الممثلة جوليان مور لـ «الحياة»:
الجمهور يحيي شباب المخضرمات
باريس – نبيل مسعد
إنها بلا شــك من أقدر نجمات السينما العالمية وأكـــثرهن موهـــبة
وشجــاعة أيضاً نظراً إلى جرأتها في طريقة اختيار أدوارها وتجاهلها
عناصر الجاذبية والأنوثة والمظهر الحسن التي تراعيها أي فنانة في
العالم. وربما جوليان مور من أذكى ممثلات جيلها الخمسيني، فهي بهذه
الطريقة تكسب إعجاب الجمهور الذي يرى فيها إذاً جاذبية من نوع آخر
جديرة بالاهتمام نفــسه الذي يوليه للنجمات اللاتي يراعين جمالهن
فوق الشاشة الفضية.
ومور امرأة جذابة إلى حد كبير في الحياة الطبيعية، وهذا شيء يعرفه
كثيرون، خصوصاً الذين يحضرون عروض الموضة، فهم يجدونها دائماً في
المقاعد الأمامية أثناء عروض أزياء دار كريستيان ديور في باريس.
من أعمال مور الفذّة، فيلم «الساعات» الذي شاركت في بطولته مع
نيكول كيدمان وميريل ستريب، و «ماغنوليا» إلى جوار توم كروز، و «شورت
كاتس» لروبرت ألتمان، إضافة إلى «بيبا لي» و «فقدان البصر» و
«كاري» و «دون جون» وأفلام أخرى تتسم كلها بالجودة الفنية، سواء
كانت ناجحة في شباك التذاكر أم لا. ومور هي زوجة السينمائي
الأميركي بارت فروندليش وأم لصبيين.
التقيناها لمناسبة ظهور فيلمها الجديد «بلا توقف» للسينمائي
الإسباني المقيم في هوليوود خاوم كوليه سيرا، وهي تتقاسم البطولة
مع النجم البريطاني ليام نيسون وممثلة بريطانية أيضاً ناشئة
وموهوبة اسمها ميشيل دوكري. وفي باريس دار هذا الحديث بين «الحياة»
وجوليان مور النجمة الخمسينية الفاتنة.
·
حدثينا عن فيلم «بلا توقف».
- تدور أحداث الفيلم على متن طائرة من المفروض أن شخصاً مجهولاً
وضع فيها قنبلة وسيفجرها إذا امتنعت الشركة الناقلة عن تحويل مبلغ
مالي كبير إلى حسابه المصرفي. ويتلقى المخبر السري الجالس وسط
المسافرين رسالة هاتفية دورية تبلغه بمطالب الإرهابي وتهدد بقتل
أحد ركاب الطائرة في كل ساعة. ويستعين المخبر بامرأتين لمساعدته في
كشف هوية صاحب الرسائل، أولاً رئيسة المضيفات في الطائرة، ثم
المسافرة الجالسة إلى جواره والتي أمثلها أنا. لكن الحبكة ترغب في
أن يشك المتفرج في كل واحدة منهما، وهذا ما يساهم في كتم الأنفاس
حتى اللحظات الأخيرة من الفيلم. وقد ســـعدت بالعمل مع الفنان
الكبير ليام نيسون وهو أدى دور المخبر.
·
تشاركين بطولة الفيلم أيضاً النجمة البريطانية الشابة والصاعدة
ميشيل دوكري المعروفة بموهبتها الفذّة منذ أن جاورت النجمة كيرا
نايتلي في فيلم «أنا كارينينا»، وعلى رغم ذلك تتفوقين عليها بطريقة
لا جدال فيها طوال أحداث الفيلم، فما تفسيرك للأمر؟
- أشكرك على المجاملة لكنني لا أوافقك الرأي، وأنا متأكدة من أن
ميشيل دوكري تؤدي دورها على أفضل وجه. وربما لاحظتني في الفيلم
أكثر مما لاحظتها لمجرد أن دوري أطول بعض الشيء ويتميز بحبكة تثير
أحاسيس المتفرجين وتدعوهم إلى مشاركة هذه المرأة مصائبها، لكنني
أعرف أن دور دوكري، أي المضيفة الجوية في الفيلم، أيضاً لم يتميز
بالسهولة وهي مثلته بتفوق ملموس. وصدقني لولا أنها فعلت لكان
الجمهور قد صدم، ولكان الإعلام قد دمرها، وهذا لم يحصل.
·
لم أقل إنها رديئة لكنك متفوقة عليها فقط.
- دوري يتفوق من حيث الأهمية على الشاشة على دورها، لا أكثر ولا
أقل.
الأمومة والنضج
·
أنت، على العموم، نضجت، شكلاً ومضموناً، في السنوات القليلة
الفائتة، فهل يمكن القول إن أمومتك هي السبب في ذلك؟
- هل تعني أنني كنت ممثلة سيئة من قبل، وأنني تحولت إلى فنانة
معقولة الآن؟ أنا أمزح طبعاً وأفهم معنى كلامك، خصوصاً أنني أشعر
فعلاً بكوني قد تغيرت بعد أن أنجبت مرتين، فهناك في حياتي ما أسميه
بفترة ما قبل الأمومة ثم فترة ما بعد الأمومة، وذلك على الصعيدين
الشخصي والمهني. ومن ناحية مظهري فأنا مثلي مثل أي امرأة تلد،
ازداد وزني كثيراً في وقت معين وفي كل مرّة، ثم بذلت قصارى جهدي
لأفقد الكيلوغرامات التي اكتسبتها، بالتالي فقدت أكثر منها وأصبحت
أنحف مما كنت عليه في الماضي قبل ولادتي الأولى، وهذا ما يفسر
ملامح وجهي الجديدة الذي خسر استدارته كلياً. أما عن النضوج
الداخلي أو الفني، بما أنك تكلمني عن مهنتي، فلا شك في أنه اكتسب
صفة جديدة وملموسة ناتجة مباشرة من الإحساس الذي ينتابني منذ أن
تحولت من مجرد امرأة إلى أم مسؤولة.
·
ربما أيضاً أن لسن الخمسين دوراً في نضوجك؟
- ربما في الشكل الخارجي، لكنني لا أعتقد بأنه يؤثر في مستوى أدائي
التمثيلي بالمرة.
·
وهل تؤثر الأمومة في طريقتك في تصور مهنتك الآن؟
- صحيح أنني أرفض مغادرة عائلتي الصغيرة فترة طويلة نوعاً ما. وقد
ألغيت تماماً كل فرص الخروج الليلي والتردد إلى سهرات هوليوودية
رسمية، أو مهرجانات سينمائية، وهي أشياء لا أحبذها أصلاً، وإذا
سافرت مثلما هي الحال الآن من أجل الترويج لأعمالي أو تلبية لمهمة
مهنية ضرورية، فلا أغيب أكثر من خمسة أيام متتالية عن بلدي وعن
بيتي وأترك مسؤولية الطفلين في هذه الحال لوالدهما، لكنني على رغم
هذه القيود الصارمة سأستمر في ممارسة مهنتي، فأنا لا أنظر إلى
الحياة العائلية أو إلى الأمومة كعقبة أمام العمل.
·
كيف تتأقلمين، كممثلة خمسينية بالتحديد، مع الأوضاع السينمائية في
هوليوود التي تفضل ظهور الممثلات الشابات فوق الشاشة، وأفضل مثل
على ذلك هو نجاح شريكتك في فيلم «بلا توقف» ميشيل دوكري المولودة
في منتصف الثمانينات؟
- لا أعرف ما إذا كان الفيلم التسجيلي الذي أخرجته الممثلة روزانا
أركيت قبل حوالى عشر سنوات، وعنوانه «البحث عن ديبرا وينغر»، نزل
إلى صالات السينما في المنطقة العربية، لكن الجمهور الذي شاهد هذا
الشريط يدرك ما الذي تمر به فنانة أميركية خمسينية أو حتى أربعينية
إذا أرادت أن تستمر في ممارسة مهنتها. وقد استعانت أركيت بشهادة كل
من شارون ستون وديان لين وباتريسيا أركيت وسلمى حايك وغيرهن من
النجمات اللاتي يقربن من سن الأربعين أو الخمسين، والشيء الأكيد هو
معاناة الممثلة من العنصرية البشعة التي تمارسها ضدها الشركات
المنتجة كلها بلا استثناء والتي لا تتصور البطلة فوق الشاشة، إلا
شابة وجذابة، وكأن الجاذبية حكر على الشابات دون سواهن. وما ألاحظه
شخصياً هو أن العنصرية المذكورة أخذت في التراجع بعدما أدركت
الاستوديوات المنتجة مدى رواج الأفلام التي تمثلها كل من ميريل
ستريب وجسيكا لانغ وديان كيتون وسيغورني ويفر، سواء في الدراما أم
في الفكاهة. بمعنى آخر يرغم الجمهور الشركات على احترام رأيه في
اختيار الممثلين والممثلات. أما عن نفسي، فقد نجحت في فرض شخصيتي
في أدوار الدراما والرومانسية والمغامرات، ولا أعرف في الحقيقة كيف
حققت ذلك.
نادر الحدوث
·
ما هي هواياتك؟
- أنا مولعة بالقراءة، خصوصاً الأعمال الأدبية الكلاسيكية، لذلك
شعرت بغبطة كبيرة عندما تلقيت العرض بالمشاركة في فيلم «رجل وحيد»
قبل ثلاث سنوات، لأن سيناريو الفيلم استوحى حبكته من كتاب ناجح
عائد إلى زمن الستينات من القرن العشرين ألفه البريطاني كريستوفر
إيشروود. ووجدت أن الفيلم احترم النص الأصلي إلى درجة كبيرة، وهذا
أمر نادر الحدوث في شكل عام، فالسينما تميل إلى التحوير في الأعمال
الأدبية إذا استوحت منها، وإلى التخلص من مقاطع كاملة بحجة أنها لا
تصلح للتصوير.
·
بمناسبة ذكر فيلم «رجل وحيد»، فهو من إخراج توم فورد الذي هو رجل
موضة في الأساس، فكيف كانت تصرفاته كمخرج سينمائي مبتدئ؟
- صحيح أن فورد كان المدير الفني لدار غوتشي، وأنه تولى خلافة إيف
سان لوران بعد رحيل هذا الأخير، ورسم موديلات هذه العلامة لفترة ما
قبل أن يؤسس داره الشخصية للموضة. والرجل عبارة عن أيقونة حية في
دنيا الأزياء، وأنا لا أدري ما الذي دفع به فجأة إلى خوض تجربة
السينما، فهو لم يصارحني بأي شيء في هذا الخصوص، لكنني لاحظت أثناء
التصوير كيف أن الموضة تهمه وتثير مخيلته بطريقة مستمرة، إذ إنه
كان يولي اهتمامه بما كنا نرتديه نحن الممثلين حتى نبدو فعلاً وفي
كل لقطة كأننا نعيش في زمن الستينات الذي تدور فيه أحداث الحبكة،
أكثر مما كان يهتم بطريقتنا في الأداء، فهو كان يمنحنا ثقته التامة
من هذه الناحية.
·
وماذا عن الإسباني خاوم كوليه سيرا مخرج فيلم «بلا توقف»؟
- الأمر هنا يختلف كلياً، بما أن كوليه سيرا هو رجل سينما في
الأساس يكرس وقت تصوير الفيلم لمتابعة الناحية التقنية من ناحية،
ثم أداء ممثليه من جانب آخر. وأنا أميل إلى كوليه سيرا كمخرج، وأحب
أسلوبه في إدارة الممثل الذي أمامه، وهو يهتم جداً بالممثلات لأنه
يحبهن ويكتب لهن أجمل الأدوار في سيناريوات أفلامه.
·
أنت لا تترددين في التقليل من جاذبيتك الطبيعية فوق الشاشة، ألا
يضايقك الأمر؟
- أنا ممثلة وبالتالي أتقمص شخصية أمام الكاميرا أو فوق خشبة
المسرح لا علاقة لها بما أنا عليه في الواقع، بمعنى أنني قد أبدو
مغرية جداً في عمل ما، ثم مجردة من أدنى جاذبية في الفيلم التالي.
فهذه مهنتي وأنا لا أخلط بينها وبين حقيقة مظهري وماكياجي وثيابي
في حياتي اليومية. وللرد الصريح على سؤالك، لا، الأمر لا يزعجني
إطلاقاً.
الحياة اللندنية في
|