خاص بـ«سينماتك»

 

الحارس العجوز  The Old Guard

بقلم: رايفين فرجاني/ خاص بـ«سينماتك»

 
 
 
 
 
 
 
 
 

كعادة مارفل في السينما ونتفليكس في الأفلام, صارت جميع الأعمال التي تقدمها الشركة بسبب الدعاية الفاسدة, ليست أقل من جيدة إذا ما تنازل المطبلين والمصفقين قليلا. الحارس العجوز هو فيلم سيء من عدة نواحي, حتى أنه لا يستحق أن أضيع وقت وجهد في كتابة مراجعة مطولة عنه. انظر مثلا إلى الفارق في التقييم بين قاعدة بيانات الأفلام والطماطم الفاسدة.

 

[1] الحبكة

 

فريق مرتزقة سري من الخالدين يقوم بتنفيذ مهمات خاصة بعيدا عن أنظار الطامعين يقع في صراع مع شركة طبية ذات نفوذ عسكري وسياسي تطمع في الاستفادة من خصائص خلودهم.

العمل يعتمد بشكل كبير على إبهار المشاهد بغرابة الفكرة الفريدة من نوعها والمأخوذة عن كوميكس بنفس الإسم The Old Guard صادر عن شركة إيماج كوميكس Image Comics, ومقتبس فكرته بدوره من أنمي ياباني إسمه آجين منقول من مانجا يابانية تحمل ذات الاسم. ويحاول صناع العمل إبهار المشاهدين اللذين يحسبونها فكرة أصلية تنسب إلى هوليوود. خاصة وإنتماء العمل إلى نوعية الأبطال الخارقين المحببة حاليا لدى المشاهد الأمريكي ونسّاخه. والمحاولة لمواكبة التيار الجديد من أفلام الأبطال الخارقين, أي البطل الخارق المنتمي إلى الواقع وليس الكلاسيكي الذي يقوم بإنقاذ الموقف دون أي مشاكل حقيقية على الصعيد النفسي والإجتماعي. وعدا الفكرة - وربما الإطار الذي وضحناه للتو (البطل الخارق الغير كلاسيكي - لا تتميز قصة الفيلم بأي شيء غير عيوب الحبكة وثغراتها الأكبر هي:

1-الحبكة مكشوفة, حيث يمكن توقع جميع أحداث الفيلم تقريبا, وبكل التفاصيل الممكنة مشهدا تلو الآخر, خاصة وأن الفيلم مبني على خليط من التكرارات المأخوذة عن أفلام أخرى مثل الإكس مين وفرقة العدالة والأسلحة الفتاكة وحتى بعض أفلام نتفليكس الأخيرة. كما أن الأحداث المتوقعة لا يوجد بها أي تطورات مهمة.

2-شخصيات سطحية ولا منطقية تقوم بالفعل ثم تفعل عكسه, مستندة إلى مبررات إعتباطية لا تعرف إن كانت رهينة اللحظة الدرامية أم خلل في عقول الشخصيات أم استخفاف بعقول المشاهدين أو هو مجرد عبط من صناع العمل. مثلا سيباستيان كان يريد موت آندي ثم خاف أن تموت ويفارقها, رغم أنه قد يبدوا مبررا إلا أنه لم يتم التوضيح أو التطرق إلى المسألة بأي صورة كانت.

3-غموض بلا داع, ومكشوف نواياه لعمل أجزاء أخرى, وأسوأ ما فيه هو عدم إيضاح تفريعات مسألة الخلود, مثل:

-لماذا هم خالدين؟ ليسوا آلهة ولا أبطالا خارقين أو أجناس من كوكب آخر ولا مصاصي دماء.

-ما طبيعة ترتيب الأدوار الذي يتحكم بظهور خالدين وإختفاء خلودهم؟.

 

[2] الإيقاع

 

الإثارة الممكنة في الفيلم, تحققت باعتمادها على عاملين أساسيين؛ الأول هو الإثارة من فكرة الخلود والمطاردة وغير من الخلائط بين النمطيات والمسروقات. العامل الثاني والأهم هو الأكشن.

لا يوجد مشهد حركي/ قتالي واحد في الفيلم من النوع الذي يعلق في الذاكرة, حتى أن المشهد الأيقوني بحسب ما يحاول إعلام نتفليكس الترويج له, وهو قتال آندي وتايل, لا يحمل أي شيء يدعوا للفخر به كما يفعلون. فلا أداء من السمراء كيكي, بنوعيه, التعبيري كان أو الحركي. عدا بعض القوالب المحفوظة في تعبيرات الوجه والنظرات الاستهدافية (التحديق والتبريق) وبعض تكشيرات الأنياب.

في القطار شكل المساحة الأسطواني وحجمه (أنبوب ضيق) يحدد كيفية حدوث القتال كما وصفت تشارلز ثيرون - وهو وصف مثالي لم ينجحوا في تطبيقه جيدا - مسرح القتال في لقاء تلفزيوني معها بصحبة الممثلة كيكي - وهذه عادة (الحيلة التقليدية التي تستخدمها كبطاقة ذهبية في الترويج) نتفليكس التي نتناولها في مقال آخر - وأضافت الأخيرة أن المسرح كان متحركا مما زاد صعوبة تنفيذ القتال - غالبا مسرح متحرك وإن كانت كلماتها توحي أن ذلك المسرح كان طائرة حقيقية تحلق في السماء وهو أمر مستبعد قطعا - وقد صرحت بقلة خبرتها واستغرابها لاختيارها تنفيذ هذا المشهد. أضافت تشارلز ثيرون أن طبيعة القتال والحركات المستخدمة فيه تروي قصة الشخصيتين طرفى القتال ومحاولتهما للتعرف على بعضهما. وهو ما أراه مجرد هراء لمحاولة إدعاء العمق وإضفاء معنى لا وجود له على المعركة.

أما عن الحركات المستخدمة فهي نمطية لأبعد مدى ما بين ركلة بالقدم وصد بالذراع مع أرجحة العنق والتقافز يمينا ويسارا. لا يوجد سوى تجسيد وتفاعل حركي من تشارليز ثيرون التي صارت نجمة في أفلام الأكشن عن إستحقاق, ولديها رصيد كبير من القبول الجماهيري حسّن صورة الأكشن المهترئة وقماشته المثقوبة تماما في الفيلم. فالإخراج - للمخرجة جينا برنس-بيثوود والتي يبدوا أن لكونها إمرأة دورا في التطبيل للفيلم - وأؤكد مرة أخرى لم يفلح في تقديم نموذج جيد أو جديد للأكشن داخل الفيلم في ثلاثة عناصر مفضوحة

1-الحركة المكررة, وهي التي تحدثنا عنها بالأعلى.

2-الدماء الصبغية, يعني حتى في عنصر الدموية كانت المؤثرات واضحة للغاية أنها ليست دماء, ولا تمزيق وسيئة بشكل خاص في مشاهد إلتئام الجروح. وقد تم تخفيف حدة اللون الأحمر القاني للدماء بشكل متعمد حتى لا يحوز الفيلم أي من التصنيفات الرقابية التي تخسر الإنتاج شرائح كبيرة من المشاهدين (تصنيف الفيلم آر R).

3-المؤثرات المكررة والغير مقدمة بشكل جيد أصلا, أما عن تكرارها وتكرار عناصر الأكشن بشكل عام من أفلام كلاسيكية فآت بشكل يدعوا للظن أن المخرج نقل من دفتر مسجل به أسماءها, مضيفا إليها تعليمات ثابتة من دفتر نتفليكس ليصنع الفيلم. والأفلام المكررة هنا من أمثال الأسلحة الفتاكة, وبليد, والمرتزقة, وغيرها.

المشهد الوحيد اللذي يحتسب في الفيلم هو مشهد السقوط من البرج.

أما في الدراما فالعلاقة بين الشخصيات باردة, يحاول صناع العمل تغليفها وتطعيمها بالحس الأمريكي المرح الغارق في نمطية أفلام الأكشن. والمنكه - والطعم سيئ - ببعض الدراميات بين الأصدقاء والرومانسيات بين العشاق. هذا غير الإغراق في الحوارات المطولة ذات الدراما الرديئة, على حساب فقرات الإثارة التي يمكن عدها بثلاثة مراحل لا يوجد أي مرحلة مهمة في أي من الثلاثة.

النكهة الأفضل في الفيلم هو إطلالة تشارليز ثيرون وحضور شيواتال إيجيوفور.

 

[3] الخطاب

 

[1] المثلية

كعادة ووصمة أي محتوى أجنبي - غربي أو شرقي وليس عربي - يروج الفيلم للشذوذ الجنسي واصفا العلاقات المثلية بأنها العلاقات الغرامية الأكثر سموا وتحضرا وإنسانية من العلاقات العكسية - بين رجل وإمرأة - التي يفترض أنها العلاقة الطبيعية الوحيدة في الغرام بين البشر. فبعد أن نجح الغرب في كسر شوكة العلاقة الزوجية وهدم قداستها, واضعا البديل علاقة تشاركية - دون زواج - بين المحب وحبيبته, يحاول أن يستبدل تلك العلاقة هي الأخرى لتكون بين محب وحبيبه. ويستبدل الفتى وفتاته بـ الفتى وفتاه أو الفتاة وفتاتها!.

لاحظ أن الخيانة الوحيدة في الفيلم أتت من علاقة عكسية بين سباستيان وآندي, بينما العلاقة المثلية بين نيكي وجو أو آندي وكوينا مغرقة في الرومانسية ويبدوا أنها مستمرة للأبد!.

 

[2] السياسة

رسائل واضحة أو حتى فاضحة للأجندات النتفليكسية والأمريكية بشكل عام - لا عجب أن نتفليكس وديزني هما الشركات الإعلامية الأهم حاليا – مثل:

-الجندية الأمريكية السوداء تحاول إنقاذ الإرهابي العربي/ المسلم اللذي يتسبب في قتلها.

-مدير شركة الأدوية المجرد من أي مشاعر إنسانية في سبيل تحقيق التقدم الإنساني.

ولكن في الأخير نجح العمل بصورة خافتة في أن يقدم للمشاهد عذابات الخلود ومساؤه, وهي من حسناته القليلة.

سينماتك في ـ  09 أبريل 2021

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004