات يتعلّمون في مدرسة، يُغرم أحد أساتذتها بخالة صبيّ، يتركه والداه في البلدة الريفية تلك.

من جهته، يغوص رادو جود مجدّداً في تمزّقات ناس بلده، الذي (البلد) يعاني صداماً خفيّاً بين نزعة رأسمالية وبؤس واقعٍ: هذا اختزال لحبكةٍ تبدأ مع مرافقة المحامية أورسوليا (استر تومبا) رجال شرطة في مدينة كلوغ (ترانسلفانيا) لتنفيذ أمر بطرد متشرّد من غرفة يسكنها في عمارة. ساعات قليلة تمنحها له لترتيب أموره، ومع العودة تُكتشف جثته، فالمتشرّد ينتحر. صدمةٌ تُدخل أورسوليا في تخبّطات ومتاهات تكشف جوانيّاتها وانفعالاتها وأهوال بيئة تُقيم فيها.

إلى ذلك، نال "برج الجليد"، للفرنسية ذات الأصل البوسني لوسيل هادجيهاليلوفيتش، جائزة الدب الفضي للمساهمة الفنية المتميّزة، المتمثّلة بفنون مختلفة في الصنيع البصري (جائزة جماعية)، تصنع مناخاً عابقاً بالقهر والانهيار والبحث عن نجاةٍ من توهانٍ غير منتهٍ. الحبكة مستندة إلى رواية "ملكة الثلج" (1884)، للدنماركي هانس كريستيان أندرسن، المتحوّلة إلى مشروع فيلمٍ تؤدّي فيه كرستينا (ماريون كوتيار) دور ملكة الثلج، التي تلتقي جانّ/بيانكا (كلارا باسيني) في الاستديو، بعد هروب المراهقة من منزل الأهل (العربي الجديد، 19 فبراير/شباط 2025): الاستديو قاتم، الشوارع المحيطة به فارغة ومعتمة، الممرات ضيقة وقاسية، العلاقات صدامية غالباً.

أخيراً، هناك جائزة التمثيل الممنوحة لأفضل دور أول ولأفضل دور مساعد، إنْ يكن الدور لممثل أو لممثلة: الدب الفضي لأفضل دور أول ممنوح لروز بيرن في "لو كان لي ساقان لركلتك" للأميركية ماري برونشتاين، والدب الفضي لأفضل دور مساعد ممنوح لأندرو سكوت عن "القمر الأزرق" للأميركي ريتشارد لينكليتر.

الأول يروي حكاية ليندا (بيرن)، الأم العاملة التي ينهار سقف منزلها عليها، فتواجه أزمة أخرى، مع إقامتها في فندق رفقة ابنتها الصغيرة. تحاول إصلاح ثقب سقفها، ومعالجة طفلتها المصابة بمرض. هناك مريض مفقود، وأشخاص يبدو أنّهم غير قادرين على مساعدتها. في الثاني، هناك حكاية الشاعر الغنائي الأسطوري لورينز هارت، الذي يواجه مستقبله بشجاعة مع انكشاف مخبّأ في حياته المهنية والخاصة، ليلة افتتاح برنامج شريكه السابق ريتشارد رودجرز، "أوكلاهوما!".

 

العربي الجديد اللندنية في

23.02.2025

 
 
 
 
 

الدب الذهبي يذهب إلى السينما النرويجية في مهرجان برلين

برلين - دبي-رويترزالشرق

في ليلة احتفت بالجرأة السينمائية والرؤى الفنية المتفردة، فاز الفيلم النرويجي Dreams (Sex Love)، للمخرج داج يوهان هافجرود، بجائزة الدب الذهبي في الدورة الخامسة والسبعين لمهرجان برلين السينمائي الدولي، ليصبح واحدًا من أكثر الأفلام التي أثارت النقاش خلال هذه النسخة من المهرجان.

يقدم الفيلم سرداً درامياً حول قصة حب معقدة بين شابة ومعلمها، وهو العمل الثالث ضمن ثلاثية هافجرود التي تتناول العلاقة الحميمة في بعدها العاطفي والجسدي، وهو موضوع يستكشفه بعمق سينمائي غير تقليدي.

وأشاد رئيس لجنة التحكيم المخرج الأميركي تود هينز بالفيلم، واصفاً إياه بأنه "يدغدغ المشاعر من خلال لحظات مفاجئة ومذهلة، تسير بسلاسة داخل نسيج القصة."

وعبر هافجرود عن سعادته الكبيرة بالفوز، قائلًا: "هذه الجائزة تتجاوز أحلامي، إنها تشجعني على مواصلة السرد القصصي، وتشجع الجمهور على الكتابة والقراءة أكثر".

شارك في المسابقة الرسمية 19 فيلماً، وجاءت النتائج لتعكس تنوعاً في الأصوات السينمائية، إذ ذهبت جائزة الدب الفضي إلى الفيلم البرازيلي The Blue Trail، الذي يتناول رحلة امرأة مسنة في غابات الأمازون، ورفضها العيش في مستعمرة للمسنين.

في حين فاز بجائزة أفضل هوو مينج عن الفيلم الصيني Living the Land، الذي يروي قصة أربعة أجيال من المزارعين في ظل التغيرات الاقتصادية والاجتماعية.

ونال جائزة لجنة التحكيم الفيلم الأرجنتيني The Message، والذي يتناول الأثر العاطفي للرسائل غير المكتملة بين العائلات الممزقة.

وفازت بجائزة أفضل ممثلة الأسترالية روز بيرن، عن دورها في فيلم If I Had Legs, I Would Kick You، وهو عمل يستكشف تعقيدات الأمومة وتأثيرها على الهوية الفردية.

في حين ذهبت جائزة أفضل ممثل مساعد إلى الممثل الأيرلندي آندرو سكوت، عن أدائه في فيلم Blue Moon، حيث جسد شخصية تعاني من صراعات داخلية بين الماضي والحاضر.

وحصد المخرج الروماني رادو جود جائزة أفضل سيناريو عن فيلم Continental 25، وهو عمل يعيد النظر في الشعور بالذنب الجماعي وعدم المساواة الممنهج بأسلوب تأملي جريء.

وتؤكد نتائج هذا العام أن مهرجان برلين السينمائي الدولي لا يزال أحد أكثر المهرجانات انفتاحاً على الأصوات السينمائية الجريئة، والتجارب البصرية التي تسعى لكسر القوالب التقليدية، فبينما احتفى الدب الذهبي بفيلم يتناول التجربة العاطفية من منظور حسي غير مألوف، فإن الجوائز الأخرى توزعت على أعمال تنبض بتجارب إنسانية واجتماعية معقدة، ما يؤكد مكانة برلين كمنصة تحتضن المتمردين على المألوف في السينما العالمية.

 

الشرق نيوز السعودية في

23.02.2025

 
 
 
 
 

رصد لقائمة الفائزين في «برلين السينمائي الـ 75» ..

«أحلام» قصة الحب النرويجية تحصد «الدب الذهبي»

برلين ـ «سينماتوغراف»

فاز المخرج النرويجي داغ يوهان هاوغرود بجائزة الدب الذهبي لمهرجان برلين السينمائي لعام 2025 عن فيلمه "أحلام"، وهو قصة حب تكمل ثلاثية ”الجنس، الحب، الأحلام“ التي يطمح إليها.

تدور أحداث الفيلم الدرامي الطموح حول افتتان فتاة مراهقة بمعلمتها، ويروي العمل في الغالب بأثر رجعي، حيث تستعيد المراهقة ذكرياتها من خلال رواية كتبتها عن الأحداث.

واختارت لجنة تحكيم برلين برئاسة مخرج كارول تود هاينز فيلم ”أحلام“ من بين 19 فيلمًا في المسابقة الرسمية لمهرجان برليناله خلال دورته الخامسة والسبعين.

وفاز كل من روز براين وأندرو سكوت بأفضل أداء تمثيلي لهذا العام، حيث فازت براين بجائزة أفضل أداء رئيسي عن أدائها الرائع في فيلم ”لو كان لدي ساقان، لركلتك“ للمخرجة ماري برونشتاين، بينما حصل سكوت على جائزة أفضل أداء مساند عن أدائه لدور مؤلف موسيقى برودواي ريتشارد روجرز في فيلم ”القمر الأزرق“ للمخرج ريتشارد لينكلاتر.

وحصلت براين على مراجعات رائعة عن أدائها في فيلم ”لو كان لدي سيقان“، حيث تلعب فيه دور طبيبة نفسية على حافة انهيارها العصبي.

وذهبت جائزة الدب الفضي للجنة التحكيم الكبرى، وهي جائزة الوصيف في مهرجان برلين، إلى فيلم الخيال”الطريق الأزرق“ للمخرج غابرييل ماسكارو من البرازيل.

وفاز بجائزة الدب الفضي لأفضل مخرج المخرج الصيني هوو مينج عن فيلمه الدرامي الروائي الغني بالتفاصيل ”عيش الأرض“ الذي يحكي قصة عائلة كبيرة من المزارعين الفقراء الذين يعيشون على الكفاف بينما تتحول الصين تدريجيًا إلى قوة اقتصادية عالمية.

بينما ذهبت جائزة لجنة تحكيم الدب الفضي إلى المخرج إيفان فند عن فيلم ”الرسالة“، وهو فيلم طريق بالأبيض والأسود تدور أحداثه حول فتاة صغيرة تدعي أنها تستطيع قراءة عقول الحيوانات.

أما المخرج الروماني رادو جود الذي حصل على جائزة الدب الذهبي في برلين عام 2021 عن فيلمه ”مضاجعة سيئة الحظ أو لوني الإباحية“، فقد حصل على جائزة أفضل سيناريو عن فيلمه الأخير ”كونتيننتال 25“، وهو قصة أخلاقية ساخرة تدور أحداثها في رومانيا المعاصرة.

وقال جود الذي شكر فريق عمل فيلمه قبل أن يضيف انتقادًا سياسيًا ساخرًا في إشارة إلى الانتخابات الوطنية التي جرت وصعود اليمين المتطرف في ألمانيا: “أنا كاتب سيناريو سيء، لذا فإن هذه الجائزة مضحكة للغاية: ”أتمنى فقط أن لا يفتتح مهرجان العام المقبل بفيلم انتصار الإرادة للمخرجة ليني ريفنستال!“

وفاز فريق عمل فيلم ”البرج الجليدي“ للمخرجة لوسيلي هادزياليلوفيتش، وهو اقتباس فضفاض لحكاية ”ملكة الثلج“ لهانز كريستيان أندرسن، بجائزة الدب الفضي للمساهمة الفنية المتميزة.

وتلعب النجمة الفرنسية ماريون كوتيلارد الحائزة على جائزة الأوسكار دورًا مزدوجًا في الفيلم، حيث تلعب دور نجمة سينمائية في السبعينيات وملكة الشتاء نفسها.

وقال هادزياليلوفيتش وهو يتسلم الجائزة: “لا أعتقد أن الأفلام تغير العالم، لكنني أعتقد أن الأفلام تساعدنا على الحلم خاصة في هذه اللحظة الصعبة. تحيا السينما!"

وفاز بجائزة أفضل فيلم وثائقي فيلم ”عقد ليات“ للمخرج براندون كرامر، وهو نظرة مروعة على عائلة إسرائيلية أمريكية انقلبت حياتها عندما احتجزت حماس اثنين منهم كرهائن في 7 أكتوبر 2023.

وقال كرامر أثناء تسلّمه الجائزة، إن فيلمه لم يقدم ”أي إجابات سهلة“ لكنه حاول تصوير ”الفروق الدقيقة لعائلة واحدة“ في الأزمة.

وفاز المخرج المكسيكي إرنستو مارتينيز بوسيو بجائزة أفضل فيلم روائي طويل في قسم آفاق جديدة في المهرجان، وفاز عن فيلمه ”الشيطان يدخن“ (ويحفظ أعواد الثقاب المحترقة في نفس العلبة) الذي تدور أحداثه في مدينة مكسيكو سيتي في التسعينيات، وهو فيلم درامي عائلي تدور أحداثه في التسعينيات، ويتتبع خمسة أشقاء هجرهم آباؤهم مع جدتهم المصابة بانفصام الشخصية الذين يجدون أن الحاجز بين الواقعي والخيالي بدأ يتلاشى.

** القائمة الكاملة للفائزين أدناه عبر منشوراتنا السابقة على صفحة فيسبوك «سينماتوغراف» .. (تابعونا).

 

موقع "سينماتوغراف" في

23.02.2025

 
 
 
 
 

مهرجان برلين يعلن جوائزه الرسمية وينتصر للتغيير

فتاة حبيسةُ حُبّها ومُسنّة تسعى للحرية

لندنمحمد رُضا

هناك فيلمان بعنوان واحد في مسابقة برلين، هذا العام، أحدهما هو الذي خطف الدب الذهبي من الآخر، ومن باقي الأفلام التي تنافست على هذه الجائزة الأولى.

الفيلم الفائز هو «Drømmer»، وفق عنوانه النرويجي الذي يعني «أحلام» (Dreams) لمُخرجه يوهان هاوغرود. الثاني، الذي خرج دون أي جائزة هو «أحلام»؛ فيلم مكسيكي لمايكل فرنكو. إنهما ليسا فحسب فيلمين مختلفين، بل إن هناك فارقاً كبيراً بين اهتماماتهما.

بالنسبة للفيلم الفائز، فإنه الجزء الأخير من ثلاثية حققها المخرج، وعُرض أولها في «كان»، وثانيهما في «ڤينيسيا» في العام الماضي، قبل أن يتوجه بهذا الجزء الثالث إلى الحفل البرليني.

تَسلّم المخرج هاوغرود الجائزة مباشرة من رئيس لجنة التحكيم المُخرج الأميري تود هاينز، وقال في خطبته: «هذا الفيلم اسمه (أحلام)، والفوز بهذه الجائزة كان من بين أحلامي الكبيرة»، ثم وجّه المُخرج نصيحة للجيل الجديد: «أريد أن أقول: اكتب أكثر واقرأ أكثر، سيوسِّع ذلك من فكرك، هذا جيد جداً لك».

يتطرّق «أحلام» إلى حكاية طالبة شابّة تُعجَب، لدرجة الهيام، بأستاذ المدرسة الفرنسي. تقرأ والدتها وجَدَّتها مفكرتها المكتوبة بمشاعر عميقة. أشاد هاينز، عند تقديمه الجائزة، بالمنحى الشعري الذي «تمتع به الفيلم ولقي إعجاب كل أعضاء لجنة التحكيم».

توزيع الجوائز

فيلمان لاتينيان فازا بجوائز مع نهاية الدورة الخامسة والسبعين، إذ ذهبت جائزة لجنة التحكيم الكبرى (الثانية في الترتيب بعد جائزة الدب الذهبي) إلى فيلم «المسيرة الزرقاء» للبرازيلي غبريال ماسكارو، الذي يتناول منتقداً الطريقة التي يُعامَل بها المُسنّون في البرازيل. هذا موضوع خيالي حول معسكر أُقيم لكي يعيش فيه المُسنون توفيراً لتكلفة الاعتناء بهم. لكن هناك امرأة واحدة (تؤديها دنيس واينبيرغ) تنجح في الإفلات، وتمضي صوب غابات الأمازون طالبةً الحرب لنفسها.

الفيلم الآخر هو «الرسالة» (بالأبيض والأسود) للأرجنتيني إيڤان فند (Fund)، ويتعامل مع طفلة لديها قدرات خاصّة تُواجه بها من يريدون استغلال تلك القدرات لمآربهم الخاصة.

يخلو مهرجان برلين من التقليد المتّبَع في المهرجانات الأخرى، عبر منح جائزة واحدة للتمثيل، بغضّ النظر عن الجنس. وفي هذا العام، ذهبت هذه الجائزة إلى الممثلة الأسترالية روز بيرن عن فيلم «If I had Legs, I’d Kick You لو كان لديَّ سيقان لرفستك» (وهو أحد فيلمين فقط من أصل 19 فيلماً متسابقاً)، شهد عرضه العالمي الأول خارج المهرجان، إذ إن فيلم المخرجة ماري برونستين سبق أن شُوهد في مهرجان «صندانس».

كان من المتوقع، عند صحافيين ألمان وإيطاليين، ألا يفوز فيلم رتشرد لينكلاتر الجديد «قمر أزرق» بجائزة، ملاحظين أن قلّة من المخرجين الأميركيين منحوا جوائز أولى لأفلام أخرجها أميركيون آخرون. لكن فيلم لينكلاتر لم يخرج من الحدث دون تقدير، إذ جرى منح الممثل أندرو سكوت جائزة أفضل أداء مُساند.

من الجدير بالذكر أن سكوت كان من بين الذين جرى ترشيحهم من قِبل «مؤسسة ترويج الفيلم الأوروبية» (European Film Promotions) لممثلي الغد المتألقين، وذلك قبل خمس سنوات.

أما جائزة أفضل مُخرج فتوجهت للصيني هنغ هيو عن فيلم «لا يمكن إيقاف الريح» (The Wind is Unstoppable) حول صبيٍّ صغير يرفض أن يغادر القرية مع أهله إلى المدينة الكبيرة، وذلك في أحداث تقع سنة 1991 التي شهدت تغيّرات اقتصادية وسياسية كبيرة في الصين.

حصيلة الدورة

يبقى أن جائزة أفضل سيناريو ذهبت للروماني رادو جود عن فيلمه الجديد «كونتيننتال 25»، وهو الذي كان فاز، قبل أربع سنوات، بالجائزة الأولى، وعند تسلُّمه الجائزة صرّح بأنه ليس كاتب سيناريو جيداً، ثم حثَّ المحكمة الدولية على «متابعة عملها ضد كل أولئك الأشقياء المجرمين»، دون توضيح أو ذكر أسماء.

حصيلة هذه الدورة من مهرجان برلين أفضل من نظيرتها في العام الماضي. فهذه السنة تحت إدارة رئيس جديد هي الأميركية تريشا تاتل، تمتَّع المهرجان بعرض أفلام أهم وأكثر تنوّعاً من العام الماضي.

والفضل في هذا النجاح يعود إلى أن إدارته الجديدة سعت جهدها لاستقبال الأفلام من نوعين من المُخرجين: أولئك الذين يمكن اعتبارهم زبائن دائمين (رادو)، أو شبه دائمين (لينكلاتر)، ورهط كبير من المُخرجين الجدد. والمشاع حالياً في الصحافة الألمانية هو توقع عودة مهرجان برلين إلى صرحه الكبير في العام المقبل. بعض التفاؤل يعود إلى أن برلين استعاد وميضه هذه السنة أولاً، وأن رئيسته سيكون لديها اثنا عشر شهراً للتحضير، وهو ما لم تتمتع به على النحو نفسه.

 

####

 

«يونان»... رحلة فلسفية للبحث عن معنى الحياة

الفيلم العربي الوحيد بالمسابقة الرسمية لمهرجان «برلين»

القاهرةأحمد عدلي

يخوض فيلم «يونان»، وهو الشريط السينمائي العربي الوحيد ضمن أفلام المسابقة الرسمية للدورة الـ75 من مهرجان «برلين السينمائي»، مغامرة فلسفية للبحث عن معنى الحياة من خلال قصة الكاتب العربي منير، الذي يمر بأزمة نفسية حادة تدفعه إلى الإقامة في جزيرة نائية.

الفيلم الحاصل على دعم من صندوق وسوق «البحر الأحمر» يغوص في أعماق النفس البشرية، وتتواصل أحداثه على مدى 124 دقيقة، وهو من تأليف وإخراج ومونتاج أمير فخر الدين، وبطولة الممثل اللبناني جورج خباز، والممثلة الألمانية الكبيرة هانا شيغولا، والممثل الفلسطيني علي سليمان، والممثلة الألمانية من أصول تركية سيبل كيكيلي، والممثلة اللبنانية نضال الأشقر، والممثل الألماني توم بلاشيا.

يعدّ الفيلم العمل الثاني من ثلاثية «وطن»، بعد فيلم «الغريب»، ليستكمل من خلاله أمير فخر الدين استكشاف قضايا المنفى والهوية من خلال تجربة كاتب شرق أوسطي، يؤدي دوره جورج خباز، يعاني أزمة إبداعية، وينتقل للعيش في جزيرة ألمانية، حيث يقيم في نُزل تديره امرأة مسنّة، تقوم بدورها هانا شيغولا. تتطور العلاقة بينهما من التوتر إلى الحوار العميق، وسط بيئة طبيعية تصبح بدورها بطلة الفيلم، حيث تتحول المياه والهواء والأعشاب البرية إلى عناصر روائية تعكس مشاعر شخصياته.

يمزج فخر الدين في الفيلم بين السرد السينمائي الشاعري والأسلوب البصري المتأمل، مع بطء متعمد في الكادرات، مفعمة بالحياة، ويدعو الفيلم إلى التأمل في العلاقة بين الإنسان والمكان.

عبر العلاقة بين الكاتب ومديرة النُزل، نشاهد استكشافه لمفهوم اللطف الإنساني والقدرة على التأقلم مع الحزن والمنفى. ورغم العزلة التي يعيشها، يجد في البيئة القاسية والجمال الطبيعي للجزيرة متنفساً لإعادة تقييم حياته.

لم يرد مخرج الفيلم تقديم الوهم بإمكانية استعادة الأشياء كما كانت، بل استكشف ما يحدث عندما يصبح المألوف مستحيلاً، مؤكداً أنه في مرحلة ما، يصبح من المستحيل مواصلة الحياة بشكلها المعتاد تحت وطأة ما فقدناه، حسب تصريحاته لموقع المهرجان.

وقال إن فيلمه بدأ كتأمل في النزوح، والمساحات الهادئة التي يخلقها داخلنا وحولنا، مع رغبته في استكشاف ما يحدث عند اختفاء المألوف وانكسار الشعور بالوطن والانتماء، مشيراً إلى انجذابه في الفيلم إلى ما لا يقال، واستكشاف المساحات الهادئة التي يخلفها النزوح.

يشيد الناقد المصري أندرو محسن بأداء الممثل اللبناني جورج خباز، ويقول إن «العمل أبرز موهبته الفنية، مع اعتماد شخصية منير على تعبيرات الوجه أكثر من الحوار»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «كان من اللافت تجميع فريق العمل من عدة بلدان عربية وأوروبية، وتوظيفهم في التجربة بحيث ظهروا جميعاً مناسبين للعمل، وهو أمرٌ يُحسب للمخرج الذي أجاد تسكين أدوار مشروعه السينمائي».

وتابع أن «بعض مشاهد الفيلم أولت اهتماماً بالصورة على حساب تطور الأحداث، بجانب طول مدة العمل نسبياً، لكن في النهاية، التجربة اتسمت بالجودة الفنية، خصوصاً في بداية الأحداث ونهايتها، مع اختيار موقع تصوير بالجزيرة، ملائم لطبيعة الأحداث وليس مجرد مكان جميل».

رأي يدعمه الناقد السعودي أحمد العياد، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «سينما أمير فخر الدين تطرح أفكاراً عميقة، ونجح في استكمالها في (يونان)، بعد تجربة (الغريب) التي قدمها قبل سنوات في مهرجان (البندقية)»، مشيداً بقدرته على توظيف الممثلين أمام الكاميرا بشكل جعلهم قادرين على إيصال فكرته بالطريقة التي أرادها.

وأضاف أن «فيلم (يونان) يفتح باب الترقب للفيلم الأخير في الثلاثية، الذي أتوقع أن يتطرق إلى فكرة الوطن والاغتراب، وهي قضية تعكس رؤية المخرج الفنية»، مشيراً إلى أن التجربة تعتبر من أهم التجارب العربية خلال العام الجاري.

عودة إلى الناقد أندرو محسن، الذي يتطرق إلى مشهد العاصفة الموجود في أحداث الفيلم، الذي يؤدي إلى ابتلاع مؤقت لمساحة من الجزيرة، باعتباره من المشاهد المتميزة التي تعكس فكرة الفيلم الأساسية.

وهو ما أشار إليه أمير فخر الدين، بتصريحاته التي أكد فيها أن «الأمر لم يكن مجرد مشهد، بل ظهر وكأنه استعارة مثالية لإيقاع القصة»، موضحاً أن فكرة الغمر لليابسة، والخسارة، والعودة، تعكس أن ما يختفي لا يختفي للأبد، لكنه لا يعود دون تغيير، مشيراً إلى أن هذه النقطة كانت بمنزلة الفكرة المحورية للفيلم.

 

####

 

مخرج «المسار الأزرق» يكشف كواليس تهجير العجائز بـ«الأمازون»

تحدث لـ«الشرق الأوسط» بعد حصد الفيلم جائزة الدب الفضي في «برلين السينمائي»

القاهرةأحمد عدلي

كشف المخرج البرازيلي غابرييل ماسكارو عن كواليس فيلمه «المسار الأزرق» الحائز على جائزة الدب الفضي بالدورة الـ75 من مهرجان برلين السينمائي الدولي الذي أعلنت جوائزه، مساء السبت، وهو الفيلم البرازيلي الوحيد الذي شارك بالمسابقة الرسمية للمهرجان.

وقال ماسكارو لـ«الشرق الأوسط» إن حماسه للتجربة ارتبط باهتمامه بالشخصيات التي تعيش على الهامش، مع سعي لكسر النمطية في نظرة المجتمع للعجائز «كبار السن»، «فما الذي يمنع كبار السن من السعي للقيام بمغامرات وبدء حياة جديدة بعد التقاعد بإرادتهم؟»، مشيراً إلى أنه رغم اعتقاد النظام بأنه يمنح البطلة فرصة لبداية جديدة من خلال إرسالها للمستعمرة فإن الحقيقة مختلفة تماماً، وهو ما يحرمها من حريتها.

وتدور أحداث الفيلم حول المرأة العاملة تيريزا التي تبلغ من العمر 77 عاماً، وترفض القبول بمصيرها المحتوم في مجتمع بات يعتبر كبار السن عبئاً ولا مكان لهم بين الأجيال الشابة، عندما تقرر الحكومة تصنيف كبار السن بوصفهم «تراثاً حياً» وتفرض قوانين تقيد حريتهم، تجد تيريزا نفسها في مواجهة إجبارية مع واقع جديد لا يترك لها سوى خيارين إما الخضوع أو التمرد.

ومع اقتراب موعد ترحيلها إلى «المستعمرة»، وهو مكان غامض يتم إرسال كبار السن إليه دون عودة، تبدأ تيريزا في البحث عن مخرج. رغبتها في الهروب ليست مجرد رفض للواقع المفروض عليها، بل هي أيضاً محاولة لاستعادة السيطرة على حياتها وتحقيق أحلام مؤجلة، وأحد هذه الأحلام هو الطيران، حلم لم تفكر فيه بجدية من قبل لكنه يتحول إلى رمز لحريتها مع مرور الوقت.

وأكد المخرج أنه كان حريصاً على التعبير عن العلاقات بين الشخصيات المختلفة بشكل أكثر وضوحاً في الفيلم، وهو أمر ساعدته فيه أجواء مواقع التصوير التي قدمت له فرصة لتقديم صورة بصرية تتناسب مع أحداث الفيلم، مشيراً إلى أنه حاول أن تكون البطلة وتصرفاتها نتاجاً لكل ما مرت به في حياتها.

وتطرق ماسكارو إلى صعوبات التصوير في الأمازون، خصوصاً أنه ليس من أبناء هذه المنطقة، مشيراً إلى أن «ثمة صعوبات ارتبطت بالطقس وعدم القدرة على التحكم في جميع العوامل خلال التصوير»، مشيداً بالمساعدات التي قدمت له من أهالي المنطقة ومن زملائه الذين يعرفهم وكان على علاقة بهم قبل التصوير.

رحلة تيريزا تبدأ عندما تُمنع من شراء تذكرة طيران دون إذن من ابنتها جوانا، مما يدفعها إلى البحث عن وسائل أخرى للهروب، وخلال مغامرتها تتعرف على كادو، وهو صاحب قارب ومهرب يعيش على هامش القانون. يقودها كادو في رحلة عبر نهر الأمازون، حيث يواجهان تحديات ومواقف غير متوقعة تكشف لها جانباً جديداً من الحياة التي لطالما عاشت على هامشها.

وتمتد الرحلة المليئة بالعديد من المواقف واللقاءات، لكن مع صعوبات لا يمكن إغفالها في ظل عدم تسامح الحكومة مع الهاربين؛ لتتحول لحظات السعادة المؤقتة التي عاشتها بعد الهروب إلى ما كانت تخشاه بعد القبض عليها واقتيادها قسراً إلى المستعمرة التي يفترض أن تقضي فيها باقي حياتها، لكن المرأة العنيدة ترفض الاستسلام وتحاول تنظيم محاولة هروب جديدة.

ووصف الناقد الفني السعودي أحمد العياد الفيلم بأنه «عمل سينمائي بديع يقدم رؤية سينمائية عميقة حول الحرية وكسر القيود»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «المخرج استطاع أن يتجاوز السرد التقليدي ليقدم تجربة بصرية وفكرية متكاملة، فهو لا يعرض فقط رحلة امرأة مسنة تهرب من قيود المجتمع، بل يستكشف بشكل ذكي كيف يمكن للإنسان، بغض النظر عن عمره، أن يعيد اكتشاف ذاته ويواجه النظام المفروض عليه».

وأشار العياد إلى أن «الفيلم يحمل أبعاداً سياسية وإنسانية تتجاوز قصته المباشرة»، موضحاً أنه «رغم أن الأحداث تدور في سياق معين، فإن قضايا التهجير القسري وإقصاء كبار السن عن المجتمع موجودة في أماكن كثيرة حول العالم، حيث يطرح العمل هذه القضية بطريقة ذكية دون الوقوع في المباشرة، مما يجعله تجربة سينمائية غنية وقابلة للتأويل».

وعَدّ الناقد الفني المصري خالد محمود الفيلم «يقدم رؤية سينمائية مختلفة تمزج بين الخيال الاجتماعي والدراما الإنسانية العميقة، متناولاً قضية تهميش كبار السن في مجتمع لا يعترف إلا بالإنتاجية، مع طرح تساؤلات جوهرية حول مصير الأفراد حين يصبحون غير قادرين على المساهمة الاقتصادية، ويكشف كيف يمكن للأنظمة أن تفرض سطوتها على حياة الإنسان تحت مسمى الحماية والرعاية».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «المخرج استخدم أسلوباً بصرياً مميزاً، بعدما تجوّل بالكاميرا في نهر الأمازون ووظفه باعتباره رمزاً للحرية، بينما عكست مشاهد المياه والغابات الصراع الداخلي للبطلة ورحلتها نحو استعادة استقلالها»، مشيداً بأداء البطلة الذي «أضفى على الفيلم طابعاً إنسانياً صادقاً مع نجاحها في تجسيد مشاعر التمرد والخوف والأمل بعمق كبير».

ولفت إلى أن «سيناريو الفيلم اعتمد على سرد متماسك مزج بين المغامرة والتأمل، مما جعل القصة تسير بسلاسة دون أن تقع في فخ المبالغة»، مشيراً إلى أن «الفيلم يوجه رسالة واضحة بأن الإنسان يظل قادراً على العطاء والحلم بغض النظر عن عمره، وأن الحرية ليست امتيازاً لفئة عمرية معينة دون غيرها».

 

الشرق الأوسط في

23.02.2025

 
 
 
 
 

"أحلام" النرويجي يفاجئ الجمهور والنقاد في برلين

فوز فيلم برازيلي من قلب الأمازون وآخر أرجنتيني عن الحيوانات وصيني عن التحولات الاجتماعية

هوفيك حبشيان 

ملخص

لم يكن متوقعاً فوز فيلم "أحلام" للمخرج النرويجي داغ يوهان هايغيرود بـ"الدب الذهبي" في ختام مهرجان برلين السينمائي الـ75 (الـ13 من فبراير "شباط") وتحديداً عبر لجنة تحكيم يترأسها المخرج الأميركي الشهير تود هاينز، وهذا بعد 10 أيام من منافسة بين 19 فيلماً لم يكن كلها على المستوى الفني المطلوب، جاءت النتيجة مفاجئة، حتى إن كثراً لم يشاهدوا الفيلم الفائز. 

يروي فيلم "احلام" الفائز" بجائزة مهرجان برلين، ما يلي: يوهان (إيللا أوفرباي) تغرم بمعلمها، هذا أول حب في حياتها، للحفاظ على مشاعرها توثق عواطفها وتجاربها عبر الكتابة. عندما تكتشف والدتها وجدتها ما كتبته تصابان بالصدمة بسبب محتواه الحميمي، لكنهما سرعان ما تدركان أن نصوصها تشي بموهبة أدبية، وخلال مناقشتهما ما إذا كان يجب نشر هذه الكتابات أم لا، تتنقل يوهان بين خيالها الرومانسي والواقع، ونتعرف من خلال هذا التجوال إلى آراء النساء الثلاث حول الحب والجنس واكتشاف الذات.

خاض المخرج داغ يوهان هايغيرود البالغ من العمر 60 سنة تجربة غير تقليدية، من خلال ثلاثية سينمائية تتناول تعقيدات العلاقات البشرية. في الدورة الأخيرة من مهرجان البندقية شاهدنا الجزء الثاني من هذه الثلاثية وهو بعنوان "حب"، بعدما بدأها بالجزء الأول "جنس" الذي كان عرض هنا في برلين العام الماضي (خارج المسابقة - في قسم "بانوراما")، قبل أن يعود بـ"أحلام" الذي فاز بـ"الدب" مساء أمس، "جنس" و"حب" و"أحلام" ثلاثة مصطلحات قد تبدو متقاربة ومترابطة، والمثير أنها قد تتداخل وتتكامل. بدأ عرض "أحلام" في النرويج في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، وسيخرج في صالات ألمانيا بدءاً من مايو (أيار) المقبل، إنه أول فيلم نرويجي يفوز بـ"الدب الذهبي". 

طار صيت داغ يوهان هايغيرود عام 2019 مع فيلم "طفل" ("بارن" باللغة النرويجية)، الذي يقدم سرداً بطيئاً ومدروساً للانقسام الذي يحدثه مقتل طفل على يد طفلة من طريق الخطأ في المدرسة، هل كانت الحادثة متعمدة؟ هل يمكن اعتبارها جريمة؟ يقود الفيلم تحقيقاً طويلاً معمقاً الأسئلة.

عن جديده "أحلام" يقول المخرج وهو يخوض في التفاصيل التي يتشكل منه عمله هذا: "تركز قصة الفيلم على الحب الأول كتجربة تحولية تغير كل شيء، فهي تجربة مكثفة ومصيرية، وقد تكون مربكة أيضاً، من جهة أن الشوق الذهني والجسدي لا يتكشف بالضرورة بالوتيرة نفسها. وعلى رغم أن الإعجاب يمكن أن يبدو قوة لا يمكن إيقافها، فإنه ليس من المؤكد أن من الممكن لذات الشخص الجسدية أن تواكب مثل هذه المشاعر الجياشة. ومن هذا المنطلق يمكن أن يكون هناك انفصال بين التصور الذهني والعقلي والتجربة الجسدية. قوة الحب الأول وألمه أمران يسحقان الإنسان، ويمكن أن نتذكرهما على أنهما حدث رائع، حتى إن التجارب اللاحقة ستعاني عدم الارتقاء إلى مستوى هذه التجربة". 

في الأيام الأخيرة التي سبقت توزيع الجوائز بدأت الترجيحات تسير دربها المعتاد، فتُدوولت أسماء بعض الأفلام باعتبارها الأوفر حظاً لنيل "الدب"، من بينها الفيلم البرازيلي "يا آخر الأزرق" أو "كونتيننتال 25" لرادو جود، لكن المفاجأة التي وقعت مساء أمس أنهت كل محاولات التكهن. لا أحد حسب حساب هذا الفيلم الذي كان عرض في النصف الثاني من المهرجان والذي عقد هذا العام تحت الثلج، ولكن للأسف لم تأت المسابقة الرسمية بنصوص تمد القلوب ببعض الدفء، وهذا كله في أول دورة تديرها الأميركية تريشا توتل. 

"يا آخر الأزرق" للمخرج البرازيلي الشاب غابريال ماسكارو فاز بـ"الدب الفضي" أو جائزة لجنة التحكيم الكبرى، بعدما نال إشادة من بعض النقاد طوال المهرجان، باعتباره يكشف عيوب الرأسمالية في البرازيل. نتعرف فيه إلى تيريزا، سيدة في الـ77، عاشت كل حياتها في بلدة صناعية صغيرة واقعة في منطقة الأمازون. ذات يوم تتلقى أمراً حكومياً رسمياً بالانتقال إلى مستعمرة سكنية لكبار السن، المستعمرة عبارة عن منطقة معزولة حيث يُحضر المسنون كي "يستمتعوا" بأعوامهم الأخيرة، مما يتيح للجيل الأصغر سناً التركيز بالكامل على الإنتاجية والنمو، لكن تيريزا ترفض هذا المصير المفروض عليها، فتشرع في رحلة عبر أنهار الأمازون وروافدها، لتحقيق أمنية أخيرة قبل أن تسلب حريتها، وهو قرار سيغير مصيرها إلى الأبد.

من البلد الجار للبرازيل، أي الأرجنتين، جاءنا فيلم "الرسالة" لإيفان فوند، الذي أسندت إليه جائزة لجنة التحكيم ("دب فضي"). يتمحور هذا الفيلم حول فتاة تمتلك موهبة التواصل مع الحيوانات، وهذا ما يمنح أولياء أمورها فكرة أن تقدم استشارات كوسيط حيواني من أجل الربح المادي. 

من الجانب الآخر للكرة الأرضية، أي الصين، شاهدنا "العيش في الأرض" للمخرج هيو منغ الذي يحملنا إلى مطلع التسعينيات، زمن التحولات الاجتماعية والاقتصادية الكبرى في الصين وتأثيرها العميق في حياة الأسر، وهذا مع مواجهة المزارعين والفلاحين تحديات بسبب التطور التكنولوجي الذي يعيد تشكيل أسلوب حياتهم الريفية جذرياً. فيلم ملحمي يمتد عبر أربعة أجيال، يتنقل بين دورات الحياة عبر تغير الفصول.

جائزة التمثيل ذهبت باستحقاق شديد إلى الممثلة الأسترالية روز بيرن (45 سنة)، عن دورها في فيلم "لو كانت لي ساقان لركلتك" لماري برونستاين. تلعب بيرن دور ليندا، أم تعيش حالاً دائمة من التوتر، وتضطر ذات يوم إلى الإقامة في فندق مع ابنتها الصغيرة، بينما تحاول أن تتدبر أمرها في كيفية إصلاح ذلك الثقب في سقف منزلها. وبعدما ألغيت قبل بضعة أعوام جائزة تعطى لممثلة وأخرى تمنح لممثل، ووُحدتا، أصبحت بيرن الوحيدة التي رد الاعتبار إليها لأدائها. في المقابل ذهبت جائزة تمثيل في دور ثانوي إلى أندرو سكوت عن دوره في "بلو مون" لريتشارد لينكلايتر، عن أمسية في حياة كاتب الأغاني الأميركي لورنز هارت، فقدم إيثان هوك أداءً ممتازاً في دور البطولة. 

وحصل المخرج الروماني رادو جود على جائزة السيناريو عن فيلمه "كونتيننتال 25" عن آثار الرأسمالية وتأثيرها في المجتمع الروماني المعاصر، من خلال محامية تشعر بالذنب أنها ساعدت السلطات في طرد متشرد من الملجأ الذي يعيش فيه. وقال جود الذي كان سبق أن حصل على "الدب" في عام 2021، إنه يخشى أن يعود إلى الـ"برليناله" العام المقبل، ويرى فيلماً مثل "انتصار الإرادة" (وثائقي أنجزته المخرجة ليني رييفنشتال كدعاية للنازية في الثلاثينيات) يعرض في الافتتاح، وهذا في إشارة إلى الانتخابات التي تجرى اليوم وقد تكون مصيرية لمستقبل ألمانيا.

أخيراً، نال الفيلم الفرنسي "برج الجليد" للمخرجة لوسيل هاجي هاليلوفيتش جائزة أفضل مساهمة فنية عن عمل يمزج بين الفانتازيا والواقع، من خلال حادثة هرب فتاة من بيتها وتسللها إلى استوديو للتصوير، فتتعرف إلى نجمة تلعب دورها ماريون كوتيار، وتقع تحت سحرها. 

 

الـ The Independent  في

23.02.2025

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004