فيلم على ورق تلعب فيه الصورة دور السارد
«الكوميكس».. فن تاسع
إيهاب الملاح
"الفن التاسع" أو "فن القصص المصور"، الشهير بفن "الكوميكس"، فنٌ
وافد على الثقافة العربية، صحيح أن له بذورا شهدتها الثقافة
العربية من خلال فناني الكاريكاتير والرسم، وبعض أعمال كبار
الفنانين من رسامي الكاريكاتير المصريين منذ النصف الأول من القرن
الماضي، إلا أن الفن بمفهومه ونشأته وملامحه الخاصة "فن غربي"
بامتياز، نشأ وازدهر في أوروبا وأميركا أولاً ثم في بلدان آسيا
وتحديداً اليابان ومنها إلى بلاد العالم كلها بعد ذلك، مواكبا
تطورات الحياة المدنية الحديثة في الغرب، وهو من هذه الزاوية يمكن
اعتباره بحق "فناً مدينياً وحداثياً" بامتياز.
في هذا التحقيق، وبمناسبة صدور أحد الأعمال المهمة واللافتة في هذا
الفن، نروي قصة فن الكوميكس منذ بداياته الباكرة وحتى اللحظة
الراهنة، من خلال تقصي محطاته الكبرى والأعمال المهمة البارزة في
تاريخه، مع الاستئناس بآراء وأقوال شباب كتابه ورساميه الذين
زاولوه كتابة ورسما وصدرت لهم فيه أعمال باتت من العلامات المهمة
في مسيرة هذا الفن في ثقافتنا المعاصرة، المتوقع له خلال المرحلة
القادمة الاستمرار والازدهار.
مغامرة
منذ فترة وجيزة، صدرت، عن دار التنوير بالقاهرة، الترجمة العربية
الأولى لكتاب القصص المصور الشهير (فلسطين)، لفنان وكاتب الكوميكس
الأميركي الشهير جو ساكو، من ترجمة محمد عبد النبي، وتصدير الراحل
إدوارد سعيد، ضمن موجات هادئة، لكنها متتابعة ومتأنية من انتشار
وذيوع فن الكوميكس أو الفن التاسع في الثقافة العربية، ليسد عجزاً
كبيراً في المكتبة العربية في هذه النوعية من الكتب.
وخلال أسابيع قليلة من الآن، ستصدر أيضاً الترجمة العربية لرواية
الكوميكس الشهيرة «جنة زهراء»، عن دار النشر ذاتها، في مغامرة
جريئة لنشر أهم أعمال فن الكوميكس الصادرة خلال الأعوام الماضية،
وهي تجربة متميزة بموضوعها ورسوماتها ومحتواها وتمثل رأس حربة في
تبني نشر أعمال القصص المصورة عالمياً، بإخراج فني عال، وترجمات
أمينة، بما يفتح الباب لمزيد من انتشار ورواج هذا الفن في
المجتمعات العربية.
فن مديني
«الكوميكس»، أو فن القصة المصورة الشهير بالفن التاسع، فن مديني
وحداثي بامتياز، مثله مثل موسيقى الراي في طبعتها ذات التطورات
السريعة زمنياً سواء على مستوى الشكل أو المضمون، وتحديدا في
نموذجها الملهم رشيد طه، بحسب أشرف يوسف المحرر الأدبي المشرف على
ورشة “كادرات” المصرية للكوميكس.
وإذا كان فن «الكوميكس» قد ارتبط في بداياته الباكرة بفن القصة
المصورة الموجهة للأطفال بمختلف أعمارهم وفئاتهم العمرية، يقوم
بإبداعها فنانون متخصصون في هذا المجال الذي يفرض حضوره الخاص في
الصفحات الموجهة للأطفال سواء المطبوعة أو المتحركة في أفلام
الكارتون “الأنيمشين”، فإن الكتب المصورة الموجهة للكبار قد انتشرت
وغزت أرفف المكتبات في فرنسا تحت اسم “BD”
وفي الولايات المتحدة الأميركية انتشرت تحت اسم “Comic
Books”،
أما في اليابان فقد حازت تسميتها «Mangas»
شهرة وذيوعا فاق النظير، بسبب رواجها الكبير في اليابان وما
حواليها، وتجاوز نجاحها وانتشارها هذا القطاع الجغرافي إلى معظم
بلدان العالم، وحققت مبيعات فاقت الخيال وتخطت في شهرتها ودرجة
الإقبال عليها الفنون الراسخة والأجناس الأدبية بأنواعها بشكل
مثير، وهو ما أدى إلى تطورها بشكل مذهل وارتقاء صناعتها إلى درجة
من الاحتراف والرسوخ والتمكن.
فن القصة المصورة أو فن الكوميكس، وهو واحد من أشهر تعريفاتها
وأكثرها ذيوعاً، هو “فن أدبي مميز يعتمد على السرد القصصي بواسطة
الكوادر المصورة، وهذا الفن الجميل له مكانته في العالم الغربي
ويدعى كذلك الفن التاسع، وهنالك مدارس متعددة في هذا الفن أشهرها
المدرسة الأميركية والمدرسة الأوروبية والمدرسة اليابانية”، ويشير
التعريف إلى أن العديد من القصص وشخصيات الكوميكس تعتبر رموزاً
عالمية مثل “سوبرمان” و”تان تان”، وتم تصوير العديد من الأفلام
والمسلسلات السينمائية والكرتونية المأخوذة عن هذه الشخصيات، كما
تم تصميم ألعاب فيديو وكمبيوتر مستوحاة من أحداث القصص التي قام
ببطولتها هؤلاء الأبطال الخياليون.
فيما زاد البعض التعريف السابق تفصيلاً، إذ عرّف الفنان (ألدريك
مكرم) القصة المصورة بأنها “فن يجمع بين الأدب والفن التشكيلي، وهي
عبارة عن فيلم سينمائي على الورق. وهي فن يخاطب جميع الأعمار، وليس
موجها للأطفال بالذات. يطلق على القصة المصورة لقب “الفن التاسع”.
بدايات عربية
في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي توهجت بدايات فن القصة
المصورة في مصر على أيدي فنانين عظام، كانوا بالأساس رسامي
كاريكاتير، كان على رأسهم الفنان الكبير “حجازي” الذي استهل
المسيرة برائعته «تنابلة السلطان» كواحدة من أهم علامات تأسيس الفن
التاسع في الأدب العربي المعاصر.
ثم بدأ الراحل الكبير محيي الدين اللباد تدشين إرهاصات ما قبل
الكوميكس بشكله المعروف في أوائل التسعينيات من القرن الماضي،
بالتعاون مع دار الصقر العربي للإبداع العربي بإشرافه على سلسلة
“الرماة الصغار” لفن الشرائط المصورة، وكان أغلب ما يعرف منه في
البداية منقولاً أو مقتبساً أو مترجماً أو متلفزاً مثل حلقات
الكارتون الشهيرة “غراندايزر”، و”سوبرمان”، و”بات مان”، و”دام
كوبر”، و”تان تان”.. إلخ.
وتنبغي الإشارة هنا إلى جهود الفنان الراحل حسين بيكار، الذي أصدر
مجلة «سندباد» عن دار المعارف الشهيرة، وهي المجلة التي احتوت على
بذور ناضجة لفن الكوميكس بشخصيات مصرية وعربية مخترعة ورسوم أصيلة
ومعبرة عن البيئات المحلية، دون أن تتجاوز هذه المحاولة طور
التجربة.
الكهوف موطنه الأول
وفي قصة مصورة بعنوان «البداية» كما يرويها ميشيل ورانية، ثنائي
الكوميكس المميز، وعبر سيناريو بسيط لكنه عميق، ورسوم معبرة ودالة،
استعرض الثنائي قصة الفن التاسع وظهور فن القصة المصورة بإيجاز،
حيث رجعا به إلى حوالي 60 ألف سنة عندما أخذ الإنسان البدائي في
رسم قصته وتفاصيل حياته اليومية على جدران الكهوف، وبعدها سجل
المصري القديم تفاصيل حياته الدنيوية وتصوراته الأخروية على جدران
المعابد والمقابر، وترك لنا من النقوش والرسومات ما نعجز عن
مضاهاته أو التوصل لكافة جمالياته والبحث عن سر متعته الدائمة
والمتجددة حتى يومنا هذا.
وفي أواخر القرن التاسع عشر، بدأ ظهور ما يسمى بالأشرطة المصورة
على استحياء وخفر، لتتطور سريعا إلى مجلات منتظمة الصدور وألبومات
رائجة وروايات مصورة انطلقت لتغزو العالم كله، حيث انفجر الفن
التاسع بكل الأشكال والأحجام والألوان والمدارس وفي كل الاتجاهات.
ويمرح الخيال الإنساني المبدع ويجد براحه ومتعته وسعادته في لحظات
أو دقائق أو ساعات يقضيها بصحبة “أبطال من أرض الخيال”، يفرح معهم
ويسعد لهم ويحزن عليهم ويحبس أنفاسه وهم يخوضون مغامراتهم
المثيرة.. إلخ.
«مترو».. ثمن الجرأة
في عام 2007 بالقاهرة، صدرت الرواية المصورة «مترو» للفنان والكاتب
مجدي الشافعي، ولم تكد الرواية تصدر حتى ثارت ضجة كبرى واشتعل
الرأي العام المصري بالأزمة التي أثارتها الرواية الأولى المصورة
الموجهة للكبار، بعد أن رأى فيها البعض جرأة غير معتادة، ونقدا
لاذعا للمجتمع والسياسة والنظام القائم آنذاك، بل تفاقم الأمر،
ووصل حد مساءلة المؤلف والرسام جنائيا على إبداعهما وصدور قرارات
بالحبس والغرامة ومصادرة نسخ الرواية.
كانت “مترو” هي الطلقة الكوميكيسة الأولى في العقد الأول من
الألفية الثالثة، بحسب تعبير أحد المهتمين بها، واعتبرها النقاد
والمهتمون بفن الكوميكس “الرواية المؤسِّسة (بكسر السين)، الأولى
لأحد أهم فنون التعبير التي تنتمي للبوب آرت أو “الجرافيك نوفل”.
تحت السيطرة
لكن «مترو» فتحت الباب، ولم يعد في مقدور أحد أو جهة أو مؤسسة أن
تمنع ظهور أعمال تالية، من فن الكوميكس في مصر، كان من أهمها
وأشهرها، العمل الذي أصدرته دار العين للنشر والتوزيع في عام 2011
بعنوان “تحت السيطرة”، وهو الكتاب الذي ضم النتاج الإبداعي لأول
ورشة عمل لكتابة ورسم القصص المصورة، وهي ورشة “كادرات” التي أشرف
عليها الشاعر والمحرر الأدبي أشرف يوسف، وبمعاونة الرسامة الموهوبة
رانية حسين أمين، ومشاركة نخبة من شباب الكتاب والرسامين المتحمسين
لإنجاز المشروع، منهم من استكمل طريقه وما زال يواصل كفاحه في
ممارسة هذا الفن، ومنهم من اكتفى بالمشاركة في التجربة الأولى وشرف
المحاولة.
صدور كوميكس “تحت السيطرة” كان تجربة ناجحة بكل المقاييس، بعد أن
نجح الكتاب في اكتساب مساحات من الشيوع والانتشار، وكان باديا أن
هدف الورشة التي تمخض عنها الكتاب هو السعي إلى تأكيد المحاولات
التي سعت إلى استنبات هذا الفن في الثقافة العربية، أو ترسيخ جذوره
بها، بالإضافة إلى عرض نماذج من الكوميكس العربي بشكل جديد ومختلف
عما يقدم للأطفال، تعتمد في الأساس على تجارب الكتاب والرسامين
الشخصية.
ويقول أحد المشاركين في الكتاب إن “الإعداد له استغرق عاماً
كاملاً”، وحاول المشاركون فيه أولاً إثبات تعريف عملي وناضج
للكوميكس من خلال تجربتهم الشخصية”، مضيفاً أن “كثيراً من
المشاركين في هذا المجال وصلوا لدرجة كبيرة من النضج، بعد أن نجحوا
في أن يعرضوا أعمالا شائكة بشكل متميز وطازج”.
كوميكس “تحت السيطرة” ضم 18 قصة منفصلة، وهو كتاب تتنوع قصصه ما
بين المغامرة والفانتازيا، بحسب أحد نقاده، واستطاع أن يتحرر من
قيود الكتابة واتسم بالجرأة وبخفة دم مصرية حارقة، وتمكن صناعه من
أدواتهم وفن الكوميكس إلى حد كبير.
كما تنوعت أفكار الكتاب مثل معالجة الفانتازيا في قصة (ريشة طايرة
في الهوا) لرانية حسين أمين، وهي القصة التي حاولت فيها رانية
تقديم بعض الحلول من وجهة نظرها لحيرة البنت عندما تتخذ قرارا
بالاستقلال، وتطرح سؤالاً عن أيهما أكثر استمتاعا أن تعيش مستقلة
أو أن تعيش مثل الآخرين على نفس القطبين، هذا السؤال الفلسفي يرصد
الحالة في منتهى السلاسة.
أنا وأنا.. وحريق
نموذج آخر من نماذج الكتاب قدمه الفنان والقاص الشاب ميشيل حنا في
قصته «الحريق»، حيث الحرص على تقديم شكل جديد للشعر وإثبات أن له
أكثر من وجه غير المعتاد، إذ يمكن أن نشاهد مقطع فيديو ويكون شعرا
بصريا، وهو ما أكده ميشيل في الكوميكس من أنه يمكن للشعر أن يصبح
كوميكس مكتوباً ومرسوماً.
أما الكاتب الشاب ميشيل حنا وبالاشتراك مع الفنانة رانية حسين أمين
فقد أخرجا كتابهما اللافت «أنا وأنا» في عام 2012 عن دار (كوميكس
للنشر)، وهو كتاب يحوي بين دفتيه 14 قصة قصيرة مصورة، وهو المحاولة
الثانية للمؤلف ميشيل حنا (الحاصل على عدة جوائز في القصة القصيرة،
وله كتب عديدة)، ولرسامة الكتاب والقاصة أيضا رانية أمين (كاتبة
وقاصة ومترجمة أيضا، وحاصلة على جوائز عديدة في مجال أدب الأطفال)،
بعد اشتراكهما في كتاب الكوميكس السابق “خارج السيطرة”، الصادر عن
دار العين للنشر 2011.
المهتمون بفن الكوميكس في مصر اعتبروا أن صدور هذا الكتاب، خطوة قد
تعتبر متأخرة كثيرا في العالم العربي، أتت أخيرا وعلى استحياء لنشر
كتب “الكوميكس المصورة للكبار”، والتي تحاول أن تعيد لفن القصة
المصورة مكانته التي يستحقها، والتي تقول إن القصص المصورة هي فن
للكبار أيضا، وليس مقصورا على الصغار فقط، وحيث يقدم الكتاب مجموعة
من القصص القصيرة، المتنوعة التي تنتمي للفن التاسع.
كوميكس الثورة المصرية
عقب ثورة 25 يناير 2011، أصدر محمد هشام عبية، القاص والصحفي
الموهوب، أول كتاب كوميكس مصور يتعرض لأحداث الثورة المصرية خلال
18 يوما برسوم حنان الكرارجي، وغلاف المصمم أحمد مراد، وكانت تجربة
ناجحة جدا مما دفع العديد من الكتاب إلى احتذائها وتقليدها في
أعمال تالية.
ويقول مؤلف الكوميكس محمد هشام عبيه إن “18 يوما” أول “جرافيك
نوفل” أي رواية مصورة، تستوحي أحداثها من تفاصيل ما جرى في يوم 25
يناير وما تلاه حتى سقوط النظام في 11 فبراير تلك الأيام المتألقة
في حياة شعوب الإنسانية كلها لا الشعب المصري فحسب، مضيفا أن “هذه
القصة المصورة الطويلة تصور جانبا مضيئا من جوانب السلوك الإنساني
الرفيع لشعب مضغ الصبر طويلا قبل أن يحوله إلى كتلة لاهبة من الغضب
السلمي.
كما تجسد أيضا جانبا مظلما لعصبة من البشر وجماعة من الناس جاءتهم
فرصة أن يصنعوا من بلد عميق الحضارة والجذور وطنا تسوده “الحرية
والعدالة”، فحولوه إلى صحراء يهرب منها الخير والتقدم ولا يبقى
فيها سوى صراخ الريح ونثر التراب”.
بدا حرص مؤلف الكتاب ورسامته على امتزاج التسجيلية التوثيقية مع
مساحة من الخيال في نسج الشخوص والعلاقات التي نشأت بينهم في قلب
الحدث الكبير، الثورة، وفي بؤرة التقاء الأحلام والإرادة وتجلي
التلاحم الشعبي، ميدان التحرير، وهو خيال في النهاية يتماس لدى
الكثيرين مع الواقع، بل وقد يجدون قبسا من أرواحهم بين السطور
والحياة النابضة من الكادرات، بحسب وصف الناشر للكتاب.
مجلات الكوميكس.. إبداع عالمي في ثوب عربي
في السنوات الثلاث الماضية، بدأت تظهر على استحياء محاولات أولى
لإصدار مجلات متخصصة في فن الكوميكس والقصص المصورة للكبار، وتأتي
مجلة “توك توك” على رأس هذه المجلات الطليعية الرائدة لفن الكوميكس.
كذلك من أشهر المجلات التي قدمت هذا اللون من الفن مجلة “الدشمة”
التي صدر العدد الأول منها بعد ثورة يناير 2011، واحتوى العدد على
مجموعة من القصص التي توظف الخيال وإرث “الكوميكس” العالمي في خدمة
الثورة المصرية، حيث البطلة الخارقة التي تدافع عن حقوق العاملين
التي تحاول إدارة الشركة الاستيلاء عليها.
وما كان لفن الكوميكس أن يزدهر ويرى النور في الثقافة العربية
المعاصرة لولا الجهود التي بذلها مترجمون لنقل روائع أعمال هذا
الفن إلى العربية، بدءا من المجلات المصورة وشخصياتها الشهيرة،
مرورا بالروايات والقصص القصيرة المحولة عن روايات عالمية، وليس
انتهاء بالروايات الكاملة المصورة الموجهة للكبار، وتتناول موضوعات
ومعالجات عميقة لشتى الأفكار والتصورات المعرفية والفلسفية، أو
تناول قضايا المجتمعات الحديثة والواقع المعيش بالنقد والسخرية
اللاذعة إحدى سمات هذا الفن الأصيلة. ولن يتسع المقام بطبيعة الحال
للتعرض لكافة النماذج الكبرى والملهمة في هذا الفن والتي ترجمت إلى
اللغة العربية، لكن الإشارة الدالة تغني عن التفصيل واللمحة
الخاطفة تومئ إلى المرجع وتحيل إلى الأصول. «عداء الطائرة الورقية»
عنوان رواية شهيرة للروائي الأفغاني خالد حسيني، كانت من الروايات
التي تصدرت قائمة الكتب الأكثر مبيعا في العالم، وزعت 22 مليون
نسخة، وترجمت إلى أكثر من 22 لغة، من بينها العربية، ولم تكن
الرواية بعد هذا النجاح الساحق ببعيدة عن صناع فن الكوميكس الذين
سارعوا إلى تحويل هذه الرواية البديعة إلى كتاب كوميكس لم يقل
نجاحه ولا أرقام توزيعه عن الرواية الأصلية، وقام بتنفيذ رسومات
طبعة الكوميكس من الرواية الفنانان فابيو تشيليني (رسام وكاتب
سيناريو ومؤلف كوميكس نال عددا من الجوائز الخاصة بالمجلات المصورة
الإيطالية)، وميركا أندولفو. ترجم الكتاب إلى اللغة العربية أحمد
خالد توفيق، وصدر في العام 2011 عن دار نشر بلومزبيري، وحققت
الرواية بدورها نجاحا كبيرا وتخاطفتها الأيدي، مبهورة بالسيناريو
المشوق والرسومات المتقنة، والقصة الإنسانية المروعة التي تحملها
بين دفتي الغلاف. أما رواية “جنة زهراء” الإيرانية، التي ستصدر
ترجمتها العربية عن دار التنوير بالقاهرة، فكانت إحدى روايات
الكوميكس التي حققت نجاحا وشهرة ورواجا فاق كل خيال، وأصبحت
الرواية أيقونة للحرية ورفض الظلم والقمع والعدوان على الحريات
باسم الدين أو باسم فهمٍ وحيد ومبتسر وأحادي للدين. قصة زهراء التي
انتشرت بداية على الإنترنت، كتبها الإيراني الأميركي المعارض “أمير
سلطاني”، ونفذ رسومها الفنان “خليل” وهو رسام جزائري يُفصح عن اسمه
الأول فقط. قصة خارجة من الواقع الإيراني المرير، وبُنيت على قصص
عائلات تعبّر عنهم هذه الأم. مبدعان يلجآن إلى السخرية والهجاء
والفن لإسماع الصوت المعارض والمطالب بالديموقراطية، عبر قصص ثلاث
تحدث أسبوعياً، من تاريخ إطلاق الحملة قبل أيام، وحتى ما بعد
الانتخابات.
عندما أقارن الكوميكس بالفنون الأخرى أجد أن الكوميكس يجمع بين
عنصر الفيلم المفضل لديّ وهو الحكي المرئي، والحميمية والرؤية
الشخصية لدى الرواية.. وهكذا نخلق عالماً كاملاً.
(نيثان شرايبير)
الإتحاد الإماراتية في
|