خاص بـ«سينماتك»

 

خالد الصديق.. ترك البحر الى السماء!

بقلم: عبدالستار ناجي/ خاص بـ«سينماتك»

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

ناقد سينمائي/ مسرحي/ وكاتب سيناريو. حاصل على دبلوم عالي صحافة ـ جامعة باريس 8 ـ فرنسا ـ 1981م. سكرتير تحرير الفن والمجتمع والمراة فى جريدة- النهار- الكويتية، ومدير تحرير مجلة لنا. عضو جمعية الصحافيين الكويتية، وعضو اتحاد الصحافيين العرب، وعضو اتحاد النقاد السينمائيين الدولي. شارك كعضو في لجان تحكيم الكثير من المهرجانات السينمائي. وهو مؤسس جائزة النقاد العرب في مهرجان كان السينمائي الدولي، وعضو في لجنة اختيار الاعمال السينمائية لمهرجان كان السينمائي منذ العام 1982. شارك في الكتابة بعدة مطبوعات عربية (اليمامة/ الشرق الأوسط/ الراية القطرية). ومراسل مجلة فاريتي الأمريكية –هوليوود ريبورتر-السينمائية المتخصصة. كتب مجموعة من السيناريوهات لعدد من الاعمال الدرامية التلفزيونية والافلام السينمائية الروائية القصيرة .

وله ثلاثة كتب:

1 ـ وجه المرأة في السينما العربية ـ مع اليونسكو

2 ـ وجه الإنسان العربي في السينما العالمية ـ مع اليونسكو

3 ـ قضايا المرأة في عروض أيام قرطاج المسرحية ـ بيروت

عبدالستار ناجي
دولة الكويت
 
 
 

خالد الصديق.. ترك البحر الى السماء!

بقلم: عبدالستار ناجي

فقدت السينما في الكويت والعالم العربي احد ابناءها الافذاذ الذين حملوا على عاتقهم ومنذ مرحلة مبكرة من حياتهم تأسيس صناعة السينما في بلادهم.. فقدت خسرت السينما المخرج الكويتي الراحل خالد الصديق الذى استطاع ان يعي اهمية العشق الذى ينتمي الية فراح يصيغ المفردات التى تفرد بها عبر قله من الاعمال والنتجات السينمائية تعد على اصابع اليد الواحدة. ولكنها نتاجات استطاعت ان تحقق له معادلة الخلود في ذاكرة حرفته ..

ففي وقت مبكر حيث لا يزال وقتها لا تزال صناعة السينما في الكويت والكثير من دول الخليج العربية لا تعرف مفردتها ولا تزال صالات العرض شي من عالم الخيال لا يرتادته الا من يمتلك المقدرة على الرحيل من الحلم الذى تحمله تلك النتاجات القادمة من انحاء المعمورة وبالذات مصر والهند ولربما اميركا..

في تلك المرحلة المبكرة. راح خالد الصديق يغزل حلمه عقدة بعد عقدة وخيط بعد اخر وحكاية بعد ثانية . اشتغل اولا مخرجا في المنوعات ثم السينما من اجل ان يقوي ساعده ويقترب من تلك المعشوقة التى لطاما عرفها وهو يتجول في شوارع الهند حيث كان يقيم مع والده..

خالد الصديق ليس مجرد مخرج.. بل هو مبدع رائد .. فنان مؤسس تحمل عذبات البداية وتكلف الكثير من اجل ان يعلن عن ميلاد حلمه.. ويرحل به الى العالم. وليقدم صورة حقيقية عن معاناة والم الانسان في بلاده ايام الفقر والبحر.. فكانت قصيدته الرائعة (بس يابحر) التى صاغها نصا الكاتب الاماراتي عبدالرحمن الصالح وتعاون معه الفنان القدير سعد الفرج. واشتغل عليها كرؤويا بصرية وسيناريو خالد الصديق وهذا هو شانه في جملة الاعمال التى صاغها لاحقا ومنها (عرس الزين) و(شاهين)..

وحتى لا نترك الحديث يرحل بنا الى لغة التعبير.. دعوني اقتبس هذة الكلمات التى كتبها الراحل خالد الصديق لمجلة (الفيصل) والتى يتحدث بها عن تجربته حيث كتب يقول فيما يشبة الدراسة التحليلية للواقع الاجتماعي:

(عندما كنت أدرس في المدرسة الشرقية في الكويت في بداية الخمسينيات لم تكن هناك دور للسينما والمجال الوحيد لعرض الأفلام كان في البيوت، وفي المناسبات السعيدة كانوا يعرضون أفلامًا على مقياس 16 ملم. وأول فلم شاهدته في الكويت كما أذكر كان فلم «بلبل وبطة» لإسماعيل ياسين، وذلك كان في أحد البيوت المجاورة لنا في منطقة الشرق في بداية الخمسينيات. بعد ذلك، ولأنني كنت أهمل الدراسة في الكويت، وكان الوالد – كمعظم تجار الكويت آنذاك – له علاقات تجارية مع الهند ففكر أن يرسلني إلى الهند للدراسة، وأن يشرف مكتبه التجاري على ذلك. وعندما وصلت إلى الهند أدخلت في مدرسة أميركية إنجليزية اسمها مدرسة سان بيتز. وطبعًا الهند معروفة في مجال السينما سواء في الأفلام الهندية أو الغربية، ومن هنا تدريجيًّا بدأت اهتماماتي بالسينما، ومع الزمن كنت أهرب من المدرسة لحضور بعض الأفلام لدرجة أن المدرسين والمدرسات بدؤوا يشتكون من غيابي إلى مكتب الوالد. وكنت أستغل الكثير من هذه الأوقات، لا لمشاهدة الأفلام فقط، بل لتعلم أمور فنية أخرى مثل: الإلكترونيات والالتحاق بمعاهد التصوير الفوتوغرافي وحضور أستوديوهات الأفلام السينمائية، ومنها أشهر أستوديو وهو أستوديو سنترال. وكنت دائمًا أساعد الفنيين في الأمور الفنية المختلفة، منها الديكور والأصباغ والمعمل والطبع والتحميض والصوت، وكل ذلك طبعًا من دون أي مقابل أبدًا، والمقابل الوحيد أن يسمحوا لي بأن أساعدهم بأي طريقة ممكنة، وهذا كان كافيًا لي. ومع الزمن وقبل إنهاء دراستي الثانوية هناك التحقت بمعهد سينمائي في بومباي، ودُرِّبتُ على التصوير الفوتوغرافي والنواحي الفنية للفلم السينمائي.

 

ويتابع خالد الصديق حديثه الى مجلة (الفيصل):

(وكل هذه الأمور كانت تدور بمنتهى السرية بعيدًا من معرفة مكتب الوالد أو الوالد نفسه بها، حتى انتهيت من الدراسة في المدرسة الثانوية فطلبت من والدي أن أواصل دراستي التخصصية في مجال السينما. وطبعًا رفض رفضًا قاطعًا حيث كان يرى أن مجال السينما مجال اللهو والفساد وغيره. وهنا حدث نوع من التحدي من جانب الوالد حتى إنه أعادني إلى الكويت، وحاول أن يقنعني أن أشتغل معه في تجارته. وطبعًا لم أفلح في ذلك واستمرت عملية التحدي معه حتى التحقت –بعد التخرج- بتلفزيون الكويت عام 1963م. كان تلفزيون الكويت في بدايته، ولم يكن به قسم للسينما، وبعد عام تقريبًا من عملي في القسم الهندسي بالتلفزيون، انتقلت إلى الإخراج التلفزيوني معتمدًا على التدريب الذاتي، ثم عرض علينا وزير الإعلام ووكيل إلاعلام في ذلك الوقت الشيخ جابر العلي والأستاذ سعدون الجاسم أن نشترك في مهرجان تلفزيوني، وكان عبدالوهاب السلطان يومها رئيس قسم التصوير الفوتوغرافي في وزارة الإعلام ومحمد السنعوسي وأنا من التلفزيون وذهبنا إلى مونت كارلو في مهمة رسمية لحضور المهرجان التلفزيوني هناك عام 1964م، وفي أثناء وجودنا هناك تحدثنا أنا وعبدالوهاب السلطان حول مسألة إنشاء قسم للسينما في تلفزيون الكويت، وبعد رجوعنا بدأنا ننقل بالتدريج من وزارة الإعلام بعض الأجهزة السينمائية – التي كانت تابعة لوزارة الشؤون سابقًا – إلى قسم السينما، وترأس الأستاذ عبدالوهاب هذا القسم، ومجموعة من مصوري السينما منهم: المصور اللبناني سليم شحيد، والمصور المصري محمود سابو، والمونتير حسنوف. وكان لدينا معمل لتحميض الأفلام السينمائية في ثانوية الشويخ لأنه كان تابعًا آنذاك لوزارة التربية. وبدأنا نستعير هذا المعمل ونحمض الأفلام 16 ملم والأفلام الإخبارية التي كانت تصور بالطريقة السينمائية 16 ملم أيضًا.

وكان أول عمل أنجزناه فلمًا صورته، مدته نحو 20 دقيقة مقياس 16 ملم، وحمض في معمل وزارة التربية، وكان اسمه «علياء وعصام» عام 1964م، ولتوفير الوقت في عمل الفلم لأنه كان ضمن برنامج اسمه «صور شعرية»، اضطررت أن أمثل في الفلم أيضًا – صورنا الفلم كله في نصف يوم! بعد ذلك عملت عدة أفلام قصيرة درامية وتسجيلية ووثائقية منها فلم «الصقر» عن القنص، وقد صور الفلم في البراري، وكان معي من المصورين سليم شحيد وتوفيق الأمير. وحمض الفلم بإنجلترا (35 ملم) وقد اشتركنا بالفلم في مهرجانات عدة ولاقى صدى إعلاميًّا واسعًا).

 
 
 
 
 
 
 

وعن صراع  الإنسان وتوظيف الفولكور كتب الصديق:

(في مهرجانات الأفلام القصيرة والتلفزيونية التي كنت أمثل الكويت فيها من خلال أفلامي، كنت أواجه بصورة مستمرة بأسئلة غريبة من نوعها عن الكويت، ومنها أن الكويتيين مولودون بملاعق ذهبية في أفواههم، وذلك بسبب الثروة النفطية! وبسبب تركيز وتكرار هذه الأسئلة فكرت أن أقدم عملًا أعرض فيه كفاح آبائنا وأجدادنا الكويتيين قبل اكتشاف البترول. وطبعًا هذه الانطلاقة كانت ذاتية. وبدأت أبحث عن الموضوع المناسب لمدة طويلة جدًّا حتى وقع اختياري على قصة شبه قصيرة للكاتب عبدالرحمن الصالح، كانت بعنوان «الدانة». وبمجهود كبير كتبنا السيناريو بالمشاركة مع المؤلف عبدالرحمن الصالح نفسه، وباشتراكي أنا والأستاذ ولاء صلاح الدين والممثل سعد الفرج. وأحببت -من خلال هذا الفلم كما ذكرت– أن أبيِّن للعالم كفاح الشعب الكويتي والخليجي ضد الطبيعة –والطبيعة هي البحر عندنا– قبل اكتشاف النفط. ومع أن هذه العملية كانت نوعًا من المجازفة، لكن الاندفاع والحماس وجنون السينما أيام الشباب جعلوني أنسى كل هذه الجوانب على الرغم من خبرتنا المتواضعة في كتابة السيناريو، اليوم وبعد النجاح الباهر الكل يدعي أنه الوحيد الذي كتب السيناريو لهذا الفلم من الألف إلي الياء.

 

ويذهب الصديق الى تجربته مع (بس يابحر):

(ومن الصعاب التي واجهتنا في هذا العمل أن الممثلين كلهم كانوا غير محترفين، ولهم وظائفهم اليومية في دوائر الوزارات الحكومية وكنت مضطرًّا إلى أن أسجل وأشتغل معهم فقط في العطلات الرسمية، وكل يوم خميس أو جمعة حسب ظروفهم. وطبعًا كانت هناك صعاب ومشاكل كثيرة حتى أنجزت تصوير الفلم في زمن قياسي، فقد كان التصوير في نحو أربعة أشهر إلى خمسة أشهر. وطبعًا كان كل يوم جديد يمثل تحديًا لنا في ظل ظروف قاسية، قاهرة، خارجة عن إرادتنا، ومن دون أي خبرة سينمائية سابقة في مجال الأفلام الروائية الطويلة، ولله الحمد تخطينا كل هذه الصعاب، وأنجزنا الفلم من ناحية التصوير فقط، أما النيغاتيف السالب للفلم فقد حمض في تلفزيون الكويت، وأُجرِيت المراحل الفنية الأخرى في أستوديو مصر في القاهرة. وعندما أنهينا الفلم في الشكل الأولي، اقترح السفير الكويتي في القاهرة –الأستاذ حمد الرجيب– إقامة عرض خاص للفلم يشاهده الصحافيون والنقاد، لجس نبض الصحافة والنقاد واستكشاف انطباعهم عن الفلم. وبالفعل أقيم عرض خاص للفلم حضره كبار النقاد والصحافيين في القاهرة. وكانت الاستجابة رائعة، ونشرت الصحف مقالات عديدة في الأيام التالية تشيد بمستوى الفلم. وبعد العودة إلى الكويت استقبل الفلم استقبالًا رائعًا، وحضر عرضه الأول سمو أمير البلاد، وكان آنذاك ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء.

 

ويستطرد:

(ونجح هذا الفلم في المهرجانات العديدة التي عرض فيها – فقد حاز حتى الآن على نحو تسع جوائز سينمائية عالمية منها جوائز مهرجان طهران ومهرجان دمشق، ومهرجان فينسيا، ومهرجان قرطاج، ومهرجان شيكاغو، ومهرجان قرطاجنة في إسبانيا وجوائز غيرها – وأعتقد أن سبب النجاح الباهر لهذا الفلم يرجع إلى أنه منفَّذ بصدق، وحماس مخلص وصادق، وفي بيئة غريبة لم تعرض من قبل على العالم بهذا الشكل. من خلال هذا العمل أحببت أن أقدم –غير الكفاح المرير لشعب الخليج ضد الطبيعة– زاوية وأسلوبًا وفكرًا جديدًا في المعاملة السينمائية، وذلك بإبراز أو عرض العادات والتقاليد الكويتية، وأحبكها حبكة درامية لصالح الخط الدرامي (أقصد بذلك أن أوظف العادات والتقاليد والجانب الأنثروبولوجى توظيفًا دراميًّا لصالح الخط الروائي للفلم) وأظن إلى حد ما أن هذه المحاولة قد نجحت. وهذه النقطة هي سبب من أسباب نجاح الفلم على هذا المستوى. ففي رأيي أنه من خلال دراستنا للجوانب الفولكلورية والعادات والتقاليد نجد الدافع وراءها دراميًّا في البداية، عند ظهورها إلى الوجود، وتستمر هكذا مع الأجيال، وفكرت أنه يجب عليّ أن أعرض هذه الأمور من خلال خط درامي، أي توصيلها دراميًّا وإبراز وظيفتها الدرامية، فكل الأشكال الفلكلورية الموجودة في الفلم موظفة دراميًّا. وكما أن البعض يرى في هذا العمل تناولًا أنثروبولوجيًّا، فأظن أن بالإمكان عده صالحًا كمرجع سينمائي لدراسة أنثروبولوجية لبيئة الكويت قبل النفط، وأظن أن المادة الوحيدة المرئية الموجودة في العالم عن الكويت قبل اكتشاف البترول هو فلم «بس يا بحر»؛ لأنه يعرض جميع الجوانب قبل دخول عامل النفط، بما في ذلك الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والبيئية، وكذلك طبعًا العادات والتقاليد. فهذه النواحي ساهمت في نجاح الفلم نجاحًا منقطع النظير على جميع المستويات، لدرجة أنه من الممكن أن أقول بعد «بس يا بحر» ظهرت أفلام عربية عدة عالجت مادتها بالطريقة نفسها، يعني الخط الدرامي فيها مطعم بالعادات والتقاليد، ابتداء من «عزيزة» الفلم التونسي لعبداللطيف بن عمار (سنة 1977-1978م) إلى آخر فلم على الغرار نفسه شاهدته سنة 1988م، وهو فلم «عرس الجليل» للمخرج الفلسطيني ميشيل خليفي.

 

ثم ينتقل الى تجربته مع رواية (عرس الزين) للطيب صالح

(بعد ذلك بسنوات فكرت في إخراج رواية الطيب صالح «عرس الزين». وقد وقع اختياري على «عرس الزين» لسبب بسيط جدًّا، فقد وجدت من خلال قراءتي لهذه الرواية المتوسطة في الطول أن هناك نقطة مهمة جدًّا يجب أن نتطرق إليها أنا أو غيري ونعرضها للجمهور. والنقطة هذه جاءت في الرواية بصورة مبسطة جدًّا وهي النفاق الديني في المجتمعات الإسلامية، وفضلت أن أقوي هذا الخط وأبرزه بشكل ملحوظ. وهذا شكل نوعًا من التعديل في رواية «عرس الزين»، هذا إضافة إلى اهتمامي بالعادات والتقاليد والجانب الأنثروبولوجي في العمل الأدبي، في البيئة السودانية الغنية.

 

ويختصر رحله الالم حينما يكتب عن القطاع الخاص وعدم دعم السينما بقوله:

(لقد حاولت في هذه الأفلام الثلاثة، بتنوع بيئاتها الدرامية تقديم عمل جاد مختلف عن السينما التجارية الهابطة، وفي الوقت نفسه سعيت في هذه الأعمال إلى أن أبين الأبعاد التاريخية والحضارية لنا. فبالطبع هذه الأعمال لها أبعادها وترتبط بروح المكان والبيئة والزمن. وهذه الأعمال كلها ترتبط أيضًا بالحالة النفسية أو المرحلة الظرفية التي أكون فيها عندما أختار العمل، وتسيطر عليّ طبعًا من البداية إلى أن أقع على القصة المناسبة، وأحوِّل هذه القصة إلى فلم سينمائي. قبل الدخول في تصوير فلم «بس يا بحر» حاولت إقناع الجهات المسؤولة في الكويت في أوائل السبعينيات أو أواخر الستينيات بتمويل أفلام روائية طويلة، ومع ذلك للأسف لم أنجح في ذلك. فجازفت بعمل فلم «بس يا بحر» بنفسي وعلى مسؤوليتي، وبعد تفكير عميق حاولت وفكرت أن أعمل عملًا ثانيًا. وأرفض تماما أن تتولى الدولة عملية الإنتاج السينمائي، وقد فشلت كل المحاولات التجارية في هذا الإطار فشلًا ذريعًا – في أوربا الشرقية، وفي مصر وغيرهما – لكن الدولة يمكن أن تقدم المساعدات والإمكانيات الكافية للإنجاز الإبداعي في مجال السينما. فعندما أنتج فلمًا لحسابي الخاص، وتكلفته على سبيل المثال 100 ألف دينار، الدولة تقول: «مستعدة أدفع نصف المبلغ أنجزوا العمل». هذه الخطوة رائدة وجميلة إذا تمت هنا. وللأسف فإن القطاع الخاص «ليس عندهم ثقة في مجال السينما ولا حماس لخدمة الكويت إعلاميًّا وثقافيًّا من خلال السينما»، لماذا لا يساهمون في دعم إنتاج أفلام سينمائية ينجزها فنانون وفنيون كويتيون. وهو وضع يجعل الإنسان يتمنى لو كان لدينا نظام للضرائب؛ لأنه إذا فرضت الضرائب على المؤسسات والشركات فسوف تمول – كما يحدث في أوربا – إنتاج أفلام سينمائية بدلًا من دفعها لضريبة وتستفيد دعائيًّا من وضع اسمها على الفلم، كذلك ستكون قد ساهمت في المجالات الثقافية والإعلامية في البلد.

 

ويمنح وصيته لجيل الشباب حينما يقول:

(من ناحية، لدي مأخذ بسيط على الشباب الكويتيين المتخرجين حديثًا في مجال السينما فأقول لهم: رجاء يا أصدقائي ابدؤوا من أول السلم. إن كل خريج يأتي في بدايته، ويريد أن يصبح مخرجًا لفلم روائي طويل. وقد نصحت أحد هؤلاء الخريجين الجدد منذ مدة قريبة وقلت له: «إذا بدأت مسيرتك بفلم روائي طويل وفشل فقد انتهيت إلى الأبد كمشروع مبدع سينمائي». فأكبر مخرجي العالم بدؤوا حياتهم الفنية من خلال أعمال صغيرة.

انها اختصار للتجربة.. واختصار للمسيرة التى يري البعض منها قمة الجبل والنجاح والشهرة.. ولكنها في حقيقة الامر رحلة التعب والبحث والانتظار الطويل على ابواب المسوولين الذين كانوا يستقبلونه بالوعود والابتسامات ولكن ما ان يخرج من تلك المكاتب حتى تتبخر تلك الوعود وايضا الاحلام التى كان يعلم الصديق انها لا يمكن ان تصنع الا بالاردة والعمل والتحدي حتى لو كان في الكويت البلد الاغنى في العالم.

سينماتك في ـ  16 أكتوبر 2021

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004