"الاكتئاب"
يهزم سعيد مرزوق بعد صراع طويل
كتبت - دينا دياب:
احيانا ما يكون «الموت» احن كثيراً على الانسان من الحياة الكئيبة
التى فقدت معناها وهدفها، هذه الحالة مر بها المخرج الكبير سعيد
مرزوق عندما اراحه الموت من فترة عصيبة كان من المستحيل ان يتخيل
انه سيمر بها.
رحل سعيد مرزوق عن عمر يناهز 74 عاماً بعد صراع مع الاكتئاب نتيجة
مرضه المزمن الذى استمر معه لخمس سنوات متتالية أثرت على صحته
البدنية ودمرت حالته النفسية لتصبح حياته دموع لا تتوقف.
رحل مرزوق وفى رصيده 14 فيلما سينمائيا هى مجمل أعماله وهى ايضا
بصمته التى دخل بها التاريخ من اوسع ابوابه لتوضع اغلبها فى قائمه
أهم 100 فيلم فى تاريخ السينما المصرية.
مرزوق لاخلاف على ابداعه لكن موهبته الفنية لانسان تخرج فى
الثانوية العامة ليصبح من اهم مخرجى السينما كانت محط اثاره
واهتمام الكثيرين.
ريموندا: زوجى قتله الاكتئاب
قالت السيدة ريموندا زوجة الراحل سعيد مرزوق ان الاكتئاب هو السبب
الأوحد الذى قتل زوجى بعدما اصيب بحالة رفض للحياة فى الفترة
الاخيرة وابتعد عن كل شئ حتى الطعام ليطلب الموت راضياً عن حياته.
المخرج على عبد الخالق: مرزوق أعظم مخرجى السينما المصرية
المخرج على عبد الخالق وصف الراحل سعيد مرزوق بأنه أعظم مخرج فى
تاريخ السينما المصرية لانه الوحيد من وجهة نظره الذى استطاع أن
يجمع بين عناصر الابداع مكتملة، فهو المخرج الكامل الذى يجيد
اختيار الموضوع ويتقن توجيه الممثل ولديه القدرة على اظهار صورة
سينمائية مميزة بتكوينات واضحة فهو يجيد التعامل مع الكاميرا
والإضاءة وهذا لا يجتمع بدرجة واحدة فى مخرج واحد، ولذلك كانت
اعماله متميزة وأصبحت من اهم 100 فيلم فى تاريخ السينما المصرية،
فهو فنان كان يخاف من الفشل لذلك عندما قدم «زوجتى والكلب»
و«المذنبون» و«اريد حلا» كان من الصعب ان يقدم بعدها افلاما اخرى
بسهولة، وللأسف فهو مخرج لم يحصل على حقه النقدى، واضاف عبد الخالق
أن «زوجتى والكلب» هو اول أفلامه وأفضلها، قدم فيه صورة سينمائية
متميزة ولمدة ثلث ساعه يشاهد الجمهور مباراة تمثيلية دون حوار
ودون الشعور بالملل ولذلك فهو مخرج لم ولن يتكرر، واضاف عبد الخالق
كنت سأخرج فيلما لسعيد مرزوق كممثل وتشاركه البطولة مديحة كامل
لكنه اختفى بسبب خوفه من الفشل لان نجاحه كان مخيفاً.
إلهام شاهين: بصمة كبيرة فى السينما المصرية
بأسى شديد نعت الفنانة إلهام شاهين للمخرج سعيد مرزوق وقالت ان
السينما فقدت مخرجاً من اهم مخرجيها وهو سعيد مرزوق وواحدا من أطيب
القلوب التى عرفها الوسط الفنى وقالت قدمت معه فيلم «جنون الحياة»
وكان من أبرز الافلام التى قدمتها حيث عرض فى توقيت الامتحانات
وكان من انتاج مدينة الانتاج الاعلامى وكان لمرزوق رؤية فى موعد
طرحه فحقق نجاحا وايرادات كبيرة غير متوقعة، واضافت ان مرزوق فى
موقع التصوير كان عصبياً لانه يريد ان يخرج بالعمل كما يجب ان يكون
بشكل متميز لكنه لم يكن ديكتاتورا وكان يحاول التجويد دائما وهذا
ما كان يميزه، فلديه قدرة التحكم فى «اللوكيشن» جيدا ويحب عمله
ومجنون به ويحب التجديد حتى فى أداء الممثل فهو مدرسة إخراجية
وبصمة ممن عاصروا السينما المصرية بداية من افلامه «زوجتى والكلب»
و«المذنبوب» و«المغتصبون»، وأيضا كان كاتباً مميزاً فهو يضيف
كثيراً للسيناريو ولديه طريقة فى الإخراج والتأليف لايجيدها غيره.
بطرس دانيال: حالته يجب أن تكون درسا لغيره
نعى الأب بطرس دانيال رئيس المركز الكاثوليكى للسينما الراحل وكان
هو آخر من زار سعيد مرزوق بالمستشفى وقال ان وفاة مرزوق بهذه
الحالة من الكآبة والحزن تجعلنا نوجه نظر الفنانين الى زملائهم
الموجودين بالمستشفيات وممن اختفت عنهم الأضواء بان ينظروا اليهم
ويزوروهم لان الحالة التى وصل لها مرزوق كانت مماثلة لعدد كبير من
الفنانين الذين اصيبوا بحالة اكتئاب بسبب طبيعة مهنتهم جعلتهم
يبعدون عن العمل ويبحثون عن ملاذ اخر لحياتهم.
عاطف بشاى: حزن على نفسه فمات
الكاتب عاطف بشاى تابع حالة الراحل قبل وفاته وعاش معه حالة
الاكتئاب التى اصابته، قال بشاى هذه الحالة كانت نابعة من حزنه على
نفسه من الحياة العصيبة التى مر بها بسبب مرضه، واضاف بشاى ان
مرزوق من اهم الشخصيات الفنية التى اتت بها مصر ليس فقط إخراجيا
لكنه كان نبغة فيكفى انه لم يدرس سوى الثانوية العامة ورغم ذلك قدم
فى أولي تجاربه فيلم «زوجتى والكلب» الذى كان علامة فارقة فى تاريخ
السينما المصرية، واضاف ان لغته السينمائية رائعة تمزج بين السلاسة
فى الموضوع والتراكيب فى الاداء والصورة ولذلك كان مخرجا بارعا قدم
افلاما من واقع المجتمع المصرى بأسلوب تكنيكى اخراجى عالى جدا صنع
اسمه وتاريخه بهذه القوة.
عمر عبد العزيز: خسارة كبيرة
المخرج عمر عبد العزيز وصف رحيل سعيد مرزوق بأنه خسارة كبيرة
للسينما وقال ان بصمته السينمائية والانسانية فى الواقع السينمائى
كانت بارزة فهو يعتبر ممن صاغوا اسم مصر امام العالم سينمائيا
بالإضافة إلى ان مرضه منذ 4 سنوات تسبب له فى اكتئاب وهو ما أثر
عليه نفسيا ومعنويا وهذا سر سقوط المبدع عندما يخرج من اطار الفن
والعمل الى إطار المرض يصاب بهذه الحالة، واشار ان تكريمه فى ختام
مهرجان الاسكندريه السينمائى مهم لانه اعتراف بحق هذا الرجل فى
صناعة السينما المصرية وتأسيسها.
السينمائيون: القدر آخر تكريم مرزوق من النقابة
المخرج مسعد فوده قرر تقديم درع نقابة السينمائيين لاسم الراحل
سعيد مرزوق وقال ان الدرع كانت معدة لنسلمه له فى المستشفى بعد
ختام مهرجان الاسكندرية السينمائى ولكن للأسف القدر كان اسرع منا
ولذلك قررنا تقديم الدرع تقديرا له ولمشواره الفنى الطويل فى تاريخ
السينما المصرية
.
مرزوق قدم للسينما عدداً قليلاً من الافلام لكنها بمثابة تاريخ
طويل فهو المخرج الوحيد الذى قدم مدرسة حسده عليها يوسف شاهين.
بدأ حياته بالعمل فى البرنامج الاوروبى بالإذاعة المصرية، وفى
برامج السينما فى التليفزيون المصرى، ثم تفرغ لتحقيق حلمه من موظف
لمبدع يخرج الافلام التى يؤمن بها بدايته بفيلم زوجتى والكلب اوضح
خلالها رؤيته عن باطن علاقات إنسانية مؤلمة.
بعدها رافقته التهمة الجاهزة عند عرض اعماله وهى «تشويه سمعة مصر»
بعد عرضه فيلم «المذنبون»، وواجهته الرقابة رغم فوز عماد حمدى بطله
بجائزة احسن ممثل عن دوره بالفيلم بدورة مهرجان القاهرة السينمائى
الدولى عام 1976.
المراحل الفنية لمرزوق تحولت عاما بعد عام لعبقرية ابداع فقدم «اريد
حلا» والذى احدث ثورة فى القوانين التمس فى موضوعاته للواقع
الحقيقى فحلل المجتمع بكاميرا جريئة وعقلية سينمائية مبدعة فقدم
«المغتصبون» عن قضية فتاة العتبة التى تم اغتصابها ظهرا دون ان
يتحرك احد وناقش قضية قتل السيدات لأزواجهن وقطعهم بالساطور فى
فيلم «المرأة والساطور» واضطرت الرقابة لمنعه
.
مرزوق فى اخر ايامه حالته المرضية سيطرت عليه، واصابته بجلطات
متعددة جعلته ييأس من حالته، ويفقد الأمل فى العودة لحياته خلف
كاميرا السينما من جديد، اقعده خطأ طبى على كرسى متحرك منذ 5 سنوات
عندما تركه الاطباء لتتمكن الغرغرينة من جسده ووصل الامر به الى
بتر فى ساقه. |