"الحــب"
في مملكة الثــلوج.. يــذيب "فـروزن"
يحرره: خيرية البشلاوى
اخترت من الأفلام الفائزة بجوائز الأوسكار هذه السنة 2014 فيلم
"frozen" "متجمد"..
بعض الأعمال التي كانت مرشحة منذ أسابيع وحظيت منذ أيام بالتمثال
في حفل هائل يشهده ملايين معروضة حاليا في القاهرة.
نحن النقاد محظوظون أيضا حين تأتينا هذه الأعمال الفائزة كأفضل ما
أنتجته الاستوديوهات الأمريكية وما تم اختياره من انجازات العالم
السينمائية للحصول علي شرف هذا الأوسكار الجائزة التي تمنحها
أكاديمية علوم وفنون السينما.
الأوسكار الأمريكية أهم الجوائز السينمائية علي الاطلاق هذا تحصيل
حاصل وفيلم متجمد
"frozen"
من انتاج أعظم وأضخم استوديو لصناعة البهجة في العالم بأسره منذ ما
يقرب من قرن اشير إلي استوديوهات "والت ديزني" التي تأسست عام 1923
وغزت بمخلوقاتها الاسرة وشخصياتها الخرافية وحواديتها المدهشة عقول
ووجدان الأجيال جيلا وراء جيل فوق كوكب الأرض.
من منا لم يعشق ومازال مغامرات الفار ميكي او لم يتذكر أليس في
بلاد العجائب وسنووايت والأقزام السبعة وسندريلا والغزال بامبي
البديع الخ الخ..
لولا صناعة البهجة وفنونها التي تغذي المعنويات وترفه عن الروح ما
استطاع البشر أن يواصلوا الكفاح الصعب ويتكبدوا مظالم الدنيا
وقوانينها البشرية الجائرة التي تبدو أحيانا أكثر شراسة وعدوانية
بما لا يقاس من قوانين الغابة وحيتان البحار المالحة والحلوة.
وربما لا يعرف كثيرون من غير المهتمين بدور هذه الصناعة الأمريكية
الخالصة في خدمة القيم الأمريكية ومؤسساتها بما فيها المؤسسة
العسكرية التي يعلم القاصي والداني حجم الجرائم التي ارتكبتها ضد
الانسانية وعدد الذين أعدمتهم بحجة نشر هذه المبادئ وإقامة العالم
الجديد.
ابان الحرب العالمية الثانية وبعد الهجوم علي بيرل هاربور وضعت
استوديوهات "والت ديزني" امكانياتها في خدمة القوات المسلحة بتكليف
من حكومة الولايات المتحدة وتم انتاج أفلام للتدريب والدعاية..
وقبل ذلك ومن خلال الرسوم المتحركة التي يعتبر "والت ديزني" رائدها
ومؤسسها استحوذ الرجل الأبيض الأمريكي الخالص علي قلوب أطفال
الدنيا وأيضا الكبار واشاع البهجة فعلا وطير معها الأفكار والمبادئ
الأمريكية لتسكن عقول الناس.. لن استرسل في هذه الخواطر ولن أعبر
الخط الفاصل بين مشاعر البهجة والتأثير الايجابي المصاحب لها إلي
دور الأعمال المبهجة في تمرير الأفكار الموجهة الخادمة للسياسة
باستخدام لغة الصورة التي وصلت إلي أقصي درجات الاستحواذ والابهار
في مجال فن الرسوم المتحركة وحتي وصلت إلي مستويات مذهلة من التقدم
في أساليب ترجمة الخيال والوصول به إلي حالات من الشطط الجميل
والمغامرات غير المحتملة أو الممكنة واقعيا..
اخترت فيلم
"frozen" "متجمد"
لأنه استطاع أن يذيب ـ مؤقتا ـ مشاعر كثيرة سلبية تولدها اللحظة
الآتية الني نعيش فيها وتلعب فيها أمريكا دور الشرير العالمي ويوقف
ـ بفرملة ـ سريعة حالة القلق والتوتر والخوف التي يعيشها المهمومون
المنشغلون بهموم مصر في هذه المرحلة المركبة المثقلة بشتي الأفكار
والانفعالات والترقب.
علي عكس العنوان "متجمد" ينتهي الفيلم إلي حل بسيط جدا من أجل
تحويل "المملكة" مكان الأحداث التي تغطيها الثلوج بسبب شتاء أبدي
ولدته قوي ميتافيزيقية ساحرة. تحولها إلي صيف منعش تغطيه ألوان
الأخضر لون الخصوبة والتفاؤل.. الحل البسيط السعيد والذي أراه
مستحيلا هو "الحب" نعم "الحب"
يمكنك أن تبتسم في سخرية عندما تتلقي هذه الرسالة العاطفية المنعشة
من فيلم أمريكي!! ويمكنك أن تتساءل في تنهيدة ساخنة: أين هو هذا
الحب الذي يذيب جبال الجليد التي تحولت إلي سهام تخترق القلوب
ومخاخ يغطس فيها الجسد الانساني إلي أن يتجمد وتضيع فيها معالم
الدفء تخت غطاء كثيف من الثلوج والصقيع وتبدو الأشجار مثل اللحود
"جمع لحد" وتتواري المحبة وراء البوابات المغلقة فالحب "باب مفتوح"
لا يوصد أمام مشاعر البشر وتوقهم إلي التواصل الانساني..
من الصعب وانت تستعيد فيلم "متجمد" أن تتوقف أمام الرسائل المتضمنة
بينما الابهار والتأثير كله يأتيك عبر إبداعات بصرية قوية وأمام
شخصيات من صنع الكمبيوتر ـ صحيح ـ ولكنها تتدفق حيوية وتفاؤل
وانطلاقا ولكل منها ملامح وخصال وتناقضات الملامح ليست كالبشر
العاديين ولكنهم "بشر" لهم ذات الحضور والأفعال رددوا الأفعال.
ومثل كل أفلام "ديزني" تحتل حكاية "الأميرة" المركز..
وكان يا ما كان في هذه الأيام أو في سالف العصر والأوان تعيش
أميرتان شقيقتان "آنا" و"السا" في مملكة رائعة الجمال.. "إلسا"
الشقيقة الكبري تمتلك قوي سحرية خفية تحول كل ما تلمسه يداها إلي
جليد وتظهر هذه القوي عندما تلمس شقيقتها الأصغر. بينما يلهوان
معاً في احدي أروقة القصر. عندئذ يهرول الملك والملكة لإنقاذ "آنا"
وحتي لا تتكرر المأساة ويكشف الرعية تلك القوي الخفية التي تملكها
"إلسا" يتم عزلها عن شقيقتها "آنا" حتي يحين موعد إعلان تتويجها
ملكة علي هذه المملكة الخيالية..
لوعة "آنا" علي فراق "إلسا" تترجمها أغاني دافئة تلمس أوتار القلب
وتستجيب لها الدموع في العين وتنقل المتابع لحالة من التعاطف
والأسي.
لمسات "السا" المتعجرفة ورفضها غير المبرر بسبب قوة شخصيتها
وعدوانيتها تحول المملكة إلي شتاء صارم أبدي بالغ البرودة وهذا
الجحيم الأبيض يزداد ضراوة ويتحول إلي مخاخ وأنياب ووحوش شرسة
وقصور باردة وأشجار متجمدة.
مشاعر الندم والاصرار علي العناد يجعل الأميرة القوية "السا" التي
أصبحت ملكة تعتزل المملكة وتقيم لنفسها قصرا رهيبا من الثلوج أيضا
ولكنه أكثر شراسة من حيوانات ما قبل التاريخ "الديناصورات وما شابه".
ورغم الجمود والصقيع هناك المغامر العاطفي المندفع "كريستوف" "رجل
الخيال" الذي يقع في هوي "آنا" المنطلقة عاشقة الحرية. التواقة
للدفء والمحبة. والمستعدة للموت وسط الصقيع من أجل استعادة شقيقتها
"السا" وهناك أيضا رجل الثلج سنومان "اولاف" شخصية مدهشة من عالم
ديزني الذي لا يكف عن ابتكار الشخصيات الخرافية والحكايات الخرافية
والعلاقات الخرافية أيضا بين الانسان والحيوان وبين الجميلة والوحش
وبين الأميرة سندريلا والأمير العاشق وبين "عروسة البحر الصغيرة"
وعالمها هناك علاء الدين فلا تنسي الكوكب كله مكان مفتوح للمغامرة.
المخلوقات جميعها الواقعية والخيالية المبتكرة أبطال المغامرات
تسافر معها إلي أقاصي الكون والكواكب وأعماق البحار وقصور الأميرات
وأكواخ الأقزام..
جمود الفيلم يفك أوصال المشاعر الجامدة ويشيع دفئا داخليا يقتحم
هذا البياض الثلجي والصقيع بعدد من النمر الاستعراضية الموسيقية
التي يشارك فيها عشرات المخلوقات التي تنط من تحت طبقات الجليد في
حركات رشيقة وخفة روح ولمحات طريفة تشيع أجواء من المرح تعيدك إلي
"طفولة" تبدد برودة الشيخوخة فضلا عن شيخوخة المشاعر.
الأداء الصوتي آسر ومعبر يضيف للشخصية الخيالية ملمحا انسانيا لا
تفلت من تأثيره الممثلة كرستين بيل لعبت دور "إلسا" بصوتها
و"ايدينا منزل" لونت شخصية "آنا" المرحة المتفائلة المندفعة للحب
والمغامرة المتحررة من مشاعر الخطر. فالخوف حسب حوار الفيلم هو
العدو المتربص الذي يهدد القوة والجمال وينبغي تبديده حتي يتحقق ما
تنشده من تأثير وتلك رسالة أخري متضمنة في هذه الحدوتة الخيالية
"fairgtale"
التي أبدعها الكاتب الدنماركي هانسي كريستيان اندرس الذي أمد ديزني
بالكثير من الحواديت.
في هذه المغامرة الطفولية المثيرة المعتمدة علي عناصر تتكرر في
معظم أعمال ديزني بتجليات ضخمة ستحد المنظر الاستعراضي الحركي
النابض بالحيوية والحياة.
هنا الرسوم تتواري مجازيا وتصبح شخصيات آسرة بملامح خاصة مميزة.
الأغنية الدافئة المشبعة بالمعاني القريبة جدا من القلب وستجد
البيوت والأكواخ والقصور الخيالية بتسمياتها الفريدة.. مملكة
"اريندال" في فيلم "متجمد" حية وحيوية ونابضة مثل جميع مخلوقات
الله.. المبدعون الحقيقيون في أعمال ديزني منذ تأسيس هذه المملكة
المؤثرة والمنتشرة في أجزاء من العالم والواصلة لكل فرد يسكنه.
أقول المبدعون فعلا في هذه المملكة الخيالية المبهجة هم "صناع"
العرائس أعني الشخصيات هم صناع "الرسوم" والتي تبث الروح في الصور
وتحقق لك حالة فريدة من الفرح والمرح والفكاهة والدعابة والحكايات
الآسرة في بلاد العجائب وممالك الخيال وقصور الجليد والغابات
المطيرة مع ملوك الثلج وملوك الجبال وملوك الأرض والجن والسماء.
وهذا الابداع المهيمن والصناعة الفذة والنافذة التي لم تقتصر علي
صناعة أفلام التحريك والرسوم وانما أيضا إلي صناعات أخري جانبية
تطول حتي أكواب الشاي
"mugs"
والتي شيرت واللعب الكمبيوترية بما تحركه من مهارات وتحديات داخل
نفوس الأجيال وتجعل منهم دون وعي أسري لهذا العالم الفذ من الابداع
البصري الثري الكاشف عن حجم التطور التكنولوجي في صناعة الصور
والتقدم في مجال إخراجها.. مخرج هذا العمل
"frozen"
أو "متجمد" هو كريس باك مخرج "طرزان" ومعه جنيفرلي الاثنان تألقا
علي المسرح بينما يتسلمان تمثال "الأوسكار".. هذا الجمال الذي صار
شخصية حية يسعي الجميع إلي اقتنائها أو مجرد الاقتراب من نيلها.
رنـات
البقــاء للأقـوي!
خيرية البشلاوى
اعتمدت الحكومة الاسرائيلية مؤخرا وبالاتفاق مع بلدية القدس مبلغ
22 مليون شيكل "6.3 مليون دولار" لدعم الأفلام والبرامج
التليفزيونية الأجنبية التي تصور في مدينة القدس.. نشرت الخبر
المجلة السينمائية الالكترونية "سكرين ديلي".
أول المستفيدين من هذه المنحة الجديدة شبكة "إن بي سي"
NBC
الأمريكية التي سوف تشرع فورا في تصوير مسلسل بوليسي من ست حلقات
بعنوان "حفر"
"Dig"
الذي يعتبر أول مسلسل أمريكي يتم تصويره بالكامل في اسرائيل وفي
مدينة القدس بشكل أساسي.
المسلسل الذي تقع أحداثه في القدس القديمة وفي منطقة حفر أثرية
يدور حول جريمة قتل غامضة يتولي فك ألغازها ضابط أمريكي من المباحث
الفيدرالية يبذل جهودا فائقة للوصول إلي الفاعل.
وزير الاقتصاد في اسرائيل "نفتالي بنيت" يصرح قائلاً: ليس هناك ما
هو أكثر أهمية من الدعاية وتسويق الجانب الجميل لاسرائيل وليس هناك
ما هو أكثر تأثيرا من انتاج عالمي يتم تصويره في مدينة القدس.
يساهم في الدعم وزارات الاقتصاد والمالية والسياحة ويشترط للحصول
عليه ألا يقل انفاق الشركة المنتجة عن 25 مليون شيكل داخل اسرائيل.
عشرة منها تستثمر داخل مدينة القدس.
وتهدف المنحة الاسرائيلية لشركات الانتاج التي تصور أعمالها في
اسرائيل إلي وضع مدينة القدس في قائمة المدن في العالم التي تستخدم
طرقا مشابهة في دعم الأفلام والبرامج التليفزيونية والهدف الثاني
من الدعم دفع الانتاج المحلي وتقدمه.. باتباع نفس الجهود العالمية
في تحقيق هذا الهدف.
يشير الخبر أيضا إلي وجود مشروعات أخري أمريكية سينمائية
وتليفزيونية سوف تتم داخل اسرائيل وبالاشتراك مع أكبر شركات
الميديا هناك وهي شركة "كاشيت ميديا جروب" فالمشروع الأول مجرد
خطوة علي طريق ممتد ذلك لأن التاريخ المذهل للقدس يجذب صناع
البرامج والأفلام ويوفر لهم حكايات عظيمة وحسب تصريحات عمدة القدس
"بات واضحا بالنسبة لي اننا سوف ننجح في اقامة رابطة قوية بين
هوليود بنجاحها الهائل وبين الامكانيات العظيمة لمدينة القدس وان
النتيجة ستكون مبهرة بالنسبة لآلاف الملايين من المشاهدين حول
العالم".
لا أعتقد ان هذا الخبر يحتاج إلي تعليق ما يثيره من خواطر غني عن
التصريح ومعناه ان القدس العربية سوف يتم استثمارها عالميا لحساب
الدعاية لدولة اسرائيل وباعتبار ان القدس التي يتم تهويدها وفق
خطوات ممنهجة أصبحت اسرائيلية يهودية بالصوت والصورة وفي أعمال
موجهة مثيرة وفاعلة علي المستوي الذهني والعملي والترفيهي.
إذن البقاء للأقوي كما تؤكد اسرائيل منذ تأسيس الدولة الصهيونية
عام 1948 ولا عزاء لكل الارهابيين المجاهدين المعتلين فكريا وعقليا
ممن يزعمون الدفاع عن القدس وعن القضية الفلسطينية وعن أرض فلسطين
وعن الاسلام!!
فإذا كان كل شيء يبدأ في الدماغ فإن اسرائيل من خلال الميديا
وتأجير الأرض للسينما العالمية والبرامج الأمريكية الموجهة قد بدأت
بالفعل ومن بداية التفكير في وطن قومي بدأت في حفر الدماغ فعلا عبر
استخدام الوسائط الموجهة اساسا للدماغ أي للعقل عبر العين والقلب
ومن خلال بناء صور ذهنية وعاطفية وحضارية لتاريخ يهودي مصطنع يؤكد
عدم وجود أصحاب الأرض الأصليين أو خروجهم من التاريخ مثل الهنود
الحمر هم مجرد عينة من آثار بشرية انتهت مدة صلاحيتها كبني آدمين.
ان السينما الاسرائيلية والصهيونية العالمية المسيطرة علي جانب
كبير من الميديا دأبت علي تكريس ما يسمي بأرض الميعاد ومن قبل قيام
اسرائيل ومنذ السينما الصامتة كرست الشرائط التسجيلية وروجت لمقولة
"شعب بلا أرض وأرض بلا شعب" والتاريخ السينمائي في اسرائيل نبض
الشرائط التسجيلية التي صورها يعقوب بن دوف المصور الرائد علي
الأرض المحفلة منذ الثلاثينيات من القرن الماضي والدور الذي لعبته
السينما لا يقل في تأثيره عن الحروب الساخنة التي خاضتها وتخوضها
اسرائيل.. والمعركة ما زالت مستمرة وحسب الشواهد "البقاء للأقوي"..
قانون الغابة. |