الناقد كما لو كان سينمائياً
يحمل العدد الجديد من "كتاب السينما" تغييرات ملحوظة تصف كلها في
الغاية الأساسية: تلخيص العام السينمائي في سنة. نقد ومراجعة
الأفلام التي شوهدت في المهرجانات كما في الصالات التجارية وتحديد
نشاطات السينما في كل مكان.
إنه تغيير مدفوع بالطموح ومحاولة التكامل، وإنجاز أفضل ما يمكن
الوصول إليه من كتابة سينمائية، وحشد أحسن الكتابات العربية في هذا
المجال، وابتكار تلك الزوايا والأقسام والفصول التي تجيد عرض ما
تحتويه، لأن ما تحتويه يصب في مصلحة الثقافة السينمائية على طول
هذا العالم وعرضه.
لكن مع ازدياد الطموحات على النحو المذكور تزداد الأعباء، فمع
ارتفاع منسوب الرغبات يرتفع منسوب التحديات، ولن أضيع وقت أحد في
الحديث عما يكابده هذا الكتاب من مصاعب كي يصل إلى جمهوره، ولا ما
يدور بين دفتيه من هموم التفكير ومشاغل التدبير لكي يبقى المصدر
المميز، ناهيك عن أنه الوحيد في المكتبة العربية حقاً.
ما أستطيع أن أتحدث عنه باختصار هنا هو أن كل ذلك السعي انتقل
مجدداً إلى حيز الواقع، بات واحداً من المعالم الأساسية المتاحة
أمام كل من تعني له السينما مفصلاً من مفاصل الحياة، سواء أكان
هاوياً أم محترفاً.
ورسالته لم تتغير، دوره المنشود لا يزال كما هو، الغاية من ورائه ـ
التي لا يخالجها الربح التجاري ولا تحويل الكتاب إلى مساومات نقدية
من أي نوع وتحت أي ظرف ـ بقيت ناصعة. هدف "كتاب السينما" كان
دائماً أن يكون المرجع السنوي الدائم للقارىء العربي الذي يشاهد
الأفلام. يشاهدها جديدة، قديمة، عربية، أجنبية، أو للمحترف الذي
يعمل فيها كاتباً ، مخرجاً ممثلاً، مونتيراً، مصوراً. هدفه أن يكون
وسيطاً تثقيفياً ومعلوماتياً بين هذا القارىء وبين الفيلم. همه أن
يكون المرجع الذي ـ إذ يتشكل إضافياً مرة كل عام ـ يكون مكتبة تعود
إليها لمعلوماتها واللقيمة النقدية بأسرها.
والأسلوب تحسن عبر السنوات. على الناقد أن يكتب كما لو كان
سينمائيأ. عليه أن يكون السينمائي، هذا لأن الغاية الأخرى
والموازية في الأهمية هي أن يكون هذا الكتاب الكلمة الفصل بالنسبة
للأفلام التي يعرضها نقداً أو تحليلاً.
وشيئاً فشيئاً تصل إلى ما تبتغيه، والتقدم ـ أحياناً ـ حسب
القدرات، لو كان بإمكاني لاستكتبت مارتن سكورسيزي وفرنسيس فورد
كوبولا وبيلا تار، وأعدت روح النشاط إلى آرثر بن ولفاتن حمامة داود
عبدالسيد ونبيل المالح وفرانشيسكو روزي ومايكل شيمينو وآلان تانر،
ولاستقطبت سينمائيين من كل الميادين ومن ربوع مختلفة لحولتهم إلى
نقاد... أو ربما لأنتجت لهم أعمالهم كي نستطيع أن نكتب عنها، ونشعر
أن السينما التي نحب لازالت موجودة.
المكافأة هي حين يكتب أحد أو يقول لنا في لقاء عابر: الله يعطيكم
العافية، تشعر بأن ما حققته وصل... وإذا وصل إلى هذه الحد؛ فإن لا
حدود له بعد ذلك.
محمد رضا
|