تقديم:
حب السينما
أولاً
كان لابد من إدخال تعديلات على هذا العدد السادس من "كتاب
السينما". فعودة هذا المرجع الشامل للصدور في العام الماضي استقبل
بترحاب شديد من قبل الجمهور ومحبي السينما (هذا الحزب الجامع
لأذواق وأمزجة عديدين) ما أكد أن الدور الذي يؤديه هذا الكتاب
الفريد في الساحة له معجبوه ومتابعوه وأن الهدف المناط به في نطاق
الثقافة السينمائية ليس ترفاً بل ضرورة خصوصاً، وكما ذكرنا على هذه
الصفحات الأولى في العام الماضي، في مثل هذه الظروف التي يمر بها
العالم العربي بأسره.
عودة ثم استمرار "كتاب السينما" قصة نجاح صغيرة قياساً بما نطلبه
من أنفسنا، وقياساً بقصص نجاح أكبر خاضتها مراكز ثقافية، مثل
"المجمع الثقافي في أبوظبي" وسينمائية، مثل "دبي ميديا سيتي".
الأول عبر إصدارات المجمع المتواصلة وإطلاقه أهم مهرجان سينمائي
عربي مستقل اليوم هو "مهرجان أفلام من الإمارات". الثاني من خلال
بلورة فكر جديد للصناعة الإعلامية في المنطقة العربية وإطلاقه
مهرجاناً سينمائياً ولد من دورته الأولى ناجحاً وكبيراً.
لكن يبقى أن جهوداً أخرى يجب أن نبذل هنا وهناك لأجل تفعيل الحياة
الإعلامية والثقافية في الوقت الذي يلاحظ فيه أن الدول التي تضع
هذا التطوير في هذين المجالين في قمة إهتماماتها الأساسية لازالت
معدودة. هناك شيء يخشى من الثقافة وشيء يخشى من السينما لذلك
يحاربهما المتطرفون والرسميون في بعض الدول العربية الكبيرة معاً.
بالنسبة إلى "كتاب السينما" فإن طموحاته غير محدودة. لكن خطواته
يجب أن تكون مدروسة درءاً للفشل. ومن بين هذه الخطوات أن يوالي
الكتاب التجدد في كل مرة. ذلك أن أسرع وسيلة لقتل مطبوعة يومية أو
دورية أو حتى ـ مثل هذا الكتاب ـ سنوية، هي النزوع إلى التنميط
والاستسهال والبعد عن الإبداع والإبتكار. على "كتاب السينما" أن
يواجه التوقعات بتجدد وتطور دائمين باستثناء التوقع الأهم وهو أن
يجد القارىء المادة السينمائية الموثوقة والرأي السديد اللذان
يطلب. على هذا الكتاب أن يؤمن وصول الثقافة السينمائية كما لم تعد
تفعل القنوات المختلفة للإيصال (المجلات، الكتب، مواقع الإنرنت
والتلفزيون). عليه أن يكون مرجعاً وفي ذات الوقت مرجعاً حياً غير
جامد أو محدود. وعليه أن لا يخمن أو يفتعل أو يتوهج كما لو كان
لمعاناً خاطفاً في الفضاء يخمد بعد قليل. المادة السينمائية حتى
تكون موثوقة يجب أن تتمتع بما احتاجته من دراسة وانصراف ومعرفة،
والرأي لكي يكون سديداً ونافعاً عليه أيضاً أن يكون متميزاً بحب
السينما وبالمعرفة الشاملة لما فيها. أن يكون مبتعداً عن الكتابة
الإنشائية ولغة الخطابات المتوهجة بنرجسية الكاتب وكبر حجم كلماته.
وهذا الرأي لا يعني الهيمنة على الآراء الأخرى، بل يشترك معها لمنح
القارىء الصورة كاملة. وعليه أن يختار الرأي الذي يقبل به ويرتاح
إليه.
إذ يصدر "كتاب السينما" من جديد فإن التغييرات الموزعة بين غلافيه
قُصد بها ذلك التجديد وتلك الرغبة في التطور كما قصد بها تحسين
الوظيفة التي يؤديها الكتاب صوب الهاوي والمبدع والمحترف على حد
سواء. التشجيع الذي يحصده من جمهور ومؤسسات هو ثقة نبادلها بوعد أن
نكون أهلاً لها.
محمد رضا
|